< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

44/07/05

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: الدرس الثانی والخمسون: الجهة الثانية إذا كان المخرج للمعدن حيواناً ونحوه من الآلات

فإنه تارةً يكون الحيوان معلماً على الإخراج وتارة لا يكون الحيوان معلماً على الإخراج كما هو ظاهر متن السيد اليزدي في العروة الوثقى في المسألة السادسة إذاً توجد صورتان:

الصورة الأولى إذا كان الحيوان المخرج للمعدن معلماً كما لو أرسله المعلم لاستخراج المعدن فهنا يكون الحيوان بمثابة الآلة فيصدق عنوان الأخذ والإخراج على هذا المعدن الذي أخرجه الحيوان أو الآلة فيجب الخمس على جميع المباني.

فـ على مبنى السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ الذي يشترط الإخراج في موضوع وجوب تخميس المعدن يجب الخمس لصدق عنوان الإخراج، وعلى مبنى شيخنا الأستاذ آية الله الشيخ مسلم الداوري الذي يشترط صدق عنوان الأخذ فهنا يصدق عنوان الأخذ فبإرسال المعلم لحيوانه يكون قد أخذ المعدن، وعلى مبنانى من صدق تملك المعدن سواء تحقق الإخراج أو الأخذ أو لم يتحققا فإن وضع اليدّ على المعدن قد تحقق بإرسال الكلب المعلم أو الحيوان المعلم أو وضع الآلة التي تعين على استخراج المعدن هذا تمام الكلام في الصورة الأولى من الجهة الثانية.

وأما الصورة الثانية وهي ما إذا كان الحيوان المخرج للمعدن ليس معلماً فيكون حكم هذه الصورة حكم المعدن الخارج من تلقاء نفسه أو المطروح على الأرض فالإخراج لم يتحقق كما أن الأخذ لم يتحقق فبناءً على مبنى السيد الخوئي الذي يشترط الإخراج وكذلك على مبنى شيخنا الأستاذ الداوري الذي يشترط الأخذ لا يجب تخميس هذا المعدن من جهة عنوان المعدنية لكن يجب تخميس هذا المعدن من جهة المورد السابع صدق عنوان مطلق الفائدة فيدخل في مثل أرباح المكاسب.

أما على مبنانا فإنه لا فرق بين الصورة الأولى والصورة الثانية فإنه قد وضع يدّه على المعدن سواء كان الحيوان معلماً كما في الصورة الأولى أو لم يكن معلماً فتحققت الملكية والخمس في طول ملكية المعدن يعني الحيازة الشخصية الموجبة للملكية سواء تحققت الحيازة بالإخراج أو بالأخذ أو وجده مطروحاً أو أخرجه الحيوان فحينئذٍ يجب الخمس من جهة عنوان المعدن في كلتا الصورتين والله العالم.

الجهة الثالثة ما إذا كان المخرج للمعدن إنساناً ففي الجهة الأولى.

إذا كان المعدن قد خرج من تلقاء نفسه، الجهة الثانية إذا خرج بحيوان ونحوه من الآلات، الجهة الثالثة إذا أخرج الإنسان المعدن وفيه خمس صور ذكر السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ أربع صور منها تختص بالبالغ فيراجع المستند في شرح العروة الوثقى الجزء خمسة وعشرين صفحة ثلاثة وخمسين إلى خمسة وخمسين.

وأضاف إليها شيخنا الأستاذ الداوري الصورة الأولى وهي ما إذا كان المخرج ليس بمكلف إما صبي وإما مجنون فتكون الصور خمسة:

الصورة الأولى أن يكون المخرج صبياً أو مجنوناً أو عبداً أو أجيراً.

يراجع كتاب الخمس في فقه أهل البيت للشيخ مسلم الداوري الجزء الأول صفحة ثلاثمئة وعشرين.

أما الصبي والمجنون فتوجد صورتان:

الصورة الأولى أن يتحقق منهما قصد التملك والحيازة.

الصورة الثانية أن لا يتحقق منهما قصد التملك والحيازة.

فلو كان الجنون إدوارياً وحاز المجنون في دور إفاقته ولو كان الصبي مميزاً ففي هاتين الصورتين يتحقق قصد التملك والحيازة بخلاف ما إذا كان الجنون مطلبقاً وكان الصبي غير مميزٍ فحينئذٍ لا يتحقق قصد الحيازة والتملك.

فإذا لم يتحقق منهما قصد التملك والحيازة فحكمها حكم الحيوان إذا أخرج المعدن وحكم المعدن المطروح على الأرض فـ على مبنى السيد الخوئي الذي يشترط الإخراج وعلى مبنى الشيخ الداوري الذي يشترط الأخذ لا يجب الخمس وعلى مبنانى يجب الخمس لو وضع يده على المعدن الذي أخرجه المجنون أو الصبي الذين لا يتأتى منهما قصد الحيازة والتملك.

الصورة الثانية إذا تحقق قصد الحيازة والتملك من الصبي والمجنون فإنهما يملكان ما أخرجا ولكن في وجوب إخراج الخمس من مالهما خلافٌ قد تقدم فقد ذهب المشهور إلى وجوب إخراج الخمس من مالهما وخالفهم سيد المدارك في مدارك الأحكام الجزء الخامس صفحة ثلاثمئة وتسعين وسيد أساتذتنا السيد الخوئي في المستند في شرح العروة الوثقى كتاب الخمس صفحة ستة وثلاثين فقالا بعدم الوجوب.

وقد ذهبنا هناك إلى عدم الوجوب فإن حديث الرفع يشمل الأحكام التكليفية والوضعية معاً وهنا ثبوت الخمس أثر وضعي ثبوت الخمس في مال الصبي و المجنون حكم وضعي يرتفع ببركة حديث الرفع (رفع عن أمتي تسع عن الصبي حتى يحتلم وعن المجنون حتى يفيق).

هذا تمام الكلام في الصورة الأولى ما إذا كان المخرج صبياً أو مجنوناً، وأما إذا كان عبداً أو أجيراً فحكمها واضح فإنه يجب على المؤجر والمولى أداء خمسه لأنهما يملكان المعدن وليس العبد أو الأجير هو الذي يملك المعدن.

الصورة الثانية أن يكون المخرج شخصاً بالغاً ولكن من دون قصد للإخراج والحيازة كما فيما إذا حفر المكلف الأرض لغرض آخر كحفر بئر أو إحداث بناء أو نحوهما فاتفق العثور على المعدن اكتشف أنه في منجم ذهب أو فضة أو بئر نفط فأخذه وطرحه من دون أن يتملكه ففي هذه الصورة لا يجب عليه الخمس لعدم تحقق شرطه وهو التملك على جميع المباني لم يتملك فالمعتبر هو الإخراج عند التملك أو الأخذ بقصد التملك أو الإخراج أو الأخذ لا بقصد التملك فلا يوجب ثبوت الخمس.

لكن هل يجب الخمس على من وجد المعدن الذي طرحه هذا المخرج والأخذ أم لا؟ هنا يأتي الخلاف المتقدم في الجهة الأولى وهو المعدن المطروح.

هذا المعنى المطروح كالمعدن الذي خرج من تلقاء نفسه كما في الجهة الأولى أو المعدن الذي أخرجه الحيوان غير المعلم كما في الجهة الثانية لو وضع المكلف يده عليه وتملكه فهل يجب فيه الخمس أو لا؟

فـ على مبنانى يجب الخمس لتملكه لعنوان المعدنية فيجب الخمس وأما على مبنى السيد الخوئي الذي يشترط الإخراج وعلى مبنى شيخنا الداوري الذي يشترط الأخذ فلا يجب الخمس من جهة كونه معدناً لكن يجب الخمس من جهة كونه غنيمة وفائدة فيدخل في أرباح المكاسب.

الصورة الثالثة أن يكون المخرج بالغاً قاصداً للحيازة وقد تملك المعدن الذي أخرجه لكنه أعرض عنه وطرحه من دون أن يخرج خمسه فإما أن نعلم أنه لم يخرج خمسه وإما أن نحتمل أنه لم يخرج خمسه لأنه قد أعرض عنه، إذاً توجد صورتان:

الصورة الأولى صورة العلم بعدم تخميس المعرض للمعدن الذي أعرض عنه ففي هذه الحالة لا إشكال في جواز أخذ الواجد للمعدن المطروح وتملكه له كما لا إشكال في وجوب الخمس عليه.

ولكن هل يجب الخمس عليه من جهة كونه معدناً أو من جهة كونه مطلق الفائدة فيدخل في أرباح المكاسب؟

فهنا نقول والله العالم إنه على جميع المباني يجب تخميس المعدن المطروح المعرض عنه من باب أرباح المكاسب لا بعنوان المعدن إذ على مبنى السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ فإن من وضع يده على المعدن لم يستخرجه ولم يخرجه وأما على مبنى شيخنا الأستاذ الداوري ـ حفظه الله ـ فإن المالك الثاني تحققت ملكيته وتحقق الأخذ منه بعد أخذا المالك الأول والخمس إنما يجب على المالك الأول والأخذ الأول يعني الخمس بعنوان المعدنية كما أنه على مبنانى لا يجب التخميس بعنوان المعدن لأن تخميس المعدن قد أخذ فيه المالك الأول الذي وضع يده على المعدن دون المالك الثاني أو الثالث أو الرابع.

وبالتالي أولاً لا شكّ ولا ريب أنه يصح لواضع اليد أن يتملك هذا المعدن لأن من أخرجه قد أعرض عنه وثانياً يجب عليه الخمس من جهة أرباح المكاسب والغنيمة ولا يجب عليه الخمس بناءً على المباني الثالثة لأن الخمس إنما يجب على المالك الأول لا المالك الثاني.

نعم لو قلنا إن الموضوع للخمس هو نفس المعدن نفس عنوان المعدن لا عنوان تملك المعدن ولا عنوان الأخذ من المعدن ولا عنوان إخراج المعدن ثبت الخمس من جهة المعدنية لأن هذا الحكم ثابت لنفس هذا الموضوع وهو عنوان المعدن.

فإذا قلنا إن الخمس يتعلق بالعين ففي هذه الحالة يكون للواجد أربعة أخماس ويبقى خمس المعدن لمستحقه ولا بدّ من أدائه إليهم إلا إذا قلنا بشمول وعموم أخبار التحليل وسيأتي البحث في أرباح المكاسب عن أخبار التحليل فهناك روايات مفادها إن الأئمة ـ عليهم السلام ـ قد حللوا الخمس في بعض الموارد لشيعتهم (مالنا لشيعتنا).

فهناك من يرى أن أخبار التحليل مختصة بمن انتقل إليه المال من كافرٍ أو مخالفٍ لا يخمس فإذا اشتريت شيئاً من كافر أو مخالف أو وصلك بالهبة أو انتقل إليك ممن لا يخمس كالكافر أو العامي المخالف ففي مثل هذا المورد لا شكّ ولا ريب أن خمس هذا المال هو للإمام ـ عليه السلام ـ وقد حللوه لشيعتهم.

فإذا قلنا إن أخبار التحليل لا تختص بخصوص مال الكافر أو المخالف بل تشمل وتتعدى مال العاصي يعني حتى الشيعي الإمامي إذا كان عاصياً ولم يخمس وانتقل إليك ماله كما لو اشتريت بيته أو سيارته أو وهبك إياها وأنت تعلم أن هذا البيت أو هذه السيارة قد ثبت فيها الخمس ولم يخرج خمسه عندنا بعض الروايات (لك المهنأ وعليه الغرم) بعض الروايات تحليل يقولون ورثنا من أبينا هكذا ووالدنا لا يخمس يقول (لكم المهنأ وعليه الغرم).

فإذا التزمنا بأن روايات التحليل فيها عمومٌ وشمولٌ للمقام إذ أن المقام مورده العاصي الذي عصى ولم يخرج الخمس فإذا التزمنا بروايات التحليل ففي هذه الحالة لا يثبت وجوب الخمس.

هذا تمام الكلام في الصورة الأولى الشق الأول من الصورة الثالثة إذا علمت أنه لم يخمس.

الصورة الثانية الشق الثاني إذا احتملت أنه لم يخرج خمس المعدن الذي أخرجه، فقد احتاط السيد الماتن بوجوب إخراج الخمس على الواجد ولم يفتي.

ولعل الوجه في تردده من جهة لحاظ أن مقتضى الاستصحاب هو بقاء حقّ صاحب الخمس في المال وهو يقتضي الحكم بوجوب الأداء على الواجد وهنا قد يفتح بحث طويل في معارضة الاستصحاب لأصالة الصحة وحمل عمل المسلم على الصحة أو معارضة الاستصحاب لمقتضى اليد فيراجع كلام السيد محسن الحكيم في مستمسك العروة الوثقى الجزء التاسع صفحة أربعمئة واثنين وستين إلى صفحة أربعمئة وثلاثة وستين.

ومناقشة شيخنا الأستاذ الداوري ـ حفظه الله ـ للسيد الحكيم صفحة ثلاثمئة وثلاثة وعشرين وكذلك يراجع بحث سيدنا الأستاذ السيد محمود الهاشمي الشاهرودي ـ رحمه الله ـ بحوث في الفقه كتاب الخمس الجزء الأول صفحة مئة وستين وما بعدها.

الصورة الرابعة لا داعي للإطالة نقتصر على ما ذكره السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ ...

أن يكون المخرج قاصداً للتملك ولم يعرض عنه إلا أنه طرحه على العرض وتشاغل عنه فضيع مكانه أو منعه مانعٌ من نسيانٍ وغيره.

والخلاصة وجود أمرين:

الأول قصد تملكه.

الثاني لم يعرض عنه فطرحه في الصحراء من غير إعراض وذهب ليرجع فلم يرجع لمانع حال دونه، وهذا فيه تصوران:

التصور الأول أن يكون حكمه حكم اللقطة.

التصور الثاني أن يكون حكمه حكم مجهول المالك.

فالمعدن لم يخرج عن ملك صاحبه ولا يجوز للواجد إخراج خمسه لأنه تصرفٌ في مال الغير بدون إذنه فهنا إما أن يكون حكمه حكم اللقطة من جهة التضيع أو يكون حكمه حكم مجهول المالك فالأولى الرجوع إلى الحاكم الشرعي الذي يتولى إخراج خمسه ثم يصرفه في موارده.

إذاً هذا المعدن إن أتصف بالضياع لحقه حكم اللقطة يعني إذا ضاع عن مالكه يعني مالكه ضيع المعدن كما لو ضاع عنه موضع المعدن من الصحراء وإن لم يتصف بالضياع لحقه حكم مجهول المالك الذي يرجع فيه إلى الحاكم الشرعي.

الصورة الخامسة والأخيرة إذا كان المخرج إنساناً ولم يحرز شيئاً مما تقدم فلم يعلم أنه تملكه أو لا؟! وعلى فرض أنه تملكه هل أخرج خمسه أم لا؟! وهل طرحه معرضاً عنه أو لا؟! ففي هذه الحالة يجوز للمالك تملكه ولكن الكلام كل الكلام في وجوب إخراج الخمس منه.

فـ على مبنى السيد الخوئي والشيخ الأستاذ الداوري لا يجب الخمس من جهة المعدنية لأنه لم يخرج المعدن ولم يأخذ بعنوان المعدنية بل يجب تخميسه عندهما من باب مطلق الفائدة.

وعلى مبنانى يجب تخميسه من جهة مطلق الفائدة أيضاً لا من جهة المعدنية لأنه يعلم بسبق يدّ مالكٍ سابق قد وضع يده عليه وتملكه.

يقول السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ في المستند في شرح العروة الوثقى جزء خمسة وعشرين صفحة خمسة وخمسين:

والظاهر أن هذا هو مراد الماتن يعني الصورة الخامسة حيث إنه الفرد الشائع الذائع وإلا فالوجوه السابقة فروض نادرة إذ كيف لنا استعلام ضميره وإحراز نيته من قصد الإخراج وعدمه أو نية الإعراض وعدمها؟!

والأظهر جريان حكم ما تقدم في المقام الأول عليه يعني ما لو وجده مطروحاً على الأرض.

فإنه مباح أصلي لم يعلم سبق يدّ حيازه عليه والأصل عدمه فيجوز استملاكه ما لم يثبت خلافه.

إذا الصورة الخامسة تارة نحرز أن مخرجاً قد أخرجه وتملكه فهنا يصير تخميسه من جهة مطلق الفائدة وتارة لا نحرز أي شيء لا نحرز أن مخرجاً قد أخرجه أو أنه قد أخرجه بقصد التملك أو لا قصد يكون هو يبنى وأخرجه فيكون يكون حكمة الجهة الأولى ما لو خرج من تلقاء نفسه أو بنان أنه مطروحاً على الأرض فـ على مبنانى يجب تخميسه من جهة المعدنية وعلى مبنى السيد الخوئي والشيخ الداوري لا يجب تخميسه من جهة المعدنية وإن وجب تخميسه من جهة أرباح المكاسب.

يقول السيد الخوئي:

نعم الأحوط استحباباً تخميسه بعنوان المعدن مع الشك في تخميس الإنسان المخرج فضلاً عن العلم بالعدم حسبما ذكره في المتن كما لا يخفى وجهه ولا ريب أن الاحتياط حسن على كل حال.

الخلاصة:

نحن نتفق مع صاحب العروة فيما ذكره في المسألة السابعة نقرأ النصّ ونختم:

المسألة السابعة إذا وجد مقداراً من المعدن مخرجاً مطروحاً في الصحراء فإن علم أنه خرج من مثل السيل أو الريح أو نحوهما. هذه الجهة الأولى خرج من تلقاء نفسه أو بأمر طبيعي من دون آلة.

الجهة الثانية قال:

أو علم أن المخرج له حيوان يعني آلة هذه الجهة الثانية.

الجهة الثالثة:

أو إنسانٌ لم يخرج خمسه وجب عليه إخراج خمسه على الأحوط إذا بلغ النصاب بل الأحوط ذلك وإن شكّ في أن الإنسان المخرج له أخرج خمسه أم لا.

الاحتياط في محله إن لم تقم الفتوى على ذلك.

هذه تمام الكلام في المسألة السابعة المسألة الثامنة يأتي عليهما الكلام.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo