< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

44/07/10

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: الدرس الثاني والسبعون: الوجه الثاني في ردّ الإشكالات الثلاثة المتوجهة إلى التمسك بقاعدة اليدّ

وهو ما ذكره المحقق الهمداني ـ قدس الله نفسه الزكية ـ في مصباح الفقيه، الجزء الرابع عشر، صفحة خمسة وستين، ما نصّه:

(إن هذا النحو من اليدّ التبعية غير المستقلة على ما في جوف الأرض لا يتم ظهورها في الملكية لصاحب اليدّ إلا بضميمة الادعاء، إما لضعف أماريتها في نفسها وإما لوجود ما يضعفها وهو إقدامه على بيع داره مع عدم استخراجه الكنز.

وبناءً على أن اعتبار اليدّ ليس تعبدياً محضاً بل هو إمضاءٌ لما عليه بناء العقلاء وما جرت عليه سيرتهم، وهم لا يرون لليدّ السابقة اعتباراً أزيد من قبول إدعاءه للملكية وتقديم قوله على غيره ممن لم تكن له يدّ عليه أصلاً أو كانت قبل ذلك فلا إشكال في نظر العرف والعقلاء في أن لهذه اليدّ مزيه على غيرها وهكذا السابقة بالنسبة إلى غيرهما).

وعلق على كلامه شيخنا الأستاذ آية الله الشيخ مسلم الداوري، كتاب الخمس في فقه أهل البيت، الجزء الأول، صفحة أربعمئة، قائلاً:

(وهذا الوجه وإن كان قريباً من الذهن وموافقاً للذوق الفقهي إلا أنه إنما يتم فيما إذا كان له دليلٌ من الشرع وإلا فلا يصح التعويل عليه).

أقول ينبغي ملاحظة أدلة قاعدة اليدّ فقد استدل عليها ببعض النصوص الشريفة إلا أن العمدة في قاعدة اليدّ هو الدليل اللبي المتمثل في بناء العقلاء أو السيرة العقلائية الممضاة من الشارع المقدس وبما أن الدليل لبي فإنه يقتصر فيها على القدر المتيقن والقدر المتيقن من أمارية اليدّ على الملكية هو اليدّ الفعلية لا اليدّ السابقة من دون مدخلية للتعريف.

فإذا قلنا بأن اليدّ أمارة على الملكية فحينئذٍ لا ضرورة للتعريف والسؤال.

وبالتالي تثبت الملكية لخصوص اليدّ الأخيرة إن كانت فعلية دون الأيدي السابقة، فلا يتم الدليل الأول على ما أفاده المشهور من لزوم تعريف الكنز فإن لم تعرفه فاليدّ السابقة وهكذا.

إذا الدليل الأول وهو التمسك بقاعدة اليدّ على قول المشهور ليس بتام.

الدليل الثاني التمسك بالروايات الشريفة ويمكن التمسك بخمس روايات:

الرواية الأولى والثانية هما رواية وصحيحة محمد بن مسلم الأولى والثانية المتقدمتين، وقد تمسك بهما صاحب الجواهر في جواهر الكلام، الجزء ستة عشر، صفحة واحد وثلاثين.

وناقشه المحقق الفقيه الهمداني في مصباح الفقيه، الجزء الرابع عشر، صفحة سبعة وستين.

وخلاصة المناقشة إن الروايتين أجنبيتان عما نحن فيه فإن موطن بحثنا ما إذا وجد الشخص كنزاً في ملكه الذي انتقل إليه بالشراء أو الإرث أو الهبة، بينما صحيحة محمد بن مسلم الأولى أو الثانية ناظرة إلى وجدان الورق في ملك الغير، وفرقٌ بين وجدان الورِق في ملك الذي هو مسبوق بملك وبين أن تجد الورق في ملك سابق.

إذاً التمسك بالروايتين والصحيحتين لمحمد بن مسلم خارجٌ تخصصاً عن مورد بحثنا.

الرواية الثالثة والرابعة تمسك بهما الشيخ الأعظم الأنصاري في كتاب الخمس، صفحة مئة وخمسين.

الرواية الثالثة موثقة إسحاق بن عمار، قال: سألت أبا إبراهيم ـ عليه السلام ـ وهو الإمام الكاظم أزيد إمام له ألقاب الإمام الكاظم، أشد ظروف التقية في فترة الإمام الكاظم، إن شاء الله تأتي الرواية الرابعة صحيحة عبد الله بن جعفر، كتبة إلى الرجل، والمراد بالرجل الإمام الكاظم، عن العبد الصالح الإمام الكاظم.

موثقة إسحاق بن عمار، قال: سألت أبا إبراهيم ـ عليه السلام ـ عن رجلٍ نزل في بعض بيوت مكة فوجد فيها نحواً من سبعين درهماً مدفونه فلم تزل معه ولم يذكرها حتى قدم الكوفة، كيف يصنع؟

قال: (يسأل عنها أهل المنزل لعلهم يعرفونها).

قلت: فإن لم يعرفونها.

قال: (يتصدق بها).

تهذيب الأحكام للشيخ الطوسي، الجزء السادس، صفحة ثلاثمئة وأربعين، الحديث ألف ومئة وواحد وسبعين.

ورواها الحرّ العاملي في وسائل الشيعة، الجزء خمسة وعشرين، صفحة أربعمئة وثمانية وأربعين، الباب الخامس من أبواب اللقطة، الحديث الثالث.

الرواية الرابعة صحيحة عبد الله بن جعفر الحميري، قال: كتبت إلى الرجل ـ عليه السلام ـ أسأله عن رجل اشترى جزوراً أو بقرة للأضاحي فلما ذبحها وجد في جوفها صرة فيها دراهم أو دنانير أو جوهرة، لمن يكون ذلك؟

فوقع ـ عليه السلام ـ (عرفها البائع فإن لم يكن يعرفها، فالشيء لك رزقك الله إياه).

الكافي، الجزء الخامس، صفحة مئة وأربعة وثلاثين، كتاب المعيشة، الباب واحد وثمانين، الحديث التاسع.

رواها الصدوق فيمن لا يحضره الفقيه، الجزء السادس، صفحة مئتين وستة وتسعين، الحديث أربعة آلاف وخمسة وستين.

تهذيب الأحكام للشيخ الطوسي، الجزء السادس، صفحة ثلاثمئة وواحد وأربعين، الحديث ألف ومئة وأربعة وسبعين.

ورواها الحرّ العاملي في وسائل الشيعة، الجزء خمسة وعشرين، صفحة أربعمئة واثنين وخمسين، الباب التاسع من أبواب اللقطة، الحديث الأول، مع اختلاف يسير.

الرواية الخامسة والأخيرة وقد ذكرها السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ موثقة محمد بن قيس المتقدمة عن أبي جعفر ـ عليه السلام ـ قال: (قضى عليٌ ـ عليه السلام ـ في رجلٍ وجد ورقاً في خربة أن يعرفها، فإن وجد من يعرفها وإلا تمتع بها).

وسائل الشيعة للحرّ العاملي، الجزء خمسة وعشرين، صفحة أربعمئة وثمانية وأربعين، الباب الخامس من أبواب اللقطة، الحديث الخامس.

ودلالة هذه الرواية على وجوب التعريف لذي اليدّ السابقة واضحةٌ، نعم لا يجب التعريف لغيره ممن كانت يدّه على المال قبله، فهذه الرواية ناظرة إلى التعريف إلى ذي اليدّ الأخيرة ولا تشمل الأيدي السابقة على اليدّ الأخيرة.

ولكن ضعف غير واحد من الأعلام الاستدلال بهذه الروايات وأبرزهم المحقق المدقق آقا رضا الهمداني، مصباح الفقيه، الجزء أربعة عشر، صفحة ثمانية وستين وتسعة وستين.

والسيد الخوئي ـ رحمه الله ـ في كتاب الخمس، صفحة سبعة وثمانين، المستند في شرح العروة الوثقى، كتاب الخمس، صفحة ستة وثمانين سبعة وثمانين، نقل كلام المحقق الهمداني ولم يشر إليه، وكذلك الشيخ الداوري صفحة أربعمئة وواحد، كتاب الخمس، نقل كلام السيد الخوئي ولم يشر إلى أصل الإشكال وهو من المحقق الهمداني.

خلاصة الإشكال هذه الروايات أجنبية عن محل الكلام، إذ أن محل الكلام هو الكنز المدفون في أرضٍ ابتيعت ولم يعلم وجود مالكٍ لهذا الكنز يحتمل أن له مالك ويحتمل أن ليس له مالك، وقد يعبر عنه العرف بأنه مالٌ لا مالك له، والحال أن مورد هذه الروايات المال الذي له مالك محترم لكنه مجهول المالك.

فرق كبير بين مال تقطع أن له مالك ومحترم ولكن لا تعرف شخص المالك ولم تشخص المالك فهذا يندرج تحت اللقطة إن كان المال ضائعاً وإن لم يكن ضائعاً فيندرج تحت عنوان مجهول المالك فالروايات ناظرة إلى المال المقطوع أن له مالك معين محترم وموطن بحثنا الكنز الذي لا نقطع أن له مالك، فقد يكون له مالك وقد يكون لا مالك له كما لو كان هذا الكنز من أيام الدولة البيزنطية أو الدولة الأموية أو العباسية والآن ليس له مالك.

هذا تمام الكلام في جواب الاستدلال بالروايات الخمس بشكل مجمل، وأما بشكلٍ مفصل:

الرواية الثالثة، وأما الرواية الأولى والثانية واضح بعد صحيحة محمد بن مسلم تكلمنا عنهما.

الرواية الثالثة موثقة إسحاق بن عمار تدل بمقتضى طبيعة الحال على أن البيت التي وجدت فيه الدارهم مدفونة من البيوت المعدة للإيجار بيوت مكة، فهي معدة للإيجار ونزول الحجاج والزوار ولأجله يظن قوياً أن الدراهم المدفونة إما أن تكون لحاج نزل بالدار ودفنها فيها وإما أنها لصاحب الدار.

وحيث إن صاحب الدار أدرى بمن فيها وبما فيها ولذلك تعرف لصاحب الدار، لا بدّ من الرجوع إليه للاستعلام عن ذلك المال المجهول المالك، فإن لم يعرفه تصدق به نيابة عن مالكه كما هو مقتضى حكم مجهول المالك هذا هو مقتضى القاعدة.

وأما الرواية الرابعة وهي صحيحة عبد الله بن جعفر الحميري (من ذبح البقرة أو الجذور ووجد فيها صرة دراهم أو دنانير) فدلالتها على أن المال لمالك محترم واضحٌ جداً بل أوضح مما سبق فإن ما يوجد في جوف الحيوان شيء حادثٌ جديد إذ أن الحيوان يبتلع الشيء ويبقى في جوفه بالكثير يوم أو يومين ولا يبقى مدة طويلة.

لذلك يطمئن أن ما ابتلعه الحيوان لمالك معين، هذا المالك إما بائع الحيوان أو غيره فالمال من أبرز مصاديق مجهول المالك فلا بدّ فيه من التعريف، وحيث إن البائع هو الأقرب إذاً يعرف له فإن عرفه هو فبه ونعمت وإن لم يعرفه فهو لواجده كما حكم عليه السلام بأنه رزقٌ ساقه الله، طبعاً مقتضى القاعدة أنه يتصدق به نيابة عن مالكه إن لم يجده.

ولكن حكم الإمام بأنه رزقٌ ساقه الله إليك لعله لخصوصيه في هذا المورد، هذه الخصوصية قد تكون اليأس من الظفر بمالكه، قد تكون لخصوصيه لما يوجد في جوف الدابة، قد يكون هذا إذنٌ من الإمام بحكم ولايته وقد أذن بالتصرف، عموماً تخريج هذه الرواية خارج الآن عن موطن بحثنا.

المهم هذه الرواية أجنية عن المقام ناظرة إلى المال المجهول المالك.

وأما الرواية الخامسة والأخيرة وهي موثقة محمد بن قيس فهي مطلقة وتقدم أنها مقيدة بصحيحتي محمد بن مسلم والمستفاد منها بعد التقييد أن الخربة إن كان لها أهلٌ وجب التعريف كما هو مقتضى القاعدة، إذ مع وجود أهلها وعدم جلائهم لا يصدق أن الورق لا مالك له بل من المظنون أن للورق مالكاً محترماً إما أهل الخربة وإما شخص آخر.

على كل حال الرواية ناظرة إلى مجهول المالك فلا بدّ من تعريفه، إذاً هذه الرواية أيضاً أجنبية عن موطن بحثنا.

إلى هنا النتيجة النهائية جميع الروايات الخمس لا تدل على مدعى المشهور من لزوم تعريف الكنز إن وجده في بيته وبالتالي لا تدل لا قاعدة اليدّ ولا الروايات على مدعى المشهور.

في ختام البحث تطرق شيخنا الأستاذ الداوري ـ حفظه الله ـ إلى مقتضى تحقيقه فقال ما نصّه، في كتاب الخمس في فقه أهل البيت، الجزء الأول، صفحة أربعمئة وأربعة، قال ـ حفظه الله ـ ما نصّه:

والتحقيق في المقام أن يقال:

إنه يصح الاستدلال على قول المشهور بكلا الوجهين أي القاعدة والنصّ:

أما دلالة القاعدة فيقال أن اليدّ كما أنها أمارة على الملكية كذلك يترتب عليها آثارٌ أخرى مثل الضمانات والمنافع والحقوق والتزكية وقبول قول ذي اليدّ في الطهارة والنجاسة وغيرها من الآثار، ومنها حقّ الاختصاص بالمال المدفون فأماريتها بالنسبة إلى الملكية وإن كانت زائله ولكنها بالنسبة إلى هذه الآثار قد تكون باقية.

ولا بدّ حينئذٍ بالرجوع في هذا الحقّ بالمال المدفون إلى البائع فإن عرفه فهو حقّ له ويعطى إياه بلا مطالبته ببينه أو حلف ونحو ذلك، وإن أنكره فيرجع إلى ذي اليدّ السابق عليه لأن له حقّ الاختصاص حينئذٍ وهكذا كل الأيدي السابقة فإن لها هذا الحقّ على الترتيب، فإذا أنكره كلٌ منهم سقط حقّ الاختصاص ويأتي فيه الخلاف المتقدم من أنه يكون لواجده أو أن حكمه حكم مجهول المالك.

وأما دلالة النصّ فيمكن التمسك بالموثقة من قوله ـ عليه السلام ـ (لعلهم يعرفونها) والظاهر من هذه الجملة أنها بمنزلة الكبرى ويستفاد منها حكمٌ كلي وهو كل من يحتمل في حقّه أو يرجى أن يعرف المال وإن لم يكن هو مالك البيت كما في زماننا فعلاً فلا بدّ من الرجوع إليه.

وفي المقام حيث إن ذوي الأيدي هم الذين يرجى فيهم معرفة المال فلا بدّ من الرجوع إليهم على الترتيب المتقدم.

فالظاهر أن قول المشهور هو الأقوى الموافق للقاعدة والنصّ المؤيد بدعوى الإجماع، المطابق للاحتياط.

انتهى كلام شيخنا الأستاذ الداوري زاد الله في علو مقامه الوافي.

أقول كلا الدليليين لا يمكن المساعدة عليهما.

أما التمسك بالقاعدة وهي قاعدة اليدّ وأن اليدّ أمارة الملكية فقد تمسك ـ حفظه الله ـ بأن الأيدي السابقة وإن سقطت دلالتها عن الملكية لكن العرف يرى لها حقّ الاختصاص.

وفيه نقضاً وحلاً، ننقض عليه بالاستصحاب فلو التزمنا بأن اليدّ تفيد حقّ الاختصاص وأن حقّ الاختصاص لا يسقط وإن سقطت الدلالة على الملكية وهذا نصّ كلامه ـ حفظه الله ـ صفحة أربعمئة وأربعة، إذ قال:

فأماريتها بالنسبة إلى الملكية وإن كانت زائلة ولكنها بالنسبة إلى أن هذه الآثار قد تكون باقية ولا بدّ حينئذٍ بالرجوع في هذا الحقّ بالمال المدفون إلى البائع.

أقول إذ التزمنا بأن حقّ الاختصاص يبقى ولا يزول بزوال اليدّ فحينئذٍ يثبت اختصاص المالك الأول فإذا شككنا في انتقال الملكية عنه أو انتقال الاختصاص نتمسك بالاستصحاب فيثبت أن هذا الشيء مختصٌ أو ملكٌ للبائع الأول.

فبناءً على هذه الدعوى يلزم الرجوع إلى اليدّ الأولى لا اليدّ الأخيرة هذا نقضاً.

وأما حلاً فإن أمارية اليدّ على الملكية عمدتها إما الارتكاز العقلائي وبناء العقلاء الذي هو جانب ثبوتي وإما سيرة العقلائي التي هي جانب إثباتي فإذا التزمنا باستحكام هكذا سيرة أو ارتكاز وتم الإمضاء من المعصوم ـ عليه السلام ـ يثبت أن اليدّ أمارة على الملكية، والمراد بذلك أن له حقّ التصرف ولا تجوز مزاحمته.

ومن الواضح أن العقلاء يرون أن اليدّ أمارة على الملكية بالنسبة إلى خصوص اليدّ الفعلية دون الأيدي السابقة فإذا التزمنا أيضاً بثبوت حقّ الاختصاص وسلمنا هذه الدعوى فالقدر المتيقن منها هو حقّ الاختصاص بخصوص اليدّ الفعلية دون اليدّ التي زالت.

والخلاصة التمسك بقاعدة اليدّ عمدتها دليلٌ لبي نقتصر فيه على القدر المتيقن وهو اليدّ الفعلية دون الأيدي السابقة بمختلف الآثار من ملكية وحقّ اختصاص فلا يمكن التمسك بالدليل الأول، وأما الدليل الثاني فقد تمسك شيخنا ـ حفظه الله ـ بعموم قوله ـ عليه السلام ـ (لعلهم يعرفونها) في موثقة إسحاق بن عمار، والغريب العجيب أن هذا اللفظ وإن كان عاماً إلا أن مورد الرواية هو مورد خاص.

إذ الرواية موثقة إسحاق بن عمار (سألت أبا إبراهيم عن رجلٍ نزل في بعض بيوت مكة فوجد فيها نحواً من سبعين درهماً فلم تزل معه ولم يذكرها حتى قدم الكوفة، كيف يصنع؟) قال: (يسأل عنها أهل المنزل لعلهم يعرفونها)، قالت (فإن لم يعرفوها)، قال (يتصدق بها).

إذاً الرواية ليست ناظرة إلى من وجد شي في منزله وقد انتقل إليه بالابتياع وإنما واردة في من وجد شيئاً في بعض بيوت مكة أي في بيت غيره، فكيف نتمسك بالعموم الوارد فيها؟! والحال أن الرواية خارجة تخصصاً عن موطن بحثنا.

إذا الصحيح ما ذهب إليه سيد أساتذتنا المحقق المدقق السيد أبو القاسم الخوئي ـ رحمه الله ـ في المستند في شرح العروة الوثقى، الجزء خمسة وعشرين، صفحة سبعة وثمانين.

وخلاصة ما ذكره ـ قدس الله نفسه الزكية ـ إن هذا الكنز الذي تجده في بيتك إما أن تحتمل له مالك أو لا، فإن احتملت أن له مالك لحقّه حكم مجهول المالك فيجري عليه حكم مجهول المالك من لزوم التعريف به فإن يأست تتصدق نيابة عن مالكه، وإن لم تحتمل أن له مالك كما لو قطعت أن ليس له مالك كما لو كان الكنز من آلاف السنين فحينئذٍ تشمله عمومات أدلة الكنز (من وجد كنزاً) فيصح تملكه ويجب إخراج مقدار خمسة والله العالم هذا هو مقتضى القاعدة.

إذاً مقتضى القاعدة إما أن هذا المال تحتمل أن له مالك فيصير حكمه حكم مجهول المالك، وإما لا تحتمل أن له مالك فيجوز تملك الكنز وإخراج خمسة، نعم ما ذهب إليه المشهور موافقٌ للاحتياط وهو تعريف لليدّ السابقة، فإن لم تعرفه ترجع إلى اليدّ التي قبلها وهكذا فإن يأست تتصدق.

قال السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ ما نصّه، المستند في شرح العروة الوثقى، الجزء خمسة وعشرين، صفحة سبعة وثمانين:

فمقتضى القاعدة عدم الفرق بين المالك السابق وغيره بل حكم الكنز في الأرض المبتاعة حكمه في أرض الموات في أنه إن احتمل أن له مالكاً محترماً موجوداً بالفعل كان من مجهول المالك ووجب التعريف فيراجع المالك السابق كما يراجع غيره فإن ظهر وإلا تصدق عنه.

وأما لو لم يحتمل وجود المالك الفعلي ولاسيما إذا كانت قرينة على ذلك مثلما إذا كان الكنز عتيقاً ونحو ذلك كما هو الغالب في الكنوز على ما مرّ جاز استملاكه فهو لواجده وعليه خمسة بمقتضى إطلاق النصوص الدلالة على جواز تملك الكنز وأداء خمسة، هذا ما تقتضيه القاعدة.

ثم قال ـ رحمه الله ـ صفحة تسعين:

فتحصل أنه لم يدل أي دليل على لزوم الرجوع إلى البائع الأخير فضلاً عن البائع قبله في الكنز.

ثم قال:

نعم هو أحوط رعاية لما هو المشهور بين الفقهاء، بل إدعى بعضهم الإجماع عليه من لزوم الرجوع إليه فإن لم يعرفه فالمال قبله حسبما عرفت.

هذا تمام الكلام من الفرع الأول من الصورة الثانية، الفرع الثاني يأتي عليه الكلام.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo