< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

45/04/14

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: عدم صحة اشتراط عدم الخمس من قبل الذمي إذا اشترى الأرض من المسلم

 

المسألة الثانية والأربعون من العروة الوثقى، قال السيد محمد كاظم اليزدي:

إذا اشترى الذمي الأرض من المسلم وشرط عليه عدم الخمس لم يصح، وكذا لو شرط كون الخمس على البائع. نعم، لو شرط على البائع المسلم أن يعطي مقداره عنه فالظاهر جوازه.[1]

 

هذه مسألة تتحدث عن الذمي إذا اشترط على المسلم الذي اشترى منه الأرض أن لا يدفع الخمس، ويمكن تصوير هذا الشرط بثلاث صور:

الصورة الأولى أن يشترط الذمي إسقاط الخمس عن ذمة الذمي إذا اشترى الأرض من المسلم.

الصورة الثانية أن يشترط الذمي لزوم الخمس على البائع المسلم دون الذمي فالخمس يثبت في ذمة المسلم لا الذمي وفقاً لشرطه.

الصورة الثالثة أن يثبت الخمس على الذمي لكنه يشترط على البائع أن يؤدي عنه مقدار الخمس.

أما الصورة الأولى والثانية فالشرطان باطلان لأنهما غير مشروعين ومخالفان للسنة وكل شرط خالف السنة أي الشريعة المقدسة فهو باطل، فكل شرط حلل حرام الله أو حرم حلال الله فهو باطل، ومن الواضح أن الثابت في الشرع المقدس هو ثبوت وجوب الخمس في ذمة الذمي فكيف يشترط سقوط الخمس من ذمته في الصورة الأولى؟ وكيف يشترى عدم ثبوت الخمس في ذمته واستقرار ثبوت الخمس في ذمة البائع المسلم كما في الصورة الثانية، فهذا شرطٌ خالف شرع الله فهو باطل عاطل.

بطلان الشرط موجب لبطلان العقد أو لا؟

وهنا تأتي هذه المسألة هل أن بطلان الشرط ينسحب على العقد فيبطل أو لا؟

القول الأول ذهب شيخ الطائفة الشيخ محمد بن الحسن الطوسي ـ أعلى الله في الخلد مقامه ـ إلى سراية بطلان الشرط إلى العقد[2] هذا هو القول الأول.

وبناءً عليه لا يصدق عنوان الشراء لأن بطلان الشرط يستدعي بطلان عقد البيع والشراء فلا يجب الخمس على الذمي لأنه ثبت العرش ثم النقش والخمس فرع ثبوت الشراء وقد انتفى الشراء ببطلان نفس الشرط.

القول الثاني قول جمهور المحققين من المتأخرين من أن بطلان الشرط لا يسري إلى العقد فنلتزم ببطلان الشرط وصحة العقد فإذا صح الشراء ثبت وجوب الخمس على الذمي.

فبناءً على القول الثاني حتى لو التزمنا ببطلان الشرط فإننا نلتزم بصحة العقد وصحة فيثبت موضوع وجوب الخمس على الذمي إذ أنه اشترى الأرض من المسلم.

وقد ذهب جمع من المحققين إلى القول الثاني فقالوا بأن بطلان الشرط لا يسري إلى العقد، وممن قال بذلك سيد أستاتذتنا السيد أبو القاسم الخوئي[3] وجمهور المحققين كالعلامة الحلي في التحرير[4] ، الشهيد الأول في الدروس[5] ، الشهيد الثاني في المسالك[6] ، المحقق الشيخ علي بن عبد العالي الكركي في جامع المقاصد[7] .

وهذا هو القول المشهور المعروف بين المعاصرين اليوم من أن بطلان الشرط لا يسري إلى العقد.

هذا تمام الكلام في الصورة الأولى والثانية واتضح فيهما أن الشرط باطل عاطل لكن على الرغم من بطلان الشرط يصح العقد فيصح الشراء فيثبت وجوب الخمس على الذمي الذي اشترى الأرض من المسلم واشترط عليه الشرط شرطاً بأحد الصورتين المتقدمتين الباطلتين.

الصورة الثالثة أن يشترط الذمي على البائع أداء مقدار خمس الأرض عن الذمي ولا شكّ أن هذا الشرط نافذٌ وتامٌ لأنه شرط عمل وشرط فعل كما لو أجرى الذمي معاملة مع مسلمٍ واشترط عليه أداء دينه فإنه يجب على المتعامل مع الذمي أداء دين الذمي لأن هذا شرط فعل وشرط عمل ولا مانع من نظراً لشمول عموم أدلة الشرط له يشمله عموم المؤمنون عند شروطهم.

ولكن لا يسقط وجوب الخمس من ذمة الذمي إلا إذا أدى المسلم مقدار الخمس عنه ووفى بالشرط لأن التكليف بوجوب الخمس متوجه إلى الذمي لا إلى المسلم فلو لم يفي المسلم بالشرط ثبت للمشتري الذمي خيار تخلف الشرط، ويحق له أن يفسخ المعاملة فإذا فسخ الذمي المعاملة وعقد البيع يأتي الكلام في المسألة السابقة من أن البيع المتعقب بالفسخ هل يلزم منه ثبوت الخمس أو لا؟

وقد استظهرنا تبعاً لسيد أستاتذتنا السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ ثبوت الخمس على حتى لو فسخ نظراً لتحقق موضوع وجوب الخمس إذ أن البيع والشراء قد تحقق فيصدق على المسألة عنوان الأرض التي اشتراها الذمي من المسلم، والفسخ إنما يكون من حينه لا من حين عقد البيع لا من بادئ الأمر فيثبت الخمس والله العالم.

وخالف في ذلك بعض الفقهاء ومنهم شيخنا الأستاذ الداوري ـ حفظه الله ـ فقالوا: بعدم ثبوت الخمس.

إذا لم يفي المسلم ولم يخرج مقدار الخمس عن الذمي ثبت للذمي خيار تخلف الشرط، وبالتالي إذا التزمنا بما ذهبنا إليه من لزوم الخمس عليه،

على أن الخمس يثبت في رقبة الأرض

طبعاً هذه المسائل كلها مبنية على فرض أصل موضوعي وهو أن الخمس يثبت في رقبة الأرض لا في نتاج الأرض كما هو مبنانا نحن نتكلم على خلاف مبنانا نحن مبنانا أن خمس الأرض التي اشتراها الذمي من المسلم يتعلق بالنتاج ولا يتعلق برقبة الأرض هذه المسألة.

على أن الخمس قد تعلق برقبة الأرض

الآن كلها ندرسها كلها مبنية على أصل موضوعي وهو أن الخمس قد تعلق برقبة الأرض نحن نبحثها بناء على هذا المبنى الذي لا نلتزم به فإذا لم يؤدي المسلم الخمس عن الذمي ثبت للذمي خيار تخلف الشرط، ويجب على الذمي أداء مقدار الخمس ويثبت هذا في ذمة الذمي، فالذمي يرجع الأرض ويردها إلى البائع وفقاً لخيار تخلف الشرط ولكن يثبت في ذمته مقدار الخمس فإذا أدى الذمي القيمة فله حقّ الردّ.

وإذا لم يؤدي الذمي القيمة قال طلعت عليّ أغلى من بيع السوق جوع وضرب جموع ارجع الأرض وادفع مقدار الخمس أنا ارجع الأرض وأردها وما أدفع مقدار الخمس.

فإذا ردّ الذمي الأرض على البائع ولم يؤدي مقدار الخمس تعلق الخمس برقبة الأرض ودخل أرباب الخمس كالحاكم الشرعي والسادة النجباء شركاء مع بائع الأرض في مقدار الخمس فالبائع الأصلي يصير ملكه أربعة أخماس وأرباب الخمس لهم مقدار عشرين في المئة وهو مقدار الخمس.

وفي هذه الحالة يثبت للبائع خيار تخلف تبعض الصفقة ويقول له بعتك هذه الأرض كاملة مئة في المئة الآن ارجعت إلي الأرض وأنا أملك ثمانين في المئة وأدخلت معي شركاء وهم أرباب الخمس بنسبة عشرين في المئة، فإن رضي البائع بتبعض الصفقة فهو، وإن لم يرضى البائع بتبعض الصفقة سقط خيار الذمي بالردّ لأن ردّه يلزم منه تبعض الصفقة على البائع.

هذه كلها تفاصيل يعني تفريعات فقهية بناء على المباني.

هذا تمام الكلام إذا قلنا بما التزمنا به من أنه الخمس يثبت في ذمة الذمي إذا فسخ بعد العقد، وأما إذا قلنا بأن الخمس لا يثبت بالفسخ فحينئذ يجوز للذمي أن يرد الأرض ولا يجب عليه الخمس ولا يلزم ثبوت خيار تبعض الصفقة للبائع لأنه ردّ عليه الأرض سالمة كاملة.

ثم إنه إذا وفى المسلم وأدى مقدار الخمس وأخرجه عن الذمي ففي هذه الحالة تبرأ ذمة الذمي ويسقط مقدار الخمس عن الذمي.

هذا تمام الكلام في المسأل الثانية والأربعين.

مسألة ثلاثة وأربعين تتطرق إلى أنه لو اشترى الذمي الأرض مرة ثانية أو عدة مرات من مسلم بعد بيعها، فهل يتعدد الخمس على الذمي أم يجب عليه أداء الخمس مرة واحدة؟

 

قال السيد محمد كاظم اليزدي في العروة الوثقى مسألة ثلاثة وأربعون:

إذا اشتراها من مسلم ثم باعها منه أو من مسلم آخر ثم اشتراها ثانياً وجب عليه خمسها، خمس الأصل للشراء أولاً وخمس أربعة أخماس للشراء ثانياً.[8]

هذه المسألة تتطرق إلى أن الشراء إذا تكرر من الذمي للأرض الواحدة فهل يكون حكمها كشراء الأراضي المتعددة أو يكفي فيها خمس واحد؟

الصحيح هو تعدد الخمس نظراً لتعدد موضوعه.

والسر في ذلك:

أن كل شراء يكون بنفسه موضوعاً وسبباً مستقلاً لوجوب الخمس على الذمي، ولا وجه للتداخل ووحدة الخمس إذ أن الأصل عدم التداخل، الأصل عدم تداخل، وبالتالي لا إشكال في تعدد الخمس.

يبقى الكلام في كيفية التخميس فهل يجب ثانياً خمس تمام الأرض أو يجب ثانياً خمس الأربعة الأخماس بعد إخراج الخمس الأول لأن الخمس الأول صار ملكاً لأرباب الخمس يوجد تفصيل.

التفصيل في الموضوع

الإحتمال الأول تارة يشتري الذمي الأرض من المسلم المخالف وتارة يشتري الأرض من المسلم المؤلف وهو الشيعي الإمامي الاثنا عشري فإن اشترى الذمي الأرض من الإمامي وباعها على الإمامي ثم افترض عشر مرات ففي كل مرة الإمام مقدار الخمس بناءً على روايات التحليل ما لنا لشيعتنا قد طيبناه لكم[9] فإذا التزمنا بأن أخبار التحليل مطلقة وتشمل حتى التجارات فحينئذ الشيعي الإمامي إذا وصلهم مال ممن لا يخمس إما ما يعتقد بالخمس أصلاً كهذا الذمي أو يعتقد بالخمس لكنه لم يخرجه عصياناً الإمام ـ عليه السلام ـ يقول قد طيبناه لكم، لك المهنأ.

وبالتالي ففي كل بيع يملك الشيعي الإمامي تمام الأرض لا أنه يملك الأربعة أخماس فقط ومقدار الخمس يشاركه فيه أرباب الخمس كالحاكم الشرعي والسادة النجباء فبناء على الاحتمال الأول وهو أن يكون البائع المسلم شيعياً إمامياً ففي هذه الحالة في كل مرة يثبت الخمس على تمام الأرض لأن الشيعي الإمامي يملك تمام الأرض.

الاحتمال الثاني أن يكون البائع مسلماً مخالفاً كما لو كان من أهل السنة ولم يكن شيعياً إمامياً ففي هذه الحالة إذا باع الذمي الأرض ثانيةً إلى المسلم المخالف فإن المسلم المخالف لا يملك تمام الأرض بل يملك أربعة أخماسها ويشترك معه أرباب الخمس في خمس الأرض.

فتكون النتيجة:

إذا كان المشتري البائع والمشتري مسلماً مخالفاً ففي المورد الأول أول ما يشتري الذمة يثبت عليه وجوب الخمس في مقدار في في كل الأرض فيطلع خمس الأرض، في البيع الثاني يجب عليه خمس أربعة الأخماس، وفي البيع الثالث من هذه الأربعة الأخماس يعزل مقدار الخمس ويخمس أربعة الأخماس وهكذا إلى أن ينفذ المبلغ.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo