الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق
بحث الفقه
45/04/29
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع: الرابع الاستدلال بالسنة
ويمكن الاستدلال بالأحاديث الشريفة على ثبوت الخمس في أرباح المكاسب والروايات عديدة ومستفيضة قد يدعى فيها التواتر الإجمالي كما ادعى ذلك سيد أساتذتنا السيد أبو القاسم الخوئي ـ رحمه الله ـ في المستند في شرح العروة الوثقى، وسيدنا الأستاذ السيد محمود الهاشمي الشاهرودي في كتاب الخمس الجزء الثاني صفحة تسعة وعشرين[1] فقد أجاد وأفاد في تتبع الروايات وذكر عشرين رواية وناقشها واستظهر منها وأبرز نكاتاً مهمة لذلك نتطرق إلى ما ذكره ـ رحمه الله ـ .
الروايات الدالة والتي يمكن أن يستدل بها على ثبوت الخمس في أرباح المكاسب.
وهذه الرواية وإن أثبتت الخمس في خصوص الذهب والفضة إلا أنه لا يحتمل الفرق بين ربح وربح فيثبت عموم الخمس في كل ربح.
كما أن هذه الرواية أسقطت الخمس في بعض الموارد وأثبتت نصف السدس في الضياع وقد اتضح حينما تأملنا في الرواية أن ذلك كان بملاك عفو الإمام الجواد ـ عليه السلام ـ عن الخمس وإسقاطه لحقه الشريف، ويشهد لذلك ما ورد في ذيل الرواية فصحيحة علي بن مهزيار الأولى تامة الدلالة على ثبوت الخمس في أرباح وإن تأمل فيها بعض الأعلام لذلك لم يذكرها السيد محسن الحكيم في المستمسك جزء ستة عشر صفحة مئتين وثلاثة وأربعين[3] واقتصر على ذكر صحاح علي بن مهزيار الأربع التي سنقرأها ولم يذكر صحيحة علي بمهزيار الأول، والحال إنها تامة الدلالة وتامة سنداً ودلالة، وقد قالا بحجيتها سيد أساتذتنا السيد أبو القاسم الخوئي ـ رحمه الله ـ المستند في شرح العروة الوثقى كتاب الخمس.
وإن تنزلنا وناقشنا في دلالتها نظراً لوجود الاضطراب في مفادها ومضمونها فإننا نلجأ إلى بقية الروايات.
وأبو علي بن راشد الوارد في السند هو الحسن بن راشد المكنى بأبي علي وهو من وكلاء الإمام الهادي ـ عليه السلام ـ وممن عاصر الإمام الجواد والهادي ـ عليهما السلام ـ ، وكان من الأجلاء العظماء فالصحيحة الثانية لعلي بن مهزيار تامة سنداً ودلالة.
والقرينة الثانية قد صرح ثقة الإسلام في صدر هذه الرواية باسم علي بن مهزيار[5] نقرأ الرواية من جديد الآن فسرنا المراد بعلي علي بن مهزيار:
<كتب إليه> يعني إلى الإمام المعصوم إلى الإمام الجواد <إبراهيم بن محمد الهمداني أقرأني علي كتاب أبيك> يعني أبي الإمام الرواية للإمام الهادي الرواية إلى الإمام الهادي كتاب أبيك يعني الإمام الجواد الناظرة إلى صحيحة علي ابن مهزيار الأولى التي فيها نصف السدس في الضيع.
<كتب إليه> يعني إبراهيم الهمداني كتب إلى الإمام علي الهادي <كتب إليه إبراهيم بن محمد الهمداني أقرأني علي كتاب أبيك> الإمام الجواد <فيما أوجبه على أصحاب الضيع أنه أوجب عليهم نصف السدس بعد المؤونة، وأنه ليس على من لم تقم ضيعته بمؤنته نصف السدس ولا غير ذلك.
فاختلف من قبلنا في ذلك، فقالوا: يجب على الضياع الخمس بعد المؤونة مؤونة الضيعة وخراجها لا مؤونة الرجل وعياله.
فكتب ـ عليه السلام ـ > من هو؟ الإمام الهادي <وقرأه علي بن مهزيار> يعني هنا إقرار من علي بن مهزيار بأنه قرأ نصّ جواب الإمام الهادي <عليه الخمس بعد مؤونته ومؤونة عياله وبعد خراج السلطان>[6] .
وهذه الرواية تامة الدلالة إذ أن الإمام ـ عليه السلام ـ أثبت الخمس بعد إخراج مؤونة العيال ولم يقصرها على خصوص مؤونة التحصيل ومؤونة التحصيل موجودة في الموارد الأخرى كالمعدن والكنز فإن مؤونة الغوص وإخراج المعدن تستثنى ثم يخمس، ولكن أرباح المكاسب بالإضافة إلى مؤونة التحصيل يستثنى أيضاً مؤونة العيال ومصاريف العيال يعني مقدار حاجته هذا يستثنى يخمس ما يفضل عن مؤونة العيال.
فالمورد السابع وهو خمس أرباح المكاسب يتميز على الموارد الستة المتقدمة كالغنيمة وغير ذلك في أن الموارد المتقدمة منها مؤونة التحصيل فقط وأما المورد السابع فيستثنى منه مؤونة التحصيل ومؤونة العيال أيضاً هذا من ناحية الدلالة.
وأما من ناحية السند فالرواية صحيحة سنداً سواء كان إبراهيم بن محمد الهمداني ثقة كما هو الظاهر في محله بل هو من الوكلاء الأجلاء أم لم تثبت وثاقة إبراهيم بن محمد الهمداني نظراً لصراحة الرواية في أن علي بن مهزيار قرأ نصّ الإمام بنفسه وهو خبير بخطّ الإمام الجواد والهادي ـ عليهم السلام ـ وهو العارف بمكاتباتهم.
يفرقون بين الهمداني بالدال والهمذاني بالنقطة ما الفرق بينهما؟ هذا مهم في الرجال معرفة البقاع والأمكنة.
الهمداني بالدال غير المنقوطة الدال المهملة إشارة إلى قبيلة همدان في اليمن ومنها الحارث الهمداني قال علي ـ عليه السلام ـ : <يا حار همدان> يعني يا حارة الهمدان <يا حار همدان من يمت يرني>[7] ، وينسب إلى أمير المؤمنين هذا الشعر:
ولو كنت بواباً على باب جنة لقلت لهمدان ادخلوا بسلام[8]
قبيلة همدان نصرة أمير المؤمنين والآن الذي يقاتل الاحتلال السعودي في اليمن قبيلة همدان قبيلة همدان هي التي الآن تقف في العدوان السعودي والأمريكي والإسرائيلي.
وأما همذان بالنقطة إشارة إلى مدينة همدان الإيرانية فهمدان بالدال المهملة لا تشير إلى قبيلة لا تشير إلى مدينة همدان وإنما تشير إلى قبيلة همدان اليمنية وأما همذان بالدال المنقوتة أو المعجمة فإنها تشير إلى مدينة همدان بحثنا ليس في الرجال والأماكن وليس في السياسة بحثنا في فقه آل محمد.
وهذه الرواية ينقلها علي بن مهزيار عن ابن شجاع بعنوان حدثني فإذا رجعنا إلى تهذيب الأحكام والاستبصار فيما اختلف من الأخبار للشيخ الطوسي نجد أنه يبدأ هذا الحديث بلفظ حدثني فهي رواية شفهية وليست مكاتبة[10] .
وابن شجاع الذي يتردد اسمه بين محمد بن علي وعلي بن محمد لا شهادة بتوثيقه، وما في ذيل هذه الرواية من التصريح بأن السؤال والجواب كان مكاتبة لا مشافهة لا يجدي شيئاً إذ لم يذكر في هذه الرواية أن علي بن مهزيار قرأ المكاتبة كما ذكر في صحيحة علي بن مهزيار الثالثة فيها أن علي بن مهزيار قرأ الرواية والمكاتبة فتكفي وثاقته حتى لو لم نلتزم بوثاقة الهمداني في الرواية ثالثة، ولكن في الرواية الرابعة لم يذكر أن علي بن مهزيار قرأ مكاتبة بن شجاع النيسابوري فالرواية من ناحية لا تخلو من إشكال.
الحقّ والإنصاف إن هذا ليس ببعيد فنلتزم بصحة هذه الرواية كما التزم بها السيد محسن الحكيم في مستمسك العروة الوثقى[11] وغيره من الأعلام.
ابن مهزيار أول خمس روايات لابن مهزيار السيد الحكيم لم يذكر الأولى وذكر من الثانية إلى الخامسة أربع روايات وهذا الذي يخلينا نوثق ونطمئن بالنسبة إلى الرواية الرابعة هو محيط العمدة روايات علي بن مهزيار.
تعرفون مهزيار ما هو أصلها؟ هذه معرب فارسي وأما علي بن مهزيار من وين؟ من الأهواز.
أصلها محض يار يار يعني صديق يعني خالص محض يار يعني الصديق الخالص علي بن مهزيار يعني الصديق الخالص، لذلك في هذه نشيدة سلام بيا بيا مهدي يقول: للإمام المهدي تعال تعال ثم يقول علي بن مهزيارت ميشم يعني اصير لك مخلص مثل علي بن مهزيار، كيف كان صديق مخلص تعال أيها المهدي أنا اصير لك صديق مخلص جعلنا الله وإياكم من أهل الصدق والإخلاص.
صحيحة علي بن مهزيار عن محمد بن الحسن الأشعري قال: <كتب بعض أصحابنا إلى أبي جعفر الثاني ـ عليه السلام ـ > أي الإمام الجواب <أخبرني عن الخمس أعلى جميع ما يستفيد الرجل من قليل وكثير من جميع الدروب وعلى الصناع وفي نسخة الضياع وكيف ذلك؟ فكتب بخطه ـ عليه السلام ـ الخمس بعد المؤونة>[12] .
وهذه الرواية مبتلاة سنداً بنفس ما ابتليت به صحيحة علي بن مهزيار السابقة فإن محمد بن الحسن الأشعري على الرغم من الظن بوثاقته خصوصاً إذا راجعنا ترجمته في كتب الرجال لكن لم ينص الرجاليون على وثاقته ولا شهادة بتوثيقها.
وبالتالي تصبح هذه الرواية ضعيفة السند إلا إذا قلنا بأن علي بن مهزيار لديه إحاطة ولو لم يثق ويطمئن بصدور هذه المكاتبة لما رواها وهذا ليس ببعيد والله العالم.
وهذه الرواية ورد فيها عنوان أفاد الناس ويوجد احتمالان:
وعلى كلا التقدير تدل الرواية على أن موضوع الخمس مطلق الفائدة أو الاستفادة، والاحتمال الأول أظهر عرفاً والرواية موثقة أو معتبرة فهذه الرواية تامةٌ سنداً ودلالةً.