< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

41/01/23

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: الدرس الثاني: بيع الحقوق

 

قال الشيخ الأنصاري "رحمه الله" وأما الحقوق فإن لم تقبل المعاوضة بالمال كحق الحضانة والولاية.

كان الكلام في تعريف البيع وأتضح أنه مبادلة مال بمال كما في المصباح المنير للفيومي وتكلمنا عن اشتراط أن يكون المثمن عيناً لا منفعة وأما بالنسبة إلى الثمن فلا مانع من كونه منفعة فالثمن قد يكون عيناً وقد يكون منفعة ثم فرع الشيخ الأنصاري "رحمه الله" بعض الفروع على هذا الأمر الفرع الأول في عمل اليوم إن شاء الله نأخذ الفرع الثاني في بيع الحقوق فهل يصح جعل الحق كحق الخيار وحق الحضانة وحق الولاية وحق التحجيم هل يصح جعل مثل هذه الحقوق أثماناً في معاملة البيع أو لا؟

الشيخ الأنصاري "رحمه الله" تطرق إلى ثلاثة أقسام للحقوق، الحق الأول هو الحق القابل للاسقاط والنقل أو وفقاً لترتيب الشيخ الأنصاري حق غير قابل للإسقاط والنقل كحق الحضانة وحق الولاية فمثل هذه الحقوق حق الحضانة يعني تربية الولد لا يقبل النقل ولا يقبل الإسقاط أيضاً.

القسم الثاني حق قابل للإسقاط لكنه غير قابل للنقل كحق الشفعة فمن حق الشريك أن يسقط حقه في الشفعة لكن ليس من حقه أن ينقل خصوصيته وحقه وهو حق الشفعة إلى الغير.

القسم الثالث الحق القابل للنقل والإسقاط معاً كحق التحجير فلو حجرت مكاناً في أرض مشاع ملكت هذه الأرض ويمكنك أن تسقط حقك في ملكية هذه الأرض كما يمكنك أن تنقل ملكيتك إلى ملكية شخص آخر.

السؤال هل يصح جعل الحقوق ثمناً في البيع أو لا؟ الجواب البيع فيه نقل وانتقال نقل الثمن من ذمة المشتري إلى ذمة البائع ونقل المثمن من عهدة البائع إلى عهدة المشتري فمن الواضح جداً أنه لا يصح جعل القسم الأول والقسم الثاني ثمناً في البيع لأنهما لا يقبلان الإنتقال القسم الأول حق غير قابل للنقل هو غير قابل للإسقاط كحق الحضانة وحق الولاية القسم الثاني حق قابل للإسقاط لكنه غير قابل للنقل حق الشفعة نعم يبقى الكلام في الحق الثالث وهو الحق القابل للاسقاط والنقل معاً فقد يقال يمكن جعله ثمناً في معاوضة البيع لأن هذا الحق كحق التحجير يقبل الانتقال وبما أنه يقبل الانتقال يمكن أن يجعل ثمناً في معاوضة البيع لكن قد يتأمل في ذلك إذا اشترطنا تحقق المالية في الثمن ومثل حق التحجير لا يصدق عليه أنه مال حتى يقال مبادلة مال بمال فالنتيجة النهائية الحقوق بأقسامها الثلاثة لا يمكن جعلها ثمناً في معاوضة البيع.

أما القسم الأول والثاني فلعدم قبولهما للانتقال وأما القسم الثالث فلعدم صدق المالية على مثل هذا الحق وإن أمكن النقل والانتقال فيه هذا تمام الكلام في هذه المسألة يبقى الكلام في بعض التفاصيل نطبق العبارة وإذا وصلنا إلى بعض المطالب نوضحها ونفك العبارة إن شاء الله.

قال الشيخ الأنصاري "رحمه الله" وأما الحقوق يعني هل يجوز جعل الحقوق عوضاً هل يجوز جعل الحقوق ثمناً في معاوضة البيع، يبدأ بالقسم الأول فإن لم تقبل المعاوضة بالمال يعني لا تقبل النقل ولا تقبل الإسقاط هذا القسم الأول كحق الحضانة بالكسر يعني حق الأم في تربية ولدها ومن المعروف المشهور أنه بالنسبة إلى الولد سنتين وبالنسبة إلى البنت سبع سنوات والولاية يعني حق الولاية للأب فلا إشكال يعني فلا إشكال في عدم إمكان جعله مثل هذا الحق عوضاً لماذا لا يوجد إشكال في عدم الصحة لعدم تحقق الإنتقال لعدم إمكان الانتقال عدم قبوله الانتقال هذا القسم الأول، القسم الثاني وكذا يعني لا يوجد اشكال في عدم إمكان جعل مثل هذا الحق عوضاً لو لم تقبل الحقوق النقل وإن قبلت الاسقاط هذا القسم الثاني كحق الشفعة وحق الخيار، حق الخيار يقبل الاسقاط مثل خيار الحيوان ثلاثة أيام يمكن من أول المعاملة تقول اسقطت حقي في الخيار لكنه غير قابل للنقل إلى شخص آخر خياري في الحيوان ثلاثة أيام أنقله إلى فلان أجنبي عن المعاملة هذا غير صحيح، لأن البيع ـ تمليك الغير والتمليك لا يكون إلا فيما يقبل النقل والانتقال ـ وهذين الحقين القسم الأول والثاني غير قابلين للنقل والبيع تمليك يوجب النقل ولا ينتقض هنا يأتي بمسألة أخرى.

توجد مسألتان، المسألة الأولى يقولون يصح بيع الدين على من هو عليه مثلاً لو أقترض زيد من بكر مائة دينار وطالت المدة هذا عامر تعب أراد الفلوس قال له أنا أبيعك المائة دينار التي في ذمتك الغائبة بتسعين دينار عاجلة أعطني تسعين دينار وخلاص يقولون هذه معاملة صحيحة، يصح بيع الدين على من هو عليه يعني على من في ذمته ذلك الدين فيصح لعمر الذي له مائة دينار في ذمة زيد أن يبيع زيد المائة دينار الغائبة بتسعين دينار ثمانين دينار حاضرة لماذا يصح؟ لأنه تمليك ملكه المائة دينار مقابل أن يدفع تسعين دينار ثمانين دينار فهنا لا يوجد أي إشكال.

المسألة الثانية قالوا بالنسبة إلى الخيار فهل يصح بيع الخيار على من هو عليه الخيار أو لا؟ يقولون لا يصح يعني الآن اشتريت حيواناً لي حق خيار الفسخ ثلاثة أيام فأنا صاحب الخيار أنا من له الخيار البائع من عليه الخيار هل يصح لي أنا المشتري صاحب الخيار أن أبيع حق خيار ثلاثة أيام فسخ ثلاثة أيام على البائع يقولون لا يصح إذا لا يصح ما الفارق بين بيع الدين على من هو عليه وبين بيع من له الخيار على من عليه الخيار قالوا يوجد فارق واضح بين المسألتين الخيار نوع سلطنة والسلطنة تتقوم بثلاثة أمور:

الأمر الأول المسلط.

الأمر الثاني المسلط عليه.

والأمر الثالث الشيء الذي تقع عليه السلطنة.

فمثل هذه المعاملة تتقوم بهذه الأمور الثلاثة بخلاف بيع الدين فإنها نحو معاملة قائمة بين المالك والمملوك فلا يوجد طرف ثالث لذلك قالوا يصح بيع الدين على من هو عليه ولا يصح بيع الخيار على من عليه الخيار.

نطبق العبارة لأن هناك تأمل في هذا الكلام، قال الشيخ الأنصاري "رحمه الله" ولا ينتقض ماذا الذي لا ينتقض؟ قوله لأن البيع تمليك الغير لا ينتقض هو البيع تمليك الغير ينقض عليه كيف البيع تمليك الغير الآن سوف تملك نفس من عليه الدين ولا ينتقض قولنا البيع تمليك الغير ببيع الدين على من هو عليه يعني ببيع الدين على من عليه الدين لأنه لا مانع من كونه تمليكاً يعني لا مانع من كون بيع الدين على من هو عليه تمليكاً له فيسقط يعني فيسقط ما في الذمة قرينة على ذلك كلام الشهيد الأول "رحمه الله" ولذا جعل الشهيد في قواعده لديه كتاب القواعد والفوائد ـ ولذا يعني ولأجل كون الملكية ممكنة لما في الذمة جعل الشهيد الأول في كتابه القواعد الإبراءة مردداً بين الإسقاط والتمليك يعني بيع الدين على ما هو عليه قد يكون هو إسقاط لما في الذمة اسقاط للمائة دينار التي في ذمته وقد يكون تمليكاً إذن الإبراء يمكن أن نقول أنه تمليك ويمكن أن نقول إسقاط فالبائع عندما باع هذا الدين إما يكون قد أسقط ما في ذمة المديون وإما أن يكون قد ملك المديون ما في ذمته والحاصل النتيجة أنه يعقل أن يكون مالكاً لما في ذمته يعني في بيع الدين على من هو عليه فيؤثر تمليكه السقوط ما دام ملكه ما في ذمته فيسقط ما في ذمته ولا يكون مديوناً فيسقط الدين عن ذمته.

ولا يعقل أن يتسلط على نفسه هذا في بيع الخيار يعني لا تقس صحة بيع الدين على ما هو عليه وتعديه إلى بيع الخيار على من عليه الخيار فهل يصح أن يبيع من له الخيار خياره على من عليه الخيار يقول لا يصح لأنه يصير هو مسلط وهو مسلط عليه والخيار نوع من السلطنة القائمة بثلاثة أطراف مسلط ومسلط عليه وشيء متسلط فيه ولا يعقل أن يتسلط على نفسه يعني وذلك عندما يجعل الخيار هو العوض فيكون متسلطاً على نفسه فيكون هو له الخيار وهو عليه الخيار.

والسر أن هذا الحق ـ حق الخيار ـ سلطنة فعلية لا يعقل قيام طرفيها بشخص واحد بل تتقوم بالإثنينية بمن له الخيار ومن عليه الخيار بخلاف الملك فإنها المفروض يقول فإنه يعني الملك نسبة بين المالك والمملوك يعني نسبة بين المالك والشيء المملوك بعد لا يوجد طرف ثالث الملكية نسبة بين المالك والشيء المملوك بخلاف الخيار فيه ثلاثة أطراف مسلط، مسلط عليه، وشيء متسلط فيه ولا يحتاج إلى من يملك عليه حتى تصير الأطراف ثلاثة مالك ومملوك ومملوك عليه ما موجود مملوك عليه ولا يحتاج إلى من يملك عليه حتى يستحيل أتحاد المالك والمملوك فأفهم.

تعلمون أنه في كتاب الرسائل والمكاسب للشيخ الأنصاري وكذلك في كفاية الأصول للآخوند الخراساني إذا قالوا ففهم فتأمل فتدبر يعني المطلب فيه خدشة يعني المطلب غير تام المطلب فيه إشكال وبما أنهم لم يصرحوا بوجه الإشكال أختلفت كلمات الشراح في بيان وجوه الأشكال فقد يذكرون وجهاً أو وجهين أو ثلاثة أو أربعة هنا ففهم إشارة إلى أشكال يعني كما أن بيع الدين على من هو عليه تام وصحيح كذلك بيع الخيار على من عليه الخيار تام وصحيح كما يصح بيع الدين على من هو عليه يصح أيضاً بيع الخيار نحن إلى هنا بينا أنه لا يصح لوجود فارق وهو أن بيع الدين متقوم بشيئين مالك وشيء مملوك بخلاف بيع الخيار فإنه متقوم بثلاثة فيه سلطنة فعلية متقوم بمسلط ومسلط عليه وشيء متسلط فيه الآن نذكر فافهم يعني وجه الخدشة في التفرقة بينهما نذكر وجهين إشكالين.

الوجه الأول هذا الكلام تام في بيع الخيار إذا كان على من عليه الخيار فيلزم اتحاد الأثنين يصير الشخص مسلط ويصير مسلط عليه ولا يتم هذا الاشكال في بيع الخيار على شخص أجنبي آخر فإن الأركان الثلاثة تكون تامة مثلاً أشتريت الحيوان من زيد ثم بعت خياري في الحيوان على عبيد صار زيد هو من عليه الخيار وعبيد هو من له الخيار والشيء الذي فيه الخيار الحيوان حق الفسخ ثلاثة أيام فهذا الكلام من السلطنة الفعلية وأنها لا تتم ومتقومة بثلاثة أركان وأصبحت متقومة في ركنين إنما يتم في خصوص بيع الخيار على من عليه الخيار وأما في بيع الخيار على من ليس عليه الخيار شخص أجنبي ثالث فهذا الإشكال غير تام ولكن هذا الإشكال أو الجواب هو في غير موردنا لأن كلامنا أصلاً في بيع الدين على من هو عليه فإذا نقيس عليه بيع الخيار على من عليه الخيار.

الأشكال الثاني فرق المصنف بين بيع الدين وبيع الخيار بأن بيع الدين متقوم بأمرين مالك ومملوك بخلاف بيع الخيار فإنه متقوم بثلاثة أمور مسلط ومسلط عليه وشيء متسلط فيه الإشكال هذا الكلام تام في بيع الأعيان في بيع الأعيان عندنا أمران مالك وعين مملوكة وأما في بيع الدين فإن الدين أيضاً متقوم بثلاثة أشياء الأول مالك الدين الثاني من عليه الدين الثالث الشيء المملوك وهذا الجواب ينطبق مع مورد بحثنا مورد بحثنا إنما هو بيع الدين على من هو عليه فكما يوجد في الخيار ثلاثة أشياء مسلط على الخيار ومن له الخيار يعني عندنا ثلاثة من له الخيار ومن عليه الخيار وما فيه الخيار كذلك بالنسبة إلى بيع الدين على من هو عليه ثلاثة أركان موجودة مالك الدين ومن عليه الدين والشيء الذي فيه الدين إذن لا يوجد فارق في البين فبناء على هذا التأمل ففهم بناء على هذه الضابطة كما يصح بيع الدين على من هو عليه كذلك يصح بيع الخيار على من عليه الخيار نعم لا يصح بيع الخيار من جهة المالية لا يصدق عليه أنه مال.

إلى هنا أنتهينا من القسم الأول والثاني من الحقوق القسم الأول حق غير قابل للإسقاط والنقل القسم الثاني حق قابل للإسقاط غير قابل للنقل والثالث حق قابل للإسقاط والنقل مثل حق التحجير.

هنا لا يوجد اشكال في بيعها من جهة قبولها للنقل لكن يوجد اشكال في بيعها من جهة صدق المالية عليها فلا يصدق عليها أنها .

قال الشيخ الأنصاري القسم الثالث وأما الحقوق القابلة للإنتقال كحق التحجير ونحوه يعني قابلة للإنتقال والإسقاط فهي وإن قبلت النقل وقوبلت بالمال في الصلح يجوز المصالحة إزائها إلا أن في جواز وقوعها يعني الحقوق القابلة للإنتقال والإسقاط ـ عوضاً للبيع إشكالاً يوجد إشكال ما هو هذا الإشكال من أخذ المال من عوضي المبايعة يعني من جهة أخذ المال يعني من جهة اشتراط أخذ المال يعني كون الشيء مالاً لابد صدق عنوان المالية من أخذ المال يعني من جهة اشتراط كون الشيء مالاً في عوضي المبايعة ـ في عوضي يعني الثمن والمثمن ـ لغة وعرفاً ـ لغة كما مر في المصباح المنير مبادلة مال بمال وعرفاً في المحاورات العرفية هكذا ـ مع ظهور كلمات الفقهاء واضح كلامهم في اشتراط المالية في موردين:

المورد الأول عند التعرض لشروط العوضين الثمن والمثمن يشترطون المالية.

المورد الثاني ولما يصح يعني وعند تعرض الفقهاء لما يصح أن يكون أجرة في الاجارة يقولون يشترط أن يكون مالاً في حصر الثمن في المال هذه جملة معترضة تمت نقرأ العبارة من جديد مع حذف الجملة المعترضة مع ظهور كلمات الفقهاء في حصر الثمن في المال وأين كلمات الفقهاء؟ في موردين الأول في شروط العوضين الثاني فيما يصح أن يكون أجرة في الإجارة هذا تمام الكلام في مسألة بيع الحقوق التي فرعها الشيخ الأنصاري "رحمه الله" على اشتراط أن يكون الثمن مالاً.

إلى هنا الشيخ الأنصاري "رحمه الله" تطرق إلى معنى البيع في اللغة فقط مبادلة مال بمال ولم يتطرق إلى معنى البيع في الشرع والشريعة الغراء وفي الفقه ثم بعد ذلك يتطرق إلى تعريف البيع في الفقه وهذا ما سيأتي عليه الكلام، ثم الظاهر أن لفظ البيع يأتي عليه الكلام.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo