< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

41/01/27

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: الدرس الرابع: تعريف الشيخ الأنصاري للبيع

 

قال الشيخ الأنصاري "رحمه الله" نعم يبقى عليه أمور منها أنه موقوف على جواز الإيجاب بلفظة ملكت.

كان الكلام في تعريف البيع وبعد أن ذكر الشيخ الأنصاري "رحمه الله" تعريف البيع في اللغة من المصباح المنير للفيومي ثم بعد ذلك ذكر تعريف البيع على السنة الفقهاء أختار تعريفاً للبيع هذا التعريف هو أن البيع عبارة عن إنشاء تمليك عين بمال.

ثم قال "رحمه الله" إن الإشكالات التي توجهت إلى التعريفات السابقة كتعريف العلامة والمحقق الكركي لا ترد على التعريف المختار إنشاء تمليك عين بمال نعم هناك إشكالات خمسة ربما يدعى أنها ترد على هذا التعريف ثم يشرع في بيان الإشكالات الخمسة ويردها.

الإشكال الأول لو قلنا إن البيع عبارة عن تمليك عين بمال يرد الإشكال الأول وهو أن هذا التعريف وأن البيع بناء على هذا التعريف يتوقف على جواز الإيجاب بلفظ ملكت فبدلاً من قول البائع بعت يمكنه أن يقول ملكت وإذا التزمنا بأن لفظة ملكت لا ينعقد بها البيع لا يصح هذا التعريف لأنه من شروط التعريف كما في المنطق أن يكون المعرف مرادفاً للمعرف فإذا كانت لفظة التمليك مرادفة للفظة البيع أمكن أن نضع لفظة التمليك مكان لفظة البيع وحيث لم يصح البيع بلفظ ملكت من هذا يعلم أن لفظة ملكت ليست مرادفة للبيع فكيف تعرف البيع بأنه تمليك عين بمال.

الشيخ الأنصاري "رحمه الله" يجب ويقول الحق في المسألة أن التمليك مرادف للبيع وكما يصح البيع بلفظة بعت يصح البيع أيضاً بلفظة ملكت إذن الإشكال الأول ليس بوارد.

نعم يبقى عليه يعني تعريف البيع إنشاء تمليك عين بمال أنه التعريف المذكور للبيع موقوف على جواز الإيجاب بلفظ ملكت لأن ملكت مرادفة لبعت وإلا يعني وإن لم يصح الإيجاب بلفظ ملكت لم يكن مرادفاً له يعني لم يكن لفظ ملكت مرادفاً للفظ بعت ويرده ويرد هذا الإشكال أنه الحق يعني جواز البيع بلفظ ملكت كما سيجيء هذا البحث سيأتي في ألفاظ العقود، هذا تمام الكلام في بيان الإشكال الأول ورده.

الإشكال الثاني تعريف البيع تمليك عين بمال لا يشمل بيع الدين على من هو عليه فمثلاً لو أقرض زيد عمراً كيلو حنطة أعطاه إياه قرض فأصبح كيلو الحنطة في ذمة عمر ثم قال زيد لعمر أبيعك الحنطة الموجودة في ذمتك الكيلو بدرهم هذا يقولون بيع الدين على من هو عليه يعني بيع الدين كيلو الحنطة على من في ذمته ذلك الدين وهو عمر في المثال.

تعريف الشيخ الأنصاري للبيع لا يشمل بيع الدين على من هو عليه، ما هو تعريف البيع؟ تمليك عين بمال هنا زيد حينما باع كيلو الحنطة الذي في عهدة وذمة عمر هنا لم يبع عين وإنما باع دين تعريف البيع عبارة تمليك عين بمال في بيع الدين على من في ذمته لا يصدق تمليك العين الآن كيلو الحنطة ما موجودة من زمان أكله، ملكه الدين الذي في ذمته فهذا التعريف بيع الدين على من هو عليه لا ينطبق عليه تعريف البيع الذي أختاره الشيخ الأنصاري "رحمه الله" لأن الإنسان لا يملك مالاً على نفسه وفي ذمته.

الشيخ الأنصاري "رحمه الله" يجيب بجوابين:

الجواب الأول يقول قد تقدم أنه يصح أن يتملك الإنسان الشيء الذي في ذمته بل الإبراء يحصل، كيف يحصل إبراء الذمة؟ أولاً يملك الشيء ثم يحصل الإبراء ويخرج من ذمته فتعريف البيع تمليك عين بمال يصح لماذا؟ لأن عمر الذي استدان كيلو حنطة يكون قد ملك عين الحنطة فيصدق تمليك عين وهو عين كيلو الحنطة الذي استدانه بمال بالدرهم في مقابل كيلو الحنطة.

ومنها يعني من الاشكالات التي أوردت على التعريف هذا الإشكال الثاني أنه يعني تعريف البيع إنشاء تمليك عين بمال لا يشمل بيع الدين على من هو عليه يعني بيع الدائن دينه على المديون لأن الإنسان هذا تعليل لما ذكره من عدم شمول تعريف البيع لبيع الدين على من هو عليه لأن الإنسان لا يملك مالاً على نفسه يعني ما يملك المال الذي في ذمته وفي عهدته بالعكس هو مطالب بكيلو الحنطة في ذمته لزيد لا أنه ملك كيلو الحنطة الذي في ذمته لزيد وفي هذا الإشكال الثاني الجواب الأول مع ما عرفت إن عرفت في القسم الثاني من الحقوق لما تكلمنا وقسمنا الحقوق إلى ثلاثة أقسام حقوق تقبل الاسقاط حقوق لا تقبل الاسقاط مع ما عرفت يعني مع الذي عرفت في تقسيم الحقوق وستعرف سيأتي أيضاً هذا البحث وهو معقولية تملك الإنسان ما في ذمته وستعرف من تعقل تملك ما على نفسه يعني يعقل تملك ما في الذمة هذا معقول ورجوعه إلى سقوطه عنه يعني نتيجة تملك ما في ذمته أن يسقط ما في ذمته عنه نظير يعني هذا من مثيل تمليك ما هو مساو لما في ذمته وسقوطه بالتهاتر يعني التهاتر القهري مثل زيد أقرض عمراً حنطة ثم بعد ذلك أشترى زيد من عمر كيلو حنطة ما دفع المبلغ إذن زيد أقرض عمراً كيلو حنطة ثم بعد مدة زيد اشترى من عمر كيلو حنطة وكانت الحنطة مساوية للحنطة التي أقرضها في الصفة هذه الحنطة خالصة هذه الحنطة خالصة حتى لا يصير فيه اشكال الربا في هذه الحالة لو جاع عمر قال يا زيد اشتريت كيلو الحنطة أعطني الدرهم يقول هذه الحنطة التي اشتريتها منك مقابل الحنطة التي أدنتك إياها يصير سقوط قهري يسقط بالتهاتر تفرغ ذمة زيد من دفع الدرهم وتفرغ ذمة عمر من دين الحنطة الذي في ذمته، هنا يحصل سقوط بالتهاتر القهري لماذا حصل سقوط لأن عمر ملك ما في ذمته كان مالكاً للحنطة التي أقترضها هذا تمام الكلام في الجواب الأول على الاشكال الثاني.

الجواب الثاني أساساً لو لم يعقل التمليك لم يعقل البيع فلا بيع إلا في ملك إذا نرجع إلى أصل مسألة بيع الدين على من هو عليه أو من هو عليه يعني من في ذمته دين لو لم يملك ذلك الدين لما صح بيعه لأنه لا بيع إلا في ملك فإذن معنى البيع لغة وعرفاً عبارة عن المبادلة والنقل والتمليك وما يساويها من الألفاظ والمديون يملك ما استدانه يملك ما في ذمته وعهدته ولأنه يملك ما في ذمته وعهدته يصح له نقله أو مبادلته أو بيعه هذا الجواب الثاني للإشكال الثاني وهذا هو الجواب الأساس الأول ذكر استطراداً مع ما عرفت، الجواب الأول استطرادي الجواب الثاني هو الأساسي.

أنه أن الشأن لو لم يعقل التمليك لم يعقل البيع لأنه لا بيع إلا في ملك إذ ليس للبيع لغة وعرفاً معنى غير المبادلة والنقل والتمليك وما يساويها من الألفاظ ولذا الآن يأتي بشاهد على أن البيع والتمليك بمعنى واحد كلام فخر الدين الطريحي يقول ولذا قال فخر الدين أن معنى بعت في لغة العرب ملكت غيري فإذا لم يعقل ملكية ما في ذمته نفسه لم يعقل شيء مما يساوي يعني لم يعقل ملكية شيء مما يساوي ما في ذمته فلا يعقل البيع يعني فلا يعقل بيع الدين في الذمة هنا ليس المراد مطلق البيع فلا يعقل البيع العهدية يعني بيع ما في الذمة هذا تمام الكلام في الإشكال الثاني وجوابه.

الاشكال الثالث التعريف لا يشمل البيع بالمعاطاة البائع يعطي المثمن المشتري يعطي الثمن من دون تلفظ من دون إيجاب وقبول أغلب البيوع الآن معاطاتية التعريف يقول إنشاء تمليك عين بمال والحال إنه لا يوجد إنشاء تمليك في البيع المعاطاتي مع أن المشهور قد حكم بأن المعاطاة بيع بل ادعي الإجماع على أن المعاطاة ليست بيعاً إذن خلاصة الإشكال الثالث تعريف الشيخ الأنصاري "رحمه الله" البيع عبارة عن إنشاء تمليك عين بمال يشمل المعاطاة المعاطاة البائع يملك أعطيك الكتاب أعطني دينار بالمعاطاة بالمناولة يحصل التمليك الإنشاء لا يقتصر على خصوص لفظ الإيجاب والقبول فتعريف الشيخ البيع عبارة عن تمليك عين بمال يصدق على المعاطاة وإذا رجعنا إلى كلمات المشهور نجد أن المشهور يرى أن المعاطاة ليست بيعاً بل أدعي الإجماع على أن المعاطاة ليست بيعاً.

الجواب من قال أن المعاطاة ليست بيع؟ واضح أن المعاطاة بيع الكلام بيع صحيح أو بيع فاسد؟ ففي بحث البيع المعاطاتي يبحث أن هذا البيع صحيح أو فاسد ولا يبحث أنه أصلاً ليس ببيع.

ومنها أنه التعريف يشمل التمليك بالمعاطاة مع حكم المشهور يعني مع أنه قد حكم المشهور بل دعوى الإجماع على أنها المعاطاة ليست بيعاً وفيه ما سيجيء من كون المعاطاة بيعاً لأن مراد النافين من قولهم ليست بيع نفي صحته يعني هو بيع لكنه ليس ببيع صحيح هذا تمام الكلام في الإشكال الثالث وجوابه.

الإشكال الرابع هذا التعريف يصدق على الشراء كما يصدق على البيع يصدق أيضاً على الشراء فلا يكون التعريف مانعاً للأغيار يشترط في التعريف أن يكون جامعاً لكل أفراد البيع ومانعاً لكل الأفراد المغايرة للبيع، تعريف البيع تمليك عين بمال يصدق على المشتري أنه يملك عين بمال مثلاً لو اشتريت الكتاب بمسجلة المسجلة في مقابل الكتاب صدق تمليك عين المسجلة بمال وهو الكتاب في التعريف تمليك عين بمال يصدق على المشتري أيضاً.

الجواب تارة نتكلم على مستوى المدلول المطابقي وتارة نتكلم على مستوى المدلول التضمني والتعريف أول ما ينظر إلى المدلول المطابقي أو إلى المدلول التضمني التعريف يكون ناظراً إلى المدلول المطابقي لا المدلول التضمني فالتعريف ناظر إلى عملية البيع تمليك عين بمال تمليك الكتاب بالمسجلة هذا يصدق على البيع هذا المدلول المطابقي يتضمن شيئاً آخر بالنسبة إلى المشتري وهو أن المشتري يملك المسجلة في مقابل الكتاب.

الإشكال يقول التعريف تمليك عين بمال يصدق على الشراء كما يصدق على البيع، الجواب التعريف يصدق على البيع بالمدلول المطابقي ولا يصدق على الشراء بالمدلول المطابقي نعم يصدق على الشراء بالمدلول التضمني وهو خارج عن بحثنا.

ومنها الإشكال الرابع صدقه التعريف على الشراء تمليك عين بمال فإن المشتري بقبوله للبيع يملك ما له بعوض المبيع وفيه أن التمليك فيه يعني في الشراء ضمني يعني هناك مدلول مطابقي للشراء وهناك مدلول تضمني، ما هو المدلول المطابقي للشراء، التملك بعوض هذا المدلول المطابقي للشراء، تقول اشتريت بيتاً يعني تملكت البيت بعوض مبلغ كذا اشتريت كتاباً يعني تملكت الكتاب بعوض هذا المدلول المطابقي، المدلول المطابقي للشراء هو عبارة عن تملك المبيع بعوض هذا المدلول المطابقي تملك الكتاب بدينار يلزم منه مدلول تضمني، ما هو هذا المدلول التضمني؟ تمليك عين بمال.

وفيه أن التمليك فيه ضمني وإنما حقيقته يعني حقيقة الشراء التملك بعوض هذا هو المتعارف بين الناس ذهبت إلى السوق واشتريت كذا واشتريت كذا يعني تملكت هذه الاشياء بعوض في مقابلها ولذا يعني ولأجل ما ذكرنا من أن حقيقة الشراء التملك لا التمليك نعم حقيقة البيع التمليك أنا أبيع سيارتي يعني أملكك إياه أبيع بيتي يعني أملكك إياه لكن المشتري يتملك السيارة يتملك البيت.

وإنما حقيقته الشراء التملك بعوض ولذا لا يجوز الشراء بلفظ ملكت سواء تقدم على الإيجاب أو تأخر نعم يجوز البيع بلفظ تملكت لفظ ملكت يجوز البيع به ولكن لا يجوز الشراء بلفظ ملكت لأن ملكت مدلول تضمني المدلول المطابقي للشراء هو عبارة عن التملك وليس التمليك وبه الشيخ يشير إلى إشكال آخر مثلاً لو استأجرت داراً بطن من الحنطة لم تستأجر الدار بمائة دينار بطن من الحنطة، هذا موجود في الكثير المناطق التي فيها مزارعين هكذا عين بعين، هنا صار تمليك إلى منفعة الدار شهر مقابل طن من الحنطة هنا يصدق المستأجر صار تمليك عين بمال يعني ملك طناً من الحنطة بمال وهو منفعة الدار شهر، منفعة الدار شهر لها مالية.

وجه الإشكال هو قول الشيخ الأنصاري البيع عبارة عن تمليك عين بمال يشمل استئجار العين بالعين استئجار العين الذي هو منفعة الدار شهر بعين وهو طن من الحنطة يشمل لأن دافع الحنطة يقوم بتمليك طن الحنطة مقابل المال وهو منفعة شهر إذن تعريف البيع عبارة إنشاء تمليك عين طن حنطة بمال منفعة شهر هذا التعريف تعريف البيع يصدق على استئجار العين بالعين.

جوابه ليس الكلام في المدلول التضمني وإنما الكلام في المدلول المطابقي في الإجارة أول ما تنظر تنظر إلى المؤجر المؤجر يملك المنفعة الذي هي السكنى بمال وهو طن الحنطة هذا المدلول المطابقي المدلول التضمني التمليك المستأجر يملك طن الحنطة لصاحب الدار مقابل سكنى الدار لمدة شهر إذن من هذا الجواب التفرقة بين المدلول المطابقي والمدلول التضمني نرد إشكال آخر وهو دخول استئجار العين بالعين في تعريف الشيخ الأنصاري فاتضح أنه لا يدخل لأن استئجار العين بالعين هذا يدل بالتضمن لا المطابقة.

قال وبه يعني بما ذكرنا من عدم صدق التمليك على الشراء إلا ضمنياً يظهر إندفاع الإيراد بانتقاضه أي أنتقاض تعريف البيع بإنشاء تمليك عين بمال بما لو استأجر شخصاً عيناً بعين يظهر اندفاع الإيراد بانتقاض هذا التعريف ننقض عليه يعني أنه يدخل فرد أجنبي وهو مستأجر العين بالعين، مستأجر العين منفعة سكنى الدار بعين طن من الحنطة أو الشعير حيث الاستئجار يتضمن تمليك العين بمال أي المنفعة، المراد بالمال المنفعة تمليك العين طن من الحنطة بمال منفعة الدار، هذا تمام الكلام في الإشكال الرابع وجوابه، الإشكال الخامس بما أنه طويل فيه الصلح ومنها انتقاذ طرده بالصلح على العين بمال وبالهبة المعوضة يأتي عليها الكلام.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo