< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

41/01/28

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: الإيراد الخامس على تعريف البيع

 

قال الشيخ الأنصاري "رحمه الله" ومنها انتقاد طرده بالصلح على العين بمال وبالهبة المعوضة.

كان الكلام في الإشكالات التي يمكن أن ترد على تاريخ الشيخ الأنصاري "رحمه الله" للبيع فقد عرّف البيع بأنه إنشاء تمليك العين بمال ثم ذكر أن هناك مجموعة من الإشكالات ترد على هذا التعريف تطرقنا إلى أربعة إشكالات وردها اليوم إن شاء الله نتطرق إلى الإشكال الخامس.

كما تعلمون يشترط في التعريف أن يكون مضطرداً منعكساً أي أن التعريف لابد أن يكون منعكساً على جميع الأفراد وطارداً لجميع الأغيار فبعبارة أخرى لابد أن يكون التعريف جامعاً مانعاً، جامعاً يعني يجمع جميع الأفراد ينعكس على جميع الأفراد، مانعاً يعني مانعاً لجميع الأغيار يعني مانعاً للأفراد الذي لا تدخل ضمن ذلك التعريف.

التعريف الذي ذكره الشيخ الأنصاري "رحمه الله" وفقاً لهذا الإشكال الخامس لا يكون طارداً ومانعاً لأمرين:

الأمر الأول الصلح على العين بمال.

الأمر الثاني الهبة المعوضة.

أما الهبة المعوضة فمثالها لو وهب زيد عمراً داراً بشرط أن يهبه داراً أخرى فهذه هبة معوضة أو وهبه داراً على أن يهبه سيارة فهنا يصدق إنشاء تمليك عين هو أنشأ تمليك الدار بمال وهو الدار الأخرى أو السيارة فتدخل الهبة المعوضة ضمن تعريف الشيخ الأنصاري "رحمه الله" للبيع.

وهكذا الصلح على العين بمال كما لو قال مالك الدار صالحتك داري على أن تعطيني مئة دينار فهنا يصدق إنشاء تمليك عين وهي الدار بمال وهي المائة دينار فهنا يصدق عنوان الصلح لا البيع لأن البيع ينتفي في حالة الغرر البيت ما يعادل المائة دينار فيلتزم بفساد البيع لوقوع الغرض بخلاف الصلح فإنه يصح ذلك ففي هذا المثال وغيره كما لو قال صالحتك داري أو سيارتي بألف تومان فهنا يصح الصلح ولكن البيع يكون مشكلاً لوقوع الغرر في المعاملة، إذن الإشكال الخامس طبعاً الشيخ الأنصاري ذكر ستة إشكالات أخذنا الإشكالات الأربعة الأول في الدرس السابق اليوم إن شاء الله نأخذ الشق الأول من الإشكال الخامس، الإشكال الخامس إنتقاض طرد التعريف بأمرين:

الأمر الأول الصلح على العين بمال.

الأمر الثاني الهبة المعوضة.

الشيخ الأنصاري "رحمه الله" يجيب يقول فرق كبير بين حقيقة البيع وبين حقيقة الصلح، حقيقة البيع التمليك وحقيقة الصلح التسالم، صالح فلان فلاناً يعني تسالم معه يعني يريد أن يمشي الموضوع باصطلاحنا يريد ييسر الأمور هذه المصالحة فحقيقة الصلح هي التسالم إذن يوجد مدلول مطابقي ويوجد مدلول تضمني، يوجد تعاكس بين المدلول التضمني والمطابقي للبيع والتسالم.

بالنسبة إلى البيع المدلول المطابقي هو التمليك ولكن لا يحصل التمليك من دون رضا ومن دون تسالم الطرفين فالمدلول المطابقي للبيع هو التمليك والمدلول التضمني للبيع التسالم والتراضي والعكس بالعكس المدلول المطابقي للصلح هو التسالم ولكن التسالم يتضمن التمليك حينما يصالحه داره بمائة دينار أو مائة تومان يعني تراضا معه تسالم معه على هذه المعاملة ولكن هذا التسالم والتراضي يتضمن التمليك أنه ملكه الدار وهذا ملكه المائة تومان أو المائة دينار إذن يقول الشيخ الأنصاري حينما عرفنا البيع بأنه إنشاء تمليك عين بمال كنا ناضرين إلى المدلول المطابقي لا إلى غيره من المدلولات كالمدلول التضمني.

ومنها يعني ومن الإشكالات على تعريف البيع وهذا هو الإشكال الخامس، إنتقاض طرده يعني تعريف المصنف لا يطرد الأغيار لا يكون مانعاً للأفراد المغايرة للبيع، الأمر الأول بالصلح على العين بمال كما لو صالحه الدار على مائة تومان أو مائة دينار.

المورد الثاني وبالهبة المعوضة كما لو وهبه السيارة على أن يهبه الموتور سيكل، وفيه أجاب الشيخ الأنصاري على هذا الإشكال، إن حقيقة الصلح يعني المطابقية ولو تعلق بالعين ليس هو التمليك على وجه المقابلة والمعاوضة يعني ليست حقيقة الصلح المطابقية ليس مدلولها المطابقي هو التمليك الذي هو المدلول المطابقي للبيع بحيث تكون هناك مقابلة بين الثمن والمثمن معاوضة بين الثمن والمثمن بل معناه الأصلي معنى الصلح الأصلي هو التسالم يعني المدلول المطابقي هو التسالم ثم يأتي بشاهد يقول البيع يتعدى بنفسه، بعتك الدار بمليون فلفظ البيع ولفظ التمليك ملكتك الدار بمليون يتعدى بنفسه بخلاف المصالحة فإن لفظ المصالحة يتعدى بعن وعلى لا إنما يتعدى بعنون على تقول صالحتك عن الدار بمائة دينار أو صالحتك على الدار أو صالحتك على أن تسلمني مائة دينار مقابل الدار فلفظ الصلح لا يتعدى بنفسه يتعدى بعلى وعن بل معناه الأصلي هو التسالم ولذا الشاهد على التسالم أنه لا يتعدى بنفسه ولذا لا يتعدى الصلح بنفسه إلى المال وإنما يتعدى بواسطة عن وعلى نعم هو متضمن للتمليك، نعم يعني الصلح متضمن للتمليك يعني يريد أن يقول المدلول المطابقي للصلح هو التسالم والتراضي والمدلول التضمني هو التمليك لكن متى يكون التمليك، ليس دائماً المدلول التضمني التمليك سوف نذكر لك مدلولات تضمنية ستة الصلح يختلف باختلاف المورد متى يكون المدلول التضمني التمليك؟ قال إذا تعلق بعين أحياناً الصلح يتعلق بمنفعة أحياناً يتعلق بالإندفاع أحياناً أحياناً سنأتي على هذه الموارد إذن الشيخ الأنصاري يشير إلى هذه الحقيقة الصلح مدلوله المطابقي التسالم أو التراضي مدلولها التضمني يختلف باختلاف الموارد يذكر خمسة أو ستة موارد:

المورد الأول المدلول التضمني التمليك إذا تعلق الصلح بعين هذا الذي ذكرنا المثال صالحتك عن الدار على أن تعطيني الف تومان هذه مصالحة على العين فيه تمليك للعين وهي الدار نعم هو متضمن للتمليك إذا تعلق الصلح بعين لا أنه نفسه يعني لا أن الصلح نفس التمليك يعني التمليك ليس مدلولاً مطابقياً بل مدلول تضمني والذي يدلك على هذا يعني على تغاير البيع والصلح مفهوماً يعني حقيقة البيع التمليك وهي تغاير حقيقة الصلح الذي هو التسالم يعني مفهوم البيع يختلف عن مفهوم الصلح فالمدلول المطابقي لكل منهما ومفهوم كل منهما مغاير للآخر والذي يدلك على هذا يعني أن الصلح حقيقته التسالم والبيع حقيقته التمليك، الآن يذكر المدلولات التضمنية للصلح باختلاف الموارد.

المورد الأول أن الصلح قد يتعلق بالمال عيناً هنا يتحد الصلح مع البيع لأن المدلول التضمني هو التمليك أن الصلح قد يتعلق بالمال عيناً صالحتك عن سيارتي بدينار هنا يوجد تمليك هنا يتحد مع البيع.

المورد الثاني أو منفعة كما لو قال صالحتك على أن تكون سكنى الدار لك بدينار هنا ملكه منفعة الدار هنا يتحد الصلح مع الإجارة إذن في البيع تمليك العين في الإجارة تمليك المنفعة يقول فيفيد التمليك يعني تمليك العين في المورد الأول فيتحد مع البيع وتمليك المنفعة في المورد الثاني فيتحد مع الإجارة.

المورد الثالث وقد يتعلق الصلح بالإنتفاع فيفيد فائدة العارية وهو مجرد التسليط مثل لو قال صالحتك على انتفاعك بالدار بدينار، صالحتك على انتفاعك بهذا الكتاب بدينار، سؤال ما الفرق بين تمليك المنفعة وبين الإنتفاع ما الفرق بين مصالحة على تمليك المنفعة وبين المصالحة على الانتفاع؟

الجواب لو صالحه على المنفعة كما لو قال له صالحتك على سكنى الدار بمائة دينار فتصير النتيجة الإجارة لو غصب غاصب هذه الدار الغاصب يضمن السكنى لمن للمالك أو للمصالح عليه؟ الجواب الغاصب يضمن السكنى لمن وقع عليه الصلح لأن المصالح ملك منفعة سكنى الدار بخلاف المورد الثاني لو قال صالحتك على انتفاعك بهذه الدار بدينار أو بمائة دينار فهذا يعني إن المالك أيضاً يمكنه أن ينتفع بسكنى الدار كما أن المصالح يمكنه أن ينتفع المالك يمكنه لو قال له صالحتك على انتفاعك بالكتاب بدرهم يعني كما أن المصالح يمكنه أن ينتفع بالكتاب كذلك المالك يمكنه أن ينتفع بالكتاب فلو غصب غاصب هذه الدار المصالح عليها فإن الغاصب يضمن السكنى والمنفعة للمالك لا للمصالح لأن المصالح لم يملك منفعة سكنى الدار وإنما أبيح له أن ينتفع بهذه الدار.

النتيجة أن المالك سلط المصالح على الانتفاع بالدار أو الكتاب لا أنه ملكه منفعة الدار أو الكتاب فهذه نتيجة العارية أنا أعيرك الكتاب تستفيد منه أعيرك الدار تسكن فيها إذن إلى هنا أخذنا النتيجة البيع الثاني الإجارة الثالث العارية.

قال وقد يتعلق الصلح بالانتفاع فيفيد فائدة العارية وهو مجرد التسليط.

الرابع وقد يتعلق الصلح بالحقوق فيفيد الإسقاط أو الانتقال إذن مورد الرابع إذا تعلق الصلح بالحقوق غير القابلة للبيع كما لو قال صالحتك عن حقي بمائة دينار فيفيد اسقاط هذا الحق كاسقاط حق الخيار له خيار الحيوان مثلاً ثلاثة أيام صالحتك عن حقي بكذا فهنا يفيد اسقاط حق الخيار أو اسقاط خيار الغبن صالحتك عن حقي في خيار الغبن بالف دينار صفقة كبيرة قبلت فهنا حقيقة الصلح التسالم والتراضي هذا المدلول المطابقي المدلول التضمني الإسقاط إذن المورد الرابع يتحد مع الإسقاط.

المورد الخامس نستطيع أن نضعهم كلاهما في مورد واحد الحقوق القابلة للانتقال كحق التحجير على قول هذا جاء وحجر المكان وضع أحجار على هذه الأرض فملكها صار له حق التحجير قال له صالحتك عن حقي في التحجير بخمسة آلاف دينار ذلك يقول هذا لا يدري مسكين هذه الأرض قيمتها 50 ألف دينار أن أعطيه خمسة آلاف دينار ونتراضى معه ونتسالم معه هنا المدلول المطابقي للصلح التسالم والتراضي والمدلول التضمني هو نقل حق التحجير.

المورد السادس وقد يتعلق يعني الصلح بتقرير بين المتصالحين يعني بامضاء ما اتفق عليه المتصالحان مثلاً هكذا يقال في الشركة اثنين شركاء أو أكثر الربح على الجميع والخسارة تدخل على الجميع إذا ربحوا كلهم يربحون إذا خسروا تدخل الخسارة على الجميع كل بنسبته هذا ما هو موجود في الشركة لو تبانوا قال أحد الشريكين صالحتك على أن يكون الربح لك والخسارة عليك وليس علي الخسارة تدخل عليك أنت لا تدخل علي فهذا صلح على الإمضاء والتقرير يعني إمضاء ما تبانا عليه المتصالحان، تثبيت ما تم التصالح عليه.

وقد يتعلق يعني الصلح بتقرير أي إمضاء وتثبيت بين المتصالحين يعني على ما تبانيا عليه كما في قول أحد الشريكين لصاحبه صالحتك على أن يكون الربح لك والخسران عليك فيفيد مجرد التقرير يعني فيفيد الصلح تثبيت وإمضاء ما اتفق عليه المتصالحان فلو كانت حقيقة الصلح هي هذه الأمور الخمسة أو هذه الأمور الستة، ستة إذا الحقوق القابلة للإسقاط والقابلة للنقل جعلناها اثنين خمسة إذا الحقوق القابلة للإسقاط أو النقل جعلناها واحد صارت خمسة إذا هذه المفادات الخمسة جعلناها هي المدلول المطابقي للصلح لزم أن يكون الصلح مشتركاً لفظياً وهذا ليس بصحيح الصلح له مفاد واحد مفاد مطابقي واحد التسالم والتراضي ولكن بلحاظ المتعلق هذا الصلح تعلق بتمليك العين فهو بيع تمليك المنفعة فهو إجارة التسليط على الانتفاع فهو عارية تعلق بالحق القابل للاسقاط أو الانتقال هذا اسقاط أو انتقال وهكذا.

قال فلو كانت حقيقة الصلح هي عين كل من هذه المفادات الخمسة يعني البيع والإجارة والعارية والإسقاط والانتقال والتقرير خمسة لزم كونه الصلح مشتركاً لفظياً وهو واضح البطلان، الصلح ليس مشتركاً لفظياً معناه واضح وواحد فلم يبقى يعني لما بطل مفهوم كل واحد من هذه المفادات الخمسة وكونه مرادف للفظ الصلح فلم يبقى إلا أن يكون مفهومه معنى آخر وهو التسالم فيفيد يعني يفيد الصلح في كل من المواضع الخمسة موضع فائدة من الفوائد المذكورة بحسب ما يقتضيه متعلقه ـ متعلق الصلح ـ يقول فالصلح على العين بعوض تسالم عليه وهو يتضمن التمليك وهذا ما أخذناه في تمليك أنه يكون مفاده البيع لا أن مفهوم الصلح في خصوص هذا المقام وحقيقته هو إنشاء التمليك ثم في نهاية هذه النقطة يشير إلى منبه على الفرق بين الصلح وبين التمليك يقول في مواجهة الخصم بالنسبة إلى البيع والمعاملات التمليكية إذا طلب من الخصم مالاً وأقر ذلك الخصم بالمال فهذا يعني أنه يستحقه وأنه يملك هذا المال ضمن المعاملة يقول له تعال بقى ألف دينار ونحن متفقين يعني يستحق الألف دينار في البيع ولكن في التصالح قال له أعطني ألف دينار قال له نحن اتفقنا على مائة دينار قال لا إشكال أنت كريم وأنا أستاهل أعطني بعد ألف دينار هنا إذا أعطاه الف دينار هل معناه أنه يستحق ألف دينار؟ لا هو يريد أن يرضيه ويتسالم معه وينهي الموضوع.

يقول ومن هنا أي من أجل الفرق بين الصلح والتمليك وعدم كون مفهوم الصلح إذا تعلق بعين أنه يفيد التمليك وإنما يفيد التسالم لم يكن طلبه من الخصم إقراراً له بخلاف طلب التمليك فإن طلب التمليك من الخصم إقرار باستحقاقه لذلك المال إذن بما أن البيع حقيقته التمليك فإذا طلب أحد المتبايعين من الآخر الذي يشكل خصمه شيئاً فهذا يفيد الاستحقاق لأن حقيقة البيع التمليك بخلاف الصلح فلو طلب أحد المتصالحين من خصمه شيئاً وأقره على ذلك قال أعطيك فهذا لا يعني الاستحقاق ولا يستفاد التمليك وإنما يستفاد التسالم هذا تمام الكلام في رد الشق الأول من الإشكال الخامس وهو الإشكال بعدم اضطراد التعريف ودخول الصلح ورده الشيخ الأنصاري بأن الصلح لا يدخل لأن المراد من قولنا البيع هو عبارة عن إنشاء تمليك عين بمال هو خصوص المدلول المطابقي دون المدلول التضمني والصلح حقيقته المطابقية ليست تمليك العين وإنما حقيقته المطابقية التسالم والتراضي نعم بحسب المتعلق يختلف المدلول التضمني فلو تعلق الصلح بعين كان المدلول التضمني للصلح هو عبارة عن التمليك فيتحد في النتيجة مع البيع يبقى الشق الثاني وهو الهبة، وأما الهبة الموعظة يأتي عليها الكلام.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo