< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

41/03/07

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع: الدرس الثانی عشر حكم المعاطاة

 

قال الشيخ الأنصاري "رحمه الله" ثم إن المعروف بين علمائنا في حكمها أنها مفيدة لإباحة التصرف.

خلاصة الدرس

شرعنا بحمد الله "عز وجل" في المعاطات قلنا يقع الكلام في أربعة أمور:

الأمر الأول حقيقة المعاطات

الأمر الثاني صور المعاطات وقد تم الحديث حولهما في الدرس السابق.

النقطة الثالثة الأقوال في المعاطات وهو ما سندرسه اليوم إن شاء الله وتبقى

النقطة الرابعة والأخيرة حكم المعاطات

فبالإطلاع على أقوال الفقهاء في النقطة الثالثة يتضح الكلام في النقطة الرابعة وهو حكم المعاطات.

يتطرق الشيخ الأنصاري "رحمه الله" إلى ثلاثة أقوال في حكم المعاطات:

القول الأول إن المعاطات تفيد إباحة التصرف لكن الملك اللازم يحصل بتلف احد العوضين إحدى العينين فالملك لا يحصل بمجرد المعاطات إعطاء الثمن وإعطاء المثمن نعم لو تلفت العينان كما لو تلف الثمن والمثمن معاً أو تلف احدهما فإن الملك يصبح لازماً.

القول الثاني المعاطات تفيد الملك اللازم ولا تفيد الإباحة.

القول الثالث المعاطات باطلة عاطلة فاسدة لا تفيد الإباحة كما في القول الأول ولا تفيد الملك اللازم كما في القول الثاني، هذا تمام الكلام في بيان الأقوال الثلاثة في المسألة.

ثم يتطرق الشيخ الأعظم الأنصاري "رحمه الله" إلى تحرير محل النزاع في المعاطات الفقهاء الذين اختلفوا في حكم المعاطات إلى ثلاثة أقوال ماذا يقصدون بالمعاطات هل جميع الأقوال الثلاثة ناظرة إلى المعاطات بمعنى الإباحة أو جميع هذه الأقوال في المسألة ناظرة إلى المعاطات بمعنى الملك فقد تقدم في النقطة الثانية أن هناك أربع صور للمعاطات الثالثة والرابعة لصاحب الجواهر وقد ناقش فيهما الشيخ الأعظم الأنصاري وتم عنده المعنى الأول والمعنى الثاني، المعنى الأول إباحة التصرف المعنى الثاني التمليك أو الملك اللازم فهل هذه الأقوال الثلاثة التي تطرقنا إليها في النقطة الثالثة ناظرة إلى الصورة الأولى إباحة التصرف أو ناظرة إلى الصورة الثانية وهي التمليك قولان في المسألة أيضاً.

ذهب المحقق الكركي "رضوان الله عليه" إلى أن الفقهاء في كلماتهم حول المعاطات كانوا ناظرين إلى التمليك ومن ذكر الإباحة فإنما يقصد التمليك المتزلزل الملك المتزلزل لا الملك اللازم ومن قال إنها تفيد الإباحة وبتلف أحد العينين تصبح لازمة كان ناظراً إلى أن الإباحة يقصد بها الملك المتزلز وبتلف أحد العوضين إن الثمن أو المثمن يصبح الملك لازماً

إذن المحقق الثاني الشيخ علي بن عبد العال الكركي في شرحه على قواعد العلامة وهو كتاب جامع المقاصد تطرق في بحث طويل إلى أن المراد الفقهاء من الإباحة ليس الإباحة الصرفة إباحة التصرف وإنما المراد الملك المتزلزل الذي يلزم بتلف إحدى العينين وخالفه في ذلك صاحب الجواهر الشيخ محمد حسن النجفي "رضوان الله عليه" قال الكلمات إذا تتبعناها من الواضح أنها ناظرة إلى التمليك لا الإباحة إذن قولنا على طرفي نقيض في تحرير محل النزاع المحقق الكركي يحمل كلمات الفقهاء على الإباحة صاحب الجواهر يحمل كلمات الفقهاء على التمليك شيخنا الأنصاري يقول لا هذا ولا ذاك كلام المحقق الكركي بعيد وكلام صاحب الجواهر أكثر بعداً وهذه نكتة مهمة لا بأس بملاحظتها.

 

تطبيق المتن

قال الشيخ الأنصاري "رحمه الله" ثم إن المعروف بين علمائنا في حكمها حكم المعاطات القول الأول أنها مفيدة لإباحة التصرف ويحصل الملك المراد الملك اللازم بتلف إحدى العينين تلف أحد العوضين إما الثمن وإما المثمن هذا القول معروف عن الحلبي والشيخ الطوسي والسيد ابن زهرة وابن أدريس والعلامة الحلي في التذكرة. طبعاً المحقق الكركي يرجح القول الأول الإباحة.

القول الثاني وعن المفيد وبعض العامة القول بكونها يعني المعاطات لازمة كالبيع يعني تفيد الملك اللازم كما يفيد البيع الملك اللازم هنا في حاشية تحقيق مجمع الفكر الإسلامي نسب إلى المفيد والحال لا يوجد عندنا نص للمفيد ينص فيه على أن المعاطات تفيد الملك اللازم.

نقله عن المفيد المحقق الثاني الشيخ علي بن عبد العال الكركي في حاشية الإرشاد العلامة الحلي عنده كتاب ارشاد الأذهان والمحقق له حاشية عليه، جاء في حاشية إرشاد الأذهان هكذا يقول المحقق الكركي خلافاً للمفيد "رحمه الله" فإنه جعلها كالعقد، جعلها كالعقد يعني تفيد الملك العقد يفيد الملك وأيضاً نسبه المحقق الكركي في جامع المقاصد إلى ظاهر عبارة المفيد وهكذا المقدس الأردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان وصاحب الجواهر أيضاً قال اشتهر نقل هذا عن المفيد لكن بعد اسطر يقول صاحب الجواهر جزء 22 صفحة 210 وليس فيما وصل إلينا من كلام المفيد تصريح بما نسب إليه.

بالنسبة إلى العامة حكا صاحب الجواهر جزء 22 صفحة 110 عن أحد بن حنبل ومالك بن أنس يمكن مراجعة المغني لابن قدامة والمجموع كتابان مهمان في فقه العامة.

القول الثالث وعن العلامة "رحمه الله" في النهاية ـ نهاية الأحكام ـ احتمال كونها ـ المعاطات ـ بيعاً فاسداً في عدم إفادتها ـ عدم إفادة المعاطات لإباحة التصرف[1] يعني فضلاً عن إفادة التمليك، المعاطات لا تفيد الإباحة فضلاً عن التمليك فهي بيع فاسد ـ هذا تمام الكلام في بيان الأقوال.

ثم يقع الكلام في تحرير محل النزاع الفقهاء حينما تحدثوا عن المعاطات هل كانوا ناظرين إلى المعاطات بمعنى إباحة التصرف وهذا ما ذهب إليه صاحب الجواهر أم أنهم كانوا ناظرين إلى الملك كما ذهب إليه المحقق الكركي؟

قال ولابد أولاً يعني قبل محاكمة أقوال الفقهاء من ملاحظة أن النزاع في المعاطات المقصود بها الإباحة يعني هل المعاطات المقصود بها الإباحة أو في المقصود بها التمليك يعني أو في المعاطات المقصود بها التمليك،

الظاهر من الخاصة والعامة هو المعنى الثاني يعني المعاطات بمعنى التمليك إذن النزاع في المعاطات أنها تفيد التمليك اللازم أو تفيد التمليك الجائز أنها غير جائزة المعاطات بمعنى التمليك عند الخاصة والعامة يعني عند السنة والشيعة.

وحيث إن الحكم بالإباحة بدون الملك قبل التلف وحصوله يعني حصول الملك بعده بعد التلف لا يجامع ظاهراً قصد التمليك الآن هذه دفع دخل مقدر، دفع الدخل المقدر مفاده هكذا إن قلت إن المعاطات بمعنى التمليك كيف نوجه لفظ الإباحة الوارد في كلمات الفقهاء، جاء المحقق الكركي المحقق الثاني المحقق الأول الحلي صاحب الشرائع جاء بتوجيه يقول ليس مرادهم من لفظ الإباحة مطلق الإباحة وإباحة التصرف مرادهم من الإباحة هو الملك المتزلزل وإلا إذا كان مرادهم من الإباحة إباحة التصرف للزم محذور ما وقع لم يقصد وما قصد لم يقع لأنهم إذا في البداية قصدوا الإباحة وبعدين تلفت إحدى العينين صار ملك لازم فما قصد لم يقع ما الذي قصد؟ الإباحة، لم يقع الذي وقع هو الملك وما وقع لم يقصد ما وقع الملك اللازم لم يقصد إذ قصدوا الإباحة لفراراً من محذور ما قصد لم يقع وما وقع لم يقصد برر المحقق الكركي قال مرادهم من الإباحة الملك المتزلزل وبعد تلف إحدى العينين صار الملك لازماً فهنا ما قصد قد وقع، ما قصد وهو الملك قد وقع، غاية ما في الأمر المعاطات قبل تلف احد العينين كانت جائزة وبعد تلف إحدى العينين صارت لازمة.

وحيث إن الحكم بالإباحة بدون الملك قبل التلف يعني لو حكموا أنه مباح أن المعاطات تفيد الإباحة ولا تفيد التمليك وحصوله بعده يعني وحصول الملك بعد التلف لا يجامع ظاهراً يعني لا يجتمع بحسب ظاهره مع قصد التمليك من المتعاطيين يعني في بدء المعاملة لم يقصد المتعاملان التمليك وإنما قصدا الإباحة فبناء على هذا يصير محذور ما قصد الإباحة لم يقع إذ وقع التمليك وما وقع التمليك لم يقصد إذ قصد الإباحة.

نزل المحقق الكركي الإباحة في كلامهم ـ كلام الفقهاء ـ نزلها على الملك الجائز المتزلزل، ملك جائز وليس لازماً ملك متزلزل فإذن من البداية ما قصد قد وقع قصد الملك لكن كان متزلزلاً.

وأنه يعني العقد المعاطات يلزم بذهاب إحدى العينين الثمن أو المثمن وحقق ذلك، ذلك يعني إن مراد الفقهاء من الإباحة هو الملك المتزلزل الجائز، في شرحه على القواعد أو جامع المقاصد، العلامة الحلي له كتب كثيرة أشهر كتبه قواعد الأحكام، قواعد الأحكام عليها شروح مهمة جداً واحدة من هذه الشروح جامع المقاصد حتى قال بعض الفقهاء لا يستغني فقيه عن الإفتاء من دون نظر إلى جامع المقاصد واحدة من هذه الشروح مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة للسيد محمد جواد العاملي هذا يفيد في معرفة الأقوال، أكثر كتابين مهمين في استقصاء اقوال الفقهاء كتاب جواهر الكلام المحقق النجفي وكتاب مفتاح الكرامة من هذه الشروح المهمة كتاب الشيخ جعفر كاشف الغطاء شرح القواعد وهناك شروح على قواعد الأحكام للعلامة.

وحقق ذلك في شرحه على القواعد وتعليقه على الإرشاد بما لا مزيد عليه[2] ، تبع الأقوال وحقق المسألة، إذن القول الأول المحقق الكركي حمل المعاطات على الملك لا الإباحة في مقابله صاحب الجواهر حمل المعاطات على الإباحة لا الملك لكن بعض المعاصرين وهو صاحب الجواهر.

طبعأً الشيخ الأنصاري حظر عند صاحب الجواهر تبركاً إذا يعبر عن شيخ جعفر كاشف الغطاء يقول بعض الأساطير لكن عن صاحب الجواهر يقول بعض المعاصرين.

لكن بعض المعاصرين لما استبعد هذا الوجه ـ أن المراد بالمعاطات هو التمليك ـ التجأ إلى جعل محل النزاع هي المعاطات المقصود بها مجرد الإباحة ورجح يعني صاحب الجواهر بقاء الإباحة في كلامهم كلام الفقهاء على ظاهرها ـ على ظاهر الإباحة المقابل للملك وليس الإباحة بمعنى التمليك المتزلزل والجائز ـ ونزل مورد حكم قدماء الأصحاب بالإباحة على هذا الوجه يعني من البداية المتعاطيان قصدوا الإباحة المقابلة للملك قائلاً إن القول بالإباحة الخالية عن الملك يعني إن القول بتحقق الإباحة الخالية عن شائبة الملك يعني إباحة خالصة ليس فيها شائبة التمليك حتى تقول إباحة لكن واقعها ملك جائز ومتزلزل كلا إباحة خالصة ليس فيها شائبة الملك.

قائلاً إن القول بالإباحة الخالية عن الملك مع قصد الملك يعني مع قصد المتعاطين التمليك هذا يصير بعد ما قصد لم يقع هم قصدوا التمليك لكن وقعت الإباحة الخالية، مما لا ينسب إلى أصاغر الطلبة فضلاً عن أعاظم الأصحاب وكبرائهم.[3]

شيخنا الأنصاري قال لا هذا ولا ذاك ثم نتتبع كلمات الفقهاء، قال والإنصاف ـ المناقشة في توجيه المحقق الثاني ـ والإنصاف أن ما ارتكبه المحقق الثاني في توجيه الإباحة بالملك المتزلزل بعيد في الغاية عن مساق كلمات الأصحاب مثل الشيخ في المبسوط هؤلاء جميعهم نقرأ كلماتهم، تجد أن كلام الشيخ واضح في الإباحة في مقابل الملك والشيخ في الخلاف[4] والحلي في السرائر[5] وأبن زهرة في الغنية[6] والحلبي في الكافي[7] والعلامة في التذكرة[8] وغيرها مثل المختلف والإرشاد والقواعد بل كلمات بعضهم صريحة في عدم الملك كما ستعرف.

إلى هنا الشيخ الأنصاري رد على المحقق الكركي ثم يأتي الرد على صاحب الجواهر يقول ما ذهب إليه في غاية البعد المحقق الكركي والأبعد منه ما ذهب إليه صاحب الجواهر قال إلا أن هذا رد على صاحب الجواهر ـ إلا أن جعل محل النزاع ـ ما إذا قصد الإباحة دون التمليك يعني الإباحة في مقابل التمليك أبعد منه ـ ما إذا قصد الإباحة دون التمليك هذا ما ذهب إليه صاحب الجواهر أبعد منه أبعد مما ذهب إليه المحقق الثاني بل لا يكاد يوجد في كلام أحد منهم ـ من الفقهاء ـ ما يقبل الحمل على هذا المعنى الإباحة في مقابل التمليك ولننقل أولاً كلمات جماعة ممن ظفرنا على كلماتهم ليظهر منه بعد تنزيل الإباحة على الملك المتزلزل كما صنعه المحقق الكركي هذا البعد، وأبعدية جعل محل الكلام في كلمات قدماءنا الأعلام ما لو قصد المتعاطيان مجرد إباحة التصرفات دون التمليك كما ذكره صاحب الجواهر، فنقول وبالله التوفيق قال في الخلاف يأتي عليه الكلام.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo