< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

41/03/20

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: الدرس الثامن عشر : الأقوال في المعاطاة

 

قال الشيخ الأنصاري "رحمه الله" إذا عرفت ما ذكرناه فالأقوال في المعاطاة على ما يساعده ظواهر كلماتهم ستة.

 

خلاصة الدرس

انتهينا بحمد لله "عز وجل" من ذكر كلمات المحقق الكركي وكلمات صاحب الجواهر وكلمات الفقهاء من الشيخ الطوسي رضوان الله عليه ومن جاء بعده من الفقهاء الأعلام إذا تدبرنا في كلمات هؤلاء بحسب ظاهرها نجد أن الأقوال ستة وهي واضحة جلية نقرأها في المتن الذي ذكره الشيخ الأنصاري "رحمه الله".

 

تطبيق المتن

قال إذا عرفت ما ذكرنا فالأقوال في المعاطاة على ما يساعده ظواهر كلماتهم ستة:

القول الأول اللزوم مطلقاً والإطلاق في مقابل التفصيلات التي ستأتي مثل القول الثاني الذي يرى اللزوم لكن بشرط أن يكون ما يدل على الرضا والتراضي لفظ فيكون القول الأول اللزوم مطلقاً يعني من دون اشتراط لفظ يدل على التراضي أو يدل على المعاملة.

القول الأول اللزوم مطلقاً في مقابل التفاصيل التي ستأتي، كما عن ظاهر المفيد لماذا قال ظاهر المفيد؟ لأنه لا يوجد تصريح وإنما يوجد استظهار هذا الاستظهار يمكن أن يستخرج من كلمات العلامة الحلي "رحمه الله" لذلك يقول ويكفي في وجود القائل به ـ بهذا القول اللزوم مطلقاً ـ قول العلامة "رحمه الله" في التذكرة الأشهر عندنا أنه لابد من الصيغة[1] ، قال الأشهر يعني في مقابل الأشهر المشهور، الأشهر عندنا أنه لابد من الصيغة يعني هناك قول يقول لا تشترط الصيغة فإذن يكفي هذا القول للدلالة على القول الأول اللزوم مطلقاً يعني من دون اشتراط الصيغة بخلاف القول الثاني الذي يرى اللزوم مع اشتراط وجود لفظ يدل على التراضي.

القول الثاني واللزوم بشرط كون الدال على التراضي أو المعاملة لفظاً،

ما الفرق بين التراضي والمعاملة؟

التراضي أمر باطني داخلي والمعاملة أمر خارجي فعل خارجي فالمعاملة كاشف والتراضي مكشوف، المعاملة دال والتراضي مدلول هذا اللفظ إما أن يكشف عن المدلول عن المكشوف وهو الأمر الباطني التراضي وإما أن يكشف عن الأمر الخارجي وهو المعاملة.

قال واللزوم بشرط كون الدال على التراضي أو المعاملة لفظاً حكي هذا القول نقل عن بعض معاصري الشهيد الثاني[2] وهو السيد حسن بن السيد جعفر كما في مفتاح الكرامة الجزء الرابع صفحة 156 وقد حكاه الشهيد عنه بلفظ وقد كان بعض مشايخنا المعاصرين يذهب إلى ذلك كما في مسالك الأفهام الجزء الثالث صفحة 147.

حكي عن بعض معاصري الشهيد الثاني وعن بعض متأخر المحدثين[3] وهو الشيخ يوسف البحراني في الحدائق الناظرة الجزء 18 صفحة 355 لكن في عد هذا من الأقوال، عد هذا يعني المعاطاة المشتملة على اللفظ، في عد هذا من الأقوال في المعاطاة تأمل،

ما هو وجه التأمل؟

وجود اللفظ، المعاطاة معاملة من دون لفظ فيكون عد القول الثاني فيه تأمل والصحيح أنه لا تأمل فيه لأن التأمل يستحكم لو كان اللفظ عبارة عن الإيجاب والقبول وأما إذا خليت المعاملة من الإيجاب والقبول يعني قام التعاطي مقام الإيجاب والقبول، غاية ما في الأمر وجد لفظ يدل على التراضي أو لفظ يدل على المعاملة من دون أن يكون إيجاباً أو قبولاً فإنه يصدق على مثل هذه المعاملة أنها معاطاة اشتملت على لفظ ليس بإيجاب ولا قبول لذلك عده الشيخ الأنصاري كقول ثاني.

القول الثالث والملك الغير لازم ذهب إليه المحقق الثاني الشيخ علي بن عبد العال الكركي ونسبه هذا القول الملك الغير لازم المتزلزل إلى كل من قال بالإباحة[4] كما في جامع المقاصد الجزء الرابع صفحة 58 وفي النسبة ما عرفت يعني وفي نسبة المحقق الثاني القول بالملك المتزلزل إلى كل من قال بالإباحة ما عرفت من عدم صحته إذ أن مرادهم الإباحة المجردة عن الملك لا الإباحة المشوبة بشائبة الملكية حتى تحمل على الملك المتزلزل.

القول الرابع عدم الملك مع الالتزام بالإباحة مطلقاً يعني في التصرفات الموقوفة على الملك وفي التصرفات غير الموقوفة على الملك مثل وطئ الجارية تصرف متوقف على الملك.

قال وعدم الملك مع إباحة جميع التصرفات حتى التصرفات المتوقفة على الملك كما هو ظاهر عبائر كثير بل ذكر في المسالك الشهيد الثاني أن كل من قال بالإباحة يسوغ جميع التصرفات[5] يعني حتى التصرفات الموقوفة على الملك.

القول الخامس إباحة خصوص ما لا يتوقف على الملك وأما الذي يتوقف على الملك فلا تشمله المعاطاة.

الخامس وإباحة ما لا يتوقف يعني وإباحة خصوص الذي لا يتوقف على الملك وهو الظاهر من الكلام المتقدم عن حواشي الشهيد الأول على القواعد صفحة 35 هذا الرأي القول بالإباحة غير المتوقفة على الملك يناسب ما ذكره الشيخ الطوسي في إهداء الجارية، لماذا قال يناسب مع أنه نفس القول؟

قال وهو هذا الرأي إباحة ما لا يتوقف على الملك المناسب لما حكيناه نقلناه عن الشيخ الطوسي في إهداء الجارية من دون إيجاب ولا قبول، لماذا قال المناسب؟ لأن بحثنا في البيع فبحثنا المعاطاة ضمن بحث البيع وما ذكره الشيخ الطوسي مندرج تحت بحث الهبة والهدية يعني حكم الهبة المعاطاتية هو حكم البيع المعاطاتي كما أن الشيخ الطوسي في بحث هبة الجارية قال تفيد الإباحة هذه الهبة التي من دون إيجاب ولا قبول تفيد الإباحة ولا تشمل التصرفات المتوقفة على الملك كوطئها كذلك هذا الرأي مناسب لبحثنا في المعاطاة في البيع فإنها تفيد الإباحة ولا تشمل الإباحة في التصرفات الموقوفة على الملك.

القول السادس والقول بعدم إباحة التصرف مطلقاً يعني سواء كان التصرف موقوفاً على الملك أو لا يعني مطلق التصرف غير جائز نسب إلى ظاهر نهاية[6] الأحكام للعلامة الحلي إذ قال بفساد البيع ما دام بيع فاسد بعد لا يحصل نقل وانتقال فلا يجوز للبائع أن يتصرف فيما قبضه من الثمن ولا يجوز للمشتري أن يتصرف فيما قبضه من المثمن لكن ثبت رجوعه يعني رجوع العلامة عنه عن هذا القول بفساد البيع، القول بعدم إباحة التصرف مطلقاً في غيرها في غير النهاية وهو التحرير وسيأتي الكلام فيه وتحرير الأحكام متأخر عن نهاية الأحكام للعلامة الحلي.

شيخنا الأنصاري بعد أن ذكر هذه الأقوال الستة ما هو رأيه المشهور؟ قال المشهور ذهبوا إلى أن المعاطاة لا تفيد الملك وإن قصد المتعاطيان الملك عند المعاملة هذا مسلم إن المتعاطيين يقصدان الملك ولكن ذهب المشهور إلى أنه لا يثبت الملك بالمعاطاة وإنما تثبت الإباحة بل لم نجد من قال بالملك قبل المحقق الكركي لم يصرح أحد بأن المعاطاة تفيد الملك قبل المحقق الكركي الذي قال بالملك المتزلزل ونسبه إلى من سبقه وإلى كل من قال بالإباحة قبله.

قال والمشهور بين علمائنا عدم ثبوت الملك بالمعاطاة بواسطة المعاطاة وإن قصد المتعاطيان بها بالمعاطاة التمليك بل لم نجد قائلاً به بالتمليك إلى زمان المحقق الثاني الذي قال به قال بالتمليك ولم يقتصر على ذلك، لم يقتصر المحقق الثاني على القول بأن المعاطاة تفيد التمليك حتى نسبه القول بالتمليك إلى الأصحاب، إلى الفقهاء.

إلى هنا اتضح أن المشهور قد ذهب إلى الإباحة ولم يذهب إلى التمليك ولكن إذا رجعنا إلى كتاب التحرير للعلامة الحلي وهو المتأخر عن النهاية نجد فيه مقطعاً فيه فقرتان أو ثلاث قد يفهم منها التمليك فقد جاء في هذه الفقرات الأقوى أن المعاطاة غير لازمة تعبير غير لازمة يعني تفيد الملك الغير اللازم الملك المتزلزل.

التعبير الثاني لكل منهما فسخ المعاوضة، يعني فسخ البيع فسخ المعاملة لكل منهما فسخ المعاوضة يعني ملك متزلزل.

الأمر الثالث فإن تلفت لزمت إن تلفت العين لزمت المعاوضة فاستخدم العلامة الحلي مفردات من قبيل معاوضة لزمت، ولازمة وغير لازمة وفسخ المعاوضة وهذا ينسجم مع البيع ومع التمليك.

الجواب الشيخ الأنصاري يجيب يقول هذا بالنسبة إلى المقطع الأول هناك مقطع آخر إذا نقرأه للعلامة في التحرير بعد هذا المقطع واضح أنه يفيد الإباحة ولا يفيد التمليك. وأما بالنسبة إلى نفس هذا المقطع فبالنسبة إلى الفقرة الأولى غير لازمة هذا رد على المفيد وبعض العامة الذين ذهبوا إلى اللزوم فالعلامة في التحرير كان في مقام الرد على العامة وعلى الشيخ المفيد وأما التعابير الواردة في الفقرة الثانية والثالثة من استخدام لفظ المعاوضة من استخدام لفظ الفسخ، استخدام لفظ الرد لفظ اللزوم هذا ناظر إلى قصد المتعاطيين، المتعاطيان يرون أن ما قاما به عبارة عن معاوضة يقصدان التمليك فيريان أنها معاوضة ويريان أنه يحق لهم الفسخ وإذا تلف أحد العينين لزمت المعاوضة يعني هذا ليس بحكم الشرع وإنما بالنظر إلى قصد المتعاطيين.

نعم ربما يوهمه ـ يوهم هذا الرأي أن المعاطاة تفيد الملك ـ ظاهر عبارة التحرير، ظاهر عبارة الحرير يوهم الرأي الذي ذهب إليه المحقق الثاني الملك المتزلزل حيث قال فيه هذا نص كلام العلامة في التحرير، الشاهد الأول الأقوى أن المعاطاة غير لازمة مما يعني أن المعاطاة تفيد الملك لا الإباحة.

المقطع الثاني بل لكل منهما المتعاطيين فسخ المعاوضة ما دامت العين باقية الشاهد فسخ المعاوضة يعني فسخ المعاملة.

المقطع الثالث فإن تلفت لزمت يعني فإن تلفت العين لزمت المعاطاة انتهى.

بما أن هذا المقطع يوهم الملك نجد أن الشهيد الثاني رضوان الله عليه في المسالك نسب إلى العلامة القول بالتمليك.

يقول ولذا يعني ولأن عبارة العلامة في التحرير توهم التمليك نسب ذلك إليه إلى العلامة في المسالك [7] نسب ذلك يعني إفادة المعاطاة للملك إليه إلى العلامة في المسالك.

الشيخ الأنصاري يقول هذا المقطع الأول بفقراته الثلاث معارض بالمقطع الثاني الذي سنذكره

لكن قوله التحرير بعد ذلك بعد هذه العبارة هذا نص كلام العلامة الحلي ولا يحرم على كل منهما الانتفاع بما قبضه. إذا هي معاوضة بيع وتمليك لا معنى أن تقول لا يحرم الانتفاع لو كان نظره الملك سواء كان متزلزلاً أو لازماً إذا هي معاوضة وبيع بعد قطعاً لا يحرم، لا معنى أن تقول لا يحرم مما يدلل على أن العلامة الحلي كان نظره إلى الانتفاع هل يجوز الانتفاع أو يحرم يعني نظره إلى الإباحة.

قال ولا يحرم على كل منهما المتعاطيين الانتفاع بما قبضه يعني مما يعني أنها تفيد الإباحة بخلاف البيع الفاسد[8] فإنه يفيد حرمة التصرف.

يعلق الشيخ الأنصاري ظاهر في أن مراده العلامة مجرد الانتفاع إذ لا معنى لهذه العبارة بعد الحكم بالملك، لو حملناها على الملك لا داعي لذكر هذه العبارة أنه لا يحرم على كل منهما الانتفاع بما قبضه إذن الفقرة الأولى توضحها الفقرة الثانية، الآن يوضح الشيخ الأنصاري الفقرات الثلاث من المقطع الأول،

قال وأما قوله العلامة الفقرة الأولى والأقوى إلى آخره يعني الأقوى أن المعاطاة غير لازمة فهو إشارة إلى خلاف المفيد "رحمه الله" والعامة القائلين باللزوم فهذا تعريض بالمفيد العامة القائلين باللزوم.

الشاهد الثاني وإطلاق المعاوضة عليها يعني على المعاطاة مما يعني أنها بيعا باعتبار يعني على أساس ما قصده المتعاطيان، المتعاطيان قصدا البيع قصدا التمليك قصدا المعاوضة المعاملة.

الشاهد الثالث وإطلاق الفسخ على الرد يعني رد ما لديه قال أنه فسخ لكل منهما الفسخ ورد هذه العبارات الفسخ الرد المعاملة هذا كله بحسب قصد المتعاطيين.

جواب الفقرة الثالثة وإطلاق العلامة للفظ الفسخ على الرد إرجاع المعاطاة بهذا الاعتبار أيضاً، أي اعتبار؟ قصد المتعاطيين وكذا اللزوم يعني وكذلك إطلاق العلامة لفظ اللزوم على المعاوضة بلحاظ قصد المتعاطيين.

شيخنا الأنصاري هذا فهمك هل له مؤيد؟ يقول له مؤيد بل له دليل وهو إذا رجعنا إلى كلام العلامة الحلي بعد نفس الكتاب التحرير لكن في باب الهبة، الهبة إذا لم يكن فيها ولا قبول يعني الهبة المعاطاتية نجد أن العلامة الحلي يقول يباح التصرف مع أن الهبة عقد جائز في العقد الجائز التزم بالإباحة فمن باب أولى في البيع يلتزم بالإباحة.

قال ويؤيد ما ذكرنا من أن المعاطاة تفيد الإباحة عند العلامة الحلي لا التمليك بل يدل عليه لأن فيه تصريح، أن الظاهر من عبارة التحرير في باب الهبة توقفها الهبة على الإيجاب والقبول لأن إذا جاء بإيجاب وقبول أفادت التمليك إذا لم يأت بإيجاب وقبول تفيد الإباحة.

ثم قال وهل يستغنى عن الإيجاب والقبول في هدية الأطعمة، إهداء الطعام مثل شهر رمضان إهداء إفطار وطعام الأقرب عدمه[9] يعني عدم الاستغناء عن الإيجاب والقبول،

نعم يباح التصرف يعني نعم عند عدم الإيجاب والقبول يباح التصرف بشاهد الحال يعني بسبب وجود شاهد الحال عند وجود شاهد الحال، شاهد الحال يعني من يبذل الطعام ظاهره أنه يبيح الطعام هذا شاهد حاله، انتهى كلامه وصرح بذلك أيضا يعني باشتراط الإيجاب والقبول في الهدية الكلام السابق كان في باب الهبة هنا في الهدية فإذا لم يقل في الهبة وهي عقد جائز بصحة المعاطاة فكيف يقول بها يعني بصحة المعاطاة في البيع الذي هو عقد لازم.

إلى هنا انتهينا بحمد لله "عز وجل" من بيان الأقوال الستة في المعاطاة ومن بيان قول المشهور وهو أن المعاطاة تفيد الإباحة لا التمليك ثم يقع الكلام في دراسة قول المحقق الكركي القائل بالملك المتزلزل فهل قوله صحيح أو لا؟ الشيخ الأنصاري يقول الأقوال حصول الملك لأدلة ومنها السيرة وهذا ما يقع الكلام عليه وذهب جماعة تبعاً للمحقق الثاني إلى حصول الملك ولا يخلو عن قوة لأدلة ثلاثة يأتي عليها الكلام.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo