< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

41/04/18

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: الدرس السابع والعشرون: إتمام الکلام فی إثبات إفادة المعاطاة للملك

 

قال الشيخ الأنصاري "رحمه الله" وأما ما ذكره من صورة غصب المأخوذ بالمعاطاة.[1]

 

خلاصة الدرس

كان الكلام في الاستبعادات التي ذكرها الشيخ جعفر كاشف الغطاء للقول بأن المعاطاة تفيد الإباحة والملكية لا تثبت إلا بعد التصرف ذكرنا الاستبعادات الخمسة في الدروس السابقة اليوم نأتي إلى الاستبعاد السادس الذي يلزم منه فقه جديد بناء على كلام المحقق الشيخ جعفر كاشف الغطاء.

كان مفاد الإشكال هكذا لو حصلت معاملة معاطاتية أعطيتك الكتاب وأعطيتني عشر دينار ثم جاء غاصب وغصب مني العشرة دنانير في هذه الحالة بناء على القول بالإباحة وأن المعاطاة لا تفيد الملك وإنما تفيد الإباحة حينئذ تكون العشرة دنانير مباحة لي وليست ملكي فكيف أرجع على الغاصب وأطالبه بما ليس ملكاً لي يلزم من ذلك تأسيس فقه جديد.

الشيخ الأنصاري "رحمه الله" يجيب يقول لا يلزم تأسيس فقه جديد لان الذي يحق له الرجوع على الغاصب هو كلا المتعاطيين البائع والمشتري معاً أما المالك الأصلي وهو المشتري في مثالنا الذي دفع العشرة دنانير للبائع فلكونه مالكاً أصليا يحق له أن يرجع على الغاصب وأما المشتري الذي قبض العشرة دنانير فهو يرجع على الغاصب لا لأنه مالك للعشرة دنانير وإنما لأنه لديه سلطنة على هذه العشرة دنانير هذا تمام الكلام من ناحية الرجوع، من يحق له الرجوع واتضح أنه يحق لكلا المتعاطيين المالك الأصلي ومن قبض المال بالمعاطاة يحق له أن يرجع على الغاصب إما لملكيته وإما لسلطنته على المال.

هذا إذا كان المال الآخر هو الكتاب في فرض مثالنا باق وأما لو افترضنا التلف هنا صورتان للتلف إما أن يتلف كل منهما العشرة دنانير تتلف في يد الغاصب والكتاب يتلف في يد المشتري، الصورة الثانية يتلف أحدهما تتلف العشرة دنانير في يد الغاصب فقط أو يتلف الكتاب في يد المشتري فقط في هذه الحالة لو تلف المغصوب ظاهر إطلاق كلام الفقهاء أنه من مال المغصوب منه فلو تلفت العشرة دنانير فهي من كيس أنا البائع للكتاب وليس المشتري، أنا الذي بعت الكتاب وقبضت العشرة دنانير لو تلفت العشرة دنانير في يد الغاصب فهي من كيسي أنا لأن كلام الفقهاء مطلق يقولون هذا المال يصبح للبائع مطلقاً سواء تلف أو بقي نعم لو ادعي وجود إجماع على أنه الملكية تتحقق لو تلف كلا العوضين يعني تلف الثمن والمثمن العوض والمعوض معاً وفي مثالنا لو تلف الكتاب والعشرة دنانير معا في هذه الحالة يصبح الكتاب مضموناً على من استلمه وهو المشتري وتصبح العشرة دنانير مضمونة على المغصوب منه فيرجع على الغاصب لأخذ العشرة دنانير هذا لو ادعي قيام إجماع على أنه فيما لو تلف كلا العوضين يحصل ما لا تحصل الملكية دون ما إذا تلف عوض واحد.

خلاصة المسألة تارة نتكلم في الرجوع وتارة نتكلم في الضمان أما بالنسبة للرجوع فيحق لكلا المتعاطيين أن يرجع عن الغاصب وأما بالنسبة إلى الضمان فلو تلف المغصوب منه فإنه يكون من كيسه لا من كيس البائع الأصلي لأن التلف وقع في ملكه آناً ما كما تقدم في الأبحاث السابقة يعني كانت العشرة دنانير مباحة لي وقبل أن تتلف بآن ما صارت ملكاً لي فلما تلفت في يد الغاصب كانت ملكاً لي آناً ما ولو كانت بيد الغاصب فيصير على القاعدة التلف من كيسي فارجع على الغاصب لأخذ المال فلا يلزم تأسيس فقه جديد تصير هذه المسألة الاستبعاد السادس من ضمن بعض الاستبعادات التي تقدمت وثبت فيها أن التلف يوجب تحقق الملكية آناً ما كما في الاستبعاد الخامس.

 

تطبيق المتن

قال الشيخ الأنصاري "رحمه الله" وأما ما ذكره شيخ جعفر كاشف الغطاء من صورة غصب المأخوذ بالمعاطاة يعني تمت معاملة معاطاتية فجاء غاصب وأخذ الثمن أو المثمن المعاطاتي قهراً وغصباً، أول شيء يتكلم الشيخ في المطالبة يعني الرجوع عندنا حكمين المطالبة والرجوع والحكم الثاني الضمان والغرامة.

قال فعلى القول بالإباحة كما نسب إلى المشهور يعني أن المعاطاة تفيد الإباحة أن لكل منهما يعني المتعاطيين وهما المالك الأصلي ومن قبض بالمعاطاة، أن لكل منهما المطالبة ، يعني مطالبة الغاصب ما دام باقياً يعني ما دام العوض باقياً يعني ما دام المقبوض بالمعاطاة باقياً وإذا تلف إذا تلف المقبوض بالمعاطاة العشرة دينار التي سرقها تلفت فظاهر إطلاقهم إطلاق الفقهاء التملك بالتلف قالوا إذا تلف حصلت الملكية هذا مطلق يعني سواء تلف العوض الآخر أو لم يتلف، مطلق يعني تحصل الملكية إذا تلف أحد العوضين مطلقاً يعني سواء تلف العوض الآخر أو لم يتلف تحصل الملكية إلا إذا تمسكنا بقيام إجماع على أن التلف يوجب الملكية في خصوص ما إذا تلف كلا العوضين لا عوض واحد فقط فظاهر إطلاقهم الفقهاء التملك بالتلف يعني بسبب التلف يحصل التملك تلفه المقبوض بالمعاطاة من مال المغصوب منه يعني تحصل الملكية آناً ما للمغصوب منه قبل التلف فيقع التلف في ملكه فتقع الغرامة عليه نعم هنا استدراك قد يكون المانع هو الإجماع،

نعم لو لا قام إجماع يعني قام إجماع على أن التملك بالتلف إنما يوجب التلف إذا تلف كلا العوضين لا ما إذا تلف عوض واحد فقط في هذه الحالة إذا تمسكنا بالإجماع الآن تلف عوض واحد وهو الذي أخذه الغاصب في هذه الحالة الإجماع يقول تحصل الملكية إذا تلف كلا العوضين مادام ما تلف كلا العوضين تلف عوض واحد بعد هذا المال الموجود بيد الغاصب لا زال على ملك المالك الأصلي ببركة الإجماع.

قال نعم لو قام إجماع، طبعاً هنا نسختان، نسخة لو قام إجماع ونسخة لولا قام إجماع، لولا قام إجماع كان تلفه، تلفه يعني المقبوض بالمعاطاة من مال المالك، يعني من مال المالك الأصلي لو لم يتلف عوضه قبله يعني لو لم يتلف عوض المقبوض بالمعاطاة قبله يعني قبل تلفه، هذا تمام الكلام في الاستبعاد السادس واتضح أنه ليس ببعيد ولا يلزم منه تأسيس فقه جديد. طبعاً كاشف الغطاء ذكر عدة استبعادات لكن الشيخ الأنصاري "رحمه الله" رد على سبعة منها فقط مع أن الشيخ جعفر كاشف الغطاء لم يكن بصدد الاستدلال على ثبوت الملكية ونفي الإباحة وإنما كان في مقام استبعاد ثبوت الإباحة فذكر هذه الاستبعادات التي هي اشبه بالمنبه على بطلان القول بالإباحة ولم يكن في مقام الاستدلال على ثبوت الملكية بالمعاطاة.

الاستبعاد السابع النما وحكم النما فإذا التزمنا بمبنى المشهور أن المعاطاة تفيد الإباحة ولا تفيد الملك يلزم أن يكون النما أيضا مباحاً وليس ملكاً كالأصل فلو اشتريت شاتاً بالمعاطاة وولدت كانت هذه الشاة الصغيرة كانت أيضا ليست ملكاً له وإنما مباحة له.

الشيخ الأنصاري يقول ما المانع من الالتزام بذلك بل ظاهر المحكي عن بعض من قال بالإباحة أن النما أيضا يكون مباحاً يعني الفرع كالأصل يلتزم فيه بالإباحة حكمه حكم أصلي هذا قول وقول ثاني الأصل مباح ولكن إذا حصل النما آنذاك تحصل الملكية فالملكية تحصل بسبب إباحة الأصل لأن الأصل مباح له وهو التصرف في الشاة يترتب على ذلك ملكية النما ولا مانع من ذلك هذا تمام الكلام في الاستبعاد السابع.

قال كاشف الغطاء وأما ما ذكره من حكم النما المأخوذ بالمعاطاة فظاهر المحكي عن بعض ـ بعض الفقهاء ـ أن القائل بالإباحة لا يقول بانتقال النما إلى الآخذ يعني لا يقول بملكية الآخذ للنما يبقى أن النما أيضا مباح يقول بل حكمه حكم أصله يعني بل حكم النما حكم أصله في الإباحة كما أن الأصل مباح مأخوذ بالمعاطاة كذلك النما المتفرع عليه مباح.

القول الثاني بنحو الاحتمال ويحتمل أن يحدث النما في ملكه يعني في ملك الآخذ بمجرد الإباحة يعني لأن النما جاء في ظرف إباحته بما أن الأصل مباح له ما يترتب على الأصل وهو النما تثبت له الملكية.

ثم يعلق الشيخ الأنصاري يقول ثم إنك بملاحظة ما ذكرنا من رد الاستبعادات السبعة تقدر على التخلص عن سائر ما ذكره لأنه ذكر عدة حيثيات عامة منها أنه تحصل الملكية آناً ما قبل التلف أو قبل التصرف مع أنه "رحمه الله" لم يذكرها للاعتماد يعني لم يذكر الاستبعادات السبعة وغيرها للاعتماد يعني لكي يعتمد عليها ويجعلها دليل على ثبوت الملكية للمأخوذ بالمعاطاة والإنصاف أنها استبعادات في محلها، استبعادات قوية وإن كان ردها الشيخ الأنصاري.

وبالجملة على العموم الشيخ الأنصاري يذكر هكذا ثلاثة أدلة على الإباحة تعارض ثلاثة أدلة على الملكية ثم يرجح أدلة الملكية على أدلة المعاطاة لأن عمدة أدلة المعاطاة الاستصحاب والاستصحاب أصل عملي وعمدة أدلة الملكية أدلة لفظية كعموم أحل الله البيع كعموم أوفوا بالعقود والدليل اللفظي دليل محرز دليل اجتهادي وهو حاكم على الدليل العملي وهو حاكم على الدليل الفقاهتي فالأصل أصيل حيث لا دليل وكما يقولون الاستصحاب عرش الأصول وفرش الأمارات.

ما هي أدلة الإباحة؟ أولاً استصحاب عدم الملكية، ثانياً الشهرة المحققة إلى زمان المحقق الثاني، من زمن المرتضى إلى المحقق الثاني، المحقق الثاني الذي قال بالملك المتزلزل فهذه الشهرة المحققة تحققنا من ثبوتها تعضد الاستصحاب والثالث الاتفاق المدعى في الغنية يعني الإجماع المنقول إذن ثلاثة أدلة تدل على الإباحة، الاستصحاب المعتضد بالشهرة المحققة إلى زمن المحقق الثاني والمعتضد بالاتفاق المدعى في الغنية للسيد بن زهرة والعلامة الحلي في القواعد في مقابل أدلة الإباحة أدلة لفظية وهي عموم أوفوا بالعقود وعموم الوفاء بالهبة وهي معتضدة بالسيرة القطعية المستمرة وبدعوى الاتفاق المتقدم عن المحقق الثاني بناء على تأويل المحقق الثاني إلى كلماتهم القائلة بالإباحة وتأويلها على أنها ملك متزلزل.

الشيخ الأنصاري يقول الأقوى أنها تفيد الملك، الأقوى بركة الدليل اللفظي أحل الله البيع تجارة عن تراض أوفوا بالعقود وإلا السيرة القطعية ودعوى الاتفاق ودعوى الإجماع هذا كله مناقش وقد بحثنا ذلك في مصباح الأصول وأتضح أن الإجماع لم تثبت حجيته والشهرة لم تثبت حجيتها بمختلف الأقسام وبالتالي كل هذه الأدلة صار عندنا استصحاب وعموم لفظي فالعموم دليل محرز دليل اجتهادي يقدم على الدليل الفقاهتي.

قال وبالجملة فالخروج عن أصالة يعني استصحاب عدم الملك يعني عند المعاطاة هل حصلت ملكية أو لا؟ نشك لا تنقض اليقين بالشك نستصحب عدم الملكية ما صار نقل وانتقال، استصحاب أصالة عدم الملك المعتضد هذا الاستصحاب عدم الملك معتضد بالشهرة المحققة إلى زمان المحقق الثاني المشتهر أنهم يقولون بالإباحة لا الملك.

الثالث وبالاتفاق المدعى في الغنية والقواعد هنا، هنا يعني في بحث المعاطاة يعني إذا تراجع قواعد العلامة هنا يعني في بحث المعاطاة، وفي المسالك[2] للشهيد الثاني في مسألة توقف الهبة عن الإيجاب والقبول مشكل يقول الخروج عن أصالة عدم الملك مشكل يعني الخروج عن هذه الأدلة الثلاثة مشكل، الثاني ليس مشكل أكثر إشكالا هذه أدلة الإباحة الآن ثلاثة أدلة للملكية ورفع اليد عن عموم أدلة البيع والهبة ونحوهما مثل أدلة الإجارة، ما هي العمومات؟ أحل الله البيع، تجارة عن تراض، أوفوا بالعقود تشمل البيع والهبة والإجارة.

الدليل الثاني المعتضدة المستقوية بالسيرة القطعية المستمرة على ثبوت الملكية، الدليل الثالث وبدعوى يعني والمعتضدة بدعوى الاتفاق المتقدم عن المحقق الثاني الكركي بناء على تأويله لكلمات القائلين بالإباحة وإلا كلامهم صريح في الإباحة لو قبلنا تأويل المحقق الثاني على أن القائلين بالإباحة يرون الملك المتزلزل، أشكل من ناحية صرفية أشكل من الأشكال هذا شكل وهذا أشكل الأدق صرفياً أكثر إشكالاً أعظم إشكالاً.

فالقول الثاني يعني القول بأن المعاطاة تفيد الملكية لا يخلو عن قوة، ما هو وجه القوة، القوة يعني الصناعة العلمية؟ تقديم الدليل المحرز على الدليل العملي، تقديم الدليل الاجتهادي على الدليل الفقاهتي وهنا يوجد دليل لفظي عموم أحل الله البيع أوفوا بالعقود تجارة عن تراض ويقدم على الأصل العملي وهو الاستصحاب.

النتيجة النهائية المعاطاة تفيد الملك هل الملك اللازم أو الملك الجائز؟ هذا بحث آخر نبحثه في الدرس القادم، وعليه فهل هي لازمة ابتداء مطلقاً يأتي عليه الكلام.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo