< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

41/04/19

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: الدرس الثامن والعشرون: هل المعاطاة جائزة أم لازمة

 

قال الشيخ الأنصاري "رحمه الله" وعليه فهل هي لازمة ابتداء مطلقاً كما حكي عن ظاهر المفيد "رحمه الله".[1]

 

خلاصة الدرس

كان الكلام في أن المعاطاة هل تفيد الإباحة أو الملك وانتهينا إلى أن المعاطاة تفيد الملك، يقع الكلام في أن هذا الملك المستفاد من المعاطاة هل هو الملك اللازم أو الملك الجائز والمتزلزل، أقوال ثلاثة:

القول الأول يرى أن المعاطاة لازمة ابتداء مطلقاً سواء تضمنت اللفظ الدال على الرضا أو لم تتضمن فقد يقول المتعاطي خذ الكتاب وأعطني ديناراً فلم يقل بعت ولم يقل الآخر قبلت فتم البيع المعاطاتي أخذ الدينار واعطاء الكتاب لكن هذه المعاطاة تضمنت لفظاً يكشف عن رضا البائع واكتفائه بدينار في مقابل كتابه هذا هو القول الثاني الذي يرى أن المعاطاة لازمة فيما إذا تضمنت اللفظ الدال على الرضا بخلاف المعاطاة التي لا تتضمن اللفظ الدال على الرضا.

القول الثالث المعاطاة جائزة وليست لازمة فيصح لكل من المتعاطيين الرجوع فيما ماله ولا تقل لما تذكر مبنى المحقق الكركي القائل بالملك المتزلزل فإنه يندرج ضمن القول الثالث الذي يرى أن المعاطاة تفيد الملك الجائز لا الملك اللازم وهذا هو معنى الملك المتزلزل.

شيخنا الأنصاري ماذا تقول في هذه الأقوال الثلاثة أو الوجوه الثلاثة يقول هذه الوجوه الثلاثة أوفقها بالقواعد القول الأول إذ يعضده أصالة اللزوم في العقود فإذا شككنا هل العقد لازم أو جائز الجواب الأصل في العقود هو اللزوم خصوصاً أننا نشك في زوال الملكية برجوع المالك الأصلي فنستصحب بقاء الملكية مثلاً خذ الكتاب بدينار فإن آخذ الكتاب وهو المشتري إذا استلم الكتاب بالتعاطي انتقلت ملكية الكتاب إلى المشتري كما انتقلت ملكية الدينار إلى البائع فلو أراد البائع أن يرجع إلى المشتري لأخذ كتابه نشك حينئذ هل يحق للمالك الأصلي الأولي البائع أن يسترجع كتابه من المشتري بعد أن ملكه المشتري لأننا نبني على الملكية نشك فيجري الاستصحاب كنا على يقين سابق من ملكية المشتري للكتاب ثم شككنا في زوال الملكية برجوع المالك الأصلي الاستصحاب يقول لا تنقض اليقين بالشك نستصحب بقاء ملكية المشتري للكتاب فيصبح البيع لازماً وليس بجائز.

 

تطبيق المتن

وعليه العبارة التي قبلها فالقول الثاني لا يخلو عن قوة وعليه يعني على القول الثاني، ما هو القول الثاني؟ المعاطاة تفيد الملك، القول الأول المعاطاة تفيد الإباحة وعليه يعني على القول الثاني من أن المعاطاة تفيد الملك فهل هي المعاطاة لازمة يعني ليست جائزة ابتداء،

ما المراد ابتداء؟ يعني الملكية تحصل من أول العقد لا عند التلف وليس من حين حصول التلف والتصرف، مطلقاً يعني سواء تضمنت لفظاً يدل على الرضا أو لم تتضمن لفظاً هذا الإطلاق يعرف من معرفة القول الثاني هذا القول الأول كما حكي عن ظاهر المفيد "رحمه الله" فهذا يكشف أن المفيد ليس له لفظ صريح في الملك اللازم المطلق من أول الأمر هكذا فهم مما حكي ونقل عنه.

القول الثاني أو بشرط يعني المعاطاة لازمة ابتداء بشرط كون الدال على التراضي لفظاً يعني أن تتضمن المعاطاة لفظاً يدل على الرضا كما حكي عن بعض معاصر الشهيد الثاني وقد مضى هذا الكلام يمكن مراجعة صفحة 37 من هذه النسخة وقواه جماعة من متأخر المحدثين والمقصود به الشيخ يوسف البحراني في الحدائق جزء 18 صفحة 355 .

القول الثالث أو هي المعاطاة غير لازمة مطلقاً يعني سواء تضمنت لفظاً يدل على الرضا أو لم تتضمن فيجوز لكل منهما المتعاطيين الرجوع لأخذ ماله كما عليه أكثر القائلين بالملك فهم يرون الملك الجائز المتزلزل بل كلهم على هذا القول الملك الجائز عدى من عرفت وهو المفيد في القول الأول والشيخ يوسف البحراني في القول الثاني وجوه، وجوه هذا خبر فهل هي لازمة وهل هي وهل هي وجوه يعني وجوه ثلاثة بل أقوال ثلاثة أوفقها، أوفق هذه الوجوه بالقواعد يعني كونها موافقة للقواعد هو الوجه الأول

ما هي علة الاوفقية؟ بناء على أصالة اللزوم في الملك يعني لو شككنا هل الملك لازم أو جائز الأصل في الملك اللزوم الأصل في العقود اللزوم للشك في زواله، يعني في زوال الملك بمجرد يعني بسبب رجوع مالكه الأصلي، المالك الأصلي إذا رجع على المتعاطي الآخر لأخذ المبيع إن كان بائعاً أو أخذ الثمن إن كان مشتر فهل برجوع المالك الأصلي ينفسخ العقد نشك فنستصحب الملكية.

هنا يوجد إشكال على هذا الاستصحاب، قد يقال إن الدعوى هي هكذا الملك الذي ثبت هو الملك الجامع بين الملك المتزلزل والملك الثابت والمستقر والحال إن الملك المتزلزل قد انتفى برجوع المالك الأصلي والملك المستقر كان مشكوك الحدوث لأنه قد يرجع المالك الأصلي فلا ينفع الاستصحاب.

الإشكال الأول مفاده هكذا أنتم احتججتم على لزوم البيع بإجراء أصالة اللزوم باستصحاب الملك السابق نقول ما هو المستصحب المستصحب هو الملك المشترك بين الملك المتزلزل والملك المستقر أما الأول وهو الملك المتزلزل فقد ارتفع برجوع المالك الأصلي وأما الثاني وهو الملك المستقر فلا علم ببدئه وحدوثه إذن عندنا حيثيتان حيثية حدوث وحيثية بقاء، حيثية بدء وحيثية استمرار الملك المتزلزل علم بارتفاعه برجوع المالك الأصلي والملك الثاني الملك المستقر الثابت لا يوجد علم بحدوثه فضلا عن بقائه وقد يقال إن هذا الاستصحاب معارض باستصحاب آخر حاكم عليه.

وقعت المعاطاة بين البائع والمشتري فانتقل الكتاب إلى ملك المشتري ثم رجع البائع تقول يبقى الكتاب على ملكية المشتري لأننا نستصحب ملكية المشتري للكتاب نقول استصحاب ملكية المشتري للكتاب معارضة باستصحاب ملكية البائع للكتاب يعني قبل المعاطاة كان الكتاب ملك البائع بعد المعاطاة انتقلت الملكية إلى المشتري لكننا نشك هل هذه الملكية لازمة أو ملكية ثابتة هل ملكية لازمة أو ملكية متزلزلة شككنا لا تنقض اليقين بالشك نستصحب ملكية البائع الأصلي للكتاب فاستصحاب ملكية البائع الأصلي للمبيع حاكم لأن هذا سبب وذلك مسبب الأصل السببي يحكم الأصل المسببي حاكم ومقدم على استصحاب ملكية المشتري للمبيع إذن هنا دعويان.

الشيخ الأنصاري في الرد يركز على الدعوى الأولى وأما الدعوى الثانية فقد أجاب عليها في الخيارات.

قال الشيخ الأعظم الأنصاري "رحمه الله" ودعوى أن الثابت هو الملك المشترك بين المتزلزل الجائز والمستقر اللازم والمفروض يعني برجوع المالك الأصلي انتفاء الفرد الأول وهو الملك المتزلزل بعد الرجوع يعني بسبب رجوع المالك الأصلي والفرد الثاني يعني والمفروض أن الفرد الثاني وهو الملك المستقر كان مشكوك الحدوث من أول الأمر لماذا كان مشكوك الحدوث؟ لأنه معلق على عدم رجوع مالك الأصلي فلا ينفع الاستصحاب يعني فلا يجري الاستصحاب، هذه فلا ينفع الاستصحاب فيه اشارة إلى معنى عميق نرجع إليها.

بل هذا إشكال ثاني ربما يزاد استصحاب بقاء علقة المالك الأول يعني علقة المالك الأول يعني ملكية المالك الأول يعني تعلق المالك الأول بما ملكه كان ثابتاً قبل المعاطاة نشك في زواله بعد المعاطاة ومنشأ الشك أن الملكية التي حصلت الملكية الجديدة ربما متزلزلة لا تنقض اليقين بالشك فنستصحب بقاء ملكية المالك الأصلي ويكون استصحاب بقاء ملكية المالك الأصلي حاكم لأنه أصل سببي وهو حاكم على الأصل المسببي وهو استصحاب ملكية المالك الثاني.

قد يقال إن المستصحب هنا كيف نفرق بين الاستصحاب الشخصي يعني استصحاب الفرد وبين استصحاب الكلي؟ الجواب تكون التفرقة بلحاظ المستصحب فإن كان المستصحب هو شخص الفرد كان الاستصحاب شخصياً للفرد وإن كان المستصحب هو الجامع بين الفردين أو الأفراد كان الاستصحاب من قسم استصحاب الكلي. تعرفون في الأصول استصحاب الكلي له أقسام القسم الرابع ليس بتام القسم الثالث فيه كلام فيقولون باعتبار الأول والثاني على كلام.

هنا ما هو المستصحب؟ ودعوا أن الثابت هو الملك المشترك بين المتزلزل والمستقر، ما هو المستصحب؟ الملك المشترك بين المتزلزل والمستقر يعني الملك الجامع بين المتزلزل والمستقر، استصحاب الجامع استصحاب فرد أو استصحاب كلي؟ استصحاب كلي.

نحن قرأنا فيما سبق إن الأصل المثبت لا يثبت يعني في الاستصحاب إنما تثبت اللوازم الشرعية ولا تثبت اللوازم غير الشرعية كاللازم العقلي أو اللازم الطبعي.

نحن الآن نريد أن نثبت الجواز أو اللزوم، الاستصحاب ماذا نريد أن نثبت من خلاله؟ اللزوم، ما هو المستصحب؟ ما الذي كنا على يقين منه؟ الملك الجامع بين المتزلزل والثابت لا تنقض اليقين بالشك يثبت بقاء الجامع بين الملك المتزلزل والملك الثابت وهذا يلزم منه عقلا لزوم الملك إذن الاستصحاب ما يثبت اللزوم اللزوم لازم عقلي للمستصحب فهو أصل مثبت والأصل المثبت لا يثبت ليس بحجة.

ودعوى أن الثابت هو الملك المشترك بين المتزلزل والمستقر والمفروض انتفاء الفرد الأول بعد الرجوع والفرد الثاني كان مشكوك الحدوث من أول الأمر فلا ينفع الاستصحاب لأنه أصل مثبت والأصل المثبت لا يثبت فلا ينفع الاستصحاب لماذا؟ لأن المستصحب هو الملك المشترك بين المتزلزل والمستقر واللزوم إنما هو لازم عقلي لهذا المستصحب واللازم العقلي ليس بحجة.

إلى هنا ذكرنا الدعوى الشيخ الأنصاري يقول هذه الدعوى مدفوعة يعني هذان الإشكالان مدفوعان، الإشكال الأول التمسك بجريان الاستصحاب، الدعوى الأولى أن الاستصحاب لا ينفع والدعوى الثانية أن هذا الاستصحاب معارض باستصحاب ملك المالك الأصلي، هذه الدعوى الثانية لا يجاوبها الشيخ الأنصاري هنا في مباحث الخيارات كلامنا كله في الدعوى الأولى.

أول مناقشة للشيخ الأنصاري يقول يكفي في جريان الاستصحاب وجود قدر مشترك فنجري استصحاب الكلي وهذا يصير من استصحاب القسم الثاني من الكلي مثلا لو شك أنه اغتسل أو توضأ وكان أحدهما أطول زماناً من الآخر فإنه يمكن أن يستصحب كلي الطهارة وهكذا لو دخل حيوان مكان وتردد هذا الحيوان بين حيوان يموت كل يوم وبين حيوان عمره طويل مثل الفيل وشكينا في بقاء الحيوان على قيد الحياة، طبعاً لو ترتب عليه أثر شرعي كالنذر مثلاً في هذه الحالة يمكن استصحاب الكلي، كلي الحيوان هنا نفس الشيء عندنا بيعان بيع قصير الأمد متزلزل وهو الفرد القصير وبيع قصير الأمد وهو البيع المستقر والبيع اللازم في هذه الحالة إذا شككنا في هذه الحالة نستصحب كلي الملك إذا استصحبنا كلي الملك في هذه الحالة يجري الاستصحاب ثم يعقب الشيخ يقول فتأمل لعله إشارة إلى أن استصحاب الكلي هنا أصل مثبت والأصل المثبت لا يثبت.

قال ودعوى هذه الدعوى مدفوعة أول دفع مضافاً إلى أمكان دعوى كفاية تحقق القدر المشترك في الاستصحاب يعني إلى أمكان دعوى كفاية تحقق القدر المشترك في الاستصحاب يعني امكان استصحاب القدر المشترك بين الملك اللازم والملك المتزلزل

فتأمل هذا إشارة إلى أن استصحاب الكلي هنا استصحاب الأصل المثبت إذ أن المستصحب هو القدر المشترك بين اللازم والمتزلزل وهذا لا يثبت اللزوم ولزوم العقد لازم عقلي لهذا المستصحب فليس بحجة.

الشيخ الأنصاري "رحمه الله" يناقش بمناقشة ثانية وهي العمدة لذلك قال مضافاً وخدش فيها، يقول تقسيم الملك إلى لازم ومتزلزل هذا ليس بلحاظ الملك الذي هو مسبب بل بلحاظ السبب فتارة سبب الملك البيع وهذا يفيد اللزوم وتارة سبب الملك الهبة وهذه تفيد الجواز إذن اللزوم وعدم اللزوم ليسا داخلين في حقيقة البيع وليسا داخلين في حقيقة الملك حتى نقول إن البيع أو الملك ينقسم إلى لازم وغير لازم وإنما الذي يسبب اللزوم هو السبب العقد سبب البيع إذن اللزوم والتزلزل يعني اللزوم والجواز من آثار السبب لا من آثار المسبب.

مدفوعة بأن انقسام الملك إلى المتزلزل والمستقر ليس باعتبار يعني على أساس اختلاف في حقيقته يعني في حقيقة الملك وإنما هو أقسام الملك إلى المتزلزل والمستقر حكم الشارع عليه يعني على الملك في بعض المقامات بالزوال، بعض المقامات مثل الهبة إذا حكم الشارع عليه بالزوال برجوع المالك الأصلي يعني بسبب رجوع المالك الأصلي ومنشأ هذا الاختلاف الثبات والتزلزل اللزوم والجواز اختلاف حقيقة السبب المملك فإن كان السبب المملك بيعا أنتج اللزوم وإن كان السبب المملك هبة أنتج الجواز ومنشأ هذا الاختلاف في الجواز واللزوم اختلاف حقيقة السبب المملك من بيع وهبة وإجارة أو صلح لا اختلاف حقيقة الملك الذي هو مسبب فجواز الرجوع وعدم جواز الرجوع من الأحكام الشرعية للسبب لا من الخصوصيات المأخوذة في المسبب ثم يأتي بما يدل على هذا المطلب أن المنشأ من السبب لا المسبب ويدل عليه يأتي عليه الكلام.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo