< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

41/05/03

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: الدرس الثالث والثلاثون: ما يدل على عدم لزوم المعاطاة

 

قال الشيخ الأنصاري "رحمه الله" ثم إن الظاهر عدم إرادة المعنى الأول لأنه مع لزوم التخصيص الأكثر.[1]

 

خلاصة الدرس

كان الكلام في الرواية التي ورد فيها لفظ إنما يحلل الكلام ويحرم الكلام ذكر الشيخ الأنصاري "رحمه الله" أربعة معان بهذه العبارة اليوم يناقش الشيخ الأنصاري المعنى الأول والثاني وينفيهما عن الرواية الشريفة ويقول إن معناها يدور ﴿بين المعنى الثالث أو الرابع﴾ وحمل الرواية على المعنى الثالث أو الرابع لا ينفي لزوم المعاطاة نعم حملها على المعنى الأول والثاني ينفي لزوم المعاطاة هذا هو وجه دخالة البحث في بحثنا لأننا نبحث هل المعاطاة تفيد لزوم الملك أو لا فيمكن أن يستدل بهذه الرواية إنما يحلل الكلام ويحرم الكلام فإذا حملنا الكلام على اللفظ إذن الذي يثبت لزوم الحلية أو يثبت الفساد هو اللفظ فالمعاطاة لا تفيد الحلية أو التحريم.

الشيخ الأنصاري يقول بناء على المعنى الأول والثاني هذه الرواية تنفي أن المعاطاة تفيد لزوم الملك ولكن بناء على المعنى الثالث والرابع فإن هذه الرواية أجنبية عن بحث استفادة لزوم الملك من المعاطاة وقبل الشروع في رد الأقوال لا بأس أن نقرأ الرواية ثم نقرأ المراد بالقول الأول ونرده ثم المراد بالقول الثاني ونرده وهكذا.

الرواية كما في آخر سطر من صفحة 60 قلت لأبي عبد الله "عليه السلام" الرجل يجيئني ويقول اشتر لي هذا الثوب وأربحك كذا وكذا فقال أليس إن شاء أخذ وإن شاء ترك؟ قلت بلى قال لا بأس[2] ، إذن الحكم لا بأس يعني يجوز، ثم عقب إنما يحلل الكلام ويحرم الكلام فظاهر السياق أن عبارة إنما يحلل الكلام ويحرم الكلام جيء بها بمثابة التعليل للحكم لا بأس.

ثم نقرأ المراد بالقول الأول صفحة 61، الأول أن يراد من الكلام في المقامين اللفظ الدال على التحليل والتحريم بمعنى أن تحريم شيء وتحليله لا يكون إلا بالنطق بهما.

الشيخ الأنصاري في درس اليوم يقول يرد على حمل الرواية على المعنى الأول إشكالان:

الإشكال الأول لزوم تخصيص الأكثر فما أكثر الأشياء التي تفيد التحليل والتحريم من دون لفظ، أشياء كثيرة مثلا تخمير العنب يفيد تحريمه وتخليل الخمر يفيد تحليله وهذا ليس بلفظ، تنجيس الشيء يفيد تحريمه وتطهيره يفيد تحليله وهذا ليس بلفظ غليان العصير العنب يفيد تحريمه وذهاب ثلثي يفيد تحليله ما أكثر الأمور التي تفيد التحليل وما أكثر الأمور التي تفيد التحريم لكنها من دون لفظ فإذا التزمنا بهذا المعنى الأول إن المراد بالمحلل خصوص اللفظ والمحرم خصوص اللفظ نقول هكذا إنما يحلل الكلام ويحرم الكلام إلا في المتنجس إلا في التخمير إلا في العصير العنبي إلا في إلا في يلزم تخصيص الأكثر وتخصيص الأكثر قبيح عند العقلاء إذن الإشكال الأول على حمل الرواية على المعنى الأول لزوم تخصيص الأكثر.

الإشكال الثاني لو حملنا الرواية على المعنى الأول يلزم أن لا يكون هناك ارتباط بين الحكم لا بأس وبينما هو ظاهر في التعليل له وهو قوله إنما يحلل الكلام ويحرم الكلام.

الرواية ناظرة إلى حيثيتين، الحيثية الأولى حيثية المواعدة والمقاولة، الحيثية الثانية حيثية البيع والعقد الإمام "عليه السلام" يقول يمكن قبل عقد البيع وقبل إيجاب العقد يمكنك أن تعده حتى لو لم تكن البضاعة عندك لأنه المسألة بيع ما ليس عنده اشتر مني هذا الثوب أو أحضر لي هذا الثوب وأنا اشتريه منك إذن الثوب لم يكن حاضراً فأصل المسألة في بيع ما ليس عنده ما لا يوجد عنده، الإمام "عليه السلام" يقول لا بأس يعني يجوز، لا بأس أن تعده لا بأس بهذه المقاولة ما لم توجب البيع ما لم توجب العقد لأن الذي يحرم البيع العقد لأنك تبيع شيء ما موجود إذا بعت شيء ما موجود يصير عقد البيع باطل أما إذا لم تبع لم تعقد لا يوجد هنا تحريم جائز لك أن تواعده، الآن دعنا نحمل الرواية على المعنى الأول.

قلت لأبي عبد الله "عليه السلام" الرجل يجيئني ويقول اشتر لي هذا الثوب وأربحك كذا وكذا هذا على مستوى المواعدة يعني احضر هذا الثوب أنا اشتريه وسيكون لك ربح كذا وكذا، الإمام "عليه السلام" فقال أليس إن شاء أخذ وإن شاء ترك يعني لم يكن هناك عقد بيع هذا ليس إلا وعد ليس إلا مقاولة قلت بلى قال لا بأس يعني تجوز هذه المواعدة لماذا تجوز هذه المواعدة؟ إنما يحلل الكلام ويحرم الكلام يعني إنما يحلل العقد ويحرم العقد لكن بناء على القول الأول إنما يحرم اللفظ ويحلل اللفظ إذا حملناها إنما يحلل اللفظ ويحرم اللفظ صارت المعاطاة ما تحلل ولا تحرم فبناء على حمل الرواية على المعنى الأول يصح الاستدلال بها على نفي اللزوم عن المعاطاة لكن إذا حملنا الرواية على المعنى الأول يصير مطلب الذي هو الحكم لا بأس أجنبي وما هو ظاهر في التعليل إنما يحلل الكلام ويحرم الكلام أجنبي آخر لأن لا بأس ناظر إلى المواعدة إلى الوعد بلفظ أو بغير لفظ وعد وعبارة إنما يحلل الكلام ويحرم الكلام نحملها على اللفظ يعني إنما يحلل اللفظ ويحرم اللفظ يصير هذا لا دخل له في الحكم وهذا إنصافا خلاف ظاهر الرواية، ظاهر الرواية أن عبارة إنما يحلل الكلام ويحرم الكلام ظاهرة في التعليل للحكم هذا هو الإشكال الثاني.

 

تطبيق المتن

قال الشيخ الأنصاري "رحمه الله" ثم إن الظاهر عدم إرادة المعنى الأول، المراد من المعنى الأول حمل الكلام على اللفظ الخاص، اللفظ الخاص بالتحليل واللفظ الخاص بالتحريم، لأنه بناء على الإشكال الأول مع لزوم التخصيص الأكثر يعني تخصيص أكثر الأفراد فإن الكثير من الأفراد يكون التحليل والتحريم منها من دون لفظ كتحريم العصير العنبي إذا غلا وتحليله إذا ذهب ثلثاه حيث إن ظاهره ـ ظاهر الخبر ـ حصر أسباب التحليل والتحريم في الشريعة في اللفظ يعني ظاهر الخبر بناء على المعنى الأول يكون السبب الموجب للتحليل والتحريم اللفظ فقط يعني والحال إن هناك الكثير من المحللات والمحرمات في الشريعة لا تفتقر إلى لفظ.

الإشكال الثاني ثم إن الظاهر عدم إرادة المعنى الأول لأنه مع لزوم تخصيص الأكثر هذا الإشكال الأول يوجب يعني المعنى الأول يوجب عدم ارتباطه بالحكم المذكور عدم ارتباطه الهاء تعود على عدم ارتباط إنما يحلل الكلام ويحرم الكلام، بالحكم المذكور ـ لا بأس الحكم هو الجواز ـ يعني عدم ارتباط إنما يحلل الكلام ويحرم الكلام بالجواز وهو الحكم المذكور في قوله لا بأس في الخبر هذا الحكم المذكور جواباً عن السؤال يعني حكم المذكور في مقابل الجواب على السؤال هذا الحكم المذكور في مقام الجواب على السؤال يعني الجواب مقابل السؤال مع كونه كالتعليل له يعني مع كون إنما يحلل الكلام ويحرم الكلام كالتعليل له يعني للحكم لا بأس لأن ظاهر الحكم ـ لا بأس ـ كما يستفاد من عدة روايات من هذه الروايات

لاحظ هذه الرواية، رواية يحيى بن الحجاج عن أبي عبد الله "عليه السلام" عن رجل قال لي اشتر لي هذا الثوب أو هذه الدابة وبعنيها أربحك فيها كذا وكذا قال لا بأس بذلك أشترها ولا تواجبه البيع يعني لا تأتي بإيجاب وقبول البيع قبل أن تستوجبها أو تشتريها[3] لأن الثوب ما موجودة وسائل الشيعة الباب الثامن من أبواب أحكام العقود الحديث 13.

هذا واضح أنه خصص جواز المواعدة دون عقد البيع وإيجاب البيع لأن إيجاب البيع يقع في إشكال بيع ما لا يوجد يعني يجوز المواعدة بما لا يوجد ولا يجوز البيع للشيء الذي هو غير موجود.

لأن ظاهر الحكم كما يستفاد من عدة روايات أخر تخصيص الجواز لا بأس بما إذا لم يوجب البيع على الرجل يعني لم يجعل البيع واجباً يعني لم يأتي بالإيجاب في عقد البيع إنما قال بعتك هذا إيجاب بما إذا لم يوجب البيع على الرجل قبل شراء المتاع من مالكه يعني أول يروح يشتري المتاع من مالكه الأصلي هذا دلال الرواية فيها دلال، هذه الرواية صريحة يقول له أنت أذهب واشتري هذا الثوب وأنا اشتريه منك هذا الذي سيشتري واسطة فيقول له أنت لا تبيعه قبل ما تذهب وتشتريه أول أذهب اشتريه بعدين تعال بيعه.

تخصيصاً لأن ظاهر الحكم الجواز تخصيص الجواز ـ جواز المواعدة ـ بما إذا لم يوجب البيع على الرجل قبل شراء المتاع يعني قبل شراء الرجل للمتاع من مالكه الأصلي هذا الكلام ولا دخل لاشتراط النطق في التحليل والتحريم في هذا الحكم أصلا الجواز، يقول له يجوز لك أن توعده ما له دخل الحكم اللفظ يحلل أو يحرم فكيف يعلل به يعني فكيف يعلل الحكم باللفظ أنه إنما يحلل الكلام ويحرم الكلام.

المعنى الثاني أن يراد بالكلام اللفظ مع مضمونه وضربنا مثال على المتعة، لا تتحقق إلا بقولها متعتك نفسي ولا يتحقق عقد المتعة بقولها ملكتك بضعي آجرتك بضعي إذن هنا مطلب واحد وهو عقد المتعة لكن يؤدى بلفظين أو أكثر إما لفظ متعتك هذا يحلل أو لفظ آجرتك ملكتك بضعي هذا يحرم إذن عندنا بناء على المعنى الثاني مطلب واحد هذا المطلب له لفظان بخلاف المعنى الثالث، المعنى الثالث مطلب واحد له لفظ واحد إما الزواج فتقول زوجتك يحققه لا تأتي بلفظ زوجتك ما يتحقق إما مطلب الطلاق يتحقق بقولك أنت طالق وما يتحقق إذا لم يقل أنت طالق هذا الفارق بين الثاني والثالث في الثاني مطلب واحد له لفظان أو أكثر في الثالث مطلب واحد له لفظ واحد.

الشيخ الأنصاري "رحمه الله" يقول ما نحن فيه وهو أنه يتواعد ويقاول على البضاعة هذا مطلب واحد وله لفظ واحد وليس لفظين هذا ليس مثل المتعة مطلب واحد لكن له لفظان أو أكثر متعتك نفسي آجرتك نفسي ملكتك بضعي كلا هذا يصير من قبيل الثالث إذا هو زواج إذا قال زوجتك نفسي إذا قالت تم لم تقل ما تم وهكذا إذا هو طلق هذا مطلب واحد إذا قال أنت طالق تم الطلاق لم يقل لا يتم الطلاق الشيخ الأنصاري يقول ما نحن فيه المواعدة على شراء اشتر لي هذا الثوب أنا اشتريه منك، هنا الإمام "عليه السلام" يقول له أنت أكتفي بالمواعدة ولا توجب يعني لفظ واحد إذا أوجبت يعني قلت اشتريت منك يقول تحرم هذه المعاملة لأنك بعت أو اشتريت ما لا يوجد ما موجود عنده هذا دلال هذا يروح يشتري ويأتي به وإذا لم توجب هذه المواعدة حلال إذن الرواية تحمل على المعنى الثالث مطلب واحد وكلام واحد ولا يصح حملها على المعنى الثاني مطلب واحد بكلاميين أو أكثر.

الشيخ الأنصاري يقول وكذا المعنى الثاني ما هو المعنى الثاني؟ أن يراد بالكلام اللفظ مع مضمونه إذ ليس هنا مطلب واحد حتى يكون تأديته يعني تأدية المطلب الواحد بمضمون محللا كما في المتعة متعتك نفسي وبآخر يعني بمضمون آخر محرماً إذا قالت آجرتك بضعي ملكتك بضعي إذا أردنا يصير الكلام أوضح المفروض يقول إذ ليس هنا مطلب واحد فقط يؤدى بمضمونين أو بكلام بل هنا مطلب واحد فقط يؤدى بكلام واحد إذا نرجع إلى حاشية الميرزا فتاح الشهيدي كفاية الطالب في أسرار المكاسب يقول إن المراد منه أنه ليس في مورد السؤال مطلب واحد يؤدى بأكثر من مضمون واحد حتى يكون تأدية المطلب الواحد بمضمون محللا كقوله متعت نفسي وبمضمون آخر محرما كقوله آجرتك نفسي كي يصبح قوله يحرم الكلام ويحلل الكلام تعليلاً للحكم المذكور لما عرفت من أن الموجود في مورد السؤال مطلب واحد وهو عدم جواز بيع المتاع قبل شرائه وهو لا ربط له بالتعليل المذكور يعني الرواية ناظرة إلى هذا، إذن اتضح أنه ينطبق على الثالث المعنى الثالث ما هو المعنى الثالث؟ أن يراد بالكلام في الفقرتين الكلام الواحد ويكون تحليله وتحريمه باعتبار وجود الكلام الواحد وعدم وجوده، وجود لفظ الزواج وعدم وجوده وجود لفظ الطلاق وعدم وجوده، يقول وتعين المعنى الثالث وهو أن الكلام الدال على الالتزام بالبيع لا يحرم هذه المعاملة إلا وجوده قبل شراء العين، وجوده يعني وجود عقد البيع إذا عقد البيع حرمت المعاملة لأنه باع ما لا يوجد وهذا ساعات يصير في السوق أنت تذهب إلى سوق المواد الغذائية يا فلان هذا الجبس زين أأخذ للأولاد منه لا يوجد أنا اشتريه وأأتي به إليك، هو الآن لا يملكه، يقول له كم سعره؟ يقول له بدينار يعطيه الدينار هذا مشكل باع ما لا يوجد عنده يقول تواعد معه أنت أأتي إلي بعشرين كيس وأنا اشتري منك مواعدة أما تفضل هذا عشرين دينار أعطني عشرين كيس هذا مشكل فإذا قال بعتك هذه بعتك العقد حرم المعاملة لكن إذا لم يقل بعتك تحللت المعاملة هنا لم يقل بعتك بعد ما صار أن يحلل الكلام ويحرم الكلام يعني ما صرنا دائماً نحتاج إلى لفظ لتحليل المعاملة يكفي العدم بالتالي هذه لا يستدل بها على عدم لزوم الملك من المعاطاة بخلاف المعنى الثاني.

المعنى الثاني كلام يحلل وكلام آخر يحرم يعني ليس المحلل والمحرم هو المعاطاة وإنما الذي يحلل ويحرم هو خصوص اللفظ الموجود لكن بناء على المعنى الثالث يحرم وجود اللفظ لكن ما يحرم عدم وجوده يحلل عدم وجوده.

فتعين المعنى الثالث وهو أن الكلام الدال على الالتزام بالبيع يعني المواعدة المقاولة على البيع لا يحرم هذه المعاملة إلا وجوده يعني وجود الكلام على الالتزام بالبيع قبل شراء العين التي يريدها الرجل، لماذا يحرم؟ لأنه بيع ما ليس عنده لا يجوز له أن يبيع ما ليس عنده ولا يحلل هذه المعاملة إلا عدمه يعني عدم الكلام الدال على الالتزام بالبيع إذن الكلام الدال على الالتزام بالبيع يراد به يعني عقد البيع وليس المواعدة.

فتعين المعنى الثالث وهو أن الكلام الدال على الالتزام بالبيع يعني عقد البيع الإيجاب والقبول لا يحرم هذه المعاملة إلا وجوده وجود الكلام الدال على الالتزام بالبيع قبل شراء العين التي يريدها الرجل يعني قبل ما هذا الدلال الواسطة يذهب ويشتري البضاعة التي يريدها الرجل الثوب الذي أراده الرجل لماذا يحرم وجوده قبل الشراء؟ لأنه بيع ما ليس عنده يعني لأن الدلال قد باع ثوباً ليس عنده لأنه بيع المبيع الذي ليس عنده ولا يحلل إلا عدمه يعني عدم الكلام الدال على الالتزام بالبيع إذ مع عدم الكلام الموجب لالتزام البيع لم يحصل إلا التواعد بالمبايعة وهو التواعد غير مؤثر إذ لم يحصل عقد البيع فحاصل الرواية إن سبب التحليل والتحريم في هذه المعاملة منحصر في الكلام عدماً ووجوداً عدم الكلام محلل وجود الكلام عقد البيع محرم.

المعنى الرابع أن يراد بالكلام المحلل خصوص المقاولة والمواعدة والكلام المحرم إيجاد البيع وإيقاعه واضحة الرواية في هذا.

أو المعنى الرابع وهو أن المقاولة والمراضاة مع المشتري الثاني قبل اشتراء العين محلل للمعاملة وإيجاب البيع معه ـ مع المشتري الثاني ـ محرم لها، معروف من هو المشتري الثاني لأنه يوجد كذا مشتري، يوجد عندنا المشتري الذي طلب البضاعة ويوجد عندنا الدلال الذي سيذهب ويشتري البضاعة التي طلبها.

يقول وهو أن المقاولة والمراضاة مع المشتري الثاني ـ طالب البضاعة يعني يحصل تراضي بين الدلال والمشتري الثاني الذي هو طالب البضاعة، الدلال هو المشتري الأول ـ وهو أن المقاولة والمراضاة بين المشتري الأول وهو الدلال مع المشتري الثاني طالب البضاعة قبل اشتراء العين محلل للمعاملة، المواعدة تحلل المعاملة وإيجاب البيع معه يعني مع المشتري الثاني محرم للمعاملة وعلى كلا المعنيين الثالث والرابع يسقط الخبر عن الدلالة على اعتبار الكلام في التحليل بعد لا يشترط الكلام في التحليل يكفي عدم الكلام بناء على المعنى الثالث والرابع أن المواعدة تحلل ذكر لفظ البيع يحرم صار التحليل ما يحتاج إلى لفظ فيشمل المعاطاة ولا يختص بخصوص المعاملات اللفظية القولية.

وعلى كلا المعنيين يسقط الخبر عن الدلالة على اعتبار الكلام في التحليل كما هو المقصود في مسألة المعاطاة، الآن يتكلم عن استظهار آخر وهو أنه هنا المعاطاة أصلا غير معقولة قوله إنما يحلل الكلام ويحرم الكلام ناظر أصلا إلى المعاملات اللفظية لا المعاطاة لأن الثوب أصلا ما كان عنده، الدليل يقول اشتر لي هذا الثوب، أنت أذهب واشتري هذا الثوب وأنا اشتريه منك يعني المعاطاة غير معقولة.

نعم يمكن استظهار اعتبار الكلام في إيجاب البيع بوجه آخر حمل هذه الرواية على خصوص المعاملة اللفظية لعدم إمكان المعاطاة بعدما عرفت من أن المراد بالكلام هو إيجاب البيع بأن يقال إن حصر المحلل والمحرم في الكلام لا يتأتى إلا مع انحصار إيجاب البيع في الكلام إذ لو وقع البيع بغير الكلام لم ينحصر المحلل والمحرم في الكلام إلا أن يقال إن وجه انحصار إيجاب البيع في الكلام في مورد الرواية هو عدم إمكان المعاطاة في خصوص المورد إذ المفروض أن المبيع عند مالكه الأول لأن المبيع ما موجود عند الدلال فتأمل لعله إشارة إلى إمكانية أن تتحقق المعاطاة في هذه الرواية ويتمسك ببعض الألفاظ الدالة على ذلك كما لو قال اشتر لي هذا الثوب فمن قوله هذا الثوب يظهر أن الثوب كان موجوداً عند المتواعد أو المقاول أو تحصل المعاطاة بدفع الثمن من طرف واحد أنا الآن سوف أعطيك الثمن وأنت أحضر لي فيما بعد المبيع فالمعاطاة ممكنة بتقديم الثمن معاطاة مع إيراد الثوب والبضاعة بعد ذلك فإذن المعاطاة ممكنة حتى لو لم تكن البضاعة موجودة.

وكيف كان سواء حملنا الرواية على المعنى الأول أو على المعنى الثاني فلا تخلو الرواية عن إشعار أو ظهور كما يشعر به قوله "عليه السلام" في رواية أخرى واردة في هذا الحكم أيضا وهي رواية يحيى بن الحجاج عن أبي عبد الله "عليه السلام".

ما الفرق بين الإشعار والظهور؟ الظهور إذا تم الاستظهار والاستدلال وأما الإشعار يعني إذا وجدت إشكالات تمنع هذا الظهور ولكن الرواية على الرغم من وجود الإشكالات فيها إشارة هذا الفارق بين الإشعار والظهور، الإشعار يعني الإشارة التي لا ترقى إلى مستوى الظهور فإما نستظهر من الرواية إذا ما استظهرنا نقول تشعر وتشير وهي رواية يحيى بن الحجاج عن أبي عبد الله "عليه السلام" عن رجل قال لي اشتر لي هذا الثوب أو هذه الدابة وبعنيها أربحك فيها كذا وكذا، هذه الدابة يعني المبيع موجود اشتر لي هذا الثوب يعني الدلال موجود معه ومر على بائع قال اشتر لي هذا الثوب وأنا اشتريه منه.

قال لا بأس بذلك اشترها موجودة فهذا دليل حتى المعاطاة تصير فيها موجودة ولا تواجبه البيع قبل أن تستوجبها أو تشتريها[4] فإن الظاهر أن المراد من مواجبة البيع ليس مجرد إعطاء العين للمشتري وإنما العقد ويشعر به أيضا رواية العلاء الواردة في نسبة الربح إلى أصل المال قال قلت لأبي عبد الله "عليه السلام" الرجل يريد أن يبيع بيعاً فيقول أبيعك بده دوازده بالفارسي، بده يعني بعشرة دوازده أثنى عشر بالفارسي، في نسخة أو ده يازده، ده يعني عشرة ويازده يعني إحدى عشر هذا السائل فارسي يسأل الإمام، الإمام يعرف كل اللغات فقال لا بأس يعني هذا الترديد عشرة أحدى عشر عشرة أثنى عشر هذا ليس مشكلة هذا الترديد لأنه على مستوى المواعدة، الترديد يصير مشكل إذا في عقد البيع، عقد البيع لازم الثمن والمثمن متعيناً متشخصاً فقال لا بأس إنما هذه المراوضة ـ هذه المواعدة ـ فإذا جمع البيع جعله جملة واحدة[5] يعني إذا أراد يتعاقد لابد أن يكون معيناً إما ده أو يازده أو دوازده فإن ظاهره على ما فهمه بعض الشراح ـ وهو المحدث الكاشاني في الوافي ـ أنه لا يكره ذلك يعني الترديد بين عشرة إحدى عشر وأثنى عشر في المقاولة يعني في المواعدة التي قبل العقد وإنما يكره حين العقد الترديد حين العقد هذا مشكل وفي صحيحة أبن سنان لا بأس بأن تبيع الرجل المتاع ليس عندك تساومه ثم تشتري له نحو الذي طلب ثم توجبه على نفسك ثم تبيعه منه بعد[6] تكلم عن هذه الخطوات.

إلى هنا أتضح أولا إن المعاطاة تفيد الملك لا الإباحة ثانياً إن المعاطاة تفيد الملك اللازم لا الملك المتزلزل هذه الرواية إنما يحلل الكلام ويحرم الكلام لا تنفي لزوم المعاطاة إذا ثبت لزوم المعاطاة يقع الكلام في تنبيهات المعاطاة، هناك عدة مسائل نبه عليها الشيخ الأنصاري وينبغي التنبيه على أمور الأول يأتي عليه الكلام.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo