< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

41/05/12

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع: الدرس الثامن والثلاثون: التنبيه الثاني: حكم اعطاء من جانب واحد

 

الأمر الثاني إن المتيقن من مورد المعاطاة هو حصول التعاطي فعلا من الطرفين.[1]

 

خلاصة الدرس

انتهينا من التنبيه الأول من تنبيهات المعاطاة واتضح أن الشيخ الأعظم الأنصاري "رحمه الله" يرى أن المعاطاة حقيقة في البيع وأن جميع شروط البيع معتبرة في المعاطاة عدى التلفظ بالصيغة اليوم نشرع في التنبيه الثاني الذي يتكلم فيه الشيخ الأنصاري عن حكم الإعطاء من جانب واحد ففي المعاطاة يعطي البائع المبيع والمثمن ويعطي المشتري الثمن والعوض هذا هو القدر المتيقن من المعاطاة فكل من المتبايعين وكل من المتعاطيين يعطي ويسلم العوض أو المعوض هذا هو القدر المتيقن من المعاطاة

ولكن لو تم الإعطاء من جانب واحد فقط كما لو أعطى البائع المبيع والمثمن للمشتري وسلمه إياه لكن المشتري لم يسلمه الثمن أو أعطى المشتري البائع الثمن ولم يسلمه البائع المثمن والمبيع السؤال فهل تكون هذه المعاملة صحيحة وهل يصدق عليها عنوان المعاطاة فالقدر المتيقن من المعاطاة حصول التعاطي فعلا وبالفعل من الطرفين فبناء على أن المعاطاة تفيد الملك أو الإباحة فإن الملك أو الإباحة يحصلان بإعطاء كل منهما للآخر عوضه ولكن لو أعطا أحدهما فقط العوض ولم يعطي الآخر معوضه مع اتفاقهما على المعاملة فهل يصدق على مثل هذه المعاملة أنها معاطاة أو لا؟

الجواب تارة نتكلم بناء على الملكية وتارة نتكلم بناء على الإباحة، قد يقال بناء على الملكية والإباحة لا يحصل التمليك ولا تحصل الإباحة لأن عنوان المعاوضة أن يكون كل منهما قد عوض الآخر لا يصدق في المقام لأن التمليك لشيء إنما يكون في مقابل شيء آخر وكذا إباحة الشيء في مقابل إباحة الآخر وهنا لم يحصل التمليك في مقابل التمليك ولم تحصل الإباحة في مقابل الإباحة لكن لو رجعنا إلى كلمات متأخر المتأخرين كالمحقق الكركي والسيد المجاهد والشيخ كاشف الغطاء وصاحب الجواهر وصاحب الحدائق وصاحب مفتاح الكرامة فإننا نجد أنهم يجرون إما عنوان المعاطاة أو حكم المعاطاة فالقدر المتيقن هو أنهم رتبوا حكم المعاطاة وإن لم يصدق عليها عنوان المعاطاة موضوعا لكنهم رتبوا أثر المعاطاة حكماً.

النتيجة التعاطي من طرف واحد بناء على قول متأخر المتأخرين تام حكماً إنما الكلام كل الكلام في صدق الموضوع وإن تم الاتفاق على ثبوت الحكم عند المتأخرين.

 

تطبيق المتن

قال الشيخ الأنصاري "رحمه الله" الأمر الثاني من تنبيهات المعاطاة إن المتيقن يعني القدر المتيقن من مورد المعاطاة هو حصول التعاطي فعلا يعني بالفعل كل منهما يعطي العوض، من الطرفين البائع أو المشتري فالملك أو الإباحة في كل منهما ـ من الطرفين ـ بالإعطاء يعني يحصل الملك أو الإباحة لكل من الطرفين بسبب الإعطاء فالإعطاء سبب وتملك الطرف للشيء أو إباحته له مسبب فلو حصل الإعطاء من جانب واحد لم يحصل ما يوجب يعني ما يقتضي إباحة الآخر أو ملكيته، إباحة الآخر بناء على القول بالإباحة، ملكية الآخر بناء على القول بالملكية، فلا يتحقق المعاوضة ولا الإباحة رأساً يعني من أول الأمر لأن كلا منهما ملك أو مباح، كلا منهما يعني المعاوضة والإباحة، ملك بناء على المعاوضة، مباح بناء على الإباحة، لأن كلا منهما ملك أو مباح في مقابل ملكية الآخر أو إباحة الآخر، إذن هذا بلحاظ مفهوم المعاطاة بشكل أولي يعني بالنظر إلى الموضوع ما يتحقق الموضوع، الإعطاء سبب والملكية والإباحة مسبب تم السبب من طرف واحد دون الطرف الثاني.

إلا أن الظاهر من جماعة من متأخر المتأخرين تبعاً للشهيد الأول في الدروس[2] وهم المحقق الكركي في حاشية الإرشاد والسيد المجاهد في المناهل[3] والشيخ جعفر كاشف الغطاء في شرحه على القواعد والشيخ صاحب الجواهر في جواهر الكلام جزء 22 صفحة 238 [4] ويظهر أيضا هذا الكلام من الشيخ يوسف البحراني في الحدائق جزء 18 صفحة 364 ومن السيد جواد العاملي في مفتاح الكرامة الجزء الرابع صفحة 158 [5] هؤلاء كلهم متأخرون عن الشهيد الأول.

الظاهر من جماعة من متأخر المتأخرين جعله من المعاطاة يعني جعل الإعطاء من جانب واحد من المعاطاة، إذا قلنا جعله من المعاطاة فظاهر ذلك أنه صدق الموضوع موضوع المعاطاة يصدق.

يناقش الشيخ الأنصاري يقول ولا ريب أنه لا يصدق معنى المعاطاة يعني موضوع وعنوان المعاطاة لا يصدق على الإعطاء من طرف واحد لكن هذا يعني عدم صدق معنى المعاطاة لا يقدح يعني لا يضر في جريان حكمها عليه يعني في جريان حكم المعاطاة عليه على الإعطاء من طرف واحد، ما هو الحكم؟ صحة المعاملة، ما هو الوجه في العموم؟ الجواب أحل الله البيع هذا العام يشمل كل بيع فعلي وهنا الإعطاء من طرف واحد يصدق عليه عنوان البيع لأن المعطي قصد البيع والمعطى قصد البيع أيضا وإن لم يعطي ويسلم العوض إذن الصغرى فعلية بيع الفعل موجود فنطبق عليه الكبرى عموم أحل الله البيع.

يقول بناء على عموم الحكم يعني شمول الحكم لكل بيع فعلي والإعطاء من طرف واحد بيع فعلي فيكون اقباض أحد العوضين من مالكه تمليكاً له بعوض إما يقصد يملكه بعوض تمليكاً يعني لما أعطاه بعوض يعني مقابل عوض آخر أو مبيحاً له به يعني أو مبيحاً لما أعطاه بعوض يعني إما تمليك في مقابل تمليك أو إباحة في مقابل إباحة وأخذ الآخر له يعني ويكون أخذ الآخر الذي لم يعطي له يعني أخذه لما أعطي تملكا له بالعوض يعني تملكا لما أعطي بعوض يعني مقابل أن يدفع عوض أو إباحة له بإزائه يعني أو إباحة للمعطى في الشيء الذي أعطي بعوض، وأخذ الآخر وهو المعطى له لما أعطي تملكاً له لما أعطي بالعوض مقابل العوض هذا بناء على القول بالملكية والتمليك أو إباحة له إباحة للمعطى بإزائه يعني بإزاء العوض يعني في مقابل العوض إباحة في مقابل إباحة فلو كان المعطى هو الثمن وهذا واجب متداول الآن أصلا أغلب البيوع هكذا هذا المبلغ كذا احضر لنا كذا وأحضرها بعد يوم أو يومين.

فلو كان المعطى هو الثمن كان دفعه يعني دفع الثمن يعني كان دفع المشتري للثمن للبائع على القول بالملك بناء على القول بالملك والبيع اشتراء يعني اشتراء من المشتري دفع المشتري للثمن يعني أن المشتري قد اشترى، اشتراء يعني تحقق الاشتراء فهذه اشتراء خبر كان، كان المعطى اشتراء، وأخذه يعني وكان أخذه ـ أخذ الثمن ـ من الآخذ؟ البائع، بيعاً للمثمن به يعني بالثمن يعني في مقابل الثمن يعني قبض البائع للثمن عبارة عن بيع البائع للمبيع في مقابل هذا الثمن فلو كان المعطى هو الثمن كان دفعه الثمن على القول بالملك والبيع اشتراء إذن دفع المشتري شراء وقبض المالك بيع وأخذه ـ وأخذ الثمن ـ بيعا يعني وكان أخذ البائع للثمن بيعا هذه بيعا اسم كان المحذوفة المقدرة، بيعاً للمثمن يعني للمبيع به بالثمن فيحصل الإيجاب والقبول الفعليان، فعلية الثمن بدفعه وفعلية المثمن بقبضه يعني صار بفعل واحد لا بفعلين فيحصل الإيجاب والقبول الفعليان بفعل واحد في زمان واحد،

ما هو الفعل الواحد؟ دفع المشتري للثمن وقبض البائع له، هل هذا صحيح؟ الجواب تارة نتكلم بناء على التمليك وتارة نتكلم بناء على الإباحة أما بناء على التمليك فواضح فإنه قد حصل التمليك من كلا الطرفين فالمشتري بدفعه للثمن قد ملك البائع للثمن والبائع بقبضه للثمن قد ملك المشتري للمثمن الذي لم يدفعه بعد بناء على التمليك واضح إنما الكلام بناء على الإباحة فبدفع المشتري للثمن يكون قد أباح الثمن للبائع لكن هل البائع بقبضه للثمن يكون قد أباح له المبيع هذا غير معلوم فقد يقال هذه إباحة مجردة وليست إباحة بعوض إلا إذا ادعينا قيام السيرة على ذلك أن الدافع بدفعه للثمن يكون قد أباح الثمن ويكون المستلم له قد أباح المثمن، طبعاً قيام السيرة قديما سيرة المتشرعة أو سيرة العقلاء تحتاج إلى تأمل ولكن مؤخراً هذا أصبح من المسلمات، الآن توجد ثلاجات في الطرقات تدخل المبلغ ويخرج لك عصير أو مشروبات غازية أو كاكاو أصلا لا يوجد طرف آخر لا يوجد بشر آخر في مقام التعامل والكثير من المعاملات الالكترونية تدخل على موقع الانترنت وتختار البضاعة وتسحب من البطاقة البنكية وتأتيك الأغراض إلى البيت بل أحيانا طرفين لا يوجد بعض الثلاجات فيها نظام الكتروني بمجرد أن يقصر شيء هي متصلة بالسوبر ماركت، يكسر لحم سمك دجاج هي على اتصال بالسوبر ماركت، السوبر ماركت يحضر اللحم أو السمك أو الدجاج أو... بعد هذا لا معطي ولا معطى هذه من المسائل الحديثة.

يقول ثم صحة هذا يعني الإعطاء من طرف واحد على القول بكون المعاطاة بيعا مملكاً واضحة إذ يدل عليها ما دل على صحة المعاطاة من الطرفين، ما هو الذي دل عليها؟ أنه بيع عرفي وهذا بيع عرفي فيتم المطلوب وأما على القول بالإباحة فيشكل بأنه بعد عدم حصول الملك بها ـ بالمعاطاة ـ لا دليل على تأثيرها في الإباحة لا دليل على تأثير المعاطاة من طرف واحد في الإباحة اللهم إلا أن يدعى هذا المخرج وهو قيام السيرة عليها كقيامها على المعاطاة الحقيقية يعني كما قامت سيرة العقلاء على صحة المعاطاة الحقيقية المتقومة بالطرفين قامت سيرة العقلاء على ترتيب اثر وحكم المعاطاة التي من طرفين على المعاطاة من طرف واحد. إلى هنا أخذنا حكم الإعطاء من طرف واحد الآن يتكلم عن مسألة أخرى ترتبط بهذا الموضوع وهو الإيصال فقط خصوصا في الأمور الحقيرة والصغيرة كان متداول، مثلا سقاء الماء يضع سلة أنت تأتي تضع المبلغ وتأخذ قربة الماء يمكن هو ما موجود أو بائع الخضروات هو غير موجود أنت تضع المبلغ وتأخذ هذه الحصة يعني الثلاجة أم المشروبات الغازية كانت مطبقة في مثال بائع الخضروات والسقاء في ذلك الزمان وهكذا صاحب الحمام تأتي موجود مكان سلة تضع فيها المبلغ تستحمم وتخرج صاحب الحمام ما موجود.

ما هو المعيار والضابط في المعاطاة حتى من خلاله نستطيع أن نطبق على المصاديق المختلفة؟ الضابط هو واضح جداً وصول كلا العوضين أو أحدهما مع الرضا بالتصرف فمتى ما صدق هذا العنوان وصل كلا العوضين أو أحدهما مع الرضا بالتصرف صدقت المعاطاة بناء على هذا كثير من المعاملات تتم المهم يصل أحد العوضين الثمن أو المثمن وهذا هو المتعامل به إما تجده يعطيك البطيخة يقول لك ما عندك أفلوس بعدين أأتي بالمبلغ أو تعطيه الثمن يقول إلى الآن ما وصل البطيخ إن شاء الله حينما يأتي أرسله لك إلى البيت.

قال وربما يدعى انعقاد المعاطاة بمجرد إيصال الثمن وأخذ المثمن من غير صدق إعطاء أصلا تسليم ما صدق فضلا عن التعاطي يعني تعاطي الطرفين إعطاء من طرف واحد ما يصدق يصدق إيصال وليس إعطاء كما تعارف أخذ الماء مع غيبة السقاء، السقاء غير موجود ويأخذون الماء ووضع الفلس في المكان المعد له ـ للفلس ـ إذا علم من حال السقاء الرضاء بذلك يعني الرضا بأخذ الماء مقابل وضع الفلس في مكانه المخصص وكذا غير الماء من المحقرات كالخضروات ونحوها في الأمور الخطيرة قيمة بيت ما يتساهلون يأتي بشهود ومواثيق هذه الأيام ويبصم وإقرار ووثيقة وانه استلم.

وكذا غير الماء من المحقرات كالخضروات ونحوها ومن هذا القبيل أنه إيصال وليس بإعطاء الدخول في الحمام ووضع الأجرة في الكوز ـ وعاء ـ صاحب الحمام مع غيبته ـ مع غيبة صاحب الحمام ـ فالمعيار في المعاطاة وصول العوضين أو أحدهما مع الرضا بالتصرف ويظهر ذلك هذا المعيار من المحقق الأردبيلي "رحمه الله" أيضا في مسألة المعاطاة[6] ، مجمع الفائدة والبرهان الجزء الثامن صفحة 141 وسيأتي توضيح ذلك في مقامه إن شاء الله صفحة 112 و113 توضيح المعيار في ضابط المعاطاة.

أحيانا المعاطاة تخلو من الإعطاء مباشرة، أول شيء تنازلنا قلنا لا توجد مشكلة كليهما يعطون يكفي واحد يعطي الآن كليهما ما يعطون كليهما يتقاولون اشتري منك هذا وتبيعني إياه أنا سأدفع لك عشرة دينار وأنت تدفع لي هذا المبيع بعد لا صار إعطاء ولا صار إيصال صار تقاول على مبادلة شيء بشي يعني تواعد من غير إيصال، هذه المقاولة أو المواعدة لا شك أنها توجب التمليك إذا صدق البيع عرفاً، أحياناً العرف ما يعتبرها هذه مجرد مقاولة أو معاودة يقول له فلان أنا احتاج كذا قطعة بكم؟ قال له بكذا قال تم هذا العرف لا يرى أنها مواعدة ومقاولة يرى أنها بيع إذا هي بيع عرفي يشملها عموم أحل الله البيع لكن هذه كيف تخرجها بناء على الإباحة مشكل تخريجها على الإباحة لأنه احتاج كذا قطعة من البرد بكم؟ قال بكذا قال تم ولا سلمه شيء يعني لا أباح له الآن البرد ولا أباح له الفلوس كيف تخرجه؟ فهذا تخريجه مشكل بناء على القول بالإباحة فيكون الإشكال المتقدم في الإعطاء أو الإيصال من طرف واحد يثبت بشكل قوي وآكد في عدم الإيصال وعدم الإعطاء.

قال ثم إنه لو قلنا بأن اللفظ الغير معتبر في العقد كالفعل في انعقاد المعاطاة يعني كما أن الفعل يعقد المعاطاة يعني اللفظ الغير المعتبر في العقد لأنه ليس كلامنا في البيع اللفظي كلامنا في المعاطاة فهذا بمثابة الفعل في انعقاد المعاطاة أمكن خلو المعاطاة من الإعطاء والإيصال رأساً يعني من كلا الطرفين لا يوجد إعطاء ولا يوجد إيصال فيتقاولان يعني يتواعدان على مبادلة شيء بشيء من غير إيصال ولا يبعد صحته يعني صحة التقاول على مبادلة شيء بشيء من غير إيصال لكن مع صدق البيع يعني صدق عنوان البيع عليه على هذا التقاول بناء على الملك، بناء على الملك هذا يتم، متى يتم؟ لو صدق البيع العرفي عليه فنتمسك بعموم أحل الله البيع وحرم الربا وأما على القول بالإباحة فالإشكال المتقدم وهو عدم صدق الإباحة حينما قال الفقرة الثانية من صفحة 75 وأما على القول بالإباحة فيشكل بأنه بعد عدم حصول الملك بها لا دليل على تأثيرها في الإباحة اللهم إلا أن يدعى قيام السيرة عليها كقيامها على المعاطاة الحقيقية، قيام السيرة في ذلك المورد إعطاء من طرف واحد ربما أحد يدعي أما في هذا المورد لا إعطاء ولا إيصال مجرد مواعدة قد يقال هذا ليس بيعا وإنما هذا مقاولة أو مواعدة، وأما على القول بالإباحة فالإشكال المتقدم وهو عدم وجود دليل على صحة هذه الإباحة هنا يعني عند المقاولة على مبادلة شيء بشيء آكد يكون ذلك الإشكال أقوى وآكد هنا، هذا تمام الكلام في التنبيه الثاني واتضح صحة المعاطاة من طرف واحد بل صحة الإيصال بل صحة التقاول والمواعدة بناء على الملك أما بناء على الإباحة ففيه إشكال.

التنبيه الثالث من تنبيهات المعاطاة يأتي عليه الكلام.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo