< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

41/05/16

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: الدرس الأربعون: الأمر الرابع: أقسام المعاطاة بحسب قصد المتعاطيين

 

الأمر الرابع إن أصل المعاطاة وهي إعطاء كل منهما الآخر ماله يتصور بحسب قصد المتعاطيين على وجوه.[1]

 

خلاصة الدرس

تطرق الشيخ الأنصاري "رحمه الله" في التنبيه الرابع إلى أربع صور هذه الصور الأربع هي عبارة عن أقسام المعاطاة بحسب قصد المتعاطيين وأقسام المعاطاة حسب قصد المتعاطيين لا تنحصر في أربعة بل ذكر المحقق الإيرواني في حاشيته على المكاسب[2] الجزء الأول صفحة 84 أن الأقسام تصل إلى عشرة لكن الشيخ الأنصاري "رحمه الله" أقتصر على هذه الأربعة لأنها وقعت محلا للنقض والإبرام وصار فيها قيل وقال وإشكالات وأجوبة فذكر هذه الأقسام الأربعة وخلاصتها إن القسم الأول يندرج تحت المعاطاة بينما القسم الثاني يخرج عن المعاطاة وأما القسم الثالث والرابع ففيهما إشكالات يأتي الكلام عليهما.

أما القسم الأول فخلاصته أنه عبارة عن الملك في مقابل الملك أي المملوك في مقابل المملوك وأما القسم الثاني فهو عبارة عن التمليك في مقابل التمليك بينما القسم الثالث عبارة عن الإباحة في مقابل التمليك ويبقى القسم الرابع والأخير وهو عبارة عن الإباحة في مقابل الإباحة هذه صور أربعة ملك في مقابل ملك هذا الأول وتمليك في مقابل تمليك هذا الثاني وإباحة في مقابل تمليك هذا الثالث وإباحة في مقابل إباحة هذا الرابع وأما تفصيل الكلام في هذه الأربعة فهو كما يلي:

القسم الأول ومن الواضح أننا ندرس المعاطاة التي هي عبارة عن إعطاء كل من المتعاطيين الآخر لماله كما أنه من الواضح أن هذه الأقسام بلحاظ قصد المتعاطيين القسم الأول أن يقصد كل من المتعاطيين تمليك ماله للآخر فيكون الدافع الأول يدفع ماله مقابل ما يدفعه له لاحقاً الدافع الثاني فيكون الدافع الأول موجباً ويكون الآخذ الذي هو الدافع الثاني بأخذه قابلا فتتم المعاطاة بدفع واستلام الدفعة الأولى حتى لو لم تتم ولم يتم دفع الدفعة الثانية واستلام الدفعة الثانية فإذن الدافع الأول حينما دفع ما يملكه يكون قد أنشأ التمليك والدافع الثاني حينما يأخذ ويستلم ما دفعه الدافع الأول يكون قد قبل ذلك التمليك الذي أنشأه الدافع الأول فإذن يتم الإيجاب والقبول بالدفعة الأولى بدفع العين الأولى وقبضها دفع العين الأولى إيجاب وقبض العين الأولى قبول ويترتب على ذلك أنه لو مات الدافع الثاني قبل أن يدفع فهل تتم هذه المعاملة أو لا؟ نعم تتم هذه المعاملة ويجب على ورثته أن يدفعوا الدفعة الثانية التي التزم بها الدافع الثاني وأراد أن يدفعها للدافع الأول.

وإذا أردنا التدقيق والتحقيق فإن عنوان معاطاة على وزن مفاعلة والمفاعلة كمقاتلة تتقوم بطرفين قاتل مقاتلة فلو قاتل واحد منهما دون الآخر لا يصدق عنوان المقاتلة لأن المقاتلة والمبارزة تتقوم بالاثنينية الأول يقتل والثاني يقتل الأول يبارز والثاني أيضا يبارز فلو برز الأول وفر الثاني لا يصدق عنوان مبارزة ولو قاتل الأول وفر الثاني لا يصدق عنوان مقاتلة فإذا اقتصرنا على المعاطاة المأخوذة من صيغة المفاعلة فإن المعاطاة لا تتم بدفع الأول دون الثاني بل لابد من الاثنينية هذا المعنى الأول للمعاطاة المنتزع من صيغة مفاعلة فاعل مفاعلة وأما العنوان الثاني للمعاطاة فيراد به الفعلية في مقابل اللفظية أي المعاملة المتقومة بالفعل في مقابل المعاملة المتقومة باللفظ وما نحن فيه من قبيل المعنى الثاني لا المعنى الأول فإن إعطاء الدافع الأول لماله للثاني من دون تلفظ يصدق عليه أنه إعطاء فعلي وإن لم يدفع الثاني للأول ولكن لو نظرنا إلى الفعل فإن المعطي الأول موجب والآخذ الثاني قابل بأخذه فإن الفعلين يقومان مقام الإيجاب والقبول اللفظيين فتصدق المعاطاة بالمعنى الثاني أي المعاملة الفعلية في مقابل المعاملة اللفظية ومن الواضح أن المعاملة الفعلية تصدق بمجرد إعطاء الأول واستلام الثاني ولا تتوقف على دفع الثاني واستلام الأول فحقيقة البيع وحقيقة المعاطاة الفعلية تتم بإعطاء الأول وقبض الثاني ولا تتوقف على دفع الثاني وقبض الأول ولكن هذه المعاملة الفعلية لا يصدق عليها أنها معاطاة بالمعنى الثاني وهي المعاطاة المنتزعة من صيغة مفاعلة المتقومة بالطرفين وبفعل الطرفين إذا تم هذا بناء على المعنى الثاني وهو أن المراد بالمعاطاة المعاملة الفعلية في مقابل المعاملة اللفظية نجد أن الكثير من المعاملات الفقهية التي جاءت على صيغة مفاعلة تتحقق بإيجاب الطرف الأول وقبول الطرف الثاني مثل عنوان المصالحة لا نشترط أن الأول يصالح والثاني أيضا يصالح يكفي الأول يصالح والثاني يقبل عنوان المساقات وسقي الزرع لا يشترط أن الأول يساقي والثاني يساقي الأول يوجب عقد المساقات والثاني يقبل المزارعة لا يشترط أن يقوم كل منهما بالمزارعة يكفي أن يوجب الأول عقد المزارعة وأن يقبل الثاني عقد المزارعة وهكذا المآجرة يكفي أن يؤجر الأول ويقبل الثاني ولا يراد أن يآجر الأول ويآجر الثاني وغيرها من ألفاظ المعاملات التي جاءت على وزن مفاعلة فاعل مفاعلة فإن الكثير منها لم يؤخذ بالمعنى الأول يعني تقومها بفعل الطرفين أو بلفظ الطرفين وإنما أخذ فيها المعاملة الفعلية والتي يكفي فيها أن يوجب الأول ويقبل الثاني وبناء على هذا المعنى للمعاطاة عندنا معاطاة في الرهن عندنا معاطاة في القرض عندنا معاطاة في الهبة ففي الهبة يكفي أن يعطي الواهب ويقبض المتهب وفي الرهن يكفي أن يدفع الراهن وأن يقبض المرتهن وهكذا في القرض يكفي أن يقرض المعطي وأن يقترض ويقبل المقترض.

إلى هنا اتضح ما يلي أولا القسم الأول عبارة عن ملك في مقابل ملك مملوك في مقابل مملوك عين في مقابل عين فهذا يصدق عليه عنوان البيع مبادلة مال بمال.

وثانيا المدار على الفعلية فلا يراد بالمعاطاة لزوم صدور الفعل من الطرفين بل يكفي صدوره من طرف واحد وتتم المعاطاة الفعلية بدفع الأول قبض الثاني فلو لم يدفع الثاني للأول تكون المعاملة صحيحة ويطلق عليها أنها معاطاة، ثالثا بناء على أن المراد بالمعاطاة المعاطاة الفعلية في مقابل المعاطاة اللفظية لا المعاطاة المتقومة بفعل الطرفين ولزوم حصول الفعل من كلا الطرفين في هذه الحالة يمكن أن نطلق لفظ مفاعلة على عدة معاملات بهذا المعنى مثل المصالحة والمساقات وغير ذلك.

 

تطبيق المتن

الأمر الرابع إن أصل المعاطاة وهي إعطاء كل منهما ـ المتعاطيين ـ الآخر ماله يعني كل منهما يعطي الآخر ماله، يتصور بحسب قصد المتعاطيين على وجوه أحدها ملك في مقابل ملك يعني المال في مقابل المال، أحدها أن يقصد كل منهما ـ المتعاطيين ـ تمليك ماله بمال الآخر، واحد يدفع لحم وواحد يدفع حنطة فيكون اللحم في مقابل الحنطة، فيكون الآخر وهو الثاني الذي أخذ وقبض في أخذه يعني أخذه مال الأول مال الدافع الأول يكون قابلا ومتملكا بإزاء يعني مقابل ما يدفعه يعني ما يدفعه لاحقاً، ما يدفعه الثاني للأول فلا يكون في دفعه العوض يعني فلا يكون الثاني في دفعه العوض للأول إنشاء تمليك، لا الذي ينشأ التمليك الأول، بل يكون دفع يعني بل يكون الثاني قد دفع لما التزمه على نفسه بإزاء يعني مقابل ما تملكه يعني مقابل المال الذي تملكه من الأول فيكون يعني فيتحقق الإيجاب والقبول بدفع العين الأولى وقبضها يعني بدفع الأول للعين الأولى وقبض الثاني للعين الأولى هنا يتحقق البيع يتحقق الإيجاب والقبول فدفع العين الثاني يعني فدفع الدافع الثاني للعين الثانية إلى الدافع الأول خارج عن حقيقة المعاطاة، المعاطاة تمت بدفع الدافع الأول وقبض الثاني لماله الآن يفرع ما دام المعاطاة تتم بالدفعة الأولى وإذا لم تتم الدفعة الثانية ومات البيع صحيح،

فلو مات الآخذ ـ الآخذ الثاني ـ قبل دفع ماله يعني قبل أن يدفع الثاني ماله للأول فلو مات الآخذ قبل دفع ماله مات بعد تمام المعاطاة ـ بعد تمام المعاملة ـ وبهذا الوجه أن المراد بالمعاطاة المعاملة الفعلية في مقابل المعاملة اللفظية وليس المراد بالمعاطاة المعاطاة من باب المفاعلة فإن المعاطاة من باب المفاعلة لا تتم حقيقتها إلا إذا أعطى الثاني،

وبهذا الوجه يعني أن المراد بالمعاطاة المعاملة الفعلية صححنا سابقاً عدم توقف المعاطاة على قبض كلا العوضين يكفي قبض العوض الأول تتم المعاملة الفعلية فيكون إطلاق المعاطاة عليه يعني على قبض العوض الأول من حيث يعني إطلاق عنوان المعاطاة بأي لحاظ بأي حيثية؟ يقول من حيث حصول المعاملة فيه بالعطاء دون القول يعني من باب حصول المعاملة الفعلية دون المعاملة القولية فيكون إطلاق المعاطاة عليه على العوض الأول من حيث حصول المعاملة فيه يعني في العوض الأول حصلت المعاملة في العوض الأول بالعطاء يعني بالفعل بالإعطاء دون القول يعني بناء على المعنى الثاني للمعاطاة لا المعنى الأول، قال لا من حيث كونها يعني كون المعاطاة متقومة بالعطاء من الطرفين وهو معنى المعاطاة المنتزعة من صيغة مفاعلة.

إلى هنا تكلم عن إطلاق لفظ المعاطاة بلحاظ المعاملة الفعلية دون اللفظية يقول من هذا الباب معاملة فعلية ليست لفظية إطلاق بعض الأسماء مثل مزارعة مساقات مصالحة، قال ومثله في هذا الإطلاق،

ومثله يعني إطلاق العنوان عليه من حيث حصول المعاملة فيه بالعطاء دون القول ومثله في هذا الإطلاق يعني المعاملة الفعلية المقابلة للفظية لفظ المصالحة فيكفي فيه ـ في صدق عنوان المصالحة ـ إيجاب المصالح ولا يشترط مصالحة الثاني بل يشترط قبوله والمساقات يكفي إيجاب المساقي أو فعله والمزارعة نفس الشيء يكفي قيام الأول بالعمل والمآجرة يكفي قيام المؤجر بإباحة السكنى وغير ذلك إباحة المنفع وغيرها يعني وغيرها من الألفاظ التي على وزن مفاعلة وبهذا الإطلاق يعني حصول المعاملة بالعطاء دون القول يستعمل المعاطاة في الرهن والقرض والهبة يعني عندنا رهن معاطاتي وقرض معاطاتي وهبة معاطاتية كيف تحصل؟ بإعطاء الواهب وإعطاء المقرض وإعطاء الراهن هذا الفعل بمثابة الإيجاب، القبول يكون بأخذ المرتهن بأخذ المقترض بأخذ الموهوب فهذه معاطاة في الرهن والقرض والهبة.

إلى هنا ذكر صورتين الصورة الأولى المعاطاة المتقومة بالطرفين الأول يعطي والثاني يعطي وقال أن حقيقة المعاطاة تتم بإعطاء الأول وقبض الثاني.

الصورة الثانية ذكر المعاطاة التي تتقوم بمعاملة واحدة مثل الرهن المعاطاتي والهبة المعاطاتية والقرض المعاطاتي يكفي أن يدفع المقرض ويقبض المقترض بعد ما في معاملة ثانية.

الصورة الثالثة معاملة واحدة لكن حتى إعطاء لا يوجد، كيف يعني إعطاء لا يوجد؟ كما تقدم تذهب إلى البقال وهو غير موجود تأخذ البقل وتضع المال، تذهب إلى السقاء تأخذ قنينة الماء وتضع المال هنا معاملة واحدة فعل واحد أخذت الماء ووضعت المال ولكن لا يوجد إعطاء لم تعطي السقاء لم تعطي البقال فهل هذه يصدق عليها أنها معاطاة أو لا؟ من جهة تشترك مع المعاملة الثانية تشترك في أنها معاملة واحدة وفعل واحد ولكنها تختلف عنها في أن الثانية يوجد إعطاء المقرض يعطي المقترض ولكن في الصورة الثالثة لا يوجد إعطاء.

الشيخ الأنصاري "رحمه الله" يقول في صحة إطلاق المعاطاة على هذه المعاملة الواحدة من دون إعطاء تأمل ما هو وجه التأمل؟ وجه التأمل أنه في المعاطاة يوجد إنشاء تمليك بإعطائه يوجد إنشاء تمليك وأما هنا بمجرد وضع المبلغ ووضع المال فإنشاء التمليك غير معلوم.

الصورة الأولى أول ما تكلم أحدها أن يقصد كل منهما تمليك ماله بمال الآخر فيكون الآخر في أخذه قابلا ومتملكاً بإزاء ما يدفعه.

الصورة الثانية لما قال يكون إطلاق المعاطاة عليه من حيث حصول المعاملة فيه بالعطاء دون القول ومثله في هذا الإطلاق لفظ المصالحة والمساقات والمزارعة، هذه معاملة واحدة لكن فيها إعطاء.

الصورة الثالثة معاملة واحدة ليس فيها إعطاء قال وربما يستعمل يعني لفظ المعاطاة، في المعاملة الحاصلة بالفعل، المعاملة الحاصلة بالفعل أخذ الماء ووضع المال، أخذ البقل ووضع المال في السلة ولو لم يكن عطاء هو لم يعطي البقال ولم يعطي السقاء وفي صحته تأمل يعني وفي صحة إطلاق لفظ المعاطاة على المعاملة الحاصلة بالفعل ولو لم يكن عطاء تأمل.

إشكال ما هو وجه التأمل والإشكال؟ عدم صدق إنشاء التمليك، طبعا قد يقال إنه هذا مناطه العرف والعرف قد يرى أنه بمجرد وضع المال في ذلك المكان يصدق إنشاء التمليك فلا يرد الإشكال خصوصا في هذا الزمان.

الصورة الثانية التمليك في مقابل التمليك، سؤال ما الفرق بين الأول الملك في مقابل الملك والثاني التمليك في مقابل التمليك؟ الجواب الملك في مقابل الملك يعني مملوك في مقابل مملوك يعني عين في مقابل عين وهذا ينسجم مع البيع بينما التمليك فعل فالتمليك في مقابل التمليك يعني الفعل في مقابل الفعل والفعل في مقابل الفعل لا يندرج في البيع لأن البيع مبادلة مال بمال فيشمل مبادلة العين بالعين المملوك بالمملوك المال بالمال ولكن لا يشمل التمليك المقابل للتمليك لأنه فعل في مقابل الفعل إذن المقابلة بين التمليكين لا بين الملكين وبالتالي الفارق الأول بين الأول والثاني أنه في الأول عين في مقابل عين ملك في مقابل ملك بينما في الثاني تمليك في مقابل تمليك فعل في مقابل فعل.

الفارق الثاني في الأول تتقوم المعاملة بالمعاملة الأولى بينما في الثاني ما تتقوم المعاملة بالتمليك الأول بل لابد من التمليك الثاني فلو مات الثاني قبل أن يملك لا تتم هذه المعاملة وهذا بعيد عن البيع وقريب من الهبة المعوضة لأن الهبة عبارة عن عطاء بلا بدل هذا تعريف الهبة، الهبة والهدية أعطيك من دون بدل وبالتالي الهبة المعوضة يصدق في الهبة الأولى ويصدق في الهبة الثانية أنها عطاء بلا بدل.

إشكال من قال بلا بدل؟ هبة معوضة أنا أهبك الكتاب بشرط أن تهبني الدفتر صار الدفتر في مقابل الكتاب الجواب من قال إن هذا الدفتر في مقابل الكتاب قد يكون على نحو الداعي أنا اطمع في دفترك فيه تقرير جميل، أنا أهبك الكتاب هذه عطية بلا بدل والداعي لإعطائي إياك كتابي طمعي في الحصول على دفترك الثمين لا السمين فإذا لم تعطني دفترك المعاملة صحيحة إذا أنت ما أعطيتني الدفتر حتى إذا هبة معوضة لكن بنحو الداعي يعني أنا أعطيتك الكتاب عطية من دون بدل لكن الذي دعاني ودفعني لإعطائك الكتاب طمعي في دفترك فإذا أعطيتني الدفتر تمت الهبة المعوضة وإذا لم تعطني الدفتر أيضا الهبة تامة لأن الدفتر ليس في مقابل الكتاب وإنما الذي دعاني إلى ذكر التعويض الداعي الذي دفعني وهب الكتاب هو الحصول على الدفتر بالتالي دفع الكتاب هبة الكتاب عطية بلا بدل يعني من دون مال أيضا دافع الدفتر إذا يدفع الدفتر عنده طمع في الكتاب فهو لا يدفع الدفتر في مقابل الكتاب.

إلى هنا أخذنا القسم الثاني وهو أنه تمليك في مقابل تمليك فيخرج عن البيع ويدخل في الهبة المعوضة.

ثانيها أن يقصد كل منهما ـ المتعاطيين ـ تمليك الآخر ماله بإزاء يعني مقابل، تمليك ماله إياه يعني تمليك الثاني لماله للأول، فيكون تمليكاً بإزاء تمليك يعني فيكون تمليك الثاني تمليكاً مقابل تمليك الأول فالمقاولة بين التمليكين لا الملكين لعل المراد المقابلة لعل هناك تصحيف طبعا يمكن المقاولة بمعنى المواعدة يعني الذي حصل يعني المقاولة هنا بمعنى الاتفاق، أتفق على أن يكون تمليك في مقابل تمليك تواعدا على أن يكون تمليك في مقابل تمليك فالمقاولة بمعنى الاتفاق التواعد لكن اللفظ الأنسب المقابلة.

فالمقاولة يعني الاتفاق أو المواعدة، بين التمليكين لا الملكين، بين التمليكين يعني بين الفعلين لا الملكين يعني لا العينين، إذن هذا الفارق الأول المقاولة بين التمليكين لا الملكين.

الفارق الثاني والمعاملة في الثاني متقومة في بالعطاء من الطرفين دون المعاملة على الأولى على القسم الأول فإنها متقومة بالمعاملة الأولى فلو مات الثاني قبل الدفع إلى الأول لم يتحقق المعاطاة وهذا يعني تمليك في مقابل تمليك بعيد عن معنى البيع لأن البيع عين في مقابل عين ملك في مقابل ملك وهذا بعيد عن معنى البيع يعني التمليك مقابل التمليك بعيد عن معنى البيع الذي هو ملك في مقابل ملك وقريب إلى الهبة المعوضة،

ما هي الهبة؟ إعطاء بلا بدل، لكون كل من المالين العوض والمعوض خاليا عن العوض يعني خاليا عن المال لأن الهدية عبارة عن عطاء بلا بدل، لكن إجراء حكم الهبة المعوضة عليه مشكل، لماذا مشكل؟ يقول إجراء الهبة المعوضة على مثل هذه المعاملة مشكل، الهبة المعوضة عبارة عن تمليك مترتب على تمليك ففيها لازم وملزوم الملزوم هبة الكتاب واللازم هبة الدفتر ففي الهبة المعوضة لابد من تحقق التمليكين الأول يملك والثاني أيضا يملك يعوض وإلا صارت هبة غير معوضة في الهبة المعوضة هكذا أهبك الخاتم بشرط أن تهبني القلم إذن هناك ملازمة صار هبة الخاتم ملزوم وهبة القلم لازم فلابد من اقتران التمليكين بالتالي ما ذكرناه هنا ما يشمله حكم الهبة المعوضة صار تمليك في مقابل تمليك ما يشمل البيع لأن البيع ملك في مقابل ملك وما يندرج تحت عنوان الهبة للزوم التقارن وجود التلازم، الجواب هذا التلازم والتقارن يمكن رفعه إذا قلنا إن الدافع الأول أجرى المعاملة بنحو الداعي يعني الذي دعاه إلى إهداء الكتاب وإهداء الخاتم الحصول على القلم أو الحصول على الدفتر بحيث لو لم يعطه القلم أو لو لم يعطه الدفتر المعاملة صحيحة بناء على هذا يتم الاندراج.

وهذا يعني تمليك في مقابل تمليك بعيد عن معنى البيع ملك في مقابل ملك وقريب إلى الهبة المعوضة لأن الهبة عطية بلا بدل لكون كل من المالين ـ مال الدافع الأول ومال الدافع الثاني ـ خالياً عن العوض يعني يصدق عليه أنه هدية بلا بدل يعني هدية بلا مال عطية بلا مال.

الإشكال لكن إجراء حكم الهبة المعوضة عليه مشكل إذ لو لم يملكه الثاني هنا ـ القسم الثاني تمليك مقابل تمليك ـ لم يتحقق التمليك من الأول، يعني الثاني إذا ما ملك الأول يكون الأول ما ملك الثاني بدفعه إليه لأنه يعني الدافع الثاني إنما ملكه يعني إنما ملك الدافع الأول بإزاء تمليكه يعني تمليك الدافع الأول للدافع الثاني، فما لم يتحقق تمليك الثاني للأول لم يتحقق تمليكه يعني لم يتحقق تمليك الدافع الأول للثاني، الآن يدفع الإشكال، إلا يعني تصدق الهبة المعوضة إلا أن يكون تمليك الآخر له ـ تمليك الثاني ـ ملحوظاً عند تمليك الأول للثاني على نحو الداعي يعني الدافع الأول حينما ملك الثاني كان الداعي لتمليكه أن يملكه الثاني للعين الأخرى، يقول إلا أن يكون تمليك الآخر له عند تمليك الأول على نحو الداعي لا العوض يعني لا على نحو العوض فلا يقدح تخلفه ـ تخلف الثاني عن الدفع ـ فالأولى أن يقال إنها، إذن القسم الثاني ما صار بيع لأنه فعل في مقابل فعل تمليك في مقابل تمليك وليس ملك في مقابل ملك ما صار هبة إذن هذا شيء آخر ثالث ليس ببيع وليس بهبة إما أن نقول هو مصالحة وإما أن نقول هذا معاملة مستقلة جديدة لا بيع ولا هبة ولا مصالحة معاملة جديدة تشمله العمومات ﴿تجارة عن تراض﴾[3] ، ﴿أوفوا بالعقود﴾[4] ، فالأولى أن يقال، هنا الأولى ليس بمعنى الأرجح هذه الأولى يسمونها أولى تعينية فالأولى يعني فالمتعين، فالأولى أن يقال إنها مصالحة وتسالم على أمر معين، إما مصالحة أو تسالم على أمر معين أتفاق على أمر معين أو معاوضة مستقلة تشملها عمومات تجارة عن تراض أو تشملها أوفوا بالعقود.

ثالثها، الثالث إباحة في مقابل تمليك، أن يقصد الأول إباحة ماله بعوض فيقبل الآخر ـ الثاني ـ بأخذه إياه يعني بأخذه العوض الذي دفعه الأول، فيكون الصادر من الأول الإباحة بالعوض ومن الثاني ويكون الصادر من الثاني بقبوله لها ـ للإباحة ـ يكون الصادر التمليك كما لو صرح بقوله أبحت لك كذا بدرهم، التمليك كما لو صرح يريد أن يقول التمليك على نحويين تمليك صريح وتمليك ضمني، التمليك الصريح يقول أبحت لك كذا بدرهم صارت الإباحة مقابل التمليك صراحة أحيانا لا يوجد تمليك صريح تمليك ضمني يبيح له ويقبض منه هذا القبض فيه تمليك ضمني.

قال ومن الثاني يعني يكون الصادر من الثاني، بقبوله لها يعني بقبوله للإباحة التمليك هذا التمليك يعني التمليك الضمني هو لم يصرح بأنه يملك لكن بقبول الإباحة يكون قد ملكه، يقول هذا التمليك الضمني كالتمليك الصريح حكمه حكم التمليك الصريح كما لو صرح بقوله أبحت لك كذا بدرهم.

رابعها القسم إباحة في مقابل إباحة أن يقصد كل منهما الإباحة بإزاء ـ يعني مقابل ـ إباحة الآخر فيكون إباحة بإزاء إباحة أو إباحة بداعي إباحة إما إباحة مقابل إباحة أو إباحة بداعي الإباحة يعني لو الثاني ما أباح له تتم الإباحة الأولى بخلاف الصورة الأولى لا ما تتم الإباحة الأولى لكي تتم لابد أن تتم الإباحة الثانية هذا على غرار التفصيل في القسم الثاني، على ما تقدم نظيره في الوجه الثاني القسم الثاني من المعاطاة من إمكان تصوره على نحو الداعي وعلى نحو العوضية إما إباحة مقابل إباحة بنحو العوضية أو إباحة مقابل إباحة بنحو الداعي، هذا تمام الكلام في الأقسام الأربعة وأتضح حكم الأول والثاني، الأول حكمه حكم البيع الثاني ليس حكمه حكم البيع ولا الهبة المعوضة فهو إما مصالحة أو معاملة مستقلة يبقى الكلام في حكم الثالث والرابع وكيف كان يأتي عليه الكلام.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo