< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

41/05/18

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: الدرس الواحد والأربعون: الإشكال في القسمين الأخيرين من أقسام المعاطاة بحسب القصد المتعاطيين

 

قال الشيخ الأنصاري "رحمه الله" وكيف كان فالإشكال في حكم القسمين الأخيرين على فرض قصد المتعاطيين لهما ومنشأ الإشكال.[1]

 

خلاصة الدرس

كان الكلام في التنبيه الرابع من تنبيهات المعاطاة قلنا إن المعاطاة بحسب قصد المتعاطيين تتصور على وجوه أربعة:

الوجه الأول الملك في مقابل الملك أي العين في مقابل العين فتشمله عمومات أحل الله البيع أوفوا بالعقود تجارة عن تراض فيندرج القسم الأول تحت عنوان البيع.

الوجه الثاني التمليك في مقابل التمليك أي الفعل في مقابل الفعل فلا يشمله عنوان البيع ولا الهبة فإما يشمله عنوان المصالحة أو التسالم وإما أن يكون القسم الثاني معاوضة مستقلة جديدة يبقى الكلام في حكم القسم الثالث والرابع والإشكال عليهما.

القسم الثالث عبارة عن الإباحة في مقابل التمليك.

والقسم الرابع عبارة عن الإباحة في مقابل الإباحة.

هذان القسمان الثالث الإباحة في مقابل التمليك والرابع الإباحة في مقابل الإباحة يبتليان بإشكالات ذكر الشيخ الأنصاري "رحمه الله" إشكالين:

الإشكال الأول منشأه أن الإباحة تشمل جميع التصرفات مطلقاً حتى التصرفات المتوقفة على الملك فإذا قال له أبحت لك كل ما تحت تصرفي يعني حتى التصرفات المتوقفة على الملك ومن الواضح أن الإشكال الأول يشمل القسم الثالث والرابع معا إذ أن الإشكال الأول ناظر إلى إطلاق الإباحة وشمولها لما يختص بالملك ومن الواضح أن الإباحة كما هي موجودة في القسم الثالث إباحة في مقابل تمليك كذلك هي موجودة في القسم الرابع الإباحة في مقابل الإباحة.

بينما الإشكال الثاني يختص بخصوص القسم الثالث ولا يشمل القسم الرابع لأن الإشكال الثاني مفاده الاستشكال في صحة الإباحة بالعوض وهذه الإباحة ترجع إلى عقد مركب من الإباحة والتمليك ومن الواضح أن كلا العنوانين الإباحة والتمليك قد وردا في خصوص القسم الثالث ولم يرد التمليك في القسم الرابع إذ أن القسم الرابع عبارة عن الإباحة في مقابل التمليك إذن الشيخ الأنصاري "رحمه الله" يورد إشكالين بشكل إجمالي أولا ثم يشرع في تفصيلهما ثانيا أما الإشكال الأول فهو يشمل كلا القسمين الثالث والرابع إذ أنه ناظر إلى خصوص إطلاق الإباحة بخلاف الإشكال الثاني فإنه ناظر إلى العقد المركب من الإباحة والتمليك فهذا الإشكال يختص بخصوص القسم الثالث ولا يشمل القسم الرابع.

نقرر الإشكالين مرة أخرى بشكل موجز وإجمالي ثم نطبق العبارة ومن ثم نشرع في البيان التفصيلي للإشكال الأول.

الإشكال الأول مفاده إن بعض التصرفات مختصة بالملك مثل البيع لا بيع إلا في ملك ومثل العتق لا عتق إلا في ملك مثل الوطء بالتالي وطء الجارية يتوقف على ملك الجارية إلا إذا أحل المالك حلل هذه الجارية لغيره وهكذا البيع لا بيع إلا في ملك وهكذا العتق لا عتق إلا في ملك هذه تصرفات الوطء والبيع والعتق مختصة بالملك فإذا قلنا إن الإباحة تشمل جميع التصرفات يعني تشمل جميع التصرفات حتى التصرفات المتوقفة على الملك والحال إن المبيحة لا يجوز له أن يشرع تشريعاً وأن يحدث حكما شرعياً فيقول الإباحة تشمل جميع التصرفات حتى التصرفات التي جعلها الشارع مختصة بالملك ومن الواضح أن هذا الإشكال على إطلاق الإباحة يشمل القسم الثالث والقسم الرابع معاً.

وأما الإشكال الثاني فمفاده إن الإباحة بالعوض يعني في مقابل العوض لأن الإباحة في مقابل عوضها وهو التمليك، الإباحة بالعوض يلزم منها إحداث عقد جديد، ما هو العقد الجديد؟ مركب من الإباحة والتمليك وهذا غير موجود في الفقه، عقد مكون من إباحة من الموجب وتمليك من القابل مثل هكذا عقد غير موجود في الفقه، هذا تمام الكلام في بيان إجمالي لكلا الإشكالين ثم يشرع الشيخ الأنصاري "رحمه الله" في بيان الإشكال الأول بشكل مفصل.

 

تطبيق المتن

قال وكيف كان يعني وكيف كان قسم المعاطاة من هذه الأقسام الأربعة فالإشكال في حكم القسمين الأخيرين القسم الأول إباحة في مقابل تمليك والقسم الرابع إباحة في مقابل إباحة على فرض قصد المتعاطيين لهما للقسم الثالث والقسم الرابع ومنشأ الإشكال يبين الإشكال الأول والثاني.

الإشكال الأول الإشكال في صحة إباحة جميع التصرفات يعني في شمول الإباحة لمطلق التصرفات حتى التصرفات المتوقفة على ملكية المتصرف لأن هناك تصرفات خاصة بالملك مثل الوطء العتق الهبة البيع الوقف إلى آخره بأن يقول أبحت لك كل تصرف إذا قال له أبحت لك كل تصرف هذا من الإباحة يفهم يذهب ويوقف أرض المالك، يبيع أرض المالك، يهب أرض المالك هذا مشكل، بأن يقول أبحت لك كل تصرف من دون أن يملكه العين يعني من دون أن يملكه المالك الشخص الذي أباح له العين فقط يبيح له التصرف وتبقى العين على ملكية المالك المبيح هذا مشكل.

الإشكال الثاني الإشكال في صحة الإباحة بالعوض يعني في صحة الإباحة مقابل العوض، ما هو العوض في المثال؟ التمليك فهذا الإشكال ناظر إلى القسم الثالث.

الراجعة هذه صحة الإباحة بالعوض إلى عقد مركب من إباحة من جهة الموجب وتمليك من جهة القابل، هذا تمام الكلام في بيان الإشكالين إجمالا.

وأما بيان الإشكال الأول تفصيلا فمفاده هكذا القول بأن الإباحة تشمل جميع التصرفات حتى التصرفات المتوقفة على الملك مشكل جدا فالظاهر أن التصرفات المتوقفة على الملك لا تجوز والإباحة لا تشمل التصرفات المتوقفة على الملك فإن التصرف الموقوف على الملك لا يجوز لغير المالك وإذن المالك ليس مشرعاً لما هو مخالف للشرع وإنما الشارع يشرع الأحكام الشرعية والمالك يمضي وفقاً للأحكام الشرعية وبالتالي لا يصح إذن المالك فيما هو مخالف للشرع وإذا أردنا التدقيق أكثر عندنا قاعدة هي قاعدة السلطنة الناس مسلطون على أموالهم، هذه القاعدة تثبت أصل السلطنة يعني كل مالك لمال فله سلطنة على هذا المال وله سيطرة على هذا المال ولكن نحو السيطرة وكيفية التصرف لا تشمله قاعدة السلطنة فالمالك مسلط على ملكه ولكن كيفية التصرف في ملكه ببيع أو هبة أو إجارة أو معاوضة فهذا يخضع للمقررات الشرعية فليس للمالك أن يجعل الإباحة شاملة للتصرفات التي جعلها الشارع متوقفة على الملك كالبيع والوقف والهبة والوطء فإذا أذن المالك في إباحته بتصرفات متوقفة على الملك يلزم من إذنه هذا أن يكون قد جاء ببدعة وشرع تشريعاً محرماً في الإسلام وبالتالي لا يجوز للمالك أن يأذن بهكذا إذن، هذا تمام الكلام في بيان الإشكال على أن الإباحة تشمل جميع التصرفات مطلقا حتى التصرفات المتوقفة على الملك.

ولكن يمكن التخريج بتخريجين، يمكن توجيه صحة شمول الإباحة للتصرفات المتوقفة على الملك بتوجيهين دقيقين، التوجيه الأول أو الوجه الأول له صور ثلاث الآن نقرأ هذه العبارة ثم نشرع في بيان الصور الثلاث الدقيقة وهذه الصور الثلاث لا تنطبق على مثالنا فينتفي التوجيه الأول ثم يشرع الشيخ الأنصاري في بيان التوجيه الثاني وأيضا سنجد أنه لا ينطبق على محل بحثنا.

قال الشيخ الأنصاري فنقول يعني في بيان الإشكال الأول إباحة التصرفات المتوقفة على الملك، أما إباحة جميع التصرفات حتى المتوقفة يعني حتى التصرفات المتوقفة على الملك فالظاهر أنها ـ إباحة جميع التصرفات ـ حتى المتوقفة لا تجوز هذه الإباحة، إذ التصرف الموقوف على الملك لا يسوغ لا يجوز لغير المالك بمجرد إذن المالك، أصلا المالك ليس له صلاحية الإذن يعني يريد أن يقول قاعدة السلطنة لا تجيز إذن المالك جعله للإباحة شاملة للتصرفات المتوقفة على الملك إذ أن قاعدة السلطنة تثبت أصل التسلط لا كيفية ونحو التسلط

فإن إذن المالك بالإباحة ليس مشرعا لجواز جميع التصرفات حتى التصرفات المتوقفة على الملك وإنما إذن المالك يمضي فيما يجوز شرعاً يعني له أن يأذن في إطار ما أجازه الشرع فإذا كان بيع الإنسان مال غيره لنفسه هذا بيت لغيري أبيعه لنفسي أنا البائع وليس هو المالك، أنا أبيع بيتك لنفسي هذا كيف تخرجه سيأتي الحديث عنه.

بأن يملك الثمن مع خروج المبيع عن ملك غيره هذا غير معقول هو يملك الثمن ويخرج المبيع عن ملك غيره يعني لما بعت بيتك أملك الثمن المقابل إلى بيتك ويخرج بيتك من ملكك هذا غير معقول وهذا مشكل، كما صرح به العلامة في القواعد[2] هكذا قال في قواعد الأحكام الجزء الأول صفحة 166 قال لأنه لا يتصور أن يبيع ملك غيره لنفسه فكيف يجوز للمالك أن يأذن فيه يعني في بيع ملكه وأن يكون البائع هو غيره نعم يصح ذلك بأحد وجهين يعني يصح لغير المالك أن يبيع ملك غيره بوجهين كلاهما في المقام مفقود يعني كلاهما لا ينطبق في المقام، ما هو المقام؟ الإباحة، مطلق الإباحة، الآن نشرع في بيان وجهين لإباحة التصرفات المتوقفة على الملك.

الوجه الأول كون ما نحن فيه من قبيل أعتق عبدك عني هذه العبارة اعتق عبدك عني فيها وجوه والوجه الثاني كون ما نحن فيه من قبيل شراء من ينعتق عليه كشراء الأب أو الأم أحد العمودين، نحن في درس اليوم نشرع في بيان الوجه الأول بصوره الثلاثة، الوجه الأول أن تكون الإباحة من قبيل قوله أعتق عبدك عني ولنأخذ هذه العبارة وعلى هذه العبارة نذكر الصور الثلاث، ما هي هذه العبارة؟ أبحت لك أن تبيع مالي لنفسك هذا هو موطن بحثنا أن المالك أباح وهذه الإباحة تشمل جميع التصرفات حتى التصرفات المتوقفة على الملك فكأنما المالك قال لغير المالك أبحت لك أن تبيع مالي لنفسك هذه العبارة أبحت لك أن تبيع مالي لنفسك يحتمل فيها ثلاث صور وهذه الصور الثلاث تامة ولكن لا تنطبق على ما نحن فيه وهو مطلق الإباحة.

الصورة الأولى أن ينشأ المالك توكيلين، التوكيل الأول المالك وهو المبيح يوكل الأجنبي وهو المباح، يوكله أولا في بيع ماله وثانياً يوكله في نقل ماله إلى نفسه بالهبة يعني وكلتك في بيع كتابي عني ثم وكلتك في هبة الثمن المقابل للكتاب لنفسك النتيجة يصير البائع هو الواهب وهو المالك للثمن.

أبحت لك أن تبيع مالي يعني وكلتك في بيع مالي هذه الوكالة الأولى، الوكالة الثانية لنفسك يعني ووكلتك أن تنقل المال لنفسك بهبة الثمن لنفسك وهذه الصورة صحيحة يحق له أن يوكل، الصورة الأولى يوجد فيها توكيلان الأول البائع المبيح يوكل المباح ببيع ما له وما يملكه، التوكيل الثاني أن يوكل المالك المبيح المباح الذي باع ملكه في نقل الثمن إلى ملك البائع المباح بالهبة يهب نفسه هذا المال هذه الصورة الأولى.

الصورة الثانية المالك يوكل الأجنبي في نقل ملكه لنفسه مثلا وكل في الهبة يعني ما خلاه هو الذي يبيع يعني عكس الأولية، أول شيء يوكله في نقل ما يملكه المبيح إلى ما يملكه المباح ثم بعد ذلك إذا انتقل إلى ملكه يجوز له أن يبيع، ما الفارق بين الصورة الأولى والصورة الثانية؟

الصورة الأولى فيها توكيلين أول شيء يوكله أن يبيع عنه ـ عن المالك ـ ثم يوكله أن ينقل ما يملكه المالك إلى ملكية المتصرف البائع المباح بينما الصورة الثانية لا يوجد فيها توكيلان يوجد فيها توكيل واحد، يوكله أن يبيع فإذا باع صار ملكه إذا صار ملكه جاز له التصرف.

الفارق الثاني المعاكسة في الصورة الأولى أول شيء يبيع ثم ينقل ما باعه يعني ثمن المقابل لما باعه إلى ملكيته الصورة الثانية بالعكس أول شيء ينقل ملك المالك إلى ملكيته إلى نفسه ثم بعد ذلك يتصرف بالبيع وغيره.

الصورة الثالثة لا يوجد فيها توكيل بخلاف الصورة الأولى والصورة الثانية يوجد فيهما توكيل، الصورة الثالثة أن ينشأ المالك تمليكا للمباح بنفس هذا الإذن يعني حينما يقول له أبحت لك أن تبيع مالي يعني ملكتك مالي إذا ملكتك مالي أبحت لك أن تبيع مالي لنفسك أنا ملكتك مالي إذا ملكتك مالي يجوز لك تتصرف، لعل الثالث أقرب في الظهور، الأول أبحت لك أن تبيع مالي لنفسك يعني وكلتك توكيلين أولا تبيع مالي ثانيا توهب نفسك هذا المال، خاصة الثاني توهب نفسك هذا المال التوكيل فيه قد يكون بعيد.

الصورة الثانية أبحت لك أن تبيع مالي لنفسك يعني أوكلك أن تنقل مالي من ملكيتي إلى ملكيتك وإذا صار في ملكيتك يجوز لك أن تتصرف فيه يعني استفادة التوكيل من لفظ الإباحة بعيد جداً لكن الصورة الثالثة أبحت لك أن تبيع مالي لنفسك يعني مالي نقلته إلى ملكك، ملكي نقلته إلى ملكك فإذا انتقل إلى ملكك يجوز لك تبيعه إلى نفسك لعل الوجه الثالث أقرب.

قال الشيخ الأنصاري "رحمه الله" نعم يصح ذلك يعني شمول الإباحة للتصرف المتوقف على الملك بأحد وجهين كلاهما في المقام مفقود، ما هو المقام؟ الإباحة ليس للإباحة للتصرف المتوقف على الملك مفقود يعني ما يشمله عنوان الإباحة أحدهما الوجه الأول وفيه ثلاث صور، الوجه الأول أن يقصد المبيح بقوله أبحت لك أن تبيع مالي لنفسك أحد صور ثلاث:

الصورة الأولى أن ينشأ توكيلا له يعني أن ينشأ المالك توكيلاً له يعني توكيلا لمن أباح له في بيع ماله له يعني في بيع مال المالك للمباح، المالك مبيح والمتصرف مباح له.

أن ينشأ يعني المالك المبيح توكيلا له يعني توكيلا للمباح له في بيع ماله يعني في بيع مال المالك المبيح له يعني للشخص المباح له، هذا التوكيل الأول توكيل في البيع، التوكيل الثاني ثم نقل الثمن يعني ثم ينشأ المالك نقل الثمن من المالك إلى نفسه يعني إلى نفس المباح له بالهبة يعني بواسطة الهبة يهب نفسه يعني البائع أصبح وكيلا عن المالك في هبة ثمن المبيع لنفسه ـ لنفس المباح له ـ هذه الصورة الأولى.

الصورة الثانية أو في نقله أولا يعني أو أن ينشأ المالك توكيلا في نقله أولا إلى نفسه يعني في نقل ملكية المبيع أولا إلى نفسه يعني من ملكية المالك إلى ملكية المتصرف وهو المباح له هذا التوكيل الأول، ثم بيعه يعني ثم يجوز للمتصرف الذي أبيح له البيع أن يبيعه ـ أن يبيع المبيع ـ لأن أصبح ملكه.

الصورة الثالثة أو تمليكا له يعني أو أن ينشأ المالك تمليكا له يعني أن ينشأ المالك المبيح تمليكاً للشخص المباح بنفس هذه الإباحة يعني بنفس هذه لفظة الإباحة، أبحت لك أن تبيع مالي يعني ملكتك مالي إذا ملكتك مالي يجوز لك أن تبيعه لنفسك، أو تمليكا له بنفس هذه الإباحة فيكون إنشاء تمليك له يعني فيكون إباحة المالك عبارة عن إنشاء تمليك من المالك المبيح للشخص المباح له ويكون بيع المخاطب بمنزلة قبوله يعني المبيح قال أبحت هذا إيجاب لما المباح له يبيع هذا البيع هذا الفعل بمنزلة قبول قوله أبحت فالإيجاب لفظ أبحت والقبول نفس الفعل فصارت إباحة في مقابل فعل كما في القسم الثالث.

ويكون بيع المخاطب يعني تكون عملية بيع من خاطبه المالك بمنزلة قبوله يعني قبول المباح له لهذه المعاملة كما صرح العلامة الحلي بذلك في التذكرة[3] ، صرح بأن قول الرجل لمالك العبد أعتق عبدك عني بكذا هذا هو الآن ملاك الوجه الأول أن يكون شمول الإباحة للتصرفات المتوقفة على الملك يكون هذا بمثابة ومن قبيل قوله أعتق عبدك عني يعني أنا أريدك تبيعني إلى عبد فيدخل عبدك في ملكي آناً ما أوكلك في إعتاقه فهنا استدعاء يعني طلب أعتق عبدك عني يعني أولا بعني عبدك فإذا دخل في ملكي لحظة واحدة وكلتك في إعتاقه.

هكذا قال العلامة في التذكرة بأن قول الرجل لمالك العبد أعتق عبدك عني بكذا استدعاء لتمليكه، استدعاء يعني طلب من القائل لتمليكه يعني لتمليك مالك العبد للرجل المستدعي للطالب وإعتاق المولى عنه ـ عن المستدعي ـ جواب لذلك الاستدعاء جواب لهذا الطلب يعني الإعتاق هذا فعل فإذا اعتق يعني هذا قبول فصار عندنا إيجاب اعتق عبدك عني وقبول هو عبارة عن نفس الفعل فيحصل النقل والانتقال يعني نقل العبد من ملكية المالك الأول إلى المالك الثاني الذي هو أراد إعتاق العبد فيحصل النقل والانتقال بهذا الاستدعاء والجواب، الاستدعاء هذا إيجاب والفعل العتق هذا هو القبول ويقدر وقوعه يعني وقوع النقل والانتقال ملكية العبد قبل العتق آنا ما يعني لحظة معينة فيكون هذا النقل والانتقال بيعا ضمنياً لا يحتاج إلى الشروط المقررة لعقد البيع يعني هناك عقد صريح بعتك العبد قبلت هذا البيع اللفظي هذا البيع القولي تشمله شروط عقد البيع ولكن هنا لا يوجد بيع وعقد صريح الموجود بصراحة هو اعتق عبدك عني ولكن هذه العبارة اعتق عبدك عني ما فيها لفظ بيع ولكن توجد دلالة تضمنية وإلا كيف يعتق عبده عنه، تعتق عبدك عني يعني لازم ينتقل إلى ملكي عتقك للعبد عني هذا مدلول مطابقي يتضمن انتقال ملكية العبد منك إلي ثم توكيلي لك في اعتقاه فهذا بيع تضمني عقد تضمني لذلك يقول ويقدر وقوعه النقل والانتقال قبل العتق آنا ما لحظة معينة فيكون هذا قوله أعتق عبدك عني بكذا بيعا ضمنياً لا يحتاج إلى الشروط المقررة لعقد البيع

ولا شك أن المقصود فيما نحن فيه الإباحة التي تشمل التصرفات المتوقفة على الملك ليس الإذن في نقل المال إلى نفسه أولا ولا في نقل الثمن إليه ثانياً ولا قصد التمليك بالإباحة المذكورة، يريد أن يقول هكذا العقود تابعة للقصود فلابد أولا المبيح يقصد التمليك والمباح له يقصد التملك فلكي تصح التصرفات المتوقفة على الملكية لابد أن يقصد المبيح التمليك يعني تمليك المباح ولابد أن يقصد المباح التملك أنه تملك المبيع والشي من الآذن المملك وهذا لا يستفاد من قوله أبحت لك أن تتصرف في أملاكي، لما يقول أبحت لك أن تتصرف في أملاكي هل هذا يشمل ملكتك أملاكي فتصرف فيها؟ ما يشمل يعني أنت ولدنا أبحت لك أن تتصرف في أملاكنا ومؤسساتنا فهل هذا معناه أنت ولدنا ملكتك أملاكنا ومؤسساتنا؟ ما يشمل وهكذا حينما يتصرف المباح له هذا لا يعني أنه قبل التمليك والتملك، إذن شمول المقام للوجه الأول بصوره الثلاث يتوقف على القصد أن يقصد المبيح التمليك وأن يقصد المباح التملك والحال مثل هكذا قصد غير موجود.

ولا شك أن المقصود فيما نحن فيه شمول الإباحة للتصرفات المتوقفة على الملك ليس الإذن في نقل المال إلى نفسه أولا هذا الإذن يعني ليس التمليك ليس أنه ملك يعني إذن في التمليك هذا الإذن في نقل المال إلى نفسه أولا يعني نقل المال من ملكية المالك المبيح إلى نفسه أولا يعني إلى نفس المباح أولا ولا في نقل الثمن إليه ثانياً يعني نقل الثمن إلى المباح له ثانيا ولا قصد التمليك بالإباحة المذكورة يعني ولم يقصد المبيح إنشاء التمليك بمثل هذه الإباحة المذكورة هذا من جهة المبيح لا يوجد قصد تمليك، من جهة المباح له لا يوجد قصد التملك، قال ولا قصد المخاطب يعني المباح له التملك عند البيع يعني حينما باع لم يقصد التملك، حتى يتحقق تمليك ضمني مقصود للمتكلم والمخاطب كما كان ـ هذا التمليك الضمني ـ مقصودا ولو إجمالا يعني ولو ارتكازاً في مسألة اعتق عبدك عني حتى تقيس ما نحن فيه على قولهم اعتق عبدك عني، يقول ولذلك لأنه لابد من توفر القصد المبيح يقصد التمليك والمباح يقصد التملك العقود تابعة للقصود، العامة والخاصة ذهبوا إلى ما يشير إلى ذلك.

قال ولذا عد العامة والخاصة من الأصوليين دلالة هذا الكلام ـ اعتق عبدك عني ـ على التمليك من دلالة الاقتضاء التي عرفوها بأنها دلالة مقصودة للمتكلم ويتوقف صحة الكلام عقلا أو شرعاً عليه فيبين دلالة الاقتضاء يوجد اقتضاء عقلي يوجد اقتضاء شرعي، الاقتضاء العقلي مثل وأسأل القرية العقل يقول كيف تسأل القرية وهي جامد يعني يسأل أهل القرية فتقدر مضاف محذوف وهو لفظ أهل فمثلوا للعقل يعني للاقتضاء العقلي بقوله تعالى ﴿وأسأل القرية﴾[4] ومثلوا للاقتضاء الشرعي بهذا المثال أعتق عبدك عني فإنه يقتضي شرعاً نقل الملكية لأنه لا عتق إلا في ملك فاكتشفنا البيع الضمني من خلال الاقتضاء الشرعي لأنه لا عتق إلا في ملك ومن المعلوم بحكم الفرض أن المقصود فيما نحن فيه وهو الإباحة ليس إلا مجرد الإباحة وليس المقصود التمليك بالإباحة.

إلى هنا أتضح أن الوجه الأول بصوره الثلاث التخريج الأول بصوره الثلاث لا يشمل ما نحن فيه لأن ما نحن فيه شمول الإباحة للتصرفات المتوقفة على الملك والحال أن المقام هو عبارة عن الإباحة المجردة عن قصد التمليك، هذا تمام الكلام في الأول، الثاني يأتي عليه الكلام.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo