< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

41/05/19

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع: الدرس الثاني والأربعون: التصوير الثاني لتصحيح إباحة التصرفات المتوقفة على الملك

 

قال الشيخ الأنصاري "رحمه الله" الثاني أن يدل دليل شرعي على حصول الملكية للمباح له بمجرد الإباحة[1] .

 

خلاصة الدرس

كان الكلام في التنبيه الرابع من تنبيهات المعاطاة وشرعنا في مناقشة الصورة الثالثة والرابعة من الصور الأربع التي ذكرها الشيخ الأنصاري "رحمه الله" ومفاد الصورة الثالثة الإباحة في مقابل التمليك ومفاد الصورة الرابعة الإباحة في مقابل الإباحة وذكر إشكالين، الأول منهما عام يشمل الصورة الثالثة والرابعة والثاني منهما خاص يختص بخصوص الصورة الثالثة وشرعنا في الإشكال الأول العام ومفاده إن الإباحة لا يستفاد منها مطلق التصرفات حتى التصرفات المتوقفة على الملك نعم يمكن أن يستفاد من الإباحة التصرفات المتوقفة على الملك بأحد تصويرين لكن كلا التصويرين لا يثبت فيما نحن فيه تطرقنا في الدرس السابق إلى التصوير الأول بفروضه الثلاثة في درس اليوم نتطرق إلى التصوير الثاني بفرضيه ووجهيه.

التصوير الثاني مفاده أنما نحن فيه من قبيل شراء من ينعتق عليه فقد دلت الأدلة على أن الإنسان لا يملك العمودين أي الأب والأم فإذا اشتراهما ينعتقان فوراً فينشأ الإشكال إذ أن الدليل قد دل على أنه لا عتق إلا في ملك والدليل الآخر دل على أن الإنسان لا يملك العمودين فكيف يعتق العمودان؟

الجواب إذا اشترى الإنسان والديه فإنهما يدخلان في ملكه لحظة واحدة آناً واحداً ثم ينعتقان تلقائياً وقهراً فهذا ما يستفاد من خلال الجمع بين الأدلة.

التصوير الثاني يقول إنما نحن فيه هو من قبيل انعتاق العمودين وملكية الابن لأبويه آناً ما فكما دل الدليل الشرعي على أن الابن يملك أبويه آناً ما وينعتقان عليه كذلك دل الدليل الشرعي على أن الإباحة تفيد مطلق التصرفات المتوقفة على الملك لأن الملكية تنتقل من المالك المبيح إلى المباح له آناً ما فيكون المباح له قد تصرف في ملكه لأن الملكية قد حصلت له لحظة واحدة والفارق بين التصوير الأول والتصوير الثاني يعني التوجيه الأول والتوجيه الثاني أن التوجيه الأول تكون الإباحة فيه مالكية بينما التصوير الثاني تكون الإباحة فيه شرعية أي أن التمليك إما مالكي وإما شرعي ففي الوجه الأول يكون التمليك مالكياً إذ أن المبيح يقصد التمليك والمباح له يقصد التملك فتنتقل الملكية من المبيح إلى المباح له ببركة المالك المملك بإباحته للمباح له بخلاف التصوير الثاني فإن التمليك فيه تمليك شرعي أي أن المبيح لو لم يقصد التمليك للمباح له وكذلك المباح له لم يقصد التملك فإن الملكية حاصلة قهراً آناً ما ولو لم يقصد كل منهما التمليك والتملك لأن الملكية قصد حصلت ببركة الدليل الشرعي إذن الوجه الأول يفيد التمليك المالكي والوجه الثاني يفيد التمليك الشرعي إذن نحن ومقتضى الشرع والأدلة الشرعية.

الوجه الثاني له صورتان أو فرضان أو تصويران:

التصوير الأول أن يدل الدليل الشرعي على حصول الملكية للمباح له بمجرد الإباحة وتحصل الملكية للمباح له آناً ما قبل البيع فعند إرادة البيع تنتقل الملكية من المبيح إلى المباح له.

التصوير الثاني أن يدل الدليل الشرعي على انتقال ثمن المبيع بعد البيع أي أن المباح له عندما باع المبيع كان المبيع لا يزال على ملكية المالك المبيح لكن الملكية تنتقل بعد البيع آناً ما إلى ملكية المباح له فيكون بعد ذلك قد ملك الثمن الذي دفع عوضاً عن المثمن.

سؤال ما الفارق بين التصوير الأول والتصوير الثاني؟

الجواب حصول الملكية قبل البيع وبعد البيع فالتصوير الأول يرى أن انتقال الملكية من المالك المبيح إلى الشخص المباح له إنما تحصل هذه الملكية آنا ما قبل أن يبيع المباح له المبيع وأما التصوير الثاني فيرى أن الملكية لا تنتقل من المبيح إلى المباح له قبل البيع وإنما بعد البيع يعني يكون المباح له يبيع المبيع نيابة عن المبيح فإذا قبض الثمن انتقلت الملكية من المبيح إلى المباح له تماما مثل العتق، الابن لا يملك الأبوين فإذا اشتراهما اعتقا قهراً والدليل يقول لا عتق إلا في ملك فهذا يكشف عن أن الابن قد انتقلت إليه ملكية الأبوين آنا ما لحظة معينة ثم اعتقا قهراً، هذا تمام الكلام في تصوير الوجه الثاني بصورتيه.

 

تطبيق المتن

الثاني أن يدل دليل شرعي إذن التمليك هنا تمليك شرعي وليس تمليك مالكي بخلاف قوله أحدهما الصفحة السابقة 88 يقول يصح ذلك يعني أن تدل الإباحة على التصرفات حتى التصرفات المتوقفة على الملك بأحد وجهين كلاهما في المقام مفقود أحدهما أن يقصد المبيح ـ المالك ـ فهذا تمليك مالكي يعني من قبل المالك، الثاني أن يدل دليل شرعي على حصول الملكية للمباح له يعني انتقال الملكية من المالك المبيح إلى المباح له بمجرد الإباحة يعني حتى لو لم يقصد المبيح التمليك ولم يقصد المباح له التملك لأن الملكية شرعية تستفاد من الدليل الشرعي فلا عبرة بالقصدين لأن الإباحة لم تنشأ من المالك فيكون كاشفاً يعني فيكون الدليل الشرعي، كاشفاً عن ثبوت الملك له يعني للمباح له عند إرادة البيع يعني عند قصد البيع آناً ما لحظة معينة إذن هذه الصورة الأولى حصول الملكية للمباح له قبل البيع من أين نستفيده؟ من الدليل الشرعي، فيقع البيع في ملكه يعني في ملك المباح له هذا الدليل الأول هذا هو الفارق وقوع الملك في ملكه هذه الصورة الأولى وقوع الملك في ملك المبيح لا ملك المباح له هذه الصورة الثانية.

الصورة الثانية أو يدل دليل شرعي على انتقال الثمن عن المبيح إلى المباح له بلا فصل بعد البيع يعني بعد البيع مباشرة بلا فصل فيكون ذلك يعني انتقال الملكية بعد البيع بلا فصل، طبعا فيكون ذلك هذا ذلك ليست تعود على الأخير فقط فيكون ذلك يعني انتقال الملكية من المبيح إلى المباح له في كلتا الصورتين لا يحصل توهم أنه فيكون ذلك تعود على الصورة الثانية فيكون ذلك يعني انتقال ملكية المبيع من المالك المبيح إلى المباح له سواء كان قبل البيع كما في الصورة الأولى أو بعد البيع كما في الصورة الثانية هذا انتقال الملكية من المبيح إلى المباح له فيكون ذلك شبه يعني يشابه دخول العمودين الأب والأم في ملك الشخص، ملك الأبن آناً ما لحظة معينة وهذا الملك لا يقبل غير العتق يعني لا يقبل أي تصرف يتوقف على الملك إلا العتق يعني يملكهم لحظة واحدة لتصحيح العتق ولا يصح له أن يتصرف في أبويه جميع التصرفات المتوقفة على الملك فإنه حينئذ يعني حينئذ انتقلت ملكية العمودين إلى ملك الابن آناً ما يقال بالملك المقدر آناً ما يعني بالملك الافتراضي بالملك التقديري لحظة واحدة وليس الملك الفعلي، لماذا ملك تقديري وافتراضي؟ للجمع بين الأدلة.

فقلنا بملكية الابن للعمودين لحظة واحدة هذه الملكية في الآن الواحد هذا مقتضى الجمع بين الأدلة.

الدليل الأول يجوز للابن أن يشتري أبويه

الدليل الثاني الابن لا يملك الأبوين

الدليل الثالث لا عتق إلا في ملك

الآن كيف تجمع، الابن يجوز يشتري أبو وأمه يمكن الابن حر والأب والأم عبيد يجوز له أن يشتري أبوه وأمه لكن ما يجوز أن يملكهم الابن ما يملك العمودين كيف يشتريهم ولا يملكهم؟ ما يملكهم يعتقهم إذا يعتقهم كيف والدليل الثالث يقول لا عتق إلا في ملك، إذا هو ما ملكهم كيف يعتقهم.

الدليل الأول يجوز للأب أن يشتري أبويه ولا يجوز للابن أن يملك أبويه لكن الأبوين ينعتقان فوراً بمجرد الشراء لأنه لا عتق إلا في ملك فتنتقل الملكية من مالك الأبوين إلى الابن المشتري لحظة واحدة لتصحيح العتق لأن الأدلة الشرعية دلت على أن الأبوين ينعتقان أصلا من طرق العتق أن يشتري أبويه وأنه لا يملك العمودين أو أحد العمودين لتسهيل العتق فمقتضى الجمع بين الأدلة الثلاثة جواز شراء العمودين وعدم ملكية العمودين ولا عتق إلا في ملك هو القول بأن العمودين تنتقل ملكيتهما من المالك السابق إلى الابن لحظة لتصحيح العتق القهري والفوري هنا أيضا نقول الكلام هو الكلام، كيف يعني الكلام هو الكلام؟ هذا المبيع ملك للمبيح أو المباح؟ قطعا هو ملك للمبيح لا المباح له فكيف يصح للمباح له أن يبيع ملك غيره، ملك المالك المبيح ولا يبيعه إلى نفسه لو يبيعه للمالك المبيح هذا لا إشكال يمكن أن يوكله أن يبيع نيابة عن المالك ولكن بإباحة المالك المبيح كيف يجوز ويصح للمباح له أن بيع المبيع لنفسه لا للمالك المبيح؟

الجواب تنتقل الملكية آنا ما من المالك المبيح إلى البائع المباح له هذه الملكية إما تنتقل قبل البيع فيكون باع ملكه وإما البيع يتم في ظل ملكية البائع المبيح لكن بعد البيع ينتقل الثمن إلى ملكية المباح، من أين نستفيد انتقال الملكية آناً ما؟ إما قبل البيع كما في الصورة الأولى أو بعد البيع كما في الصورة الثانية ببركة الدليل الشرعي، إلى هنا تم تصوير الوجه الثاني بكلا صورتيه.

يقول الشيخ الأنصاري هذا الوجه الثاني لا يجري فيما نحن فيه لأنه يحتاج إلى دليل خاص ولا يوجد دليل خاص.

إشكال من قال نحن دائماً نحتاج إلى دليل خاص قد نتمسك بأدلة عامة ويمكن هنا التمسك لإثبات الملكية بعموم الناس مسلطون على أموالهم والمالك المبيح مسلط على ماله وهو المبيع وقد سلط المباح له وأباح له جميع التصرفات في المبيع حتى البيع فيمكن التمسك بعموم حديث السلطنة لإثبات انتقال الملكية آناً ما من المالك المبيح إلى البائع المباح له.

وفيه إن حديث السلطنة إنما يفيد العموم المالي لا العموم الشرعي يعني أنت تتصرف في عموم أموالك ولا تتصرف في الأحكام الشرعية التي تنظم شؤون أموالك، الناس مسلطون على أموالهم يعني كل أموالك وكل أملاكك تحت يدك وتحت تصرفك يعني لك سلطنة على المال لا على الحكم الشرعي الذي ينظم حركة المال وقد جاء الشرع وقال بعض التصرفات تحصل من الإباحة وهناك تصرفات لا تحصل من الإباحة وإنما تتوقف على الملكية فحديث السلطنة لا يفيد التصرف في الأحكام الشرعية، حديث السلطنة يفيد صحة التصرف في الأموال ضمن إطار الأحكام الشرعية ثم يذكر ثلاث أو أربعة مصاديق لأحكام شرعية.

مثلا ورد عندنا لا وطئ إلا في ملك فإذا كان المالك عنده جارية وأباح لغيره هذه الجارية فهل يجوز للغير المباح له أن يطأ هذه الجارية؟ الجواب كلا لا يجوز له لأن الغير ليس مالكاً للجارية ولا وطئ إلا في ملك، نعم يستخدمها خدامة إلا الوطء ما يستطيع أن ينكحها نعم دل الدليل الخاص على جواز وطئها ونكاحها بلفظ خاص وهو لفظ التحليل إذا قال المالك أحللت لك جاريتي جاز له وطئها إذن لو قال مالك الجارية لشخص أبحت لك جميع التصرفات في جاريتي صراحة ووضوح وعموم أبحت لك جميع وكل التصرفات في جاريتي جمعاء وبشكل مطلق فهل يجوز له أن يطأها؟ الجواب لا يجوز له أن يطأها لأن الدليل الخاص دل على أنه لا وطئ إلا في ملك والمباح له ليس مالكاً للجارية، تشكل علينا إذن كيف يجوز وطئ جارية الغير بالتحليل؟ نقول ذلك لدليل خاص وهو استعمال صيغة خاصة أحللت لك جاريتي فهل في مثل هذه الجارية يصح أن نتمسك بحديث عموم السلطنة الناس مسلطون على أموالهم ومالك الجارية مسلط على جاريته التي هي ماله فإذا قال أبحت لك جميع وكل التصرفات ومطلق التصرفات هذا لفظه جميع التصرفات يعني لأنها مالي أنا أبيح لك جميع التصرفات ضمن إطار الشرع فحديث السلطنة يفيد العموم المالي لا عموم الأحكام أن أنت تشرع على مزاجك وتحلل وتجوز وتحرم على مزاجك.

قال وهذا الوجه انتقال الملكية آناً ما من المبيح إلى المباح له ببركة الدليل الشرعي مفقود فيما نحن فيه أن ندعي أن الإباحة مطلقة فتشمل جميع التصرفات حتى التصرفات المتوقفة على الملك إذ المفروض أنه لم يدل دليل بالخصوص على صحة هذه الإباحة العامة يعني وشمول الإباحة العامة للتصرفات المتوقفة على الملك، الآن لاحظ دفع دخل مقدر، دفع إشكال مقدر قد يقال نحن لا نحتاج إلى دليل خاص يكفي التمسك بعموم حديث السلطنة.

قال واثبات صحته يعني صحة الدليل على صحة الإباحة العامة بعموم يعني بالتمسك بعموم مثل الناس مسلطون على أموالهم[2] يتوقف على عدم مخالفة مؤداها ـ مؤدى حديث السلطنة الناس مسلطون على أموالهم ـ لقواعد أخر يعني لقواعد شرعية أخر يعني يريد أن يقول هكذا حديث السلطنة يفيد عموم التصرف في المال لا الأحكام يعني يفيد جواز التصرف في مطلق المال ضمن إطار الأحكام الشرعية فلا تجوز مخالفة الأحكام الشرعية مثل المثال الأول يتوقف انتقال الثمن إلى الشخص على كون المثمن مالا له يعني حتى تصح المعاوضة في عوض وفي معوض أنت لكي ينتقل إليك الثمن لابد أن يكون المثمن مالاً لك، الآن أنت تمسكك بقاعدة السلطنة يخرم هذا لأن المباح له إذا باع المبيع هذا المبيع ملك من؟ هذا المثمن ملك من؟ ملك المالك الأصلي المبيح فكيف ينتقل ثمن المبيع المملوك لغيره وهو المبيح، كيف ينتقل إلى المباح له؟ هذه قاعدة مسلمة لكي ينتقل الثمن إليك لابد أن تكون أنت المالك للمثمن لأن عندنا عوض ومعوض يعني الثمن في مقابل المثمن لكي تتم المعاوضة.

التمسك بحديث السلطنة يصير يخرمها إذا يخالف هذه الأحكام الشرعية مثل الحكم الأول القاعدة الأولى توقف انتقال الثمن إلى الشخص في مثالنا المباح له على كون المثمن مالا له، مالا للمباح له في مثالنا والحال إن المثمن مال للمبيح لا المباح له.

القاعدة الثانية وتوقف صحة العتق على الملك لأنه لا عتق إلا في ملك.

القاعدة الثالثة وصحة الوطء على التحليل بصيغة خاصة إذا قال أحللت لك أمتي جاريتي لا بمجرد الإذن يعني ولا يصح الوطء لا صحة الوطء بمجرد الإذن في مطلق التصرف لو قال لك مطلق التصرف في جاريتي ما يصح أن يطأها ولأجل ما ذكرنا إن مطلق الإباحة لا يفيد جميع التصرفات حتى التصرفات المتوقفة على الملك يعني الإباحة المطلقة لا تشمل التصرفات المتوقفة على الملك يذكر شواهد منها ما ورد عن الشهيد الأول رحمة الله عليه قال أنه ما ملك بالإباحة لا خمس فيه لأنه لا خمس إلا في ؟؟؟ لا زكاة فيه لأنه لا زكاة إلا في ملك، ما يصير أن تشتري منه ثمن هدي الحج لأنه الهدي لابد أن يكون من مالك من ملكك مع أنه أفترض هذا الهدي أبيح لك لكن ما يصير أن تقدمه هدي لابد أن تكون مالكاً له.

قال ولأجل ما ذكرنا يعني أن الإباحة المطلقة لا تشمل التصرفات المتوقفة على الملك صرح المشهور إذا قال صرح المشهور يعني هناك من يخالفه ثم يترقى يقول بل قيل لم يوجد خلاف[3] يعني هناك إجماع من القائل صاحب الجواهر، جواهر الكلام الجزء 23 صفحة 174، ولأجل ما ذكرناه وصرح المشهور بل قيل لم يوجد خلاف في أنه لو دفع إلى غيره مالا وقال اشتر به لنفسك طعاماً، أعطاه دينار عشر دينار قال اشتر به لنفسك طعاماً قال وتوجد ثلاث صور مصححة لهذه المعاملة إذا قصد واحدة من هذه الصور الثلاث المعاملة صحيحة إذا ما قصد جميع هذه الصور الثلاث إما ما عنده قصد أو قصد غيرها تصرفه لا يكون صحيحاً هذه الصور الثلاث مبنية على ثبوت الملكية.

أعطاه مالا قال له اشتر بهذا المال لنفسك طعاما يعني لا تشتري إلي اشتري إليك يعني طعام ملكك كيف تخرجها؟ المال مال المعطي المالك هو المعطي فكيف تنتقل الملكية إلى المعطى فلسفة الصور الثلاث في انتقال الملكية من معطي المال إلى المعطى الذي اشترى الطعام الصورة الأولى أن يأذن المعطي للمعطى في اقتراض المال قبل الشراء لما قال له هذا مال اشتر لنفسك به طعاما يعني أنا أقرضتك هذا المال إذا أقرضتك المال صار ملكك يجوز لك أن تشتري لك به طعاما.

الصورة الثانية لا يقرضه المال يقرضه الطعام يعني هذا المال ملكي أنا المعطي وكلتك وأذنت لك في شراء الطعام لي ثم أقرضك الطعام، ما الفرق بين الصورة الأولى والثانية؟ وقوع الإقراض قبل البيع أو بعد البيع؟ الصورة الأولى يقرضه عين المال قبل الشراء الصورة الثانية يقرضه عين المثمن عين المبيع بعد الشراء.

الصورة الثالثة المدفوع له المال يشتري لنفسه لا للدافع المالك لكن يشتري كلي في الذمة يعني يذهب إلى الدكان ويشتري إليه عدس بكم؟ قال بدينار فصار مدين بدينار ثم يأذن المالك الذي يعطيه الدينار في استيفاء دينه وتسديد دينه بهذا الدينار فلما يعطيه المال ويقول له خذ هذا الدينار واشتر لنفسك به طعاماً يعني استوفي الدين الذي في ذمتك بهذا المال وهذا أيضا جائز وإن كان بعيد عن هذه اللفظة فهذه صور ثلاث لكن إذا ذهب وتصرف واشترى، الدافع ما نوى أن يقرضه قبل البيع ولنوى الدافع أن يقرضه بعد البيع ولنوى أن يعطيه المال لكي يستوفي دينه بعد الشراء هذا كله متوقف على قصد الدافع أصلا الدافع ما قصد شيء رآه فقير المسكين أعطاه قال اذهب واشتري إليك هل هو قصد أن يتصدق عليه؟ يقرضه؟ يقضي دينه؟ قال أنا أريد أن امشي أموره، يقولون إذا لم يقصد إحدى هذه الثلاث لا يجوز تصرفه صحيح مع أن الدافع أباح له، ما هو الوجه في عدم صحة غير الثلاثة؟ عدم حصول الملكية للمدفوع له، للمباح له.

قال ولأجل ما ذكرنا أن الإباحة المطلقة لا تشمل التصرفات المتوقفة على الملك صرح المشهور بل قيل لم يوجد خلاف في أنه لو دفع الدافع إلى غيره مالا وقال أشتر به لنفسك طعاما من غير قصد إحدى الصور الثلاث، الصورة الأولى قصد الإذن في اقتراض المال قبل الشراء يعني إذن المالك المبيح للمباح له في أن يقترض المال قبل أن يشتري.

الصورة الثانية أو اقتراض الطعام يعني قصد الإذن في اقتراض الطعام بعد الشراء يعني أن يقترض المباح له الطعام بعد أن يشتريه على ملكية المبيح.

الصورة الثالثة أو استيفاء الدين منه بعد الشراء يعني يقوم المباح له بالشراء في ذمته فتشتغل ذمته بمال للبائع فيستوفي هذا الدين يقضي هذا الدين بالمال الذي دفعه له المالك الذي أذن له.

قال لم يصح من غير قصد إحدى هذه الصور لم يصح هذا التصرف، كما صرح به في مواضع من القواعد يعني العلامة الحلي في كذا موضع صرح، حاشية المحقق يقول لم ؟؟؟ على التصريح بذلك إلا في مورد واحد يعني موضع واحد وليس مواضع وهو حكم التسليم والقبض انظر قواعد الأحكام الجزء الأول صفحة 151 وعلله في بعضها يعني وعلل العلامة الحلي في بعضها ـ في بعض هذه المواضع ـ بأنه لا يعقل شراء شيء لنفسه بمال الغير إذا نراجع الحاشية رقم 4 صفحة 85 يقول لا يوجد هذا التعليل في المورد المتقدم الذي هو الجزء الأول صفحة 151 من القواعد نعم العلامة الحلي في موضع آخر في كتاب الرهن قال ولو قال بعه لنفسك بطل الإذن لأنه لا يتصور أن يبيع ملك غيره لنفسه[4] قواعد الأحكام الجزء الأول صفحة 66 وسيأتي نقل المؤلف الشيخ الأنصاري لهذا المطلب بعينه من كتب العلامة لا خصوص القواعد صفحة 386 من المكاسب.

كما صرح به في مواضع من القواعد وعلله في بعضها بأنه لا يعقل شراء شيء لنفسه بمال الغير وهو كذلك يعني وهو صحيح هذا كلام صحيح فإن مقتضى مفهوم المعاوضة بين الثمن والمثمن والمبادلة بين الثمن والمثمن دخول العوض في ملك من خرج المعوض عن ملكه وإلا يخرج المعوض الثمن مثلا وما يدخل في جيبه عوض ما يدخل المبيع في ملكه فإن مقتضى مفهوم المعاوضة والمبادلة دخول العوض في ملك من خرج المعوض عن ملكه وإلا يعني لو لم يدخل العوض في ملك من خرج المعوض عن ملكه لم يكن عوضاً وبدلاً ما يصدق عليه أنه عوض ولما ذكرنا أن الإباحة ما تشمل التصرفات المتوقفة على الملك.

الشيخ الطوسي قال الهبة المعاطاتية تفيد الإباحة ولا تفيد التمليك بالتالي إذا وهبوه جارية بهبة معاطاتية قال ما يجوز وطئها لأنه ما يملكها.

ولما ذكرنا من أن الإباحة ما تشمل التصرفات المتوقفة على الملك حكم الشيخ[5] الطوسي في المبسوط وغيره [6] الشهيد الأول في الدروس بأن الهبة الخالية عن الصيغة اللفظية يعني الهبة المعاطاتية تفيد إباحة التصرف ولا تفيد الملك لكن لا يجوز وطئ الجارية يعني الموهوبة بالهبة المعاطاتية مع أن الإباحة المتحققة من الواهب تعم جميع التصرفات فحكم الشيخ الطوسي بعدم جواز وطئها لأن الإباحة المطلقة للجارية ما يشمل وطأها لأن الوطء من التصرفات المتوقفة على الملك وعرفت أيضا فيما مضى أن الشهيد الأول في الحواشي لم يجوز إخراج المال المأخوذ بالمعاطاة لأن يفيد الإباحة ما يفيد الملك، لم يجوز إخراجه في الخمس والزكاة وثمن الهدي ولا وطئ الجارية، ما جوز وطئ الجارية المأخوذة بالمعاطاة لأن كلها متوقفة على الملك لا خمس إلا في ملك لا زكاة إلا في ملك، ثمن الهدي لابد مملوك ولا يجوز وطئ الجارية إلا المملوكة مع أن مقصود المتعاطيين الإباحة المطلقة لكن هذه الإباحة المطلقة لا تفيد جواز التصرفات المتوقفة على الملك، ودعوى أن الملك التقديري يأتي عليه الكلام.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo