< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

41/05/07

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع: الدرس الثاني والتسعون: توجيه الروايات الدالة على عدم حرمة الغناء في نفسه

 

قال الشيخ الأنصاري "رحمه الله" وأنت خبير بعدم مقاومة هذه الأخبار للاطلاقات لعدم ظهور يعتد به في دلالتها.[1]

 

خلاصة درس الأمس

كان الكلام في الروايات الأربع التي نسب إلى الفيض الكاشاني والمحقق السبزواري أنهما قد تمسكا بهذه الروايات الأربع للقول بأن الغناء بما هو هو ليس حراما وإنما يحرم الغناء بحرمة ما يكتنفه من أمور كما لو اشتمل الغناء على آلات اللهو والطرب أو اشتمل الغناء على الكلام الباطل أو تضمن الغناء دخول الرجال على النساء فإن الغناء يحرم بسبب هذه الأمور المحرمة التي أوجدت ضمن الغناء.

تقدم كلام الشيخ الأنصاري "رحمه الله" في تقريب الاستدلال بهذه الروايات الأربع على حرمة الغناء بسبب وجود المزمار أو آلات اللهو.

 

خلاصة درس اليوم

الشيخ الأنصاري فيما بعد يناقش هذه الروايات ويوجهها ويقول هذه الروايات الأربع وهي رواية علي بن جعفر عن أخيه هذه الرواية الأولى والثانية ورواية أبي بصير الثالثة والرابعة هذه الروايات لا تقاوم الأخبار المطلقة التي دلت على أن الغناء حرام مطلقا سواء تضمن أدوات لهو أو لا فالغناء بما هو هو حرام بغض النظر عن اكتنافه لأمور محرمة أو لا.

الشيخ الأنصاري "رحمه الله" يناقش ويقول هذه الروايات الأربع التي يستدل بها على أن الغناء بما هو هو لا يحرم وإنما يحرم لحرمة ما يتضمنه هذه الروايات أصلا لا ظهور لها في أصل هذه الدعوة يعني لا تدل على أن حرمة الغناء بسبب آلات اللهو فإذا انتفت دلالتها على المدعى لا تقاوم ظهور الأخبار المطلقة ولا تصلح لتقييد الأخبار المطلقة المحرمة للغناء مطلقا سواء تضمن آلات لهو أو لا ثم يشرع في مناقشة هذه الروايات رواية رواية.

أما الرواية الأولى وهي رواية علي بن جعفر عن أخيه فقد ورد فيها ما لم يعص به ولم تقل الرواية ما لم يعص معه بل قالت ما لم يعص به ـ بالغناء ـ فهي ظاهرة في تحقق المعصية بنفس الغناء لا أن المعصية تتحقق في الغناء مع وجود آلة اللهو والطرب بل الرواية قالت ما لم يعص به أي أن نفس الغناء معصية فيكون المراد بالغناء الصوت المشتمل على الترجيع هذا الصوت المشتمل على الترجيع إما يوجب الطرب فيكون معصية وإما لا يوجب الطرب فلا يكون معصية.

الرواية هكذا مفادها سألته عن الغناء في الفطر والأضحى والفرح قال لا بأس ما لم يعص به يعني بالغناء يعني هذا الغناء الذي هو الصوت المشتمل على الترجيع إما يعصى به إذا أوجب الطرب وإما لا يعصى به ومن جواب الرواية الأولى يتضح جواب الرواية الثانية فقد ورد في الرواية الثانية ما لم يزمر به ولم تقل الرواية ما لم يزمر معه فالرواية هكذا تقول علي بن جعفر عن أخيه قال سألته عن الغناء هل يصلح في الفطر والأضحى والفرح قال لا بأس ما لم يزمر به ـ بالغناء ـ ولم تقل الرواية ما لم يزمر معه ـ مع الغناء ـ يعني نفس الغناء هو عبارة عن مد الصوت المشتمل على الترجيع هذا الصوت الممدود المشتمل على الترجيع إما يوجب المعصية كما إذا أوجب الخفية والطرب وإما لا يوجب المعصية ولكن ما هو المراد ما لم يزمر به؟

ما لم يزمر به يعني ما لم تكن كيفيته توجب الطرب كما أن المزمار يوجب الطرب فالمراد بما لم يزمر به يعني ما لم تكن الكيفية كيفية المزمار كما أن المزمار له كيفية لهوية كذلك الغناء قد تكون له كيفية لهوية فإذن ما لم يزمر به يعني لم يرجع فيه ترجيع المزمار أو لم يقصد منه قصد المزمار، ما الذي يقصد من المزمار؟ اللهو ما لم يزمر به يعني كناية ما لم يله به.

أو أن المراد من الزمر التغني على سبيل اللهو هذا تمام الكلام في مناقشة الرواية الأولى والرواية الثانية يبقى الكلام في مناقشة الرواية الثالثة والرواية الرابعة وهي رواية أبي بصير.

 

تطبيق المتن

قال الشيخ الأنصاري "رحمه الله" وأنت خبير بعدم مقاومة هذه الأخبار يعني الأربعة روايتا علي بن جعفر وروايتا أبي بصير، للإطلاقات يعني للروايات المحرمة المطلقة التي حرمت الغناء مطلقا يعني سواء بوجود آلة اللهو أو لا لعدم ظهور يعني بسبب عدم ظهور يعتد به في دلالتها يعني في دلالة الروايات الأربع على أن الغناء إنما يحرم بسبب وجود آلات اللهو لا دلالة فيها بل الأمس قرأنا الروايات الأربع واستظهرنا أن الحرمة من جهة وجود آلات اللهو أو من جهة دخول الرجال على النساء لأنه الرواية الأولى والثانية ناظرة إلى أنه ما لم يعص به ما لم يزمر به الرواية الثالثة والرابعة ذكر دخول الرجال على النساء.

قال في دلالتها يعني على أن حرمة الغناء بسبب وجود محرم، فإن الرواية الأولى لعلي بن جعفر ظاهرة في تحقق المعصية بنفس الغناء الإمام قال لا بأس ما لم يعص به ولم يقل ما لم يعص معه فيكون المراد بالغناء مطلق الصوت المشتمل على الترجيع مطلق الصوت ليس بحرام إما يطرب فيكون محرما وإما لا يطرب فيكون جائزا وهو ـ الصوت المشتمل على الترجيع ـ قد يكون مطربا ملهيا فيحرم الصوت المطرب الملهي وقد لا ينتهي إلى ذلك يعني وقد لا ينتهي الصوت المشتمل على الترجيع إلى ذلك الحد يعني حد الطرب واللهو فلا يعصى به يعني فلا يصدق عليه أنه يعصى به ومنه يعني ومن جواب الرواية الأولى ومن توجيه الرواية الأولى يظهر توجيه الرواية الثانية لعلي بن جعفر فإن معنى قوله لم يزمر به لم يرجع فيه ترجيع المزمار أو لم يقصد منه قصد المزمار ـ اللهو ـ أو أن المراد من الزمر التغني يعني كناية عن التغني على سبيل اللهو.

خلاصة الرواية أنها طبقت آية لهو الحديث على موردين، الرواية تتكلم عن غناء المغنية في الأعراس تذكر موردين:

المورد الأول إذا دخل الرجال على النساء فهي تنص على التحريم

المورد الثاني إذا لم يدخل الرجال على النساء فقد يستفاد الجواز وقد يستفاد الحرمة

طبعا هذه الرواية الشيخ الأنصاري يقول أول ما فيها من ناحية السند ضعيفة بعلي بن أبي حمزة البطائني ورواية أبي بصير صفحة 305 قال سألت أبا عبد الله "عليه السلام" عن كسب المغنيات إذن السؤال عام عن مطلق كسب المغنيات فقال التي يدخل عليها الرجال حرام والتي تدعى إلى الأعراس لا بأس به يعني ليس بحرام وهو قول الله "عز وجل" (ومن الناس من يشري لغو الحديث ليضل عن سبيل الله) [2] هذه وهو هل يعود إلى كلا القسمين يعني القسم الأول دخول الرجال على النساء والقسم الثاني الذي ليس متضمنا لدخول الرجال على النساء ولكن الأول حرام والثاني حلال لكن عنوان لهو الحديث يصدق على الاثنين هذا الاحتمال الأول والذي ذكره الشيخ الأنصاري في تقريب الاستدلال.

يوجد احتمال الثاني وهو أن قوله عليه السلام وهو قول الله راجع إلى خصوص القول الأول دون القول الثاني وهذا ما رجحه المحقق المدقق الايرواني في حاشيته على المكاسب، وهو قول الله هل يرجع إلى فقط التي يدخل عليها الرجال حرام أو وهو قول الله يعني كسب المغنيات التي يدخل عليها الرجال والتي تدعى إلى الأعراس لا بأس به أما ارجع على خصوص الأخير وهي التي تدعى إلى الأعراس لا بأس بها قول الله من الواضح أنه إذا صدق على الأخير صدق الأول.

الرواية الثانية وعن أبي بصير عن أبي عبد الله "عليه السلام" قال (قال عليه السلام اجروا المغنية التي تزف العرائس ليس به بأس ليست بالتي يدخل عليها الرجال) [3] الشيخ الأنصاري يقول فإن ظاهر الثانية التي هي الرابعة وصريح الأولى الثالثة أن حرمة الغناء منوط بما يقصد منه فإن كان المقصود منه إقامة مجلس اللهو حرم وإلا ـ إن لم يكن المقصود منه ـ مجلس اللهو فلا حرمة وقوله عليه السلام في الرواية وهو قول الله إشارة إلى ما ذكره من التفصيل أن الغناء بما هو هو حلال وإنما يحرم بسبب ما يتضمنه من حرام مثل دخول الرجال على النساء فإذن وهو قول الله إشارة إلى التفصيل يعني الأول دخول الرجال على النساء محرم والثاني محلل ثم يقول ويظهر منه يعني قول الله، أن كلا الغناءين من لغو الحديث، الغناء الذي فيه دخول الرجال على النساء والغناء الذي لا يتضمن لكن يقصد بأحدهما وهو الذي يتضمن دخول الرجال على النساء إدخال الناس في المعاصي والإخراج عن سبيل الحق وطريق الطاعة دون الآخر يعني الآخر الذي لا يتضمن دخول الرجال على النساء هذا الآخر لا يقصد منه إدخال الناس في المعاصي والإخراج على سبيل الحق.

إلى هنا صار تقريب للاستدلال على ما ذهب إليه الفيض الكاشاني والمحقق السبزواري ويمكن أن يستدل لهما بهاتين الروايتين بالحصر الحقيقي أي أن الرواية قسمت الغناء حقيقة إلى قسمين أي أنه لا ثالث في البين القسم الأول حرام والقسم الثاني حلال القسم الأول الحرام هو الذي يدخل فيه الرجال على النساء وهذا نفس القسم الثاني في الرواية الرابعة والقسم الثاني الحلال في الرواية الثالثة هو غناء المغنية بين النسوان من دون دخول الرجال عل النساء وهو نفس القسم الأول في الرواية الرابعة فنستخرج هذه النتيجة إن الحصر في الروايتين حصر حقيقي إذن ما عداهما يدخل ضمن الجواز دون الحرام لأن الرواية حصرت الحرام في دخول الرجال على النساء فلو جاءت مغنية وغناءها ليس فيه محرم لم يكتنف بمحرم كالقول بالباطل ففي هذه الحالة يلتزم بالجواز.

أو غير المغنية مغني يغني بين الناس وما اكتنفه محرم في هذه الحالة قد يلتزم بالجواز.

وفيه الشيخ الأنصاري يقول إن الحصر حصر إضافي وليس حصرا حقيقيا تارة يكون الحصر حقيقي تقول أعلم المراجع فلان وتارة تسأل أيهما أعلم المرجع الفلاني أو المرجع العلاني تقول المرجع الفلاني هنا حينما تقول أعلم يعني بالإضافة إلى المرجع العلاني هنا الحصر حصر إضافي وليس حصر حقيقي الإمام "عليه السلام" يقول بالإضافة والنسبة إلى هذين الموردين المورد من غنى هو الإمام ناظر إلى غناء المغنية الموجود خارجا يعني في الخارج في ذلك الزمان المغنية إما تدخل الرجال أو ما تدخل الرجال إذا تدخل الرجال على النسوان هذا حرام إذا ما تدخل الرجال على النسوان وخاص بالنساء هذا حلال فالإمام عليه السلام ليس ناظرا إلى مطلق الغناء بل ناظر إلى خصوص غناء المغنية وناظر إلى خصوص الموردين هناك تضايف بين الموردين وبالتالي المصداق الثالث مسكوت عنه، ما هو المصداق الثالث؟ لو كان المغني رجل بين الرجال ولم يستخدم آلات لهو لم يدخل ضمن القسم الأول لأنه ليس غناء مغنية وليس فيه أدوات طرب ولم يدخل ضمن القسم الثاني لأن القسم الثاني غناء المغنية بين النسوان هذا غناء الرجل بين الرجال من قال إن الحصر حقيقي يقول غناء المغني بين الرجال حلال لأنه ليس فيه آلة لهو.

الشيخ الأنصاري يقول هذا حصر إضافي لا إطلاق له غناء المغنية الذي ليس فيه أداة لهو هذا حلال بالنسبة إلى القسم الأول غناء المغنية الذي فيه أدوات لهو فالإمام ليس ناظر إلى مطلق الغناء إلى خصوص هذين الفردين والمقايسة بينهما إذن لا يمكن التعميم من هذه الرواية فالرواية لا يستفاد منها إن الغناء مطلقا حلال ولا يحرم إلا إذا وجدت فيه أداة غناء.

قال الشيخ الأنصاري "رحمه الله" وأما رواية أبي بصير الملاحظة الأولى مع ضعفها سندا بعلي بن أبي حمزة البطائني هذا أحد أعمدة الوقف الثالثة هو وزياد بن مروان القندي وعثمان بن عيسى الرواسي فلا تدل إلا على كون غناء المغنية التي يدخل عليها الرجال هذا المصداق الأول هذا الفرد الأول، الفرد الأول غناء المغنية التي يدخل عليها الرجال داخلا في لهو الحديث في الآية، المصداق الثاني وعدم دخول غناء التي تدعى إلى الأعراس فيه يعني في لهو الحديث في نسخة أخرى فيها يعني في الآية هذا المصداق الثاني هذا قد يقال يتهافت مع ما قرأناه آنفا وأخذناه في الدرس السابق صفحة 305 ويظهر منه أن كلا الغنائين من لغو الحديث، هذا كلا الغنائيين من لهو الحديث هذا الاستظهار الأول، الاستظهار الثاني أن لهو الحديث يصدق على خصوص المصداق الأول دخول الرجال على النساء دون الثاني وهو هذا استظهار المحقق الايرواني إذن هنا يريد أن يقول يوجد حصر حقيقي هذا المستشكل الشيخ الأنصاري يرد يقول لا يوجد حصر إضافي فالمصداق الثالث مسكوت عنه.

يقول وهذا لا يدل وهذا يعني وتقسيم الغناء إلى قسمين لا يدل على دخول ما لم يكن منهما ـ ما لم يكن من القسمين ـ القسم الأول غناء المغنية مع دخول الرجال، القسم الثاني غناء المغنية للنساء مع عدم دخول الرجال عليهن هذا لا يدل على دخول ما لم يكن منهما في القسم المباح مثل غناء الرجل للرجال من دون أدوات غناء يقول مع كونه يعني كون ما لم يكن منهما كون الغناء الذي لم يكن منهما القسم الثالث من لهو الحديث قطعا، هذا المغني إذا كلامه يتضمن أباطيل قطعا داخل ضمن لهو الحديث فإذا فرضنا أن المغني يغني بأشعار باطلة فدخول هذا ـ القسم الثالث - ما لم يكن منهما في الآية أقرب من خروجه.

الخلاصة يريد أن يقول لا يوجد حصر حقيقي بل الحصر إضافي فالقسم الثالث مسكوت عنه وبالجملة فالمذكور في الرواية ـ رواية أبي بصير ـ تقسيم غناء المغني باعتبار ما هو الغالب في ذلك الزمان من أنها تطلب للتغني وهو على قسمين:

القسم الأول إما في المجالس المختصة بالنساء كما في الأعراس وإما للتغني في مجالس الرجال وأما القسم الثالث النادر فالرواية ساكتة عنه وغير ناظرة إليه ثم يستدرك الشيخ الأنصاري يقول هذه الروايات الأربع وخصوصا رواية أبي بصير الثالثة والرابعة نحن لم نستظهر أنها ظاهرة في التفصيل بين الغناء الذي فيه دخول للرجال على النساء فيكون حراما والغناء الذي ليس فيه دخول للرجال على النساء فيكون مباحا لكن لا تخلو من أشعار من أن الغناء المحرم هو الغناء الذي يدخل فيه الرجال على النساء لكن هذا الأشعار لا يرقى إلى مستوى الظهور إذن لا يرقى لتقييد أطلاقات أدلة الحرمة الغناء حرام مطلقا.

قال نعم الإنصاف أنه لا يخلو من أشعار بكون المحرم هو الذي يدخل فيه الرجال على المغنيات لكن المنصف لا يرفع اليد عن الاطلاقات لأجل هذا الأشعار أطلاقات أدلة حرمة الغناء مطلقا سواء فيه دخول للرجال على النساء أو لا، خصوصا مع معارضته بما هو كالصريح في حرمة غناء المغنية ولو لخصوص مولاها كما تقدم من قوله عليه السلام قد يكون للرجل الجارية تلهيه وما ثمنها إلا ثمن الكلب[4] يعني ثمنها حرام فهذه الرواية تدل على حرمة غناء المغنية لمولاها مطلقا يعني سواء وجدت أدوات لهو أو لم توجد سواء دخل الرجال عليها أو لم يدخلوا فهذه الرواية مطلقة تقول ثمن المغنية التي تغني لمولاها سحت حرام وأصبحت ثمنها حرام لحرمة الغناء الذي تقوم به، ثمن الغناء الذي تقوم به مطلقا سواء وجدت معازف وأدوات لهو أو لا ثم يقول فتأمل لعله إشارة إلى أن هذه الرواية ليست صريحة في الحرمة مطلقا بل غاية ما يمكن أن يقال فيها إنها ظاهرة في الحرمة بنحو الإطلاق لا بنحو الصراحة وهذا الإطلاق يمكن تقييده بالروايات الأربع فنقول ظاهر هذه الرواية أن غناء المغنية لمولاها حرام مطلق تأتي الروايات المقيدة وتقول إن الغناء إذا فيه أدوات لهو ودخول الرجال على النساء حرام إذا ما فيه حلال لذلك قال فتأمل.

وبالجملة فضعف هذا القول ـ قول المحقق الفيض الكاشاني والمحقق السبزواري ـ بعد ملاحظة النصوص ومناقشتها وتوجيهها أظهر من أن يحتاج إلى الإظهار ثم يقول بون شاسع بين ما نسب إلى المحقق السبزواري والفيض الكاشاني وما ذهب إليه فخر المحققين في إيضاح الفوائد من القول بحرمة غناء المغنية في الأعراس مطلقا يعني فيه أدوات أو ما فيه أدوات حرام، إذن هذان القولان على طرفي نقيض.

قال وما أبعد بين هذا قول الفيض الكاشاني والمحقق السبزواري من أن الغناء بما هو هو حلال وإنما يحرم من جهة ما يتضمنه من محرم وبين ما سيجيء من فخر الدين ـ فخر المحققين ـ في إيضاح الفوائد الجزء الأول صفحة 405 من عدم تجوز الغناء بالأعراس لأن الروايتين وإن كانتا نصين في الجواز إلا أنهما لا تقاومان الأخبار المانعة لتوترها يعني لتواتر الأخبار المانعة لأن الروايتين يعني رواية أبي بصير الأولى والثانية التي هي الثالثة والرابعة لأنها واردة في هذا المورد فرفع اليد فخر المحققين عن التفصيل من أنه إذا دخل الرجال على النساء حرام وإذا ما دخلوا حلال رفع اليد عن هذا الظهور لأنها لا تقاوم الروايات الكثيرة المانعة مطلقا.

ماذا تقول فيما ذكره المحقق السبزواري من أن الروايات متعارضة مع روايات فضل القرآن، روايات فضل قراءة القرآن مطلقة التغني به أو عدم التغني يقول هذا سيظهر إن شاء الله من التفصيل، التفصيل سيأتي في القسم الثالث.

قال وأما ما ذكره في الكفاية من تعارض أخبار المنع[5] ـ الدالة على حرمة الغناء ـ للأخبار الواردة في فضل قراءة القرآن فيظهر فساده يعني فساد ما ذكره في الكفاية، عند التكلم بالتفصيل في صفحة 308 لما يتكلم عن الثالث عندما يقول وفيه إن أدلة المستحبات هناك.

يبقى الكلام في القسم الثاني الاشتباه في الموضوع يقول بعض صغار الطلبة لقلة معرفته توهم أن المراثي لا يقع فيها الغناء وهذا موجود هذه الشبهة إلى يومنا هذا يقول هذا عزاء على الحسين "سلام الله عليه" هذا قراءة قرآن والشيخ الأنصاري كما سيأتي يقول هؤلاء تصوروا أن الغناء تابع للكلام لا الكيفية حرمة الغناء تابع للكيفية الباطلة لا الكلام الباطل قد يكون الكلام كلام حق رثاء الحسين رثاء أهل بيت النبي كلام حق أو القرآن كلام حق لكن التغني به بالباطل يقول لذلك يقول هذا الشيء عرفي إذا شخص سمع من بعيد كلام فيه أدوات لهو أو ما فيه أدوات لهو لكن طريقته لهوية يقول هذا غناء ما يسمع هو الكلام يمكن لو يقترب يكتشف أن هذا قرآن أو دعاء أو مراثي إذن القسم الثاني، القسم الأول الاشتباه في الحكم يعني أن أصل الغناء ليس بحرم وإنما يحرم نتيجة ما يكتنفه من محرم ورد عليه الشيخ الأنصاري.

القسم الثاني من الشبهات الاشتباه في الموضوع وهو أن الغناء لا يقع في القرآن والمراثي هذا غير صحيح، يقول ماذا يقصد بأنه لا يقع هل يريد أن الغناء مما يكون لمواد الكلام فيه نصيب هذا مخالف للعرف ومخالف للغة لأن اللغة عرفت الغناء بأنه مد الصوت تحسين الصوت ترجيع الصوت ثلاثة كيفيات ما ترجع إلى الكلام مد الصوت وتحسين الصوت وترجيع الصوت هذا كله راجع إلى الكيفية فإذا أرجعت الغناء إلى الكلام الباطل هذا مخالف للغة ومخالف للعرف العرف إذا سمع من بعيد طريقة تناسب مجالس أهل اللهو قال عندهم يغنون مع أنه لا يسمع صوتهم.

قال وأما الثاني وهو الاشتباه في الموضوع فهو ما ظهر من بعض من لا خبرة له من طلبة زماننا تقليدا لمن سبقه من أعياننا يعني يريد أن يقول هؤلاء ما عندهم خبرة في الأغاني صحيح طالب علم أو أعين من أعيان المذهب ما عرفه بطريقة أهل اللهو والفسوق والعصيان الآن في بعض مقاطع العزاء أو بعض المراثي تشغلها واحد يقول هذه أغنية فلان.

وأما الثاني وهو الاشتباه في الموضوع فهو ما ظهر من بعض من لا خبرة له من طلبة زماننا تقليدا لمن سبقه من أعياننا من منع صدق الغناء في المراثي وهو عجيب فإنه إن أراد أن الغناء مما يكون لمواد الألفاظ دخل فيه فهو تكذيب للعرف واللغة أما اللغة فقد عرفت تراجع صفحة 294 قوله واستشهد على ذلك بما في الصحاح من أن التطريب في الصوت مده وتحسينه والمد والتحسين من الكيفية وما عن المصباح من أن طرب في صوته مده ورجعه المد والترجيع هذا كيفية وليس مادة وأما العرف فلأنه لا ريب في أن من سمع من بعيد صوتا مشتملا على الإطراب المقتضي للرقص أو ضرب آلات اللهو لا يتأمل في إطلاق الغناء عليه إلى أن يعلم مواد الألفاظ.

وإن أراد أن الكيفية التي يقرأ بها للمرثية لا يصدق عليها تعريف الغناء فهو تكذيب للحس يعني تكذيب للوجدان فإننا بالوجدان ما إن نسمع هذه المرثية بهذه الكيفية يحصل عندنا خفة وطرب فبالحس والوجدان يصدق أن هذه الكيفية تناسب مجالس أهل اللهو واللعب لأنه يتغنى بالمرثية ليس يقرأ مرثية يعني بكيفية الخطباء المتعارفة السليمة يتغنى بالمرثية، هذا تمام الكلام في القسم الأول والقسم الثاني.

القسم الثالث أيضا يتكلم عن المرثية، ما الفرق بين القسم الثاني والقسم الثالث؟ القسم الثاني يرى أن المرثية لا يصدق عليها عنوان الغناء بينما القسم الثالث يرى أن المرثية يصدق عليها عنوان الغناء لكنها خارجة بالتخصيص هذا هو الفارق لأن القسم الثاني الاشتباه في الموضوع يعني عنوان الغناء ما يصدق على التغني بالمرثية والتغني بالقرآن القسم الثالث الاشتباه ببعض الموضوع يعني هذا هل هو مصداق للغناء أو لا فالقسم الثالث ناظر إلى ؟؟؟ بعبارة علمية القسم الثاني ناظر إلى التخصص القسم الثالث ناظر إلى التخصيص، القسم الثاني يقول المرثية خارجة تخصصا عن الغناء ما يصدق عليها موضوع وعنوان الغناء ومعنى الغناء القسم الثالث يقول عنوان الغناء يصدق على المرثية لكنه ليس بمحرم، وأما الثالث يأتي عليه الكلام.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo