< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

44/09/27

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: الدرس السادس عشر: عدم ثبوت الهلال بالأمارات الظنّية التي لم يقم عليها دليلٌ شرعي

 

قال السيد محمد كاظم اليزدي ـ رحمه الله ـ في كتاب العروة الوثقى ما نصّه:

<ولا برؤيته يوم الثلاثين قبل الزوال فلا يحكم بكون ذلك اليوم أول الشهر ولا بغير ذلك مما يفيد الظن ولو كان قوياً إلا للأسير والمحبوس>[1] .

سيأتي إن شاء الله حكم الأسير والمحبوس في المسألة الثامنة من المسائل العشر التي ذيل بها صاحب العروة طرق ثبوت الهلال الستة، وسيأتي أن الأسير والمحبوس يتحريان ويعملان بالظن، وقد دلّ على ذلك النصّ الشريف، وأما غيرهما فلا يجزئه العمل بالظن إذ لا دليل على حجية هذا الظن بل قامت الأدلة الأربعة من الكتاب والسنة والإجماع والعقل على عدم حجية الظن مطلقاً إلا ما خرج بالدليل.

جاء في صحيحة الخزاز عن أبي عبد الله ـ عليه السلام ـ قال: قلت له كم يجزئ في رؤية الهلال؟ فقال: <إن شهر رمضان فريضة من الله فلا تؤدوا بالتظني>.[2] .

وقد ذكر الفقهاء عدة أمارات ظنية أدعي على أنها طرق لثبوت الهلال:

الأول تطوق الهلال وأن التطوق أمارة على كونه لليلتين.

الثاني أن شهر شعبان دائماً تسعة وعشرين يوماً وشهر رمضان دائماً ثلاثين يوماً.

الثالث أن تحسب اليوم الخامس من السنة الماضية وتجعله أول شهر رمضان للسنة التالية.

وسيأتي الكلام في جميع هذه الموارد التي ربما تزيد على خمس أمارات ظنية وسيتضح أن في بعضها روايات وفي بعضها تكون الرواية صحيحة السند إلا أنها مهجورة أو أن المشهور قد أعرض عنها، فهنا تأتي المباني:

فمن يبني على حجية خبر الثقة وإن إعراض المشهور لا يكسر صحة الرواية يأخذ بهذه الرواية كما عمل بذلك السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ ففي رؤية الهلال قبل الزوال من اليوم الثلاثين دلت روايتان صحيحتان على أن الهلال لليلة السابقة لا الليلة اللاحقة: وهما صحيحة حماد بن عثمان وموثقة عبيد بن زرارة.

ومن هنا ذهب السيد الخوئي إلى ثبوت الهلال لليلة السابقة إذا رؤي الهلال في النهار قبل زوال اليوم الثلاثين.

وهكذا بالنسبة إلى تطوق الهلال دلت صحيحة مرازم على أن الهلال إذا تطوق فهو لليلتين فهو يكشف عن ثبوت الهلال في الليلة السابقة لا خصوص الليل اللاحقة.

ومن هنا ذهب السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ إلى ثبوت الهلال بالتطوق قال ـ قدس الله نفسه الزكية ـ في حاشيته على الوثقى وقد ذكرت التعليقات في تقرير بحثه[3] ونصّ تعليقته ما يلي: <الظاهر ثبوته بذلك كما أن الظاهرة ثبوته بتطوق الهلال فيدل على أنه لليلة الثانية>.

وقد أنكر السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ الإعراض صغرى وكبرى.

أما الكبرى فهو يرى أن حجية خبر الثقة وأن خبر الثقة حجة بالدليل فلا يرفع عن هذا الدليل بالشهرة أو العمل الذي لم يقم الدليل على حجيته، ومن هنا ذهب إلى أن إعراض الأصحاب ليس بكاسرٍ لقوة الرواية فالكبرى غير مسلمة عنده كما أنه أنكر الصغرى ففي بحثه عن ثبوت الهلال إذا رؤية قبل زوال اليوم الثلاثين أو في بحثه في تطوق الهلال لم يثبت لديه أن الأصحاب قد أعرضوا عن هذه الروايات غاية ما في الأمر أن المشهور لم يفتوا وفق هذه الروايات لا أن الأصحاب قد أعرضوا والإعراض شيء وعدم الفتوى شيء آخر فالقدر المتيقن عدم عمل الأصحاب برواية التطوق لا أن الأصحاب قد أعرضوا.

وسيتضح إن شاء الله من خلال البحث أن المطلب تامٌ صغرى وكبرى فنحن نبني على أن إعراض الأصحاب قد يوجب الرواية لأن مسلكنا هو حجية الخبر الموثوق لا خصوص حجية خبر الثقة، ومن الواضح أنه إذا أعرض الأصحاب أو لم يعملوا برواية موجودة في الكتب المعروفة فإن عدم العمل قد يوجب سلب الوثوق والاطمئنان بالرواية خصوصاً إذا كانت صحيحة السند.

ومن هنا قال سيدنا الحكيم في مستمسك العروة الوثقى[4] في مقام التعليق على هذه الاقوال والأمارات والروايات الواردة فيها قال ما نصّه: <لكن الجميع مهجورٌ عند الأصحاب والأخيرة معارضة بجملة أخرى، قيل: إنها متواترة كصحيح حماد عن أبي عبد الله ـ عليه السلام ـ أنه قال في شهر رمضان: هو شهرٌ من الشهور يصيبه ما يصيب الشهور من النقصان ونحوه غيره فيتعين العمل على المشهور في الجميع>.

والخلاصة:

خلاصة النتيجة التي سنخرج بها في جميع هذه الأمارات هو موافقة ما ذهب إليه صاحب العروة وسيد المستمسك من أن جميع هذه الأمارات ظنية ولا يمكن العمل بها إذ أن الأصحاب أعرضوا عنها ولا أقل لو لم يثبت الإعراض لكنه قد ثبت عدم العمل بها وعدم العمل بها مع كونها واضحة العيان في كتب الأصحاب قد يسلب الوثوق بها، وبالتالي لم يثبت أنها أمارات فلنشرع في بيان هذه الأمارات التي لم تثبت.

الأمارة الأولى تطوق الهلال يثبت أنه لليلتين

نسب إلى الشيخ الصدوق ـ أعلى الله في الخلد مقامه ـ أن الهلال إذا كان مطوقاً فهو أمارة على كونه لليلتين، والمراد بالتطوق أن يكون النور في جميع أطراف القمر كطوق محيطٍ به أي أن الهلال يبدو ثم يتصل الهلال بدائرة القمر فيبدو القمر كخيط دائري وكطوق، ومن أراد التعرف على مزيد بحث في معنى التطوق فعليه بمراجعة كتاب ما وراء الفقه[5] للشهيد السيد محمد محمد صادق الصدر، ومراجعة كتاب الشيخ جعفر السبحاني وقد نقله عن ما وراء الفقه في كتاب الصوم في الشريعة الإسلامية الغراء فإن الشيخ السبحاني في بحثه تطرق إلى كلام الشهيد الصدر الثاني.

والفرق بين ضوء الطوق وضوء الهلال

الفارق الأول أن ضوء الهلال بخلاف ضوء الطوق فإنه قد يخفت وقد يلمع بخلاف ضوء الهلال.

الفارق الثاني ضوء الهلال أكثر غلظة وضوء الطوق أقل رقة، وهناك فوارق خمسة ذكرها الشيخ جعفر السبحاني وفاقاً لما ورد فيما وراء الفقه فليراجع هذان المصدران ولا نطيل البحث.

والخلاصة:

الطوق إذا رؤي الهلال وامتد ضوئه بدائرة القمر بحيث صار القمر جرماً معتماً وحوله دائرة متشكلة من ضوء أبيض رقيق، فهل هذا التطوق يثبت أن الهلال لليلة السابقة حتى لو لم يرى الهلال فيها أو لا؟

نسب إلى الصدوق ذلك[6] .

ومال إلى ما نسب إلى الصدوق المحقق السبزواري الخراساني في كتاب ذخيرة المعاني[7] واللطيف أن الشيخ يوسف في بحث رؤية الهلال في زوال اليوم الثلاثين قال: <وقد قرأت ما كتبه الفاضل الخراساني ولا يعجبني أن اقرأ شيء مما كتبه، وكله غثّ> على كل حال.

بل ربما ينسب القول بالتطوع إلى الشيخ التهذيب والسيد الخوئي نسب ذلك إلى الشيخ الطوسي وأنه يقول به[8] لكن قال به الشيخ الطوسي في خصوص ما إذا كان في السماء إلا من غيم ونحو ذلك بحيث لا يمكن مع هذه العلة رؤية الهلال، ولكن لم يتضح دليل على هذا القيد.

إذاً لم يثبت أنه قال بهذا القول إلا الصدوق من المتقدمين والفاضل الخراساني من متأخر المتأخرين.

ومستند هذا القول رواية صحيحة السند رواها المشايخ الثلاثة محمد بن يعقوب الكليني في الكافي، ومحمد بن علي بن الحسين بن الصدوق في من لا يحضره الفقيه، ومحمد بن الحسن الطوسي في تهذيب الأحكام بإسنادهم عن محمد بن مرازم عن أبيه عن أبي عبد الله ـ عليه السلام ـ قال: <إذا تطوق الهلال فهو لليلتين، وإذا رأيت ظلّ رأسك فيه فهو لثلاث>[9] فهذا الحديث قد ورد في الكتب الأربعة للمحمدين الثلاثة.

لكن حكى صاحب الجواهر عن العلامة الحلي في التذكرة النقاش في سند الحديث ورميه بالضعف[10] وكلام العلامة الحلي وجيهٌ في خصوص سند الصدوق في من لا يحضره الفقيه لجهالة طريق الصدوق إلى مرازم، وكأن العلامة الحلي قد قصر النظر على خصوص سند الرواية في كتاب الفقيه دون الكتب الثلاثة الكافي والتهذيب والاستبصار وإلا فسند الشيخ الطوسي في التهذيبين والكليني في الكافي صحيحٌ وخال عن شائبة الإشكال، ولقد حقق ذلك سيد أساتذتنا السيد أبو القاسم الخوئي[11] والشيخ السبحاني في كتابه الصوم في الشريعة الغراء ذكر السند بشكل مفصل.

ونحن نذكره بشكل مختصر روى هذه الرواية الشيخ الطوسي عن سعد وهو سعد بن عبد الله الأشعري وقد صرح به في التهذيب، وطريق الشيخ إلى سعد صحيح، وسعد يرويها عن يعقوب بن يزيد عن محمد بن مرازم عن أبيه عن أبي عبد الله وكل هؤلاء الرواة ثقات.

وأما سند الكليني فقد رواها عن أحمد بن إدريس وهو شيخه أبو علي الأشعري وهو من الثقات الأجلاء عن محمد أحمد وهو محمد بن أحمد بن يحيى من الثقات الأجلاء عن يعقوب بن يزيد عن محمد بن مرازم عن أبيه فالرواية صحيحة السند قطعاً ولا مجال للنقاش فيها.

خصوصاً لو لاحظنا ديباجة الكافي ومن لا يحضره الفقيه فإن الشيخ الكليني صرح في ديباجة كتابه أنه لا يذكر فيه إلا ما هو حج بينه وبين ربّه كما أن الشيخ الطوسي قد عمل بها لكن في مورد خاص وهو ما إذا كان الجو به علة بحيث لا يرى الهلال.

نعم، لم يعمل بهذه الرواية المشهور ولم يذكروا التطويق من علامات ثبوت الهلال.

إذا من حيث المقتضي الرواية تامةٌ سنداً، يبقى الكلام في المانع، وقد تذكر ثلاثة موانع:

المانع الأول أن هذه الرواية معارضة مع النصوص الدالة على أن من افطر يوم الشك لا يقضيه إلا مع قيام البينة ففي اليوم الثلاثين من شعبان هذا يوم الشكّ يحتمل أنه من شعبان ويحتمل أنه من شهر رمضان ويجوز الإفطار فيه فإذا أفطر فيه لا يجب عليه قضاء صوم ذلك اليوم إلا إذا قامت البينة على أنه أول شهر رمضان ولم يكن يوم الثلاثين من شعبان.

هذه الروايات الدالة على أن من أفطر يوم الثلاثين لا يقضي هذا اليوم إلا إذا ثبت بالبينة تعارض رواية التطويق فلو رأى الهلال في الليلة التالية ورآه مطوق وقد أفطر في اليوم الثلاثين فإن رؤية الهلال مطوقاً في الليلة التي بعدها تكشف عن أن الهلال ثابتٌ في الليلة السابقة أي ليلة يوم الشك الذي أفطر فيه وبمقتضى روايات التطوق يجب القضاء لأنه قد ثبت أنه أول شهر رمضان هو الليلة السابقة أي يوم الشكّ.

إذا تحصل معارضة بين رواية التطويق التي دلت على تطوق الهلال يكشف عن ثبوت الهلال في الليلة الماضية وبالتالي يجب قضاء صوم ذلك اليوم الذي أفطر فيه وهو يوم الشك وبين الروايات دلت على أن من أفطر يوم الشك لا يقضيه إلا إذا ثبت الهلال بالبينة.

وقد ادعى صاحب الحدائق الناضرة[12] بأن المعارضة موجودة.

والصحيح أن المعارضة بدوية قابلة للرفع فالروايات التي دلت على أن من أفطر يوم الشك لا يجب عليه القضاء إلا إذا ثبت بالبينة مطلقته سواء كان الهلال مطوقاً أو لم يكن مطوقاً، ويمكن تقييدها بروايات التطويق.

هكذا أجاب الإمام الخوئي[13] ـ رحمه الله ـ وهو تامٌ.

إذاً هذه المعارضة معارضة بدوية وليست مستقرة قابلة للرفع بحمل المطلق على المقيد والعام على الخاص فتقيد روايات التطويق الروايات التي دلت على أن من أفطر يوم الشك لا يجب عليه القضاء إلا إذا ثبت الهلال بالبينة نقيد قيد آخر أو ثبت بالتطويق.

المانع الثاني دعوة المعارضة بين رواية التطوق أو التطويق وما دلّ على أن الصوم والإفطار لا يكون إلا بالرؤية أو عدّ ثلاثين يوماً.

والكلام فيها هو الكلام والجواب هو الجواب، إذ أن الروايات التي دلت على حصر طرق ثبوت الهلال إما بالرؤية أو على الثلاثين يوماً مطلقة قابلة للتقييد لذلك ذهبنا إلى أن حكم الحاكم يثبت الهلال مع أنه لم يذكر في هذه الرواية، وذهبنا إلى أن الشياع المفيد للعلم أيضاً يثبت ذلك ولم يذكر في هذه الروايات وإن كان الشياع المفيد للعلم ذهبنا لإفادته للقطع وهذه الروايات ناظرة إلى الأمارات الظنية، فإذا قام الدليل على أن التطويق يثبت كون الهلال لليلتين ففي هذه الحالة يمكن التقييد.

إذا هذا التعارض تعارض بدوي غير مستقل يمكن رفعه بحمل المطلق على المقيد.

المانع الثالث والأخير وهو الصحيح بنظرنا أن هذه الرواية لم يعمل بها أحدٌ من الأصحاب بل ربما يدعى أنها مهجورة ولا أقل أن المشهور لم يفتي على وفقها مع أنها كانت بمرأى منه، وقد حاول السيد الخوئي أن ينكر إعراض الأصحاب، وقال: إن الصدوق قد عمل بها، والشيخ الطوسي قد عمل بها في صورة ما إذا كان الجو به علة كأن كان غائماً.

لكن الصحيح أن الإعراض محرز ولا وجه للخدشة في تحققه لأن الصدوق غير معدود من الفقهاء عندهم بل يعد من المحدثين فلا يضر عمله وإن كان عمله يثبت أن أحد الرواة أو أحد الفقهاء قد عمل بذلك ولكن تفرده وله مسائل قد تفرد فيها الصدوق لا يضر بإعراض الأصحاب أو عدم عملهم فقد ذهب الصدوق إلى أن ماء الورد ماء مطلق وليس مضافاً وهناك توجيهات في كلامه، وله عدة مسائل تفرد بها حتى أن الشيخ المفيد ردّ على بعض اعتقاداته وألف رسالة تصحيح اعتقادات الصدوق، وهناك جملة من الموارد الفقهية الصدوق شذّ فيها ـ رحمه الله ـ .

كما أن عمل الشيخ الطوسي منفرداً لا يضر بالإعراض وقد انفرد في موردٍ خاص ما إذا كان الجو غائماً.

خصوصاً أن تطوق الهلال حالة متعارفة وليست حالة نادرة فكثيراً ما يحصل التطوق للهلال وليس حالة نادرة كندرة رؤية الهلال في النهار قبل زوال اليوم الثلاثين الذي قد يدعى أنه نادر أو مستحيل، لكن التطوق حالة متعارفة وكثيرة ويسهل استكشافه بأن يراه الجميع.

ففي مثل هذه الحالة لا يناسب أن تنفرد صحيحة واحدة ببيان هذا الحكم بل يناسبه كثرة النصوص فإذا كان التطوق من أمارات ثبوت الهلال والتطور حالة كثيرة ومتعارفة يناسبه كثرة النصوص، خصوصاً أنه مورد ابتلاء.

وبالتالي لا يحصل الاطمئنان في ورود رواية واحدة وإن كانت صحيحة السند في التطوق.

ولقد أجاد السيد محمد اليثربي الكاشاني ـ حفظه الله ـ [14] في مناقشة السيد الخوئي وإثبات الإعراض.

النتيجة النهائية: لم يثبت أن التطوق يفيد ويثبت أن الهلال لليلتين.

يبقى الكلام في ذيل الرواية إذ أن الرواية هكذا قالت صحيحة مرازم أنه <إن رأيت ظلك في الهلال فهذا أمارة على أنه لليلة الثالثة> يعني في الليلة الأولى والليلة الثانية ضوء الهلال ضعيف جداً فلا يحصل ظلّ للإنسان لكن الليلة الثالثة الرابعة يبدأ نور الهلال يزداد وبالتالي ترى ظلك.

هذا القيد الذي ورد في ذيل الرواية وإذا رأيت ظلّ رأسك فيه فهو لثلاث قد يصلح قرينه على أن الإمام ـ عليه السلام ـ لم يكن في مقام بيان التعبد الشرعي وإن التطوق أمارة ظنية تعبدية على أن الهلال لليلتين بل الإمام ـ عليه السلام ـ في مقام حكاية أمر تكويني خارجي وهو أن الهلال يستوي في الليلة الأولى، وفي الليلة الثانية إذا كبر يتطوق تكويناً، وفي الليلة الثالثة إذا كبر يحصل ماذا؟ ترى ظلك فيه ببركة ضوء هذا الهلال.

يقول السيد الخوئي[15] : <ولعل هذا هو السرّ في عدم ذكر ذلك في كلمات المشهور حيث أنهم بصدد عدّ الطرق الشرعية التعبدية لا لأمر التكويني المورث لليقين الوجداني، ولكنه بعيدٌ كما لا يخفى> يعني أن هذا السرّ هذا بعيد.

ولكن الإمام ـ عليه السلام ـ الأصل فيه أنه في مقام بيان الحكم الشرعي لا الأمور التكوينية، وحمل كلام الإمام على أنه في مقام بيان أمر تكويني يحتاج إلى قرينة، ولعل هذه القرينة لا تنهض بذلك أو لا أقل من الشكّ، وكيف كان سواء حملنا هذه الرواية على أن الإمام ـ عليه السلام ـ في مقام بيان حكم شرعي أو في مقام بيان أمر تكوين لا يسعنا العمل بها إذ أنها مهجورة أو معرض عنها وإذا لم يثبت الهجران أو الإعراض عنها، إذا أثبتنا أن الصدوق والشيخ الطوسي قد عملا بها لكن على الأقل من الواضح أن المشهور لم يعمل بها، وعدم عملهم بها مع أنها قد تكررت في أربعة من الكتب الفقهية والكثير من الفقهاء خصوصاً الإخباريين يرى صحة جميع روايات الكتب الأربعة ومنهم الشيخ يوسف البحراني صاحب الحدائق وعلى الرغم من ذلك لم يعمل بها.

النتيجة النهائية: لم يثبت أن التفوق من أمارات ثبوت الهلال وأنه لليلة السابقة والله العالم.

الأمارة الثانية أن شهر رمضان تام لا ينقص أبداً كما أن شهر شعبان ناقص دائماً يأتي عليها الكلام.


[5] ماوراء الفقه، ج2، ص121 إلى 123.
[7] ذخيرة المعاني، ج1، ص435.
[8] تهذيب الأحكام، ج4، ص178.
[14] كتاب الصوم، ج2، ص155.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo