< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

فرائد الاصول

42/03/29

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: مناقشة صاحب الفصول في التجري

نشرع اليوم الاحد 29 من شهر ربيع الأول من عام 1442 هجرية قمرية ، الموافق 15 نوفمبر من عام 2020 ميلادية ، المصادف 25 من شهر أبان من عام 1399 هجرية شمسية .

 

قال الشيخ الأنصاري " رحمه الله " ودعوى إن الفعل الذي يتحقق به التجري وإن لم يتصف في نفسه بحسنٍ ولا قبحٍ.[1]

تنقيح المطلب

كان الكلام في تفصيل صاحب الفصول فقد ذهب صاحب الفصول " رحمه الله " إلى أن قبح التجري ليس ذاتياً، وإنما يخضع للوجوه والأعتبارات اليوم إن شاء الله يفّرع الشيخ الأنصاري فكرةً على كلام صاحب الفصول ثم يرد على هذه الفكرة، وقبل بيان هذه الفكرة نقدم مقدمة مفادها إن الإنسان يحترك بوجوده العلمي لا بوجوده الواقعي فإن كنت أتوهم أن خلفي أسداً مفترساً فإنني أفر على الرغم من أن الموجود خلفي هو جدارٌ صامت، وإن كان خلفي أسدٌ مفترسٌ وتوهمت أن خلفي جدار فإنني لن أتحرك من مكاني إذن الباعث على حركتي هو علمي بوجود الأسد أم وجود الجدار، وليس الوجود الواقعي للأسد أم الجدار فالإنسان يتحرك وفقاً لعلمه لا بلحاظ واقعيات الأشياء.

إذا تمت هذه المقدمة نقول: سؤال ما هو الملاك والمعيار في إتصاف الأشياء بالحسن أم القبح؟ هل هو الوجود العلمي للأشياء أم الوجود الواقعي للأشياء؟

الجواب: قد يقال إن المعيار هو الوجود العلمي للأشياء لا الواقعي ففي المثال الذي ذكره صاحب الفصول " رضوان الله عليه " للتجري وهو أنه إن قطع بأن هذا كافر يجب قتله لكنه تجرّى ولم يقتله فأتضح أنه كان نبياً من الأنبياء أم كان مؤمناً يجب الحفاظ على روحه صاحب الفصول " رحمه الله "

سؤال قال هنا لا يوجد قبح للتجري لأنه حينما ترك قتل من يعتقد أنه كافر ظاهراً إنما قد ترك قتل من كان مؤمناً أم نبياً، وبالتالي يرتفع قبح ترك قتله،

والجواب: عدم قتل المؤمن واقعاً وهو الكافر إعتقاداً لا يتصف بالحسن ولا يتصف بالقبح، لأن هذا الشخص حينما ترك قتله لم يكن يعلم أنه نبي من الأنبياء، ولم يكن يعلم أنه مؤمن من الصالحين فالحسن والقبح إنما يترتب على علمه هو لم يعلم أنه مؤمن أم نبي نعم كان في الواقع نبياً كان في الواقع مؤمناً لكن لم يكن يعلم، وحيث لم يكن يعلم إذن الفعل الذي قام به وهو ترك القتل لا يتصف بالحسن أم القبح.

إذن الفعل الذي تحقق به التجرّي، وهو ترك القتل لا يتصف بحسنٍ ولا بقبحٍ، وإن كان هذا الفعل قابلً لرفع قبح التجرّي لأنه يقبح التجرّي، وبالتالي نقول هكذا ترك قتل المؤمن ليس بحسنٍ كما يقول صاحب الفصول لأن إثبات الحسن إنما ترتب على الحسن الواقعي، وهو وجوب الحفاظ على المؤمن أم النبي، والحسن والقبح أم الثواب والعقاب لا يترتب على الوجودات الواقعية، وإنما يترتب على الوجودات العلمية

فإذن هذا الفعل الذي قام به وهو ترك القتل لا يتصف بالحسن، ولا يتصف بالقبح، وإن كان يرفع قبح التجرّي لأنه كان يعتقد ظاهراً أن هذا كافر يجب قتله فترك القتل قبيحٌ فبالتالي نفس الفعل، وهو الترك لا يتصف بحسنٍ ولا قبح، وهو قابلٌ لأن يرفع قبح التجرّي هذه النقطة الأولى في الفكرة.

إلا أن نقول بعدم مدخلية الأمور الخارجة عن القدرة في إستحقاق المدح أم الذم فمطابقة فعله للواقع، وعدم مطابقة للواقع ليس بأختيارة وليس بيدة، ولكن القول بعدم المدخلية محل نظرٍ بل وقد اتضح أن بعض الأمور التي ليست بأختيارك لها مدخلية في الثواب والعقاب،

وقد قلنا مسبقاً إن ثواب صلاة الجماعة يزداد بأزدياد المصلين وهذا ليس بيدك، وأن سنّ السّنة الحسنة ثوابة بعدد العاملين بها، وأن سنّ السنّة السيئة عقابها يزداد بعدد العاملين بها

فإذن الأمور الخارجة عن أختيار المكلف أيضاً لها مدخلية في إستحقاق الثواب والعقاب، وبالتالي إذا منعنا عدم مدخلية الأمور الخارجة يمكن إبتناء منع الدليل العقلي السابق الذي أقامه المحقق السبزواري في قبح التجرّي المحقق السبزواري ماذا قال حينما ذكر أربعة صور، الصورة الرابعة قال: نحكم بقبح المعصية، وعدم قبح التجرّي، والحكم بقبح المعصية المطابقة للواقع، وعدم قبح التجرّي غير المطابق للواقع إنما هو فرع المطابقة وعدم المطابقة موافقة الواقع وعدم موافقة الواقع، وموافقة الواقع وعدمها من الأمور غير الأختيارية، ولا يعقل تعلّق التكليف بأمرٍ غير أختياري

يقول الشيخ الأنصاري: نحن نمنع أن الأمر غير الأختياري لا يؤثر في الحسن والقبح بل نقول إن الأمر غير الأختياري يؤثر بين الحسن والقبح مثل ما أثّر العمل بالسنّة الحسنة في زيادة الثواب، وعمل الأخرين بالسنّة السيئة في زيادة العقاب، وهو أمر غير أختياري للمكلف فإذا أنكرنا أن الأمور التي ليست تحت أختيار المكلف إن أنكرنا أنها هناك دعوة أنها تؤثر وهناك دعوة أنها لا تؤثر حديث المحقق السبزواري مبني على أنها لا تؤثر، ونحن ننكر عدم تأثيرها بل نقول بتأثيرها،

وبالتالي النتيجة: إن التجرّي ليس قبحه ذاتياً بل الفعلي المتجرى به بما هو هو لا يتصف بالحسن ولا يتصف بالقبح نعم الأمور الخارجة عن الأختيار كمطابقة الواقع وعدم مطابقتة هي التي تؤثر في إثبات الحسن أم إثبات القبح فننتصر لكلام صاحب الفصول، ونرد على المحقق السبزواري أعيد وأكرر هذه الفكرة وهذه الدعوة ما هو مفاد هذه الدعوة؟ إن الفعل المتجّرى به كترك قتل المؤمن بما هو هو ليس بحسنٍ وليس بقبيحٍ وإن كان هذا الفعل قد يرفع قبح التجّري متى يرفع قبح التجّري؟ إذا اتضح أنه في الواقع هذا مؤمن فاتضحت المخالفة، ويجب الحفاظ على المؤمن فبمخالفة قطعه للواقع لأنه قطع أن هذا كافر وخالف فاتضح في الواقع أنه مؤمن أم نبي يرتفع قبح الفعل المتجّرى به فتكون النتيجة إن الفعل المتجّرى به لا يثبت له القبح ذتياً، وإنما يخضع للوجوه والأعتبارات ونرد على المحقق السبزواري الذي يرى أن الأمور التي ليست للإنسان مدخلية فيها ليس لها تأثيرٌ في الأشياء بل نقول ما أكثر الأمور التي ليس لنا أختيار فيها وهي دخيلة في إثبات الحسن أم القبح.

 

تطبيق العبارة

قال الشيخ الأنصاري " رحمه الله " : ودعوى إن الفعل الذي يتحقق به التجّري ما هو الفعل الذي يتحققق به التجّري في مثال صاحب الفصول؟ ترك قتل المؤمن واقعاً فهو يرى أنه كافرٌ ظاهراً، ولكنه ترك قتل المؤمن أم النبي واقعاُ

يقول: وإن لم يتصف في نفسه هذا الفعل المتجّرى به لم يتصف في حد نفسه لم يتصف بحسنٍ ولا قبحٍ لكونه الفعل الذي يتحقق به التجّري مجهول العنوان هذه صغرى، الكبرى والحسن والقبح إنما يترتب على العنوان المعلوم لا على الجهة الواقعية وإنما يترتب على الجهة العلمية أعيد وأكرر يقول الشيخ الأنصاري: وعدوة إن الفعل الذي يتحقق به التجّري ترك قتل المؤمن واقعاً، وإن لم يتصف هذا الترك ترك القتل لم يتصف في نفسه بحسنٍ ولا قبحٍ لكون الفعل الذي يتحقق به التجّري مجهول العنوان كيف مجهول العنوان هو قطع أنه كافر، ولكن العنوان الواقعي هو مؤمن فإيمان هذا الشخص كان مجهولً لمن ترك قتله، والحسن والقبح يترتب على العنوان المعلوم نعم إذا هو علم أنه نبي وترك قتله هذا فعله حسن إن علم أنه مؤمن وترك قتله هذا الفعل يتصف بالحسن لأن حسن الفعل وقبحه يترتب على العنوان المعلوم على الجهة العلمية لا على الجهة الواقعية لكنه يجهل أن هذا الشخص في والواقع هو نبي أم مؤمن فلا يستحق الثواب بترك قتله، ولا يتصف عمله بالحسن أم القبح لأن العنوان مجهول

لكنه لا يمتنع يعني لكن الفعل الذي يتحقق به التجّري ترك الفعل ترك القتل لا يمتنع أن يأثر في قبح ما يقتضي القبح بأن يرفعه التجّري إلا أن نقول بعدم مدخلية الأمور التي ليست تحت أيدينا لأنه إذا اتضح أنه في الواقع مؤمن أرتفع قبح التجّري إذا اتضح انه في الواقع كافر ازداد قبح التجّري بترك قتله إذن الفعل المتجّرى بما هو هو لا حسن ولا قبيح لكن هذا الفعل قد يرفع قبح التجّري إذا اتضح في الواقع أنه مؤمن أم نبي، وقد يزيد قبح التجّري قبحً إذا اتضح أنه كافر حربي أم قاتل نبي.

إذن أصبح الحسن والقبح تبعاً لموافقة الواقع موافقة الواقع وعدم موافقتة ليست أمراً أختيارياً فإذا أنكرنا أن الأمور غير الأختيارية أنكرنا دخالتة في الحسن والقبح هذا الكلام لا يتم

يقول: إلا أن نقول بعدم مدخلية الأمور الخارجة عن القدرة في إستحاق المدح والذم موافقة الواقع وعدم موافقتة مطابقة الواقع وعدم مطابقتة، وهو محل نظر وهو يعني القول بعدم مدخلية الأمور الخارجة عن القدرة في إستحقاق المدح والذم محل نظر يعني نمنع ذلك ونقول بالمدخلية إستناداً إلى الروايات من سنّ سنّة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، ومن سنّ سنّة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة[2] ،

وعليه يعني وعلى منع عدم مدخلية الأمور الخارجة عن القدر في إستحقاق المدح والذم يعني الأمور الخارجة عن القدرة لها دخلٌ في إستحقاق المدح والذم يمكن إبتناء منع الدليل العقلي السابق في قبح التجّري أخذنا صفحة 38 و 39

الدليل الرابع الذي أقامه المحقق السبزواري ذكر فيه أربع صور، الصورة الرابعة قال: وإما أن نقول إن العاصي يعاقب، والمتجّري لا يعاقب لعدم مطابقتة للواقع، وأشكل قال: مطابقة الواقع وعدم مطابقة الوقع ليست بأختيار المكلف فلا يثاب ولا يعاقب عليها.

إذن نحن منعنا قلنا لا المطابقة وعدم المطابقة وإن كانت ليست بأختيار المكلف لكن لها مدخلية في إستحقاق الثواب والعقاب يسقط الدليل الرابع، وبالتالي نثبت كلامنا هنا أن الفعل بما هو هو ليس حسن ولا قبيح الفعل المتجّرى به، ويستند حسنه وقبحه من مطابقة الواقع.

الشيخ الأنصاري " رحمه الله " يرد بجوابين:

الجواب الأول: يقول الشيخ الأنصاري: يوجد فارقٌ بين ما ذكره المحقق السبزواري في المقدمة الرابعة، وبين ما نحن فيه في كلمات صاحب الفصول ما هو الفارق؟ بالنسبة إلى كلام المحقق السبزواري نحن نبحث في أصل الثبوت القبح للتجّري يعني نبحث في المقتضي هل يوجد مقتضي للقبح في التجري أم لا يوجد؟ وأما في كلمات صاحب الفصول فنحن لا نبحث عن المقتضي مقتضي القبح ثابت ويسلم أنه قبيح، وإنما يكون البحث في الرافع هل يأتي محّسنٌ واقعي فيرفع قبح هذا التجّري أم لا؟

إذن فرقٌ كبير بين البحث عن أصل المقتضي كما في كلمات المحقق السبزواري، وبين البحث عن وجود المانع والرافع بعد ثبوت المقتضي ففرقٌ كبيرٌ بين الدفع والرفع أحياناً أنت تدفع الصخرة، وأحياناً ترفع الصخرة، ترفع الصخرة يعني الصخرة وقعت ثم ترفعها، أما تدفه الصخرة أم تدفه الكرة يعني يعني هي لم تقع تحول من وقوعها فبحث المحقق السبزواري بحثٌ دفعي، وبحث المحقق صاحب الفصول بحثٌ رفعي.

ودعوى مدفوعةٌ هذه الدعوة عام بدفعٍ بأمرين:

الأمر الأول: مضافاً إلى الفرق بين ما نحن فيه حديث المحقق صاحب الفصول في ترك قتل المؤمن ما الذي نحن فيه؟ وهو التسليم بقبح التجّري يعني ثبوت المقتضي للتجّري لكنه يقول هذا التجّري ليس ذاتياً، وإنما قابل للرفع إن أنكشف في الواقع أنه واجب هذا حديث صاحب الفصول، وبينما ما تقدم من الدليل العقلي للمحقق السبزواري في ذخيرة المعاد هناك ما تقدم في إثبات أصل وجود القبح للتجّري يعني في إثبات المقتضي، كما لا يخفى عن المتأمل يعني إذا تتأمل على حديث المحقق السبزواري في المقتضي لقبح التجّري، وتجد أن كلام صاحب الفصول في رفع القبح عن التجّري.

الأمر الثاني: يأتي المصنف بمثالً يقول: الكذب قبيحٌ ضرب اليتيم قبيحٌ لكن إن انكشف في الواقع أن هذال الكذب أدى إلى نجات النبي أم انكشف في الواقع أن ضرب اليتيم أدى إلى تأديب اليتيم في هذه الحالة سؤال: هل يتصف ضرب اليتيم بالقبح أم لا؟ هل يتصف الكذب المنجي للنبي بالقبح أم لا؟

الجواب: تارةً يعلم ضارب اليتيم أن هذا الضرب سوف يأدب اليتيم فهنا يتصف بالحسن، وتارةً يجعل ضارب اليتيم أن ضرب اليتيم سوف يؤدي على تأديبه فيثب القبح، ولا نقول أن ضرب اليتيم بما هو هو لا حسن ولا قبيح، وهكذا بالنسبة إلى الكذب تارةً يعلم المكذب أنه سوف ينجي النبي فكذبه حسن، وتارةً لا يعلم المكذب أن كذبه سوف ينجي النبي فيتصف كذبه بالقبح، ولا تقول إن كذبه بما هو هو لا حين ولا قبيح فإذا طابق الواقع واتضح أنه ليس بنبي فهذا قبيح، وإذا خالف الواقع واتضح أنه نبي فكذبه حسن هذا غير صحيح، وبعبارة أخرى الحسن والقبح، وأستحقاق الثواب أم العقاب فرع الوجود العلمي للمكلف لا الوجود الواقعي للأشياء، وبعبارة أخرى المقتضي فعليٌّ قبح التجّري فعليٌّ فحينما تجرأ وكذب، وحينما تجرأ وضرب اليتيم فالقبح ثابتٌ حتى إن انكشف في الواقع أن الضرب أدى إلى تأديب اليتيم، والكذب أدى إلى نجات النبي واضح إن شاء الله أصبح الكلام متين وعميق.

يقول الشيخ الأنصاري هكذا: مدفوعةٌ بأن العقل مستقلٌّ بقبح التجّري في المثال المذكور يعني العقل يحكم بقبح التجّري في المثال المذكور التي هي ترك قتل النبي ترك قتل المؤمن أيضاً يثبت حكم التجّري لأنه لا يعلم أنه نبي أم مؤمن متى يرتقع القبح إذا كان يعلم أنه نبي يقول ومجرد تحقق ترك قتل المؤمن في ضمن الفعل المتجّرى ، وهو ترك القتل مع الأعتراف بأن ترك القتل يعني بما هو هو لا يتصف بحسنٍ ولا قبحٍ لا يرفع قبحه التجّري الفعلي، ولا يرتفع ولثبوت القبح في التجّري في صورة الجهل بالواقع يحكم العقل بقبح الكذب، وقبح ضرب اليتيم إذا جهل أن الكذب سوف ينجي النبي، وجهل ضرب اليتيم هو ضرب اليتيم تشفيّاً لكن في النتيجة أدب اليتيم، إذا ضمّ إليهما يعني إلى الكذب وضرب اليتيم مايصرف هذين الفعلين الكذب وضرب اليتيم إلى المصلحة التي الكذب أدى إلى نجات النبي وضرب اليتيم أدى إلى تأديب اليتيم، إذا جهل الفاعل بتلك المصلحة جهل إن ضرب اليتيم سوف يؤدي إلى تأديبه، وجهل أن الكذب سوف يؤدي إلى نجات النبي.

أن التجري إذا صادف المعصية الواقعية...

هذا تمام الكلام في رد الشيخ الأنصاري لهذه الدعوى المناصرة لكلام صاحب الفصول ثم يتطرق إلى مطلب أخر لصاحب الفصول، وهو صاحب الفصول يقول: إن صادف التجّري المعصية يقول: تداخل عقابهما، الشيخ الأنصاري يناقش يقول: نحن نسأل هذا السؤال ما المقصود بتداخل العقاب هل المقصود عقاب واحد لكلٍ من المعصية والتجّري؟ أم المقصود عقاب مغلّظ ويشتد العقاب إن قلت بالأول وهو المقصود عقاب واحد على التجّري والمعصية معاً كان الجواب المعصية موضوع مستقل لثبوت العقاب، كذلك التجّري موضوع مستقل لثبوت العقاب فهذا العقاب الواحد الذي التزمت به هل هو للتجّري أم للمعصية إن قلت للتجّري قلنا هذا ترجيح بلا مرّجح، وإن قلت بالمعصية هذا ترجيح بلا مرجّح.

هذا تمام الكلام إن أريد بالتداخل ثبوت عقاب واحد فقط، وأما إذا قيل إن المراد بالتداخل تغليط العقاب ووجود عقاب زائد فهذا ليس مصداق من مصاديق تداخل، وهذا ثابت فمثلاً إذا شخص أكل النجس والمغصوب يتضاعف العقاب، وهكذا إذا شخص أفطر في نهار شهر رمضان على محلل يختلف عن شخص أفطر في نهار شهر رمضان على محرّم فإن العقاب يتضاعف، تضاعف العقاب لا يعني تداخل.

ثم إنه ذكر هذا القائل صاحب الفصول في بعض كلماته في نهاية بحث مقدمة الواجب أن التجّري إذا صادف المعصية الواقعية تداخل عقابهما.

سؤال: ما المراد بالتداخل؟ يوجد أحتمالان:

1- عقاب واحد

2- تشديد العقاب وتغليظة

الشيخ الأنصاري يناقش يقول: ولم يعلم معنى محّصل لهذا الكلام يعني لم يعلم معنى فيه تحقيق لهذا الكلام.

الشق الأول: إذ مع كون التجّري عنواناً مستقلًّ في أستحقاق العقاب لا وجه لتداخل العقابين إن أريد بالتداخل وحدة العقاب فإن وحدة العقاب ترجيحٌ بلا مرجّح هذا العقاب الواحد هل هو على التجّري دون المعصية أم على المعصية دون التجّري هذا ترجيح بين الأمرين

الشق الثاني: وإن أريد به التداخل عقابٌ زائد على عقاب محض التجّري يعني محض التجّري ويزيد عليه ويشتد بسبب المسبب الأخر فهذا ليس تداخلاً العقاب الزائد وتشديد العقوبة ليس تداخلً لأن كل فعلٍ إجتمع فيه عنوانان من القبح عنوان الإفطار في نهار شهر رمضان، والعنوان الثاني إفطار على المحّرم، عنوان أكل النجس، وعنوان أكل المغصوب يزيد عقابهما على ما كان فيه أحد العنوانين هذا نجس فقط أم مغصوب فقط،

والتحقيق الأن الشيخ الأنصاري بعد أمر أدّعى على صاحب الفصول يريد أن يقول الشيخ الأنصاري التجّري قبحه ذاتي وبلحاظ فاعل لا بلحاظ نفس الفعل، والشهيد الأول أتعرف في قواعده بأن المدار على القبح الفاعلي لا القبح الفعلي

قال: والتحقيق أنه لا فرق في قبح التجّري بين موارد التجّري، وأن المتجّري لا إشكال في إستحقاقه الذم من جهة إنكشاف خبث باطنة وسوء سريرته بذلك بالفعل المتجّري به،

وأما أستحقاق المتجّري للذم من حيث الفعل المتجّرى في ضمن التجّري ففيه إشكالٌ كما أعترف به الشهيد " قدس سره " في ما يأتي من كلامه

في الهامش

في بعض النسخ هكذا موجود بل يظهر منه " قدس سره " كما في الحاشية رقم 4 أن الكلام في تأثير نية المعصية إذا تلبسّ بما يراه معصية لا في تأثير الفعل المتلبس به إذا عن قصد المعصية فتأمل نعم يظهر من بعض الروايات حرمة الفعل المتجّرى به لمجرد الأعتقاد مثل موفقت السماعة في رجلين فقال أحدهما وذا وقال له الأخر ما أرى شيئاً قال " عليه السلام " فاليأكل الذي لم يبن له الفجر، وحرّم على الذي زعم أنه طلع الفجر إن الله تعالى قال: ﴿كلوا وأشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود﴾[3]

الخلاصة: الشيخ الأنصاري يرى أن قبح التجّري ذاتي بلحاظ الفاعل، وكشف الفعل عن خبث سريرة الفاعل المتجّري، وأما أن نقول التجّري يثبت للفعل ففيه إشكال لأن الفعل المتجّرى به بما هو هو لا يتصف بالحسن، ولا يتصف بالبقبح، وإنما هو صفة الحسن والقبح للإنقياد للفاعل يثبت الحسن ولتجرّي الفاعل يثبت القبح.

نعم هنا هذا الأستدراك أن بعض الأخبرا ظاهرها أن الحسن ثابتٌ للفعل لا الفاعل هذا استدراك، نعم إن كانت التجّري يأتي عليه الكلام..

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo