< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ مسلم الداوري

45/03/10

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: قراءة الصلاة

 

مسألة 35: لا يجوز أخذ الأُجرة على تعليم الحمد و السورة بل و كذا على تعليم سائر الأجزاء الواجبة من الصلاة، و الظاهر جواز أخذها على تعليم المستحبات[1] .

المشهور شهرة عظيمة عدم جواز اخذ الاجرة علی الاتيان بالواجبات، وبما ان تعليم الحمد والسورة وکذلک تعليم سائر الواجبات واجب فلا يجوز اخذ الاجرة عليه ومنعه جماعة من المحشين: منهم المحقق النائيني& والسيد الشيرازي والسيد البروجردي والسيد الحکيم و غيرهم. ولکن عن جماعة الجواز کصاحب الجواهر، و عن السيد الاستاذ& الاحتياط في عدم جواز اخذ الاجرة علی الواجب اذا کان للمستأجر نفعاً فيه، غير الواجبات التي ورد النص علی عدم جواز اخذ الاجرة عليها کتجهيز الميت.

واستدل للمشهور بوجوه کما في المستمسک

الاول: بالاجماع المدعی في المقام

الثاني: بانه اکل للمال بالباطل، لعدم وجود فائدة عوض الاجرة للمستأجر.

الثالث: بمنافاته للاخلاص

الرابع: بان الوجوب يوجب کون الفعل مستحقاً لله عزوجل فلا سلطنة للمکلف علی تمليکه لغيره.

الخامس: بان الوجوب يوجب الغاء مالية الواجب، ولذلک يجوز ان يقهر عليه مع امتناعه عن فعله وعدم طيب نفسه به.

السادس: بان الايجار علی الواجب يوجب عدم ترتب احکام الاجارة عليه، لعدم امکان الابراء والاقالة والتأجيل، وعدم قدرة الاجير علی التسليم ولا تسلط علی الاجير في ايجاد ولا عدم.

وقد اجيب عن جميع هذه الوجوه

اما الاول: فغير حجة مع اختيار جماعة الجواز

واما الثاني: فانه مع فرض غرض صحيح عقلائي للباذل، فلا يکون اکلا للمال بالباطل.

و اما الثالث: بان المنافات للاخلاص لا ترد في التوصليات وکذلک في المستحبات مع بنائهم علی الجواز فيها، مع ان الاجرة يستحقها المؤجَر بمجرد عقد الاجارة سواء اتی بالعمل ام لا، فلا داعي للعبادة الا نفس الامر الاول المتعلق بها، المؤکد بالامر الثاني الناشئ من قبل الايجار، واما الاجرة فهي مملوکة بنفس العقد من دون توقف علی الامتثال، فله ان يفعل، وان شيئاً من الوجوب والعبادية لا ينافي الايجار فاجتماعهما في مورد ايضا لا ينافيه

واما الرابع: ان العمل لا يکون ملكاً لله تعالی بتلک الملکية الاصطلاحية، وانما ملکيته تعالى ليست الا بمعنی الوجوب التکليفي و هو غير مناف لوقوعه مورداً للاجارة، فهو باق علی ملک العامل، وتحت حيطته وسلطنته فله ايجاره، کما ان للمستأجِر اجباره لو امتنع، لا من باب الامر بالمعروف بل من باب الوفاء بالعقد والمطالبة بالحق، فالايجار حکم وضعي والواجب امر تعبدي ولا تنافي في الجميع بينهما.

و اما الخامس: من ان الواجب يوجب الغاء ماليته، ولذلک يجوز اجبار المکلف علی الاتيان به والقهر عليه وان کان مع عدم طيب نفسه، بلا وجه، فان الوجوب التکليفي المحض غير منافي للوقوع مورداً للاجارة فهو تحت حيطة العامل وسلطنته، وباق علی ملکه فله ايجاره کما في المستاجر علی المستحبات والواجبات التوصيلة، کما للمستأجر اجباره لو امتنع من باب الوفاء بالعقد والمطالبة بالحق.

واما السادس و الاخير: بان احکام الايجار لن يترتب عليه من عدم الابراء وحق التاجيل والاقالة و غيرها، ايضا بلا وجه، فان للمستاجِر حق بالنسبة اليه في هذه الاحکام وان للاجير تسلط علی الايجار وعدمه من ناحية الايجار، وان کان من جهة التکليف يجب عليه الاتيان بالعمل.

فجميع الوجوه المذکورة قابلة للمناقشة، نعم. المهم منها هو القول بالتنافي بين الاخلاص في العبادة واخذ الاجرة من جهة الايجار، وتقدم ان الايجار ولزوم الوفاء به يکون داعياً للاتيان بالواجب عن اخلاص والا لم يحصل الوفاء بالعقد ويوجب بطلان الايجار وبطلان الواجب کليهما، فالايجار يکون في طول الاتيان بالواجب عن اخلاص بحيث انه لو لم يکن الايجار او کان باطلاً او أقال المستأجر لأتی المکلف بالعمل خالصاً ولا دخل للايجار في ذلک، فالظاهر انه يجوز الاخذ الاجرة علی الواجب، وان کان عبادياً سواء کان عينياً ام کفائياً الا ما ورد النص فيه علی عدم الجواز، کما في الاذان وتجهيز الميت ونحوهما. نعم، لابد وان يکون هناک نفع عائد للمستأجر وأثر مترتب عليه حتی لا يكون اکلاً للمال بالباطل، کما في غير الواجبات، کما اذا استاجر زيداً ان ينام في بيته نفسه مع كون المستأجِر لا ينتفع بذلک اصلاً فيعد اخذ الاجرة حينئذ اکلاً للمال بالباطل، فلو کان الواجب او العبادة من هذا القبيل بطلت الاجارة لهذه الجهة، لا لجهة الوجوب او العبادية، اذ الکلام في الاجارة الصحيحة في نفسها اذا تم شرطها ولم يکن من هذا القبيل، فالاقوی الجواز والاحتياط في محله.

 


[1] في شرح العروة الوثقي، ج‌14، ص: 425.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo