< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ مسلم الداوري

45/03/14

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: قراءة الصلاة

 

واما الرابع: وهو الاخلال من جهة الاعراب والبناء، کما اذا قال: الحمدِ بالكسر بدل الضم، او ربُ العالمين بضم الباء بدل كسرها، ونحو ذلک فهل يوجب ذلك البطلان أو لا؟

ففي الشرائع و قال صاحب المدارک صرح المصنف ـ المحقق& ـ بانه لا فرق في بطلان الصلاة بالاخلال بالاعراب، بين کونه مغيراً للمعنی ککسر کاف اياک وضم تاء انعمت، او غير مغير له کضم هاء الله، لان الاعراب کيفية للقراءة، فکما وجب الاتيان بحروفها وجب الاتيان بالاعراب المتلقی عن صاحب الشرع، وقال: ان ذلک قول علمائنا أجمع، وحكى عن بعض الجمهور: انه لا يقدح في الصحة الاخلال بالاعراب، الذي لا يغير المعنی، لصدق القراءة معه، وهو منسوب الی السيد المرتضی&، ولا ريب في ضعفه، ثم قال: ولا يخفی ان المراد بالاعراب هنا، ما تواتر نقله في القرآن، لا ما وافق العربية، لان القراءة سنة متبعة، والعمدة في الدليل علی لزوم القراءة علی هذا الوجه من رعاية الهيئة والاعراب والبناء والمد والتشديد وصفات الحروف والاداء عن مخارجها وجهان:

الاول: هو دعوی تواتر القراءات السبعة او العشرة التي صدرت من القراء فلا بد من متابعتهم حتی يصدق علی المأتي به أنه قرآن، و لا يجوز قراءة غيرهم، و ان کانت مطابقه لقواعد اللغة العربية.

وقد صدرت هذا الدعوى عن جماعة، کدعوی الاجماع عن صاحب جامع المقاصد، وعن صاحب الغرية و الروض تواترها وفي مجمع البرهان عدم الخلاف فيه، بل فی المدارک عن جده: انه افرد بعض محققي القراء کتاباً باسماء الرجال الذين نقلوا هذا القرءات في کل طبقة، و هم يزيدون عما يعتبر فی التواتر، أو دعوی الشهيد فی الذکری أيضاً تواتر العشر. مضافاً الی قضاء العادة بالتواتر فی مثله لجميع کيفياته، لتواتر الدواعي علی نقله من المقر و المنكر، بل نقل أن هذه السبعة هي المرادة من قوله|: نزل القران على سبعة احرف. کما يومئ اليه، المروي فی الخصال[1] ، و لأن الهيئة جزء اللفظ المرکب منها و من المادة، فعدم تواترها يقضي بعدم تواتر بعض القرآن.

وقد ناقش فی هذه الدعوی جماعة منهم صاحب الجواهر و شيخنا الانصاری مفصلاً، وحاصل ما ذکروه: انّ التواتر ثابت فی موردين:

الاول: فی اصل الکلمات و موادّ الالفاظ و أجزائها بلا اشکال.

الثاني: فی تواتر القراءات السبع او العشر منهم بالنسبة الينا، فان أخذ القراءات وتعلمها وقع من جماعات کثيرة، و امّا تواتر القراءات من النبی| الی القراء المذكورين فغير ثابت بل محلّ منع.

وامّا الاجماع علی التواتر کما ادعي عن جماعة من العامة و بعض الخاصة، فمعارض بدعوی جماعة من العامّة، كما ان المشهور بين الخاصة عدمه[2] ، کيف و قد احدثت هذه القراءات فی القرن الثالث، و كان القرآن قبل هؤلاء يقرأ بقراءات مختلفة، حتی انهوها الى سبعين قراءة، فکيف يمکن القول بانها متواترة کلها من النبی|، مع ان بعضهم ردّ قراءة بعضهم، فهو يقول بصحّة قراءته دون غيره، مضافاً الی أن کل واحد منهم ينسب قراءته الی قارئ واحد او اثنين لا الى جماعة کثيرة، حتی يتحقق التواتر بذلك، ولا معنی لدعوی المقر و المنکر حينئذٍ.

و امّا الرواية الواردة فی انّ القرآن نزل علی سبعة أحرف فقد ذکر فيها وجوهٌ متعددة، وقد ورد فی مقابلها انّ القرآن نزل علی حرف واحد فی عدة روايات، منها عن عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ×: إِنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ إِنَّ الْقُرْآنَ نَزَلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ،‌ فَقَالَ×: كَذَبُوا أَعْدَاءُ اللَّهِ وَ لَكِنَّهُ نَزَلَ عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ مِنْ عِنْدِ الْوَاحِدِ[3] .

و علی فرض ثبوتها فهي مورد للمناقشة کبرى وصغری أيضاً:

فان كان المراد به انّه نزل علی سبعة لغات مترادفة فهو باطل قطعاً، وان کان المراد سبعة کيفيات من القراءة، فاللازم اختلاف القراءات السبع على سبع قراءات، مع انهم متفقون في کثير من قراءاتهم و اختلافهم قليل.

اما كبرى فان المراد من السبع اما من وجوه المعاني من التفسير و التاويل، كما تشير اليه بعض الروايات، كما في رواية حماد بن عثمان عن الصادق ×: إِنَّ الْقُرْآنَ نَزَلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، وَ أَدْنَى مَا لِلْإِمَامِ‌ أَنْ‌ يُفْتِيَ‌ عَلَى سَبْعَةِ وُجُوهٍ[4] . أو على سبعة اقسام كما عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: انزل القرآن على سبعة أحرف كلّها شاف كاف، أمر، و زجر، و ترغيب‌، و ترهيب‌، و جدل، و قصص، و مثل[5] .

و امّا القول بان عدم تواترها يقتضي عدم تواتر بعض القرآن، فلا وجه له لعدم التلازم في ذلك، فان التواتر فی اصل الالفاظ و الکلمات لا فی قراءتها و کيفية تلفظها و قد فصلنا المناقشة في تواتر القراءات في بحثنا في مقدمة التفسير.

 


[1] الخصال، ج‌2، ص: 358 . واما الرواية فهي : مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ فِي كِتَابِ الْخِصَالِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ مَاجِيلَوَيْهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هِلَالٍ عَنْ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْهَاشِمِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‌ أَتَانِي آتٍ مِنَ اللَّهِ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَقْرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ فَقُلْتُ يَا رَبِّ وَسِّعْ عَلَى أُمَّتِي فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ [أَنْ تَقْرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ فَقُلْتُ يَا رَبِّ وَسِّعْ عَلَى أُمَّتِي فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ‌] أَنْ تَقْرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ. وسائل الشيعة، ج‌6، ص: 164 . و هي غير معتبرة من حيث السند لضعف احمد بن هلال و عيسى بن عبد الله الهاشمي و اما من جهة الدلالة فقد ذكر لها معان و تاويلات متعددة و ليس المراد منها القراء السبعة حيث انهم جاؤوا متاخرين عنها.
[2] كما عن الشيخ الطوسي و الطبرسي و غيرهم.
[3] الكافي (ط - الإسلامية)، ج‌2، ص: 630.
[4] الخصال، ج‌2، ص: 358 .
[5] مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل، الخاتمةج‌1، ص: 347.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo