< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

34/11/25

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : دوران الامر بين التخصيص والتخصص
الوجه الرابع : ما ذكره السيد الاستاذ قدس سره من ان الروايات التي تدل على طهارة الملاقي لماء الاستنجاء كالثوب او البدن ظاهرة في طهارة ماء الاستنجاء فان هذه الروايات تدل بالمطابقة على طهارة الثوب الذي لاقى ماء الاستنجاء وتدل بالالتزام العرفي على طهارة ماء الاستنجاء من جهة ثبوت الملازمة بين نجاسة شيء ونجاسة ملاقيه ولو كان الماء المتنجس نجسا فبطبيعة الحال كان ملاقيه نجسا، فاذا كان ملاقيه طاهرة فهو يستلزم طهارة الملاقاة ايضا ومن هذه الروايات معتبرة عبد الكريم فقد ورد فيها سألت ابا عبد الله عن الرجل يقع ثوبه في ما استنجى به هل ينجس ذلك ثوبه فقال عليه السلام : لا ) فان قوله يدل بالالتزام العرفي ان ماء الاستنجاء طاهرة فهذه الرواية واضحة الدلالة على طهارة ماء الاستنجاء، وعلى هذا وحيث ان نسبة هذه الروايات الى الروايات التي تدل على نجاسة الملاقي لعين النجس نسبتها نسبة الخاص الى العام والمقيد الى المطلق فان الروايات التي تدل على ان املاقي لعين النجس نجس مطلق من حيث كون الملاقي ماء الاستنجاء او غيره او كون النجس بول او عذرة او دم او مني وما شاكله فنسبة هذه الروايات كمعتبرة عبد الكريم نسبة الخاص الى العام ونسبة المقيد الى المطلق فلا مانع من تقيد اطلاق تلك الروايات بغير ماء الاستنجاء وان ماء الاستنجاء ان كان ملاقيا لعين النجس ولكنه لا يتنجس فهذه الروايات تقيد اطلاق تلك الروايات بغير ماء الاستنجاء .
هكذا ذكره السيد الاستاذ (قده) وللمناقشة فيه مجال فانه ان اراد بذلك ان هذه الروايات كروايات عبد الكريم وغيرها تدل على طهارة ماء الاستنجاء بالمطابقة وان هذه الروايات في صدد بيان طهارة ماء الاستنجاء وتنص على طهارته بالمطابقة فيرد عليه ان الامر ليس كذلك فان هذه الروايات في صدد بيان طهارة الملاقي لماء الاستنجاء او نجاسته ولهذا سأل من الامام عليه السلام عن الثوب الذي يقع على ما استنجى به أينجس ذلك ثوبه او لا فالسؤال انما هو عن نجاسة الثوب وعدمه بملاقاة ماء الاستنجاء وليس السؤال بصدد طهارة ماء الاستنجاء ونجاسته فهذه الروايات لا تدل على طهارة ماء الاستنجاء بالمطابقة وهي تدل بالمطابقة على طهارة الملاقي لماء الاستنجاء كالثوب والبدن وتدل بالالتزام على طهارة ماء الاستنجاء، وعلى هذا فان هذه الروايات في مقام بيان طهارة الثوب الملاقي لماء الاستنجاء او البدن انما هي بصدد بيان ذلك اما ان ماء الاستنجاء طاهر او انه متنجس لا ينجس ملاقيه فهي ساكته عنه ومجملة من هذه الناحية فالمرجع هو اطلاقات الطائفة الاولى من الروايات فان مقتضى اطلاقها ان ماء الاستنجاء نجس لانه ملاقي لعين النجس كالعذرة او البول غاية الامر انه لا ينجس ملاقيه، وعلى هذا فتصبح روايات الطائفة الثالثة كرواية عبد الكريم مجملة فانها تدل على طهارة الملاقي لماء الاستنجاء اما ان ما الاستنجاء طاهر او متنجس لا ينجس ملاقيه فهي مجملة من هذه الناحية والمرجع هو اطلاقات ادلة الطائفة الاولى من الروايات، نعم هنا رواية اخرى ذكرها السيد الاستاذ (قده) وهي روايات الاحول قال في هذه الرواية ما مضمونها قال لابي عبد لله عليه السلام في حديث الرجل يستنجي ويقع في ثوبه الذي استنجى به فقال عليه السلام : لا بئس به، فسكت الامام وقال أتدري لما لا بئس به قال الراوي قلت لا والله قال الامام عليه السلام : ان الماء اكثر من القذر) فهذه الرواية تدل على طهارة الماء مع العلم ان الماء اكثر من النجاسة وهو لا ينفعل بالملاقاة فهذه الرواية انما هي في مقام طهارة ماء الاستنجاء، ولكن لا يمكن الاستدلال بهذه الرواية لوجهين :-
الاول : ان هذه الرواية ضعيفة من ناحية السند فانها مرسلة فلا يمكن الاعتماد عليها
الثاني : في هذه الرواية احتمالان الاول ان هذا التعليل ولحاظ عدم انفعال ماء الاستنجاء بملاقاة عين النجس، الثاني ان هذا التعليل بلحاظ عدم تغير الماء بملاقاة النجس وحيث ان الماء اذا كان من النجس فلا يتغير بملاقاته
ولعل الاحتمال الثاني أنسب من الاحتمال الاول فان تعليل الامام عليه السلام ان الماء اكثر من القذر فانه اذا كان اكثر وكان قاهرا فلا يتغير بالملاقاة واما انفعال الماء بالملاقاة فلا فرق بين الكثير والقليل فان الماء طالما لم يبلغ حد الكر فهو ينفعل بالملاقاة وان كان كثيرا، فليست الرواية في مقام بيان طهارة ماء الاستنجاء ومع الاغماض عن ذلك فان الرواية مجملة ولا يمكن الاخذ بها، الى هنا قد تبين ان هذه الروايات لا تدل على طهارة ماء الاستنجاء .
الوجه الخامس : ان الطائفة الثالثة من الروايات حيث ان نسبتها الى الطائفة الاولى من الروايات نسبة المقيد الى المطلق ونسبة الخاص الى العام فالطائفة الثالثة من الروايات تدل على طهارة ماء الاستنجاء بالالتزام فانها تدل على طهارة الثوب الملاقي لماء الاستنجاء بالمطابقة وعلى طهارة ماء الاستنجاء بالالتزام، فلابد من تقيد تلك الروايات بغير ماء الاستنجاء من باب حمل المطلق على المقيد وحمل العام على الخاص الذي هو من احد موارد الجمع الدلالي العرفي، هكذا قيل في هذا الوجه ولكن ظهر جوابه مما تقدم من ان مورد الطائفة الثالثة من الروايات وان كان اخص من الروايات في الطائفة الاولى انما التعارض بينهما في المدلول الالتزامي فان الطائفة الاولى تدل بالمطابقة على طهارة الثوب الملاقي لماء الاستنجاء وبالالتزام على طهارة ماء الاستنجاء واما الطائفة الاولى فهي تدل على نجاسة العذرة ونحوها من الاعيان النجسة بالمطابقة وعلى نجاسة ملاقيها بالالتزام وحيث ان ماء الاستنجاء ملاقي لعين النجس فالطائفة الاولى تدل على نجاسته بالالتزام فوقع التعارض والتصادم بين المدلول الالتزامي لكل من الطائفتين وان المدلول الالتزامي للطائفة الثالثة طهارة ماء الاستنجاء والمدلول الالتزامي للطائفة الاولى نجاسته فتقع المعارضة بينهما وحيث ان منشأ هذه المعارضة واحد وهو الارتكاز العرفي فلا موضوع للترجيح فيسقطان معا ولا يمكن الاستدلال بالطائفة الثالثة على طهارة ماء الاستنجاء الا اذا فرضنا ان الطائفة الثالثة تدل على طهارة ماء الاستنجاء بالمطابقة والمفروض انها لا تدل على ذلك، او ان الملازمة بين طهارة ماء الاستنجاء وطهارة ملاقيه ملازمة عقلية لا يمكن انفكاكها عن الدلالة المطابقية وهذا الفرض ايضا غير صحيح فلا يمكن الاستدلال بها مضافا الى ان ارتكازية الملازمة بين عين النجس وملاقيها كانت اشد واقوى بنظر العرف من ارتكازية سراية النجاسة من المتنجس الى ملاقيه فان نجاسة المتنجس عرضي فلابد من الاخذ بالملازمة الاولى ورفع اليد عن الملازمة الثانية فنتيجته نجاسة ماء الاستنجاء .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo