< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محسن الفقیهی

44/04/20

بسم الله الرحمن الرحیم

‌ ‌

الموضوع: الفقه المعاصر/ المسائل المستحدثة في الأطعمة و الأشربة/ کراهة السمك بلا قشر

 

خلاصة الجلسة السابقة: کان الکلام في الفقه المعاصر حول المسائل المستحدثة في الأطعمة و الأشربة. لدینا في الحرمة و حلّیّة السمك طائفتان من الروایات و یجب قیاس الروایات بعضها مع بعض حتّی یظهر الحکم. کان بعض الروایات صحیحاً و بعضها مرسلاً، ندارس الآن الروایات الصحیحة.

الروایة الأولی: «كُلْ مَا لَهُ قِشْرٌ مِنَ السَّمَكِ وَ مَا لَيْسَ لَهُ قِشْرٌ فَلَا تَأْكُلْهُ»[1] .

إنّ قوله× «فَلَا تَأْكُلْهُ» یمکن أن تراد منه الحرمة أو الکراهة. قلنا في علم الأصول إنّ الأوامر و النواهي لا تدلّ علی اللزوم، لابالدلالة العقلیّة و لا الوضعیّة و لا یمکن أیضاً إثبات اللزوم بمقدّمات الحکمة؛ بل الأمر یدلّ علی طلب الفعل الشامل للوجوب و الاستحباب و النهي یدلّ أیضاً علی طلب الترك الشامل للحرمة و الکراهة. فعلیه إنّ جملة «كُلْ» تدلّ علی الجواز و جملة «فَلَا تَأْكُلْهُ» یمکن أن تدلّ أیضاً علی الحرمة أو الکراهة.

الروایة الثانیة: «قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ× جُعِلْتُ فِدَاكَ الْحِيتَانُ مَا يُؤْكَلُ مِنْهَا؟ فَقَالَ مَا كَانَ لَهُ قِشْرٌ. قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا تَقُولُ فِي الْكَنْعَتِ؟‌ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ قَالَ قُلْتُ لَهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ قِشْرٌ فَقَالَ لِي بَلَى وَ لَكِنَّهَا سَمَكَةٌ سَيِّئَةُ الْخُلُقِ تَحْتَكُّ بِكُلِّ شَيْ‌ءٍ وَ إِذَا نَظَرْتَ فِي أَصْلِ أُذُنِهَا وَجَدْتَ لَهَا قِشْراً»[2] .

قد ذهب بعض الفقهاء إلی القول بالمفهوم في هذه الروایة و هو أنّ السمك إذا لم یکن له فلس فلا تأکلوا منه.

المفهوم متفاوت من المنطوق؛ المنطوق صریح لکن لیست للمفهوم صراحة و إثبات الشيء لا ینفي ما عداه. إنّه لا یفهم من «کُلُوا من ذا» أن «لا تأکلوا من ذاك». یمکن أن یقال الروایة ظاهرة لا صریحة. قد قال الإمام الصادق× في روایة أخری في السمك بلا قشر، بالکراهة. حکم الکراهة، صریح و منطوق للروایة.

الروایة الثالثة: «حُمِلَتْ إِلَيَّ رَبِيثَا[3] يَابِسَةٌ فِي صُرَّةٍ فَدَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ× فَسَأَلْتُهُ عَنْهَا فَقَالَ كُلْهَا فَلَهَا قِشْرٌ»[4] .

قد قالوا أیضاً بالمفهوم في هذه الروایة- حیث إنّ الإمام× قال «كُلْهَا فَلَهَا قِشْرٌ»- و هو أنّه إذا لم یکن لها قشر فلاتأکلها. لکن هنا أیضاً لا ینفي اثبات شيء نفي ما عداه؛ إذ یمکن أن یکون أکل هذا السمك ذي القشر جیّداً و أکل السمك بلا قشر، مکروهاً.

 

الروایة الرابعة: «كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ× بِالْكُوفَةِ يَرْكَبُ بَغْلَةَ رَسُولِ اللَّهِ| ثُمَّ يَمُرُّ بِسُوقِ الْحِيتَانِ فَيَقُولُ لَا تَأْكُلُوا وَ لَا تَبِيعُوا مِنَ السَّمَكِ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ قِشْرٌ»[5] .

إن کان النهي دالّاً علی الحرمة فهذه الروایة أصرح روایة علی حرمة السمك بلا قشر.

الروایة الخامسة: «سَأَلَ الْعَلَاءُ بْنُ كَامِلٍ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ×- وَ أَنَا حَاضِرٌ- عَنِ الْجِرِّيِّ فَقَالَ وَجَدْنَا فِي كِتَابِ عَلِيٍّ× أَشْيَاءَ مُحَرَّمَةً مِنَ السَّمَكِ فَلَا تَقْرَبْهَا ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ× مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ قِشْرٌ مِنَ السَّمَكِ فَلَا تَقْرَبَنَّهُ»[6] .

في مقابل هذه الروایات، روایات صحیحة لا تدلّ علی حرمة السمك بلا قشر:

الروایة الأولی: َ أَمَّا مَا رَوَاهُ- الْحُسَيْنُ بْنُ سَعِيدٍ[7] عَنْ صَفْوَانَ[8] عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ[9] عَنْ مُحَمَّدٍ الْحَلَبِيِّ[10] قَالَ‌ «قال أبو عبد الله×: لَا يُكْرَهُ شَيْ‌ءٌ مِنَ‌ الْحِيتَانِ‌ إِلَّا الْجِرِّيُ‌»[11] .

سند الروایة صحیح و الدلالة صریحة علی أنّ کلّ الأسماك حلال و یکره الجِرّيُّ فقط.

الروایة الثانیة: الْحُسَيْنُ بْنُ سَعِيدٍ[12] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ[13] عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ[14] عَنْ زُرَارَةَ‌[15] قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ× عَنِ الْجِرِّيثِ فَقَالَ وَ مَا الْجِرِّيثُ؟ فَنَعَتُّهُ لَهُ فَقَالَ {قُلْ لٰا أَجِدُ فِي مٰا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلىٰ طٰاعِمٍ يَطْعَمُهُ} إِلَى آخِرِ الْآيَةِ ثُمَّ قَالَ لَمْ يُحَرِّمِ اللَّهُ شَيْئاً مِنَ الْحَيَوَانِ فِي الْقُرْآنِ إِلَّا الْخِنْزِيرَ بِعَيْنِهِ وَ يُكْرَهُ كُلُّ شَيْ‌ءٍ مِنَ الْبَحْرِ لَيْسَ لَهُ قِشْرٌ مِثْلُ الْوَرِقِ وَ لَيْسَ بِحَرَامٍ إِنَّمَا هُوَ مَكْرُوهٌ»[16] .

«يُكْرَهُ» صریح في الکراهة.

نحن نواجه في هذا البحث روایاتٍ لیست صریحةً في الحرمة و روایاتٍ صریحةً في الکراهة. نحن نقول: النهي دالّ علی طلب الترك لا الحرمة و إنّ أکثر ما دلّ علیه هو الظهور في الحرمة بناءً علی قول من قال بحرمة السمك بلا قشر، لکن هذه الروایات صریحة في الکراهة.

الروایة الثالثة: «عَنْهُ[17] عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نَجْرَانَ[18] عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ[19] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ[20] قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ× عَنِ الْجِرِّيِّ وَ الْمَارْمَاهِي وَ الزِّمِّيرِ وَ مَا لَيْسَ لَهُ قِشْرٌ مِنَ السَّمَكِ أَ حَرَامٌ هُوَ؟ فَقَالَ لِي يَا مُحَمَّدُ اقْرَأْ هَذِهِ الْآيَةَ الَّتِي فِي الْأَنْعَامِ {قُلْ لٰا أَجِدُ فِي مٰا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلىٰ طٰاعِمٍ يَطْعَمُهُ}[21] قَالَ فَقَرَأْتُهَا حَتَّى فَرَغْتُ مِنْهَا فَقَالَ إِنَّمَا الْحَرَامُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ فِي كِتَابِهِ وَ لَكِنَّهُمْ قَدْ كَانُوا يَعَافُونَ[22] أَشْيَاءَ فَنَحْنُ نَعَافُهَا»[23] .

قد ذکر ثلاث روایات صحیحة السند. طائفتان منها صدرتا عن الصادق×. أمّا الطائفة الأولی فإمّا یستدلّون بمفهوم الوصف و إمّا لا صراحة فیها علی الحرمة. إذا کان لمتکلّم بیانان هکذا من أنّ أحدهما صریح و الآخر لیست له هذه الصراحة فاللازم حمله علی الکراهة. قال الإمام× في روایة «لا تأکل»؛ إذا لا قشر له، لکن في روایة أخری یقول مکروه.

و التقیّة في مواضع خاصّة فقط لا کلّ موض لا یحتاج الإمام الصادق× إلی التقیّة مع أربعة آلاف تلمیذ و التقیّة في ما إذا کان تحتكّ الحکومة بهم.

و قد قدّم الشیخ الطوسي& صریحاً الطائفة الثانیة و خرّج الطائفة الأولی علی الکراهة. في رأینا إنّ رأيه صحیح حین یقول: «لا يكره كراهيّة الحظر إلّا هذا الِجرّي، و إن كان يكره كراهيّة الندب و الاستحباب. و ما قدّمناه من الأخبار و إن تضمّن بعضها لفظ التحريم مثل حديث ابن فضّال و غير ذلك، فمحمول على هذا الضرب من التحريم الذي قدّمناه» [24] مکروه لکن لا یبلغ إلی الحرمة و نخرّج الروایات الظاهرة في الحرمة علی الکراهة.

کما أنّ الشهید الثاني& لا یری إشکالاً في هذا القول و هو أن نخرّج في مقام جمع الروایات، الطائفة الأولی علی الکراهة حیث قال: «قد كان يمكن الجمع بينها و بين ما دلّ على التحريم بالحمل على الكراهة»[25] .

قال المحقّق السبزواريّ&: «و اختلف الأصحاب في السمك الّذي لا فلس له، فمن ذلك الزمّار و المارماهي و الزهو. و المشهور بين الأصحاب التحريم. و ذهب جماعة منهم الشيخ إلى الكراهة و هو أقرب جمعاً بين الأخبار الدالّة على التحريم و النافية له مع دلالة عموم الآية على الحل»[26] .

فقها درباره حکم ماهی بدون فلس اختلاف دارند. مشهور اصحاب حرام می‌دانند اما گروهی مانند شیخ طوسی، کراهت را پذیرفته‌اند و این دیدگاه درست است؛ به‌دلیل جمع بین روایات دال بر تحریم و روایاتی که حرمت را نفی می‌کند همراه با عموم آیه که دلالت بر حلیت دارد.

دلیل آخر علی رأينا المختار، حليّة الإربیان. قد اعتبرته الروایات سمکاً، بینا أنّه لا فلس له و أنّه حلال.

یقول الإمام الخميني&: «الإربِيان- المسمّى‌ في لسان أهل هذا الزمان بـ «الرُّوبيان»- من جنس السمك الذي له فلس، فيجوز أكله»[27] .

في رأیه إنّ الروبیان سمك له فلس، لکنّ المتخصّصین في تشخیص الموضوع، لا یعتبرونه سمکاً بل هو عندهم جراد بحري.

«مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ [28] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ عُبَيْدٍ [29] عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ[30] عَنْ أَبِي الْحَسَنِ × قال: قُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا تَقُولُ فِي أَكْلِ الْإِرْبِيَانِ قَالَ فَقَالَ لِي لَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَ الْإِرْبِيَانُ ضَرْبٌ‌ مِنَ‌ السَّمَكِ‌ قَالَ قُلْتُ قَدْ رَوَى بَعْضُ مَوَالِيكَ فِي أَكْلِ الرَّبِيثَا قَالَ فَقَالَ لَا بَأْسَ».

سند هذه الروایة صحیح.

قد اعتبر الإمام× الإربیان سمکاً. إنّه إن کان سمکاً و لیس له فلس فهذه الروایة مؤیّدة لرأینا. دلیل عدم الفلس للإربیان هو العرف الذي لا یعلم له فلساً.

«عَنْهُ[31] عَنِ السَّيَّارِيِّ[32] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ بِإِسْنَادٍ لَهُ قَالَ: حَمَلَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ الْإِرْبِيَانَ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ× وَ قَالَ لَهُ إِنَّ هَذَا يُتَّخَذُ مِنْهُ عِنْدَنَا شَيْ‌ءٌ يُقَالُ لَهُ الرَّبِيثَا يُسْتَطَابُ أَكْلُهُ وَ يُؤْكَلُ رَطْباً وَ يَابِساً وَ طَبِيخاً وَ إِنَّ أَصْحَابَنَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ إِنَّ أَكْلَهُ لَا يَجُوزُ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَأْكُلُهُ فَقَالَ لِي كُلْهُ فَإِنَّهُ جِنْسٌ‌ مِنَ السَّمَكِ ثُمَّ قَالَ أَ مَا تَرَاهَا تَقَلْقَلُ فِي قِشْرِهَا»[33] .

سند هذه الروایة ضعیف.

 


[3] السمك الصغیر المجفّف.
[7] إمامي ثقة جلیل القدر.
[8] إماميّ ثقة من أصحاب الإجماع.
[9] إماميّ ثقة من أصحاب الإجماع.
[10] إماميّ ثقة.
[12] إمامي ثقة جلیل القدر.
[13] إماميّ ثقة من أصحاب الإجماع.
[14] إماميّ ثقة جلیل القدر.
[15] إماميّ ثقة من أصحاب الإجماع.
[17] حسین بن سعید الأهوازي: إماميّ ثقة جلیل القدر.
[18] إماميّ ثقة جلیل القدر.
[19] إماميّ ثقة جلیل القدر.
[20] إماميّ ثقة جلیل القدر من أصحاب الإجماع.
[22] أي: یکرهون.
[28] إماميّ ثقة جلیل القدر.
[29] إماميّ ثقة جلیل القدر.
[30] إماميّ ثقة جلیل القدر من أصحاب الإجماع.
[31] احمد بن محمّد بن خالد البرقي: إماميّ ثقة جلیل القدر.
[32] ضعیف.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo