< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محسن الفقیهی

44/04/27

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الفقه المعاصر/ المسائل المستحدثة في الأطعمة و الأشربة/ حکم الإربیان

 

خلاصة الجلسة السابقة: کان الکلام في الفقه المعاصر حول المسائل المستحدثة في الأطعمة و الأشربة. قد ذکرنا مباحث حول الحرمة أو حلّیّة الإربیان. بعض الروایات یدلّ علی الحلیّة و بعضها علی حرمة الإربیان. قد ذکرنا روایتین في الجلسة السابقة نذکرهما مرّةً أخری ثمّ نذکر الروایات المتعارضة لهما.

الروایة الأولی: «مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ[1] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ عُبَيْدٍ[2] عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ[3] عَنْ أَبِي الْحَسَنِ× قَالَ: قُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا تَقُولُ فِي أَكْلِ الْإِرْبِيَانِ قَالَ فَقَالَ لِي لَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَ الْإِرْبِيَانُ ضَرْبٌ مِنَ السَّمَكِ قَالَ قُلْتُ قَدْ رَوَى بَعْضُ مَوَالِيكَ فِي أَكْلِ الرَّبِيثَا قَالَ فَقَالَ لَا بَأْسَ»[4] .

للروایة سند صحیح و تدلّ علی حلّیّة الإربیان.

الروایة الثانیة: «عَنْهُ[5] عَنِ السَّيَّارِيِّ[6] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ[7] بِإِسْنَادٍ لَهُ قَالَ: حَمَلَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ الْإِرْبِيَانَ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ× وَ قَالَ لَهُ إِنَّ هَذَا يُتَّخَذُ مِنْهُ عِنْدَنَا شَيْ‌ءٌ يُقَالُ لَهُ الرَّبِيثَا يُسْتَطَابُ أَكْلُهُ وَ يُؤْكَلُ رَطْباً وَ يَابِساً وَ طَبِيخاً وَ إِنَّ أَصْحَابَنَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ إِنَّ أَكْلَهُ لَا يَجُوزُ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَأْكُلُهُ فَقَالَ لِي كُلْهُ فَإِنَّهُ جِنْسٌ‌ مِنَ السَّمَكِ ثُمَّ قَالَ أَ مَا تَرَاهَا تَقَلْقَلُ فِي قِشْرِهَا»[8] .

سند هذه الروایة ضعیف.

الروایة الثالثة: «حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ[9] قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ[10] عَنْ أَبِي طَالِبٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّلْتِ[11] عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى الْعَامِرِيِّ[12] عَنْ سَمَاعَةَ بْنِ مِهْرَانَ[13] عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ× قَالَ: لَا تَأْكُلْ جِرِّيّاً وَ لَا مَارْمَاهِياً وَ لَا طَافِياً وَ لَا إِرْبِيَانَ وَ لَا طِحَالاً لِأَنَّهُ بَيْتُ الدَّمِ وَ مُضْغَةُ الشَّيْطَانِ»[14] .

قد وردت هذه الروایة في المنابع المختلفة بطرق المختلفة و سندها ضعیف.

هذه الروایة معارضة مع الروایتین السابقتین و تقول بحرمة الإربیان. في مسیر الاجتهاد إذا تعارضت الروایات فمن الطرق أن تُدارس الروایة هل جاءت هکذا أم جاءت بصورة أخری.

قد وردت هذه الروایة في کتاب «الکافي» بهذه الصورة: «عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى عَنْ سَمَاعَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ×قَالَ: لَا تَأْكُلِ الْجِرِّيثَ وَ لَا الْمَارْمَاهِيَّ وَ لَا طَافِياً وَ لَا طِحَالاً لِأَنَّهُ بَيْتُ الدَّمِ وَ مُضْغَةُ الشَّيْطَانِ»[15] .

الراویان اللذان قبل الإمام في هذه الروایة، هما الراویان في الروایة السابقة؛ الروایتان واحدتان، فإذن هاتان الروایتان متماثلان. لا یوجد في الکافي الذي هو أشد اعتباراً في الکتب الروائیّة للشیعة و لم یأت فیه ذکر من الإربیان.

قد جاءت هذه الروایة في التهذیب بهذه الصورة: «رَوَى الْحُسَيْنُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى عَنْ سَمَاعَةَ قَالَ قَالَ: لَا تَأْكُلِ الْجِرِّيثَ وَ لَا الْمَارْمَاهِيَّ وَ لَا طَافِياً وَ لَا طِحَالاً إِنَّهُ بَيْتُ الدَّمِ وَ مُضْغَةُ الشَّيْطَانِ»[16] .

و في الاستبصار هکذا: «الْحُسَيْنُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى عَنْ سَمَاعَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ× قَالَ: لَا تَأْكُلِ الْجِرِّيثَ وَ لَا الْمَارْمَاهِيَّ وَ لَا طَافِياً وَ لَا طِحَالاً لِأَنَّهُ بَيْتُ الدَّمِ وَ مُضْغَةُ الشَّيْطَانِ»[17] .

رغم أنّه من المعلوم کون الروایة في هذه المنابع واحدةً، لکن هذه المنابع متفاوتة مع علل الشرائع و لم یکن فیها الإربیان.

الحرکة الثانیة في مسیر الاجتهاد هي رؤیة سائر النسخ في المنبع المتفاوت. إذا رأیت النسخ المتفاوتة لعلل الشرائع فهمت أنّه قد تفاوت اللفظ في کلّ منها. قد جاء في بعض النسخ «إرنبا» و ثلاثة تعابیر أخر في النسخ الأخری؛ فتسقط نسخة علل الشرائع التي جاء فیها «إربیان» عن درجة الاعتبار.

في التعارض بین علل الشرایع و بین الکتب المعتبرة مثل الکافي و الاستبصار، تقدّم هذه الکتب.

لهذا قال صاحب الجواهر&: «و أمّا الإربيان فلا خلاف نصّاً و فتوىً في حلّه»[18] . هو یدّعي أنّه لا روایة مخالفةً لحليّة الإربیان.

النکتة التي کنّا نرید أن نستفید من هذا البحث هو أنّه لا بأس في أکل السمك إذا لم یکن له فل لم یکن للإربیان فلس لکن أکله جائ

قد ذهب مشهور الفقهاء إلی حليّة أکل السمك إذا کان له فلس و إلی حرمته فیما إذا لم یك هکذا، لکن ذکرنا روایاتٍ قد یصرّح فیها أنّ أکل السمك مکروه إذا لم یکن له فلس و لیس بحرام. سند هذه الروایات و دلالتها صحیحان.

قد یستشکل علی هذا الرأي بأنّ الفقهاء لم یفتوا بهذا الفتوی، بل قد أفتوا بحرمة السمك إذا لم یکن له فل ثمّ إنّا ندارس بعض کلمات الفقهاء حتّی لا خوف علیکم فیما إذا أردتم بیان رأي خلافاً لفتوی الفقهاء.

قال المحقّق السبزواريّ&: «و اختلف الأصحاب في السمك الّذي لا فلس له، فمن ذلك الزمّار و المارماهي و الزهو. و المشهور بين الأصحاب التحريم و ذهب جماعة منهم الشيخ إلى الكراهة و هو أقرب، جمعاً بين الأخبار الدالّة على التحريم و النافية له مع دلالة عموم الآية على الحلّ»[19] .

یدلّ وجود الاختلاف علی أن لا إجماع في البین في هذه المسألة. قد ذهب المشهور إلی حرمته، لکن بعض الفقهاء مثل شیخ الطوسي& ذهب إلی کراهة السمك بدون الفل و هذا الرأي قریب من الواقع؛ جمعاً بین الأخبار الدالّة علی الحرمة و الأخبار النافیة لها؛ مضافاً إلی دلالة عموم الآیة علی الحلّیّة.

قال ابن‌برّاج&: «و أمّا المكروه فهو كلّ ما في الماء و لم يتميّز الميّت منه في الماء ممّا لم يمت فيه لأنّه إن تميّز من ذلك لحق بباب المحرّم و كلّ ما كان صيده في يوم الجمعة و كلّ ما لم يسمّ الصائد له عنده و المارماهي و الزهو و الزمّار و الكنعت و الربيثا و الطمر و الإيلامي و الطيراني»[20] .

قد ذکر هو أسماکاً لم یکن لها فلس ثمّ ذهب إلی کراهتها.

و ذکر أیضاً الشیخ الطوسي& أسماکاً کذلك و أفتی بکراهتها حیث قال: «و أمّا المارماهي و الزمّار و الزهو، فإنّه مكروه شديد الكراهيّة و إن لم يكن محظوراً»[21] .

قال المحقّق الحلّي&: «و في الزمّار و المارماهيّ و الزهو، روايتان. و الوجه: الكراهيّة»[22] . هو أیضاً مصرّح بکراهة الأسماك بدون الفلس.

قال أیضاً في کتاب الشرائع: «أمّا ما ليس له فلس في الأصل كالجِرّيّ ففيه روايتان أشهرهما التحريم و كذا الزمّار و المارماهيّ و الزهو، لكن أشهر الروايتين هنا الكراهيّة».

قال المحقّق الأردبیليّ& بعد بیان روایات الحلّ: «فهذان الخبران صريحان في عدم تحريم شي‌ء من السمك الذي لا قشر له، خرج ما أجمع على تحريمه بحيث لا يمكن تأويله بالنصّ و الإجماع ، مثل الجرّيّ إن صحّ ما قيل فيه و بقي الباقي».


[1] إماميّ ثقة جلیل القدر.
[2] إماميّ ثقة جلیل القدر.
[3] إماميّ ثقة من أصحاب الإجماع.
[5] أحمد بن محمّد بن خالد البرقي: إماميّ ثقة جلیل القدر.
[6] غالٍ و ضعیف.
[7] ضعیف.
[9] إماميّ ثقة جلیل القدر.
[10] إماميّ ثقة جلیل القدر.
[11] إماميّ ثقة جلیل القدر.
[12] لم یکن بدأ أمره إمامیّاً ثم صار إمامیّاً. ثقة، من أصحاب الإجماع عند بعض.
[13] إماميّ ثقة جلیل القدر.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo