< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محسن الفقیهی

44/06/17

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الفقه المعاصر/ المسائل المستحدثة في الأطعمة و الأشربة/ حکم ملك‌روبیان و الأنعام

 

خلاصة الجلسة السابقة: کان البحث في الفقه المعاصر حول حلّیّة لحم الخیل و البغال و الحمیر. إنّ لدینا في هذا الصدد طائفتین من الروایات: الطائفة الأولی، روایات تدلّ علی حرمة أکل لحوم هذه الأنعام. الطائفة الثانیة، روایات تدلّ علی جواز أکل لحومها. هناك رأیان أیضاً تبعاً لهاتین الطائفتین؛ ذهب مشهور الفقهاء منهم الإمام الخمینيّ& إلی جواز أکل لحومها و طائفة من الفقهاء منهم الشیخ المفید ذهبوا إلی حرمتها؛ فلهذا یجب أن تُدارس هذه الروایات سنداً و دلالةً حتّی یتمیّز لنا الرأي الصحیح.

الروایة الرابعة: «الْحُسَيْنُ بْنُ سَعِيدٍ[1] عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى[2] عَنْ حَرِيزٍ[3] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ[4] عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ× أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ سِبَاعِ الطَّيْرِ وَ الْوَحْشِ حَتَّى ذُكِرَ لَهُ الْقَنَافِذُ وَ الْوَطْوَاطُ وَ الْحَمِيرُ وَ الْبِغَالُ وَ الْخَيْلُ فَقَالَ لَيْسَ الْحَرَامُ إِلَّا مَا حَرَّمَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ وَ قَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ’ يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْحَمِيرِ وَ إِنَّمَا نَهَاهُمْ مِنْ أَجْلِ ظُهُورِهِمْ أَنْ يُفْنُوهُ وَ لَيْسَتِ الْحُمُرُ بِحَرَامٍ ثُمَّ قَالَ اقْرَأْ هَذِهِ الْآيَةَ ﴿ قُلْ لٰا أَجِدُ فِي مٰا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلىٰ طٰاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلّٰا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّٰهِ بِهِ[5] ».[6]

هذه الروایة صحیحة سنداً و تدلّ علی جواز أکل لحم الحمیر؛ و ما نهی عنه رسول الله’ إلّا یوم خیبر حیث کانوا محتاجین إلیه لحمل أثقالهم.

ما یمکن أن یستفاد من هذه الروایة هو أنّ النهي عن أکل لحوم هذه الأنعام فلأجل احتیاج الاجتماع إلیها حملاً لأثقالهم.

یمکن أیضاً أن تکون لروایة عدّة جملات لا یکون بعضها معمولاً به بین الأصحاب و لکن بعضها معمول به. و في هذه الروایة یکون بعضها مستنداً لنا و هو ما ذکر فیه حکم لحم الحمیر.

روایت پنجم: «أَبِي&[7] قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ[8] عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ[9] قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ اللَّيْثِيُّ[10] قَالَ حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ× قَالَ سُئِلَ أَبِي× عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ’ عَنْ أَكْلِهَا لِأَنَّهَا كَانَتْ حَمُولَةً لِلنَّاسِ يَوْمَئِذٍ وَ إِنَّمَا الْحَرَامُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ».[11]

هذه الروایة صحیحة سنداً.

«كَانَتْ حَمُولَةً لِلنَّاسِ يَوْمَئِذٍ» أي إنّها کانت في الزمن السابق وسائل للحمل و الانتقال و یحتاج إلیها الاجتماع. الحکم الأوّلي لأکل لحم الحمیر هو الجواز و لکنّه قد نهي عنها بالحکم الثانويّ و احتیاج الاجتماع إلیها.

تدلّ «إنّما» علی الحصر؛ أي حیث لم تأتِ حرمة لحم الحمیر في القرآن فأکله جائ

الروایة السادسة: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِيُّ[12] وَ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى الْمُجَاوِرُ[13] فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ وَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْبَرْقِيُّ[14] بِالرَّيِّ رَحِمَهُمُ اللَّهُ قَالُوا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ مَاجِيلَوَيْهِ[15] عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ[16] عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ[17] أَنَّ عَلِيَّ بْنَ مُوسَى الرِّضَا×كَتَبَ إِلَيْهِ فِي جَوَابِ مَسَائِلِهِ‌ كُرِهَ كُلُّ لُحُومِ الْبِغَالِ وَ الْحَمِيرِ الْأَهْلِيَّةِ لِحَاجَةِ النَّاسِ إِلَى ظُهُورِهَا وَ اسْتِعْمَالِهَا وَ الْخَوْفِ مِنْ قِلَّتِهَا لَا لِقَذَرِ خِلْقَتِهَا وَ لَا لِقَذَرِ غِذَائِهَا».[18]

هذه الروایة صحیحة سنداً. نعم الراویان الأولیان مجهولان و لکن لا یضرّ بصحة السند؛ إذ الراوي الثالث إماميّ ثقة و هؤلاء الثلاثة رووا جمیعاً عن الروات الإمامیّة الثقات.

الروایة السابعة: «وَ سَأَلْتُهُ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ قَالَ نَهَى عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ’ وَ إِنَّمَا نَهَى عَنْهَا لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْمَلُونَ عَلَيْهَا وَ كَرِهَ أَكْلَ لُحُومِهَا لِئَلَّا يُفْنُوهَا‌».[19]

هذه الروایة صحیحة سنداً و دالّة علی الکراهة.

الروایة الثامنة: «الْحُسَيْنُ بْنُ سَعِيدٍ[20] عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نَجْرَانَ[21] عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ[22] عَنْ أَبِي بَصِيرٍ[23] قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ× يَقُولُ إِنَّ النَّاسَ أَكَلُوا لُحُومَ دَوَابِّهِمْ يَوْمَ خَيْبَرَ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ’ بِإِكْفَاءِ قُدُورِهِمْ وَ نَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ وَ لَمْ يُحَرِّمْهَا».[24]

هذه الروایة صحیحة سنداً و دلالةً علی ما ادّعیناه من عدم حرمة أکل لحم الحمیر.

إنّما البحث في أنّه کیف أمر رسول الله’ بإکفاء قدروهم و هي معتدة؛ إذ یمکن أن یقول کلوا هذا الطعام و لکن لا ترتکبوا هذا الفعل مرّةً أخری. قیل إنّ أمره’ بإکفاء قدورهم کان بعد أن نهاهم مراراً من ذبح حمرهم و لکنّهم عادوا لما نهوا عنه. هذا تخرّج لم یأتِ في الروایات بل خرّجه بعض العلماء. قد حکم رسول الله’ حکماً حکومیّاً في هذا الزمان موقّتاً بسبب احتیاج الاجتماع إلی الحمیر، بأن لا یذبحوا حمرهم.

قد ورد في روایة أنّ أحداً ذبح فرساً و أطعم من لحم فخذه رسولَ الله’ و عليّ بن أبی‌طالب‘ فأکلا منه[25] و لو کان لحمه مکروهاً لما یأکلان منه؛ فعلم أنّ الکراهة حیث یحتاج الاجتماع إلی هذا الحیوان.

 


[1] إماميّ ثقة.
[2] إماميّ ثقة من أصحاب الإجماع.
[3] إماميّ ثقة.
[4] إماميّ ثقة من أصحاب الإجماع.
[7] إماميّ ثقة جلیل القدر.
[8] إماميّ ثقة جلیل القدر.
[9] إماميّ ثقة جلیل القدر.
[10] إماميّ ثقة.
[12] مجهول.
[13] مجهول.
[14] إماميّ ثقة.
[15] إماميّ ثقة.
[16] إماميّ ثقة.
[17] إماميّ ثقة.
[20] إماميّ ثقة جلیل القدر.
[21] إماميّ ثقة جلیل القدر.
[22] إماميّ ثقة جلیل القدر.
[23] یحیی أبوبصیر الأسديّ: إماميّ ثقة من أصحاب الإجماع.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo