< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محسن الفقیهی

44/08/21

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الفقه المعاصر/ المسائل المستحدثة في الأطعمة و الأشربة/ حرمة لحوم السباع

 

خلاصة الجلسة السابقة: کان الکلام في الفقه المعاصر حول حرمة لحوم السباع. قد ذکر في هذا الصدد ثلاث طوائف من الروایات:

1- روایات دالّة علی حرمة لحوم السباع کما روي: عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (علیه‌السلام) قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلّی‌الله‌علیه‌وآله) قَالَ: «كُلُّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَ مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ حَرَامٌ وَ قَالَ (علیه‌السلام) لَا تَأْكُلْ مِنَ السِّبَاعِ شَيْئاً».[1]

هذه الروایة صحیحة دلالةً و سنداً و توجد بمضمونها عدّة روایات أخر.

2- روایات دالّة علی کراهة لحوم السباع کروایة سماعة: «الْحُسَيْنُ بْنُ سَعِيدٍ[2] عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى[3] عَنْ سَمَاعَةَ[4] قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ‌ لُحُومِ‌ السِّبَاعِ‌ وَ جُلُودِهَا فَقَالَ: «أَمَّا لُحُومُ السِّبَاعِ وَ السِّبَاعِ مِنَ الطَّيْرِ وَ الدَّوَابِّ فَإِنَّا نَكْرَهُهُ وَ أَمَّا الْجُلُودُ فَارْكَبُوا عَلَيْهَا وَ لَا تَلْبَسُوا شَيْئاً مِنْهَا تُصَلُّونَ فِيهِ».[5]

هذه الروایة موثّقة و تدلّ علی کراهة لحوم السباع و توجد بمقتضی هذه الروایة عدّة روایات صحیحة أیضاً کروایة الحلبيّ عن الصادق (علیه‌السلام) فإنّه روی «الْحُسَيْنُ بْنُ سَعِيدٍ[6] عَنْ صَفْوَانَ[7] عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ[8] عَنِ الْحَلَبِيِّ[9] عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (علیه‌السلام) قَالَ: «لَا يَصْلُحُ‌ أَكْلُ‌ شَيْ‌ءٍ مِنَ السِّبَاعِ إِنِّي لَأَكْرَهُهُ وَ أَقْذَرُه‌»[10] فإنّ قوله (علیه‌السلام) «لَا يَصْلُحُ‌» لیس ظاهراً في الحرمة.

هذه الروایة صحیحة سنداً.

3- روایات قد بیّنت علّة حرمة لحوم السباع من أنّها تأکل من الجیف و لحوم الناس و العذرة کما روي في علل الشرائع:

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ[11] بِهَذَا الْإِسْنَادِ أَنَّ الرِّضَا (علیه‌السلام) كَتَبَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ[12] «حَرَّمَ سِبَاعَ الطَّيْرِ وَ الْوَحْشِ كُلَّهَا لِأَكْلِهَا مِنَ الْجِيَفِ وَ لُحُومِ النَّاسِ وَ الْعَذِرَةِ وَ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَجَعَلَ اللَّهُ عَزَّوَجَلَّ دَلَائِلَ مَا أَحَلَّ مِنَ الْوَحْشِ وَ الطَّيْرِ وَ مَا حَرَّمَ».[13]

هذه الروایة صحیحة تامّة سنداً.

ثمّ إنّ السباع حیث کانت تأکل الحرام فلحومها حرام أیضاً کالحیوان الجلّال الذي حرم لحمه لأجل أکله الحرام؛ فحرمة السبابناءاً علی هذه الروایة- لیست ذاتيّةً بل عرضیّة و حیث إنّ الروایة قد حرّمت کلّ السباع فلا یمکن أن یقال: إن وقعت السباع في الحجز الصحّي و لم تکن جلّالةً فهي حلال؛ إذ حکمة حرمة لحوم السباع هي أکلها الحرام و غالب الطیور هکذا؛ فإنّ الشارع (مثلاً) حرّم الخمر لأنّه مسکر و القطرة منه حرام أیضاً و إن لم یکن مسکراً؛ لأنّ کلّیّة الخمر قد جعلت محرّمةً فالقطرة منها حرام أیضاً. قد حرّم الشارع ما کانت له مفسدة غالبة و إن لم توجد في بعض موارده مفسدة.

ثمّ إنّه قد علم بهذا البیان، حال الطائفة الثانیة من الروایات الدالة علی کراهة لحوم السباع من أنّ المراد الکراهة العرضیّة لا الذاتیّة.

تکون هناك عدّة روایات أخر في هذا الصدد نحن ندارس بعضها:

اَلْحُسَيْنُ بْنُ سَعِيدٍ[14] عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى[15] عَنْ حَرِيزٍ[16] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ‌[17] عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ‌اَلسَّلاَمُ)‌: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ سِبَاعِ اَلطَّيْرِ وَ اَلْوَحْشِ حَتَّى ذُكِرَ لَهُ اَلْقَنَافِذُ وَ اَلْوَطْوَاطُ وَ اَلْحَمِيرُ وَ اَلْبِغَالُ وَ اَلْخَيْلُ فَقَالَ: «لَيْسَ اَلْحَرَامُ إِلاَّ مَا حَرَّمَ اَللَّهُ فِي كِتَابِهِ‌ وَ قَدْ نَهَى رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى‌اَللَّهُ‌عَلَيْهِ‌وَآلِهِ) يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ أَكْلِ لُحُومِ اَلْحَمِيرِ وَ إِنَّمَا نَهَاهُمْ مِنْ أَجْلِ ظُهُورِهِمْ أَنْ يُفْنُوهُ وَ لَيْسَتِ اَلْحُمُرُ بِحَرَامٍ‌» ثُمَّ قَالَ «اِقْرَأْ هَذِهِ اَلْآيَةَ ﴿قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِي إِلَي مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يكُونَ مَيتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيرِ اللَّهِ بِهِ﴾[18] .[19]

هذه الروایة صحیحة سنداً و تدلّ علی حلیّة لحوم السبا

السبع الخاص:

قد دُورِسَت إلی هنا ثلاث طوائف من الروایات التي ذکرت في کلّيّ السبا و الآن ندارس روایات حول السباع الخاصّة:

الأسد

عَنْهُ[20] ‌ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ[21] عَنْ عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي هَاشِمٍ‌[22] عَنِ اَلْقَاسِمِ بْنِ وَلِيدٍ اَلْقَمَارِيِّ[23] ‌ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ‌اَلسَّلاَمُ)‌ قَالَ‌: سَأَلْتُهُ عَنْ لَحْمِ اَلْأَسَدِ فَكَرِهَهُ»‌.[24]

لیس سند هذه الروایة کاملاً و لکن عمل کثیر من العامّة بها.

الضبع

سَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ الضَّبُعِ أَصَيْدٌ هُوَ، قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: «نَعَمْ» قُلْتُ: آكُلُهَا، قَالَ: «نَعَمْ» ، قُلْتُ: أَشَيْءٌ سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى‌اللهُ‌عَلَيْهِ‌وَآلِه‌وسَلَّمَ)؟ قَالَ: «نَعَمْ».[25]

قد أفتی بعض العامّة مثل الشافعي و أحمد بن حنبل بحلّیّته.

نحن لا نعمل بهذه الروایات و لا نقبلها و لکن الکلام في أنّ حرمة السباع تکون عرضیّةً و کلام الله- تعالی- الذي حصّر المحرّمات فهو صحیح و لم یوجد هناك تخصیص أکثر.

الخز

عَنْهُ‌[26] عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَمْزَةَ[27] ‌ عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ آدَمَ[28] ‌ قَالَ‌: سَأَلْتُ أَبَا اَلْحَسَنِ (عَلَيْهِ‌اَلسَّلاَمُ‌) فَقُلْتُ إِنَّ أَصْحَابَنَا يَصْطَادُونَ اَلْخَزَّ فَآكُلُ مِنْ لَحْمِهِ قَالَ فَقَالَ «إِنْ كَانَ لَهُ نَابٌ فَلاَ تَأْكُلْهُ‌» قَالَ ثُمَّ مَكَثَ سَاعَةً فَلَمَّا هَمَمْتُ بِالْقِيَامِ قَالَ «أَمَّا أَنْتَ فَإِنِّي أَكْرَهُ لَكَ أَكْلَهُ فَلاَ تَأْكُلْهُ‌»[29] ؛ یعني (علیه‌السلام) إن لا تأکله فهو خیر.

یستفاد من هذه الروایة الصحیحة أنّ أکل الخزّ مکروه و لیس حراماً و إلّا بیّن الإمام (علیه‌السلام) حرمته.

العنوان الأوّلي في السباع الکراهة و الثانوي فیها الحرمة و هذه الحرمة العرضیّة حاکمة علی الکراهة.

الکنغر

قد جعلوا الکنغر من السباع و یستعرض لحمه کثیراً في الإسترالیّة.

قد أفتی آیةالله المکارم (دامت‌برکاته) بأنّه إن ذبح شرعیّاً فهو حلال و لا بأس بأکله.

و لکن قد أفتی آیةالله السیستاني (دامت‌برکاته) بعدم جواز أکله مع الاحتیاط الوجوبي.

و القائد الأعظم (دامت‌برکاته) لم یفت بجواز أکله و قد حرّمه آیةالله الصافي (رحمه‌الله) و آیةالله النوري (دامت‌برکاته).

نقول: کون الکنغر من السباع محلّ تردید فحینئذٍ یرجع إلی أصالة الحلّیّة. إن ثبت أنّه من السباع فهو حرام و لکن إذا لم یکن منها أو في کونه منها تردید فلیُحکم بحلّیّته. و القاعدة عندنا هو أنّه إذا ثبتت حرمة حیوان بالدلائل المتقنة فإنّا نقبله و لکن إذا یوجد هناك معارض و شککنا في الحرمة و لم یکن لدینا دلیل قاطع، نقول: «خذ بما وافق القرآن» فإنّ الله- تعالی- قال: ﴿قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِي إِلَي مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يكُونَ مَيتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيرِ اللَّهِ بِهِ﴾.[30]

 


[2] الأهوازي: إماميّ ثقة.
[3] الکلابي: اماميّ ثقة.
[4] سماعة بن مهران: إماميّ ثقة.
[6] الأهوازي: إماميّ ثقة.
[7] صفوان بن یحیی البجلي: إماميّ ثقة.
[8] عبدالله بن مسکان: إماميّ ثقة.
[9] محمّد بن علي بن أبي شعبة الحلبي: إماميّ ثقة.
[11] علي بن أحمد بن محمّد بن عمران الدقاق: إماميّ ثقة.
[12] الزاهري: إماميّ ثقة.
[14] الأهوازي: إماميّ ثقة.
[15] حمّاد بن عیسی الجهني: إماميّ ثقة.
[16] حریز بن عبدالله السجستاني: إماميّ ثقة.
[17] الثقفي: إماميّ ثقة.
[20] محمّد بن أحمد بن یحیی بن عمران الأشعري: إماميّ ثقة.
[21] سهل بن زیاد الآدمي: إماميّ ثقة.
[22] إماميّ ثقة.
[23] مهمل.
[26] محمّد بن أحمد بن یحیی بن عمران الأشعري: إماميّ ثقة.
[27] أحمد بن حمزة بن الیسع القميّ: إماميّ ثقة.
[28] الأشعري: إماميّ ثقة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo