< قائمة الدروس

التفسیر الأستاذ محسن الفقیهی

44/04/28

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: تفسیر القرآن الکریم /تفسیر سورة البقرة /آیة 166

 

﴿إِذْ تَبَرَّأَ الَّذينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذينَ اتَّبَعُوا وَ رَأَوُا الْعَذابَ وَ تَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ﴾[1]

یکون البحث في تفسیر آیة المأة و الستّ و الستّین. یقول الله- تعالی- في هذه الآیة: ﴿إِذْ تَبَرَّأَ الَّذينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذينَ اتَّبَعُوا﴾ یوم القیامة یتبرّأ الذین أتّبعُوا من الذین اتّبعوا و یقولون لا علاقة بیننا و بینکم، لسنا منکم و لستم منّا. ﴿الَّذينَ اتُّبِعُوا﴾ أي القادة الذین اتّبعتهم عدّة من الناس و یوم القیامة یتبرّأ هؤلاء القائدون من تابعیهم و یقولون لا علاقة بیننا و بینکم.

إذا رأوا العذاب و نار جهنّم قالوا: ﴿يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَاناً خَلِيلاً﴾[2] یأتي زمان ترفع فیه أصواتهم أن یا ویلتی لیتنا لم نجعل صدیق السوء صدیقنا فإنّه قد بلغنا هذا الصدیق إلی هنا، هؤلاء القادة السيّئون تجرّنا إلی البؤس. یتبرّأ بعضهم من بعض، کلّهم في إثر أن یتّصلوا أنفسهم بسلاطین الجور في الدنیا و یوم القیامة یقولون لسنا منکم و یتبرّأون. ﴿وَ رَأَوُا الْعَذابَ وَ تَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ﴾ إذا رأوا العذاب و وجدوا أن لا فائدة في القریب و الصدیق و القبیلة و العشیرة و لا یمکن أن یُحابی فحینئذٍ یتبرّأون و یقولون لسنا منه و أخطأنا و لکن فات الأوان و لا فائدة و قضي الأمر. قد وجب علیكم أن کنتم حذراً في الدنیا.

إختیار القائد:

من أهمّ المسائل للأناس اختیار القادة الصادقين الکاملين. تجب في اختیار القائد و المرجع و الهادي الدقّة الکافيّة حتّی لا ینجرّ إلی الخطأ. أصغر خطأ في اختیار القائد و المرجع و الهادي، یمکن أن یبتليَنا بهذه الآیة و لا بدّ یوم القیامة من أن نتبرّأ و نقول أخطأنا.

النکتة الأساسيّة هي أنّ قادة العالَم یریدون الناسَ لحوائج أنفسهم و أمیالهم النفسانیّة و یریدون أن یکون الناس تابعيهم. هکذا الأمر الآن، إذا کنت تقترع أحداً و هو یقول مطالب و یعد عداتٍ و بعد فترة تری أنّه لم یف بشيء من عداته فإذاً تندم و تقول أخطأت أن أقترعه. هو یقول هذه الأقاویل و وعد هذه العدات و لکن لم یعمل بها. هکذا یوم القیامة، إتّبعتَ في الدنیا أفراداً و لکن یوم القیامة ستندم فعلیك أن تکون علی حذر في اختیار القادة و الهادین.

التبعيّة تابعة للحبّ و العلاقة؛ أي إنّك تصير محبّاً لأحد و ستزداد هذه العلاقة شيئاً فشيئاً و توجد التبعیّة فالتبعيّة تکون للمحبّة و العلاقة.

الناس یسعون في دفع الضرر و جلب المنفعة. کلّ الحرکات و الأعمال و المشقّات و الأفکار تکون لجلب النفع و دفع الضرر. یمکن أن یکون جلب المنفعة و دفع الضرر مادیّین أو منعویّین و هذا یکون تابعاً لعقائد النا هذا أساس حیاة النا لهذه الحرکة ینظر الإنسان الطرقَ کیف یجلب المنافع و یدفع المضار. یخطّط لنفسه حتّی یبلغ إلی هدفه.

ملاك جلب المنفعة و دفع الضرر:

الأصل في جلب المنافع و دفع المضارّ هو الإنسان؛ أي لدینا حبّ الذات و نحبّ أنفسنا. الآن تلتذّ من الطعام الجیّد و لکن إذا دقّقت النظر وجدت أنّك لا تحبّ الطعام بل تحبّ نفسك؛ أي حیث تلتذّ ذائقتك من أکل الطعام و تمنحك اللذّة، تقول أحبّ الطعام بینا أنّك تحبّ نفسك و ذائقتك و ترید الالتذاذ. إذا کنت تحبّ بیتاً جیّداً فإنّك في الحقیقة تحبّ نفسك أوّلاً و بالذات، حیث تلتذّ في البیت الوسیع و الجیّد أکثر، فلذا تحبّ البیت الوسی

هکذا في سائر اللذّات مثل الزوج و الولد و...؛ فلذا یصیر الإنسان عاشقاً و یموت لعشقه و هذا العشق ینشأ من حبّ الذات. إنّ أصل تمام لذّات الإنسان في الدنیا هو حبّ النفس؛ أي یحبّ هو نفسه؛ فلذا کلّ ما یحبّ فهو یرید لنفسه. الطعام و البیت الجیّد و الزوج و الولد یریدها لنفسه. هذا حبّ الذات. کلّ أحد ینفعك فهو محبوبك، تحبّه لأن تصل إلی منافعك و تدفع عنك المضار.

من الأفعال المهمّة التي فعلها الإنسان، هو اختیار القائد و الهادي. إذا کنت ترید اختیار القائد فعلیك أن تدقّق النظر في أن تختار قائداً یجتلب لك المنافع و یدفع عنك المضارّ في الدنیا و هکذا في الآخرة. هو قانون العقل. إذا عملت بأمر الله فهو أیضاً للوصول إلی المقام و الجنّة و المناف فعلی التابعین و القادة أن یلتفتوا إلی هذه النکتة؛ أي أنتم التابعون علیکم الالتفات إلی أنّه فیما تکون منافعکم المادیّة و المعنویّة و فیما تکون مضارّکم؟ و القائد أیضاً یجب أن یکون هکذا بالنسبة إلیکم، ناصح لکم مجتلب المنفعة لکم و دافع الضرر عنکم و أن یکون جلب المنفعة و دفع الضرر في الدنیا و في الآخرة.

ففي هذا العالم خُطِّطَت المحبّة و العلاقة علی مسائل و یجب أن یکون هذا التخطیط في جمیع العلائق. لذا یقول في هذه الآیة: إنّ کلّ الأشیاء سیصبح واضحاً یوم القیامة و لما اخترتم قادةً أضلّوکم في الدنیا فأنتم تتبرّأون منهم یوم القیامة. فعلیه یجب أن تختار في الدنیا القادة المعنویّين حتّی قادونا للدنیا و الآخرة معاً. هؤلاء القادة لا یتسبّبون في الندامة یوم القیامة.

التبلیغ و التبیین:

یلزم علینا وفقاً لهذه الآیة اختیار القادة المعنویّین و تنبیه الآخرین. یجب علینا تنبیه الناس بالتبلیغ و التبیین علی أنّه من وجب علیهم إطاعته؟ من أعظم سعاداتنا أنّ القائد المعظّم (سلّمهاللهتعالی) یکون قائدنا في المسائل الاجتماعیّة و السیاسیّة و الثقافیّة بل کلّ المسائل و لنا السعادة حیث لنا قائد یدبّر أمر دنیانا و آخرتنا. إذا أکّد لمسألة الحجاب فهو لآخرتنا و إذا أکّد لمسألة الإنفاق و رعایة الفقراء فهو لدنیانا و آخرتنا. ما قال القائد المعظّم و المراجع العظام من الأحکام الشرعیّة یکون لحفظ دنیانا و آخرتنا و دفع المضارّ الماديّة و المعنويّة عنّا. هذا أعظم وظائف القائد. القادة مختلفون، بعضهم یأمر فقط للوصول إلی الآخرة بإتیان هذا الذکر أو الصلاة أو العمل الفلانيّ فهؤلاء القادة المعنویّون و لکن بعضهم یأمر في المسائل الدنیویّة و الأخرویّة معاً. قال القائد المعظّم أخیراً إنّ علینا الاهتمام باقتصاد الناس و حلّ مشاکلهم و هذا هو تأمین معیشة الناس في الدنیا. و یجب تأمین آخرة الناس أیضاً. القائد الحقیقيّ هو الذي یجلب المنفعة للدنیا و الآخرة معاً و یدفع الضرر للدنیا و الآخرة معاً.

تبیّن لنا هذه الآیة درساً عظیماً و هو أنّه إذا قامت الآخرة و رأی القائدون عذاب جهنّم و لیس لدیهم أيّ طریق و وسیلة للنجاة فإذاً یتبرّأون من النا


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo