< قائمة الدروس

التفسیر الأستاذ محسن الفقیهی

45/03/11

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: تفسیر القرآن الکریم /تفسیر سورة البقرة /آیة المأة و الإثنتین و الثمانین.

 

﴿فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحيمٌ﴾[1]

کان البحث في تفسیر آیة المأة و الإثنتین و الثمانین من سورة البقرة المبارکة و کان البحث في الآیات السابقة حول لزوم الوصیّة للمیّت. ینبغي للإنسان أن تکون له وصیّة و یجب احترام وصیّة المیّت و أن لا یغیّر أحد وصیّته؛ لأنّ الله- تعالی- قال: ﴿فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَي الَّذينَ يُبَدِّلُونَهُ﴾[2] فلا یجوز تبدیل الوصیّة و یجب عمل الوصيّ وفق الوصیّة و هذه وظیفة یجب التفات الکلّ إلیها. و لکن مع هذا یوجد هناك مورد یجب أن تبدّل فیه الوصیّة و هو فیما إذا کان في الوصیّة انحراف عن الحق؛ أي لم تکتب الوصیّة حسب الحقیقة مثل أن یوصي بثلث ماله لترویج الفساد، فإنّ في ترویج الفساد و المعصیة، انحرافاً و مخالفةً للشرع أو أن یوصي بأن لیس لواحد من أولاده أيّ میراث؛ إعتذاراً بأنّه لیس مرضیّاً عندي. إذا أراد الوالد أو الوالدة تحریم بعض أولادهما من الإرث فهو انحراف و مخالفة للشرع و لا یجوز العمل حسب هذه الوصیّة أو أن یوصي بما زاد علی الثلث فهو أیضاً انحراف و مخالف للشرع. و الورثة إذا کانوا راضین من الوصیّة أمکن لهم العمل حسب الوصیّة و لهم أیضاً أن یعملوا بها قدر ثلثها. فلذلك قال الله- تعالی- في هذه الآیة: ﴿فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً﴾ فما خوف الفساد المذکور في الآیة؟ أي إنّك تعلم أنّ الوصیّة هذه، توجب الفساد في الاجتماع أو ترویج الفساد و المعصیة أو هي عمل توجب الاختلاف بین الورثة.

قد تکون وصیّة الموصي علی حسب الحکمة و قد تکون خبطَ عشواء؛ أي ناشئةً من الجهالة؛ مثل أن یوصي أنّ أمواله کلّها تصرف في هذا الطریق و لم یصل أيّ شيء منها إلی الورثة و هو یحسب أنّه یحسن صنعاً. للورثة سهم في أموال المیّت و یمکن له الوصیّة بقدر الثلث فقط و فیما زاد علی الثلث یجب رضی الورثة.

معنی الجَنَف:

الجَنَف أي عمل الإنسان عملاً علی غیر تبصّر و هو لا یعلم حکمه و یوصي علی حسب رغبته و یحسب أنّه یحسن صنعاً و قد أوصی به بینما أنّه ظلم علی ورثته و لا یجو

معنی الإثم:

الإثم بمعنی المعصیة و المعصیة هي أن یعمل فعلاً عمداً و هو یعلم أنّ وصیّته هکذا خلاف الحقّ و مع ذلك قد أوصی به.

إصلاح الوصیّة:

﴿فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ﴾ ففي هذه الموارد موضع الإصلاح و یجب علیکم أن تصلحوا. منها: ما إذا أوصی الموصي بما زاد علی الثلث و الورثة غیر راضین منه فلا تنفذ هذه الوصیّة و لا یعمل بها أو الموارد التي توجب الفساد و الفحشاء و المعصیة فیجب أن تصلح.

﴿فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ فلا إشکال حینئذٍ في مخالفة الوصیّة؛ فإنّه یجب الإصلاح فيما إذا کان الموصي قد أوصی بوصیّة خاطئة. نعم إنّه من الممکن أن یعطي الإنسان ما دام حیّاً جمیع ما في یده من الأموال إلی من یرید و لا إشکال فیه.

﴿إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحيمٌ﴾ أي إذا کان عمله علی غیر تبصّر فلا إثم علیه و لکن إذا کان عالماً و مع ذلك قد أوصی بوصیّة خاطئة ففعله هذا معصیة کبیرة و لکنّ الله- تعالی- یغفر في صورة الإصلاح الورثةَ الذین أصلحوا الوصیّة و المیّتَ الذي قد ارتکب المعصیة.

شریعة الله:

یجب الالتفات إلی أنّ شریعة الله، قانون الأهمّ و المهم؛ أي أنّ المهمّ هو العمل بوصیّة المیّت و لکن إذا کان في وصیّة المیّت خلاف، وجب إصلاحها و هذا الإصلاح أهم، فإنّ قانون الأهمّ و المهمّ الذي یبحث عنها في الفقه، یجري في بحث الوصیّة أیضاً. ثمّ إنّه هناك نکتة مهمّة و هي أنّه لا یجوز تغییر الوصیّة للمنافع الشخصیّة بل یجب أن یکون علی حسب الموازین الشرعیّة.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo