< قائمة الدروس

التفسیر الأستاذ محسن الفقیهی

45/07/05

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: جنود العقل و الجهل/ الرؤوف و الرحیم/ قساوة القلب

خلاصة الجلسة السابقة: کان البحث حول الرؤوف و الرحیم و قد ذکرنا معناهما و قلنا إنّهما من صفات الله- تعالی- کما أشیر إلیه في قوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾[1] و یکون النبيّ (صلّی‌الله‌علیه‌وآله‌وسلّم) بالمؤمنین رؤوفاً رحیماً کما قال- تعالی: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾[2] فلیکونا من صفات المؤمنین و تکون في مقابلهما قساوة القلب و لا یجوز أن تکون لدینا قساوة القلب. القساوة هي الشدّة و تصلّب القلب. و قد رأینا أنموذجها في الدواعش حیث کانوا یجنون جنایاتٍ بعنوان الإسلام. عندما تسلّطت الدواعش علی بعض بلاد العراق و قد حمت منها الإیران أمام الدواعش فإنّ من جنایاتها أنّها قد قتلت في التکریت، النخباء من الطالبین العراقیّین نحو ألفین شخص؛ أي إنّهم قد بلغوا إلی هذا الحدّ من الدناءة و قساوة القلب. و من جنایاتها أنّ هناك شخصاً من الدواعش سنّه عشرون فقط و هو قد أحرق و قتل أمّه أمام الناس و سنّها خمس و أربعون. و کان سبب إحراقه أمّها أنّ أمّها مخالفة للحوقه بالدواعش. في ذلك الوقت کانوا یسبون النساء الإیزدیّات و یحرقون الشیعة و هم أحیاء. و قد رأینا أیضاً هذه الجنایات من صدّام و قد نُقلت جنایات في حکومة الحجّاج و قد قتل المأة و عشرین ألفاً من الناس. هذه کلّها من قساوة القلب. قساوة القلب هي الموجودة في قلوب بعض الناس، بینا أنّها لیست موجودةً في قلب الإنسان منذ ولادته و لکن ما هي العوامل التي توجب القساوة للإنسان إلی هذا الحدّ منها؟

 

أسباب قساوة القلب:

۱) نقض المیثاق

۲) الابتعاد من تعالیم الأنبیاء و الأولیاء

و قد أوضحنا هذین السببین في الجلسة السابقة.

۳) إرتکاب الذنوب

الذنوب توجب قساوة القلوب. قال أمیرالمؤمنین (علیه‌السلام): «ما جَفَّتِ الدُّموعُ إلّا لقَسوةِ القلوبِ و ما قَسَتِ القلوبُ إلّا لِكَثْرةِ الذُّنوبِ»[3] فإنّ هناك بعضاً لا یتمکّن من البکاء و لا تجري دموعه. القاسي القلب تجفّ عیناه و لا یتمکّن من البکاء و هذا یُنشأ من کثرة الذنوب فإنّ الإنسان إذا عصی فقد قسی قلبه و بالتالي تجفّ عیناه.

۴) الغفلة:

قال الإمام الباقر (علیه‌السلام): «إيّاكَ و الغَفلَةَ؛ ففيها تكونُ قَساوَةُ القلبِ».[4]

الغفلة توجب قساوة القلب. یتدارس الجمیع کلّ یوم نسبیّاً، یفکّر الإنسان خلال النهار مضافاً علی التدارس في أشیاء متعدّدة. یمکن أن یتفکّر في دیونه کیف و من أین یؤدّیها؟ ما هي السیّارة التي یشتریها؟ ما هو البیت الذي یشتریه؟ و ... لا یتدارس شخص و لکن ذهنه مشغول و یفکّر في حیاته و مشاکلها و معیشته و غیرها. في النهایة أنّ الإنسان مشغول فکره طول النهار، العالم الذي له مشاغل علمیّة و دراسيّة و هو یمشي متفکّراً في حلّ المسألة العلميّة. هذا الشخص یتدارس لبضع ساعات ظاهراً و لکن ذهنه مشغول دائماً بحلّ المسألة. من أراد أن یصعد المنبر فیقرأ قلیلاً و لکن یتفکّر في الاستدامة في أنّه ماذا یقول؟ کیفما یشرع؟ ما المقدّمة لکلامه؟ ما الحدیث و الآیة االلذان یجب أن یقرأهما؟ ما زال فکره مشغولاً و یقول خلال هذه الأفکار: یا ربّ ساعدني و أدرني أنت نفسك و ... یمکن أن تکون لدیك مشکلة مثل أن ترید أن تزوّج إبنك بإمرأة و تسعی أن تعرف زوجة ولدك الاستقبلالیّة أنّها أيّ إمرأة هي؟ مهما کنت ترید فأنت تبحث عن وسائل و مقدّمات حتّی تنحلّ مشاکل ولدك و ﴿لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ﴾[5] ، فإنّك تسعی و لکن مع سعیك تدعو و تقول: اللهمّ ساعدني و أدرني و حلّ مشاکلي فإنّ توکّلي علیك و لا أستطیع حلّ مشاکلي وحدي فانتبه إليّ و ساعدني و حلّ مشاکلي.

هذا الالتفات یخرج الإنسان من الغفلة. یمکن أن تعرض الغفلة للإنسان في بعض الأوقات و لکنّ الالتفات إلی الله و الإستغفار و قول «لا حول و لا قوّة إلّا بالله» و الذکر و طلب المساعدة من الله باللغة الأمّيّة فکلّ هذه توجب زوال الغفلة إلی حدّما. من الأشیاء التي توجب بؤس الإنسان، هذه الغفلة. قد سمعتم قصّة فضیل بن عیاض الذي قد عشق فتاةً فذهب إلیها و أراد أن یصعد جدار بیتها في منتصف اللیل فبینما یصعد الجدار سمع هذه الآیة ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ﴾[6] ، المعصیة تجعل الإنسان بائساً. إذا کان لدیك صدیق سوء، تشعر بالانزعاج الشدید في الیوم الأوّل الذي تری فیه هذا الرجل یرتکب الخلاف. لکن إذا صاحبته في المرّة الأولی و الثانیة و الثالثة و توافقت معه فستصبح هذه الخلافات عندك أمراً عادیّاً. کنت في الیوم الأوّل محزوناً من أنّ صدیقك لمَ ارتکب هذا الخلاف؟ و لکن بعد التکرار و مصاحبتك معه یصبح الأمر عادیّاً لك. علی سبيل المثال إذا کان صدیقك یغیب عندك فإنّ ذلك سیصبح لك عادیّاً أو إذا کذب أحد عندك فإنّك تحزن في المرّة الأولی و لکن في المرّة الثانیة و الثالثة و ... یصیر الکذب لك عادیّاً تدریجاً. یقول علماء الأخلاق: لا تجلس و لا تقم مع غیر الصالحین. رغم أنّك شخص صالح و لکن سیذهب قبح المعصیة شيئاً فشیئاً من عندك و يصبح الأمر لدیك أنّك لا تهتمّ بما یفعله الآخر. تلك الحالة التي كنت عليها عندما رأيت ذنب ذلك الشخص من تغییر حالتك و انزعاجك فلیست حالتك الآن كذلك و لا تلتفت إلی أنّ هذا الشخص ماذا یرتکب؟

في مجتمعنا في البداية كانت من الصعب جدّاً رؤية السفور و كانت تغضب العائلات و تنزعج الأمّهات و کان ینازل بعض الناس و یقول یا أیّتها المرأة المحترمة أصلحي حجابك. و لكنّهنّ قد کرّرن ذلك العمل بکلّ وقاحة حتّی یذهب قبح السفور و القبح السابق من التأثّر من رؤیة ید المرأة و أمّا الآن فقد أصبح الأمر لدرجة أن يجب أن نحارب العُریة بدل السفور. إنتهى الحديث عن الحجاب و علينا أن نقول أيتّها المرأة انتبهي أن لا يكون جسدك ظاهراً!

كثرة الذنوب تجعل المعصیة عاديّةً عند الإنسان و عندما تصبح المعصیة عاديّةً توجب هذه قسوة القلوب. و أيضاً إذا كان الإنسان رفيقاً للعاصي فإنّه يسبّب قساوة القلب.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo