< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

33/02/30

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب النكاح/ العقد الفضولي/ أدلة الصحة

 

كان الكلام في كلام صاحب الحدائق والفضل المقداد حول بيع الفضولي، وسنقرأ كلام المانعين حتى نجمع الأدلة بشكل عام، ووصلنا إلى أن أدلة المانعين سبعة أدلة من مختلف الكتب، كل عالم استدل على المنع بأدلة جمعناها حتى وصلت إلى سبعة.

كلام المحقق الاردبيلي في شرح الإرشاد حيث قال بعد قول المصنف: ( ولو باع الفضولي وقف على الإجازة – يعني أن بيع الفضولي صحيح ولذلك يتوقف على الإجازة لولا الإجازة لا يصح معناه أن الإجازة ليست مصححة بل مؤثرة -.

وملخص كلام الاردبيلي (ره) هذا هو المشهور – أي صحة عقد الفضولي-. ما نجد عليه دليلا، انه لا دليل على كلام المشهور وهو صحة عقد الفضولي، ثم نقل الرواية العامية وبعض تعليلاتهم العقلية، ثم قال:( ومعلوم عدم صحة الرواية ومعارضتها بأقوى منها دلالة وسندا لقوله (ع) لحكيم بن حزام " لا تبع ما ليس عندك " – أي يكن ملك شخص موجود – ومعلوم أيضا عدم صدوره من أهله، - إذن الدليل الأول عدم الولاية، الدليل الثاني الرواية،الدليل الثالث عدم صدوره من أهله – لان الأهل هو المالك أو من له الإذن – أما من لا علاقة له فهو أجنبي كليا -، وبالجملة الأصل، واشتراط التجارة عن تراض الذي يفهم من الآية الكريمة، والآيات والأخبار الدالة على عدم جواز التصرف في مال الغير إلا بإذنه، وكذا العقد–لقد ذكرنا كل الأدلة أو أكثرها – يدل على عدم الجواز وعدم الصحة، وعدم انتقال المال من شخص إلى آخر.

الذي نريده أن ننظم الأدلة بحسب تقديماتها وأولوياتها. الأصل العملي دائما هو الأخير، وكما في المنهجية : علم، علمي، أصل لفظي، أصل عملي. في كل شبهة حكمية.

نكمل مع صاحب الحدائق: ويظهر ذلك أيضا من الشيخ الحر العاملي في الوسائل وهذا القول: ( هو الظاهر عندي من الأخبار على وجه لا يعتريه الشك والإنكار إلا من قابل بالصد عن الحق والاستكبار (ره)وسيأتيك أخباره إن شاء الله تعالى في المقام ساطعة الأنوار عليّة المنار- الشدة في هذا الكلام من كثرة قناعتهم بالرأي –.

إذن نستطيع أن نشمل الأدلة على فساد عقد الفضولي بأمور سنلخصها من مختلف الكتب:

أولا: الإجماع، وقد احتج به الشيخ الطوسي(ره) في الخلاف.

ثانيا: العقل الذي يحكم بعدم الجواز.

ثالثا: الروايات التي تقول لا تبع ما ليس عندك وأمثالها، " لا بيع إلا في ملك " " ولا عتق إلا في ملك ".

رابعا: اشتراط التجارة عن تراض في القرآن، استفيد منها أنه من دون الرضا لا تجارة، يعني ليس هناك عقد بيع صحيح بدون رضا.

خامسا: الآيات والأخبار الدالة على عدم جواز التصرف في مال الغير إلا بإذنه.

سادسا: عدم أهلية الفضولي وهو الدليل الذي ذكر في الحدائق، البيّعان لا بد لهما من أهلية، الفضولي أجنبي كليا فلا أهلية له للعقد. فالنتيجة أن أصل العقد باطل.

سابعا: أصالة الفساد وعدم الصحة وعدم ترتب الأثر. ونحن ذكرنا أن هناك فرقا بين أصل الفساد وأصالة عدم ترتب الأثر أو استصحاب عدم الأثر، وذكرنا أنه أصل عملي وانه آخر سلَّم الأدلة.

الإجماع دليل قطعي إذا كشف عن رأي المعصوم، لذلك جعلنا الدليل الأول الإجماع وذلك حسب الترتيب لأنه إذا تم الإجماع الحجة وأدى إلى قطع بالحكم فهو الدليل. ثم ذكرنا دليل العقل لأنه إذا كشف عن حكم فهو قطعي، بعبارة أخرى ما يدل على العلم من هذه الأدلة الإجماع والعقل إذا لم يتما ننتقل إلى العلمي، وهو قسمين:

الأول: الروايات وكل منها بحسب أقوائيتها.

ثانيا : الأصل اللفظي.

عندما يقال عدم أهلية الفضولي للعقد يعني أصل لفظي، بعبارة أخرى، الفضولي لا ينطبق عليه عنوان العاقد حتى نستطيع أن نطبق عليه " أوفوا بالعقود " فأصالة العموم في " أوفوا بالعقود " التي هي أصل لفظي إذا قلنا أنه عقد فينطبق عليه، إذا قلنا أنه لغو، لقلقة لسان، فلا ينطبق عليه، لذلك جعلنا عدم أهلية الفضولي قبل الأصل العلمي، في المعاملات الأصل العملي هو أصالة الفساد أو عدم ترتب الأثر.

هذه الأدلة التي يمكن سوقها لبطلان عمد الفضولي، سنناقشها لكن فلنقرأ أدلة القائلين بصحة عقد الفضولي وهو المشهور كما ذكر الاردبيلي (ره) أو كاد أن يكون إجماعا كما ذكر صاحب الحدائق.

أدلة الجواز

الأول: ما احتج به في المسالك من كون المقتضي للصحة موجودا وهو الجامع للشرائط والمانع مفقود – يعني كل شرائط العقد وأجزائه موجودة في عقد الفضولي، الركنان شرائط العقد الاختيار، العقل والبلوغ والصيغة والإيجاب والقبول، بناءً على اشتراطها وشرائط العوضين. فكل أركان العقد موجودة والمانع من صحته مفقود. هذا الدليل الأول الذي ذكره في المسالك ولكنه أصل لفظي، والمفروض أن يأتي بعد الروايات، الروايات مقدمة على الأصل اللفظي، إذا تمت الرواية فالأصل اللفظي لا مجرى له لأنها اخص منه.

الثاني: ما احتج به في المختلف للعلامة (ره) من أنه بيع صدر من أهله، وجعل الأهلية عبارة عن البلوغ والعقل والاختيار، أما أن يكون العاقد هو المالك أو مأذون أو وصي أو ولي أو وكيل، فهذا لا علاقة له بأهلية العاقد، فهذا عقد وإذا كان عقدا تمت " أوفوا بالعقود " فتم العقد.

فهذا الدليل يرجع في الحقيقة إلى محاولة إثبات جريان الأصل اللفظي { وأيضا صدر في محله باعتبار وقوعه على عين يصح تملكها وتقبل النقل فيه } بعبارة أخرى شروط المتعاقدين تامة، وشروط العوضين تامة، فالعقد صحيح.

الثالث: رواية عروة البارقي من الصحابة إلى أن النبي (ص) أعطاه دينارا ليشتري به شاة فاشترى شاتين ثم باع إحداهما بدينار في الطريق، قال فأتيت النبي (ص) بدينار والشاة فأخبرته فقال: بارك الله في صفقة يمينك.

هذه الروايات يتم الاستدلال بها، أنه قال له اشتري لي شاة، فاشترى شاتين، في الشراء الأول وكالة، في البيع الثاني، باع إحدى الشاتين بلا علم الرسول (ص) كليا، يعني فضولي.

الرابع: ما أجابوا به عن حجة الشيخ الطوسي (ره) من جهة المنع من التصرف في مال الغير، يعني نفس الجواب هو الدليل، إنما استدلوا على صحة بيع الفضولي على بطلانه لأنه تصرف في مال الغير، والتصرف في مال الغير غير جائز، فأجابوا انه قد أجيز لكن لاحقا، فما الفرق بين الإجازة اللاحقة والسابقة، فهذا ليس تصرفا في مال الغير بغير أذنه، بل بإذنه، هكذا استدلوا على الصحة.

الخامس: ما أجابوا به عن النهي بأنه لا يستلزم الفساد بالمعاملات، فقوله " لا تبع ما ليس عندك " نهي لا يدل على الفساد في البيع.

الدليل الخامس كأنما قالوا: لا تبع ما ليس عندك هذا نهي عن المعاملة، وقد درسنا في الأصول أن النهي عن العبادة يقتضي الفساد، أما عن المعاملة فلا يقتضي الفساد.

والمحور في الفساد وعدمه أو البطلان وعدمه في العبادة والمعاملة شيء واحد أن النهي يدل على الكراهة والمبغوضية، فكيف أتقرب بالمبغوض والمبعد، هذا ينطبق على العبادات لان فيه شرط التقرب، أما في المعاملات فليس فيه تقرب كليا، وكذلك اشتهر عند المتأخرين أن النهي عن العبادة يقتضي الفساد لان لا يمكن التقرب بالمبعد، أما النهي عن المعاملة لا يقتضي الفساد، أي المعاملة صحيحة.

السادس: ما أجابوا به عن النفي بأنه إذا دخل على حقيقة أريد نفي صفة من صفاتها، " لا بيع ألا في ملك " قالوا النهي لا بيع " لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد " لا علم إلا بعمل " اللا النافية للجنس، النفي إذا دخل على ماهية فانه لا يدل على نفي الماهية بل يدل على نفي صفة، فالمراد منها نفي الصحة. فأجابوا انه المراد منها نفي اللزوم لا نفي الصحة.

والحمد لله رب العالمين.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo