< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

33/05/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب النكاح/ أولياء العقد/ الحصر بخمسة - الأدلة

قبل ان نكمل نجيب على سؤال معنى البكر الرشيدة.*

الرواية الثالثة: عن علي بن إبراهيم عن أبيه وعن محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان جميعا عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم ومحمد بن حكيم عن أبي عبد الله (ع)، قال: ( إذا زوج الأب والجد كان التزويج للأول فإذا كانا جميعا في حال واحدة فالجد أولى )[1] .

من حيث السند: الرواية معتبرة صحيحة.

من حيث الدلالة: الرواية بظاهرها تشمل الكبير والصغير والكبيرة والصغيرة والذكر والأنثى، حتى الأب إذا زوج الكبير، لكن هناك دليل خاص على عدم الولاية على الكبير.

الرواية تشمل الصغيرة والكبيرة وتشمل الثيب لذلك يحتاج إخراج الثيب من هذه الرواية إلى أدلة، يبقى أنها تشمل الصغيرة وهو محل كلامنا.

الرواية الرابعة: عن محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن محمد بن إسماعيل بن بزيـع قال: ( سألت أبا الحسن (ع) عن الصبية يزوجها ابوها ثم يموت وهي صغيرة فتكبر قبل أن يدخل بها زوجها، يجوز عليها التزويج أو الأمر إليها )[2] .

الرواية صحيحة سندا.

ودلالة: قلنا إن معنى " يجوز " أن يمضي ولا يجوز نسخه، لازم، وهنا ليس بمعنى الجواز مقابل الوجوب. وهذه الكلمة كثيرة في الروايات.* لا شك في ولاية الأب على الصغيرين، لكن هناك مسألتان: أولا: هل يشترط عدم المفسدة. ثانيا: هل يشترط وجود المصلحة.

الله عز وجل أعطى هذه الولاية للاب، وفي البداية الولاية ليست تمليك " ووهبنا له إسحاق " الهبة ليست اعتبارية، هي من الله عز وجل بمعنى غير الهبة المتعارفة، " وأنت ومالك لأبيك " أيضا ليس بمعنى الملكية.

الولاية أساسا عبارة عن سلطة لأجل مصلحة المولى عليه، كولاية الأب، وولاية العالم على الوقف وعلى المسلمين وولاية الفقيه وغير ذلك، أساسها سلطة لإدارة امر يلحظ فيه المصالح.

هنا لو فرضنا أن الأب زوج ابنته الصغيرة من دون مصلحة ولكن بدون مفسدة، هل يشترط وجود المصلحة؟ لهذه المسألة ثمرة كبيرة جدا كما في عقد التحليل، هناك مصلحة للاب ولا مصلحة للصغيرة؟ هل هذا العقد صحيح بناء على هذا الاشتراط أم تسقط ولاية الأب؟

هناك نقطتان تختلفان معنى وتطبيقا ودلالة.

النقطة الأولى: ما الدليل على اشتراط عدم المفسدة:

فبالوجدان نقول يشترط عدم المفسدة حتى مع عدم وجود الأدلة، الوجدان اقوى الأدلة، هذا الطفل لست مسلطا عليه وليس ملكا لك لتتصرف كيف تشاء.

واستدلوا على اشتراط عدم المفسدة:

أولا: الآيات بقوله تعالى: { ولا تقربوا مال اليتيم الا بالتي هي احسن }

وهذا معناه انه في المال يشترط عدم المفسدة، بل وجود المصلحة " بالتي هي احسن " في مال اليتيم الصغير.

هنا نقول بعدم الفصل بين المال والنكاح ونقول أيضا بحسب ملاحظة " التي هي احسن " في المال نلاحظ أيضا في الزواج، وبعدم الفصل بين اليتيم والصغير، من المناط والملاك نستطيع أن نستظهر وجوب ملاحظة " التي هي احسن " في الولاية على كل شخص. هنا نجد أن " التي هي احسن " تطابق الفطرة البشرية في عدم التسلط على الصغير.

ثانيا: ما ورد من جواز تصرف الوالد بمال ولده من غير سرف.

محمد بن الحسن بإسناده عن الحسن بن محبوب عن العلاء بن رزين عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (ع) قال: ( سالته عن الرجل يحتاج إلى مال ابنه قال يأكل منه ما شاء من غير سرف. وقال في كتاب علي (ع) إن الولد لا يأخذ من مال والده شيئا إلا بإذنه، والوالد يأخذ من مال ابنه ما يشاء وله أن يقع على جارية ابنه إذا لم يكن الابن وقع عليها. وذكر أن رسول الله (ص) قال لرجل أنت ومالك لأبيك )[3]

أما من حيث السند: فالرواية صحيحة.

وأما من حيث الدلالة:

أولا: الرواية واردة مورد حاجة الأب وليس مورد الولاية، والحاجة يستطيع أن يأخذها من دون إذن الابن. لذلك لا نستطيع أن نستدل بها وخصوصا مع قول " من غير سرف ".

ثانيا: " إن الولد لا يأخذ من مال والده شيئا والوالد يأخذ من مال ولده ما يشاء " هذا النص لا اطلاق له بل هو وارد مورد التعليل في حاجة الوالد. قد يقال العلة مذكورة في الرواية وهي انه ورد في كتاب علي (ع) الوالد يأخذ ما يشاء بعكس الولد، وبعموم العلّة يشملها إلى كل شيء. مثلا: قلت كل الرمان لأنه حامض، هذه علّة، فان كانت عامة تستطيع ان تأكل كل شيء حامض.

نقول: هنا عموم العلّة صحيح لكن ليست ظاهرة في العموم بل موضوعها هو حاجة الوالد الذي يمنع ظهور العلّةفي العموم.

الرواية الثالثة: عن محمد بن الحسن عن حسن بن محبوب عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر (ع)(الباقر)، ( إن رسول الله (ص) قال لرجل أنت ومالك لأبيك، ثم قال أبو جعفر (ع) ما احب أن يأخذ من مال ابنه إلا ما احتاج إليه مما لا بد منه إن الله لا يحب الفساد )[4]

أما من حيث السند: فالرواية صحيحة.

وأما من حيث الدلالة: الإنصاف إن الفقرة الأخيرة دالة على ما نحن فيه " إن الله لا يحب الفساد " هذا عام

لا يخصص فانه يشمل النكاح وذلك بعموم العلّة " إن الله لا يحب الفساد " تعليل عام.

الدليل الثالث: موثقة عبيد بن زرارة، ( الجد أولى ما لم يكن مضارا ).

في الدلالة: كلمة " مضارا " تعني عدم المفسدة، وبعدم الفصل باشتراط عدم المضارة بين الأب والجد نستفيد عدم اشتراط الضرر والمفسدة في ولاية الأب وولاية الجد.

إلى هنا ننتهي من النقطة الأولى اشتراط عدم المفسدة، سنكمل غدا النقطة الثانية اشتراط المصلحة.

 

والحمد لله رب العالمين.

 


[1] - الوسائل باب11 من أبواب عقد النكاح وأولياء العقد ح3.
[2] - الوسائل باب6 من أبواب عقد النكاح وأولياء العقد ح1.
[3] - الوسائل باب78 من أبواب ما يكتسب به ح1.
[4] - الوسائل باب78 من أبواب ما يكتسب به ح2.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo