< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

33/06/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب النكاح/ أولياء العقد/ الحصر بخمسة - الأدلة

دليل وجود المصلحة في ولاية الأب على الصغيرة.

فقد نسب للمشهور انه لا يشترط وجود المصلحة في التزويج، المهم عدم المفسدة. واستدلوا على اعتبار وجود المصلحة بأمور:

أولا: الآية الشريفة في سورة الانعام 153/ { بسم الله الرحمن الرحيم، ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي احسن }.

ووجه الاستدلال ظهور كلمة " احسن " في المصلحة، وبعدم الفصل بين اليتيم وغيره وعدم الفصل بين المال والتزويج، فمع وجود المناط الواحد وهو أن مطلق التصرفات يشترط فيها لحاظ المصلحة إلا بالتي هي احسن

وأجيب: قالوا إن " احسن " هنا بمعنى " حسن " وكل ما ليس فيه مفسدة فهو حسن. والسبب في هذا لان الحسن يشمل ما فيه المصلحة وما ليس فيه مفسدة. إذن الآية لا تشترط ان يكون في التصرف مصلحة.

نجيب: لكن هذا الجواب لا نسلم به

أولا: الأمور ليست فقط إما مصلحة وإما مفسدة بل توجد مصلحة ومفسدة ولا مصلحة ولا مفسدة، يمكن أن نتصور أمرا ثالثا. فالتصرفات ثلاثة: ما هي حسنة وما هي قبيحة وما هي لا حسنة ولا قبيحة.

لماذا شملتم الحسنة لما ليس فيه مصلحة؟. لا نسلم بان الحسن يشمل ما ليس فيه مصلحة. فكما التصرفات ثلاثة من حيث المصلحة والمفسدة هو ايضا ثلاثة من حيث الحسن والقبح. فجعل ما ليس فيه مصلحة من الحسن أول الكلام.

ثانيا: انتم جعلتم كلمة " احسن " بمعنى احسن. هنا لا بأس بمبحث لغوي ذكر في النحو: أن أفعل التفضيل قد تأتي بمعنى الصفة، مثلا في الآية: " بسم الله الرحمن الرحيم، إن ربك اعلم من يضل عن سبيله " افعل التفضيل تبادرا ما فيه المشاركة وزيادة، مثلا: فلان احسن من فلان، كلاهما حسن لكن هذا أزيد. أما أن يجعل افعل التفضيل بمعنى الصفة المشبهة فهذا خلاف الإنصاف والتبادر والانسياق ويحتاج إلى دليل أو قرينة ولو قرينة خارجية. مثلوا لذلك: " بسم الله الرحمن الرحيم، إن ربك هو اعلم من يضل عن سبيله" قالوا: إن افعل التفضيل لا تنصب مفعولا لضعفها.

افعل التفضيل من الذي يعمل عمل فعله ولكنه ضعيف فلا يستطيع أن ينصب مفعولا. فلذلك يقول ابن هشام في قطر الندى وبل الصدى في بحث التوابع في أحكام أفعال التفضيل: واجمعوا على ان افعل التفضيل لا ينصب المفعول به مطلقا، ولهذا قالوا في قوله تعالى: " إن ربك هو اعلم من يضل عن سبيله "، إن " من " مفعول به أي " اعلم " نصبت مفعول به وهي اضعف من أن تنصب مفعول به، فكيف نصبت هنا؟. قالوا: إن " من " ليست مفعولا " بأعلم " لان " اعلم " لا ينصب ولا مصاف إليه، لان المضاف يأخذ معناه من المضاف إليه. مثلا: إذا قلت الأسد اقوى الحيوانات أي الأسد احد الحيوانات. إذا قلت " اعلم من يضل عن سبيله " إذا كانت " اعلم " مضاف لـ " من " اصبح " اعلم " الضالين هو الله والعياذ بالله، لأنه مضاف وهذا المعنى محال.

فلا بد من جعل " من " منصوبه بفعل محذوف يدل عليه " اعلم " أي يعلم من يضل. وهذا مثل قوله تعالى: " الله اعلم حيث يجعل رسالته ".

على أي حال نسلم بـتأويل افعل التفضيل إلى الصفة لكن نحتاج إلى قرينة لأنه خلاف الموضوع له.

نعود للآية " ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي احسن " ما المانع من ظهور افضل التفضيل في التفضيل " احسن " إذن دلالة الآية في اشتراط المصلحة ظاهرة ولا نسلم بعدم اشتراطها.

الدليل الثاني: الأصل العملي، فان القدر المتيقن من أدلة الولاية هو خصوص ما كان التصرف في المصلحة فاقتصر عليه، والباقي يكون تحت اصل الفساد.

نقول: هنا نسلم بالأصل العملي الذي هو الفساد لكن لولا الأمارات الموجودة على اشتراط المصلحة، والأصول اللفظية كإطلاق الروايات الدالة على الولاية.

 

والحمد لله رب العالمين.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo