< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

35/05/01

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: النظر إلى الاجنبية

الكلام في المواقع التي يجوز النظر إليها والتي لا يجوز: حواز النظر إلى الوجه والكفين.
-ذكر كلام صاحب الجواهر وجوابه.
ذكرنا ان هناك ثلاثة اقوال: قول بالجواز. وقول بالحرمة. وقول بالتفصيل بين المرّة والتكرار.
من ذهب إلى الجواز استدل بالآية } وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ { [1]، والروايات وبعضها كان بابا كاملا ذكرنا منه روايته من باب المثال، وبعض الروايات كان صحيح السند تام الدلالة.
الدليل الحادي عشر: كثرة السؤال عن الشعر والذراع دون غيرها من مثل الوجه والكفين.
يقول الشيخ محمد حسن النجفي في جواهر الكلام: { كل ذلك مضافا إلى ما يشعر به كثرة السؤال عن الشعر والذراع دون الوجه والكف مع شدّة الابتلاء بهما من معلومية الجواز فيهما دون العدم المعلوم أولوية الشعر والذراع منه [2]، وإلى السيرة في جميع الأعصار والامصار على عدم معاملة الوجه والكفين من المرأة معاملة العورة، ولذا لم تسترهما في الصلاة، وإلى العسر والحرج في اجتناب ذلك، لمزاولتهن البيع والشراء وغيرهما. } انتهى. [3]
في كلام صاحب الجواهر أربعة نقاط تصلح للاستدلال بها:
الأولى: كثرة السؤال عن الشعر والذراع، مما يعني أن الوجه والكفين معلوما الحكم، وهو إما الجواز أو عدمه، ولا يعقل ان يكون الثاني أي الحرمة لأن الشعر والذراع أوضح في تحريم النظر من الوجه والكفين فتعيّن الجواز.
وفيه: أن هذا يصلح مؤيدا لا دليلا، لاحتمال تساويهما في الحكم وإن كان أحدهما أوضح من الآخر، ولان أولوية الشيء لا تعني التساوي في الحكم، بل تعني عدم التساوي في اثبات الحكم. بعبارة أخرى: لا تسليم بكون حكم الوجه والكفين أمر معلوم مسلم.
الثاني: السيرة على عدم معاملة الوجه والكفين كمعاملة العورة. وهذا أيضا مسلّم، وهو لا يختص بالمتشرعة بل يشمل كل الناس حتى الكفار منهم، ولعلّه قصد ذلك بقوله: " في جميع الاعصار والامصار" [4].
لكن اختلاف المعاملة والنظر بين الوجه والعورة لا يعني اختلافهما في الحكم، بل قد يكون فيه اشتراك في الحكم ولكنه يختلف شدّة وضعفا، وينفع ذلك عند التزاحم فيقدم أحدهما على الاخر كما هو موجود في الاحكام الشرعية.
ولذلك نقول: أن هذا التفاوت لا يصلح دليلا، بل لا يصلح مؤيدا أيضا.
النقطة الثالثة: عدم وجوب سترها في الصلاة.
جعل صاحب الجواهر هذه النقطة دليلا على الفرق بين الوجه والكفين من جهة وبقيّة البدن من جهة أخرى من حيث معاملة الشارع. وهذا صحيح مسلّم، لكن قلنا إن اختلاف النظرة والمعاملة لا يعني اختلاف الحكم، بل يمكن أن يكونا محكومين بحكمين مختلفين، أو قد يكون الحكمان متماثلين ويختلفان شدّة وضعفا.
النقطة الرابعة: العسر والحرج في اجتناب النظر إليهنّ لمزاولتهنّ البيع والشراء وغيرها.
وبيانه: إن العسر والحرج تارة يؤخذان عنوانا ثانويا له حكم خاص، وتارة يؤخذان حكمة وعلّة ومفسدة ملزمة أو غير ملزمة بحيث تكون ملاكا لثبوت حكم بالعنوان الأولي.
أما الصورة الاولى، فالعسر والحرج هما من العناوين الثانوية، ولا شك في ذلك، لكن الكلام هو في حكم النظر على الوجه والكفين بالعنوان الأولي. أما الحكم بالعنوان الثانوي فهو أمر يشترك فيه جواز النظر مع باقي الأحكام الشرعية.
وأما الصورة الثانية: فهي تقتضي ثبوت الجواز بالعنوان الأولي لكن الكلام في الصغرى، أي في ثبوت كون العلّة والملاك في جواز النظر هي العسر والحرج، وخصوصا أن البيع والشراء والتعلم وغير ذلك يقتضي جواز النظر إلى المرأة وإن كان يمكن اجتناب ذلك.
ملخص هذه الأدلة التي قلنا بانها ليست دليلا، بل هي مؤيدات كديدن الكثير من العلماء من تكثير الادلّة التي تؤدي إلى الاطمئنان الذي يؤدي إلى اثبات ما يريد، لكن قلنا أن هذا منهج لا داعي له لانه بمجرد رد دليل واحد يجعل في النفس شيء من جميع الأدلة، فانصح ان يحدد الدليل وتذكر المؤيدات عليه.
غدا نذكر قصة زيد بن حارثة، والاستدلال بالآية.





[2] دليله (ره) انه عندما لا يسأل عن شيء يعني انه معلوم الحكم، أما الشعر والذراع فيسأل عنهما كثيرا، يعنى انهما مشكوكا الحكم. فلا يمكن ان يكون النظر إلى الشعر جائزا والنظر إلى الوجه غير جائز، هذا محال بالمفاهيم الشرعية أو بالمفاهيم العرفية التي فيها الأولوية، لان العرف لا ينظر إلى الجسد بنظرة واحدة الوجه يختلف عن الشعر والصدر والذراع. هذا الدليل الأول والثاني السيرة، والثالث: عدم الستر في الصلاة. الرابع: العسر والحرج. .
[4] ذكرنا سابقا من باب الاستطراد: في احدى الزيارات إلى كندا كانت المحاكم والصحف مشغولة بظاهرة أن احدى الفتيات خرجت إلى الشارع عارية الصدر فاخذتها الشرطة. وعند الاستجواب قالت انها تريد المساواة بينها وبين الرجل، لماذا يجوز للرجل الكشف دون المرأة؟!. وهنا نقول أن المبدأ التصديقي الذي اتكل عليه عندهم في احكام المرأة هو خطأ، المساواة الكاملة خطأ بالوجدان، بل تؤدي إلى ظلم الرجل والمرأة، والصحيح هو العدالة بينهما كل حسب طاقته وجسده وتكوينه وحاجاته. فلا يمكن اخذ المساواة كمبدأ تصديقي في القانون حتى لا نصل إلى نفس نتيجة ادعاء المساواة. والشاهد هنا ان العالم كله حتى غير المتشرعة يفرق بين اجزاء الجسد. .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo