< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

35/06/29

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: النظر إلى الاجنبية
الكلام في المواقع التي يجوز النظر إليها والتي لا يجوز.
- القدمان:
دليل جواز النظر: منطوق رواية الوسائل: عن مروك بن عبيد (ثقة) عن بعض أصحابنا عن ابي عبد الله (ع)، قال: ما يحلّ للرجل أن يرى من المرأة إذا لم يكن مَحرما؟ قال الوجه والكفان والقدمان. [1]
من ناحية المتن: هذه الرواية هي الوحيدة الصريحة الواضحة في حلّية النظر، منطوقها حليّة النظر إلى الوجه والكفين والقدمين، الذي يقتضي جواز الاظهار بالتلازم العرفي. والروايات الأخرى نستفيد الحكم منها بالمفهوم او بالتلازم بين الاظهار والنظر. فمن نفى المفهوم أو نفى التلازم ارتفعت الحرمة.
من ناحية السند: الاشكال في السند، ما مرّ في كلمة " بعض اصحابنا " [2] الواردة في السند؟
دليل الحرمة: الاجماع، وهو غير بعيد صغرويا، إذ لم نعهد من يقول بجواز النظر إلى القدمين، وهذا الإجماع وإن كان
مدركيا يسقط عن الحجية ولا يكشف عن رأي المعصوم، لاحتمال استناده لبعض الأدلة التي ذكرناها في تحريم النظر من إطلاق آية " الغض " [3]، وإطلاق كون جسد المرأة عورة، واطلاقات مفاهيم أدلة عدم تحريم النظر إلى الوجه والكفين من روايات وآيات [4]، وسيرة المتشرعة [5].
هذا الاجماع وهذه الأدلة وإن لم يكن كل واحدة منها بحدّ ذاتها لا تقوم بالحجية، وكما يقول السيد الخوئي (ره): " ضم اللا حجة إلى اللا حجة لا ينتج حجة "، إلا أن اجتماعها جميعا قد يورث الاطمئنان بالحكم الشرعي، كما هو ليس ببعيد هنا بان الادلة تؤدي إلى الاطمئنان بحرمة النظر إلى القدمين.
مسألة: اشتباه من يجوز النظر إليه بمن لا يجوز، ما هو الأصل؟
أولا الشبهة تارة بالنظر إلى المماثل، وتارة بالشك في المحرمية، وتارة يكون الشك في الزوجية، ما هو الحكم؟ وكذا تشمل المسألة كل من نشك في انطباق عنوان يجوز للنظر، ككونه كافرا، أو من " اللواتي إذا نهين لا ينتهين ".
الشبهة تارة محصورة وأخرى غير محصورة وأخرى بدوية. [6]

في الشبهة المحصورة: ككون إحدى المرأتين محرما والأخرى أجنبية، واختلط الأمر كالاشتباه بين الزوجة واختها، فبناء على وجوب اجتناب أطراف العلم الإجمالي عقلا موافقة ومخالفتا وجب اجتناب النظر عن كلتيهما.
اما إذا كان في الشبهة غير المحصورة أو الشبهة البدوية هل يحق النظر اليه أو لا؟ غدا نكمل ان شاء الله.




[2] ذكرنا سابقا الفرق بين: " عن بعض اصحابنا " و " عن رجل ". إذا ذكر في السند " عن رجل " تكون هناك مجهولية كاملة، أما " عن بعض اصحابنا " نجهل من هو بعينه لكنه متصف بانه من الاصحاب، هذه جهة مدح. فهل كلمة " عن بعض اصحابنا " تخرج الحديث من المجهول الضعيف إلى الحسن؟ المهم في السند ليس تعين الأشخاص بل المهم صفة الشخص مثلا: أنه ثقة، أو عدل، أو انه لا يروي إلا عن ثقة. قلنا ان الفقهاء يلحقون هذا النوع من الروايات بالمرسل الضعيف وزانها وزان " عن رجل "، واما ما ذهبنا إليه فهو ان كلمة " عن بعض اصحابنا " ليست في مقام الاعتبار لو كانت وحدها " لعدم وجود اصالة عدالة الراوي أو مجرد كونه من الاصحاب يعنى انه ثقة عادل. انما نستفيد من الفرق في حال التعارض، إذا تعارضت رواية بسند " عن بعض اصحابنا " مع رواية بسند " عن رجل " نقدم السند الأول على الثاني، أو في حال آخر من عدم وجود معارض فإذا كانت " عن بعض اصحابنا " هي توصيف مدح وكانت الرواية في كتاب معتبر وله قيمته الروائية ومع وجود أمور معتضد أخرى هذه القرائن جميعا يمكن أن تجعل من الرواية التي في سندها " عن بعض اصحابنا " تلحق بالمعتبر.
[3] ذكرنا في الدرس السابق ان من إطلاق آية " الغض " كل ما اشك في جواز النظر اليه أو اليها ينطوي تحت هذا الاطلاق، وهو وجود الأصل اللفظي بوجوب " الغض " فلا نصل إلى مرحلة الأصل العملي. ذكرنا اننا لا نرى ظهور الاطلاق في الآية لانها ليست في مقام بيان ما يجوز النظر اليه وما لا يجوز، وليست في مقام بيان أحكام الأجزاء، بل هي في مقام بيان عدم الوصول إلى الفعل الحرام، كما ذكرنا ان مورد الآية يعيننا على فهم ذلك.
[4] كروايات عدم تحريم النظر إلى شعر بنته واخته، بالمفهوم يحرم النظر إلى الباقي ومن جملته القدمان. .
[5] السير اجماع عملي يحتاج إلى ان يكون منطلقها المتشرعة كمتشرعة وليست مجرد عادة عند الناس. والسيرة هنا يمكن القول بأنها ناشئة من الشرع الشريف وخصوصا في مسألة ستر القدمين، اما مسألة ستر الرأس قد يشك بانها سيرة متشرعية لانها كانت موجودة بديل الآية " وليضربن بخمرهن على جيوبهن" الخمار موجود في الجاهلية بحسب الظاهر لكن الشارع تدخل في الكيفية والاجزاء بوجوب ستر الفتحات مثلا.
[6] سؤال: على إي أساس كان هذا التوصيف؟ الجواب: ان هذا التعريف هو بلحاظ تنجيز العلم بالتكليف إن كان بين الشبهة المحصورة وغيرها، وبلحاظ العلم بالتكليف، إن كانت بين البدوية وغيرها. إما ان تكون محصورة فيكون العلم الإجمالي منجزا، وإما غير محصورة العلم الإجمالي غير منجِز، وإما بدوية عندما اشك في أصل التكليف. فالخروج عن التنجيز سببه إما الكثرة أو عدم القدرة أو عدم الابتلاء إلى آخره. " منجِز " بالكسر، التكليف قد يكون منجَزا، أما بالنسبة للعلم يقال انه منجِزٌ، ومعنى التنجيز هو وصول التكليف إلى آخر مراحله، يبدأ التكليف من مرحلة الاقتضاء ثم الانشاء ثم الفعلية إلى التنجيز فأصبح مسؤولا عنه، فالمسؤولية تكون لازمة للتنجيز، والذي نَجَّز التكليف هو العلم. فالتكليف أصبح مُنَجَّزا بمعنى أنجزت مراحله والعلم نجزه فأصبح منجَزا أي وصل إلى آخر المراحل.
وردا على سؤال آخر: عدم القدرة في بعض الأطراف سبب من أسباب الخروج عن تنجز العلم الإجمالي وليس تعريفا للشبهة غير المحصورة. .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo