< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

35/07/09

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: النظر إلى الأجنبية
حكم النظر إلى الجزء المبان.
مسألة: في حكم النظر إلى الجزء المبان من أجنبية أو أجنبي؟
هل الجزء المنفصل من أجنبية يتبع نفس الأجنبية في الحكم؟ فإذا جاز النظر إليها جاز النظر إليه؟ مثلا: يد مقطوعة، أو شعر مجذوذ، أو سن مقلوع، أو أنف مجذوع وما شاكل ذلك.
في المسألة وجوه:
الوجه الأول: يجوز النظر إلى كل الأجزاء المبانة سواء ما كان منها مثل اليد والرجل أو ما كان مثل الشعر والسن، وذلك لأمرين:
أولا: لاختصاص الادلة بالنظر إلى المرأة الأجنبية، ولا يصدق على العضو المبان أنه امرأة. وبعبارة أخرى أحكام النظر خاصة بما يصدق عليه انه امرأة أو رجل.
ثانيا: إذا وصل الأمر إلى الأصل العملي فالأصل العملي هو الاستصحاب، استصحاب الحرمة، أو البراءة. لكن هذا الاستصحاب لا يجري، وذلك لتبدل الموضوع ونحن نعلم لزوم وحدة الموضوع بين القضية المتيقنة والمشكوكة ليجري الاستصحاب، وهنا الموضوع قد تبدل فالاستصحاب لا يجري فتجري البراءة لأنه شك في التكليف.
وفيه: أولا: إننا لا نسلم بأن موضوع الحرمة هو عنوان المرأة، بل قد ورد في الروايات عنوان بعض الأجزاء كالوجه والكفين والقدمين، مثلا ففي الرواية: " ما يحل للرجل أن ينظر من المرأة قال: الوجه والكفيان والقدمان ". وفي رواية أخرى: " الوجه والكفان ". فَأَخْذُ الاتصال في موضوع الحكم بالحرمة هو الذي يحتاج إلى دليل [1]. ومع ثبوت موضوع الحرمة لا تصل النوبة إلى الأصل العملي.
ثانيا: لو وصل الأمر إلى الأصل العملي، فيمكن أن يكون من جريان الاستصحاب في الشبهة الحكمية، وجريانه محل كلام بين الأصوليين. [2]
الوجه الثاني: حرمة النظر إلى كل الأجزاء. ووجهه: إن ما دلّ على حرمة النظر للأجنبية دلّ على حرمة النظر إلى جميع الأجزاء. واحتمال دخالة الاتصال بالحي في الحكم مستبعد بعد ملاحظة عدم جواز النظر للأجنبية الميتة، والمنفصل كالميت. وهذا الوجه سنؤيده مع تفصيل سنبيّنه لاحقا.
الوجه الثالث: اختصاص الحرمة بأجزاء الجسم لا ما كان نابتا فيه، وفرق بين الأنف والرجل، وبين الشعر والسن والظفر. وهذا القسم الثاني إنما يحكم بالحرمة تبعا للجسم، وعليه يجوز النظر إليه بعد الخروج عن التبعية بالانفصال.
وفيه: أننا لا نسلم بالتبعية.
والمختار: هو القول الثاني بعدم جواز النظر إلى كل الأجزاء، مع إضافة إلى ما استدلوا به: وهو أن المستفاد من مجموع أحكام النظر للأجنبية واختصاص الحرمة بالمرأة المسلمة المتدينة، ورفعها عن المستهترات، أو نساء الكفار، أو إلى الذين نهين لا ينتهين، أن حرمة النظر إليها بلحاظ موقعية جعلها الله لها، فكما لا يجوز اختراق حرمتها بضرب أو شتم أو أذية أو إهانة أو غير ذلك، كذلك لا يجوز اختراق هذه الموقعية بالنظر إلى بدنها. ومعنى التحريم انه مساحة من الممنوعات، والتحريم هو المنع. فقد جعل الله للمرأة احتراما خاصا ومنعا مميزا، وهو عدم جواز النظر إليها. فإذا اسقطت هي هذه الشأنية جاز النظر اليها.
وعليه: عندما صار توسيع للحريم لا يجب ان ننسى المعنى اللغوي، فإن كان النظر إلى الجزء المبان يعدّ انتهاكا لحرمتها حرم النظر كالنظر إلى الصدر، وإلا جاز النظر كالنظر إلى أظافر الرجل أو البعض اليسير من الشعر، ومع الشك نرجع إلى إطلاقات حرمة النظر إلى بدن المرأة.



[1] وادعاء الانصراف كدليل في كون الحرمة مع الاتصال ممكن ولكن يحتاج أيضا لدليل لوجود الظهور عند التلفظ.
تذكير: الانصراف يكون إما لغلبة استعمال أو كثرة وجود. وبعبارة أخرى: انما يحصل الانصراف من لفظ على بعض افراده نتيجة استعمال كثير في هذا الفرد فيلتصق الفرد في الذهن، فبمجرد التلفظ ينصرف الذهن إلى هذا الفرد دون المعنى الموضوع له ويكون انصرافا مستحكما ويكون هو المراد، وهذا هو الانصراف الحجة والدليل. .
والفرق بين التبادر والانصراف.
التبادر هو الانسباق إلى الموضوع له، عند التلفظ ينسبق المعنى الموضوع له، على اقسام: وذلك أن المنسبق إلى الذهن عند التلفظ منها التبادر وهو إذا انسبق إلى الموضوع له. ومنها الانصراف إذا انسبق إلى بعض افراد معنى الموضوع له. ومنها الظهور الذي يشمل الجميع حتى المجازات.
[2] الكثيرون قالوا بجريان الاستصحاب في الاحكام، وبعضهم قال بعدم جريانه كالسيد الخوئي (ره) وذلك نتيجة تعارض الاصلين: اصالة عدم الجعل واستصحاب الجعل فيتساقطا. وذُكِر كمثال على ذلك صلاة الجمعة، الصلاة في زمن حضور الامام (ع)كانت واجبة فهل هي في زمن الغيبة واجبة؟ قالوا لو وصل الامر للأصل العملي نستصحب الوجوب، لانه استصحاب من الشبهة الحكمية. .
توضيح: قلنا امس ان هناك أربعة مفاهيم: اصالة عدم الحادث، واستصحاب عدم الحادث، اصالة تأخر الحادث، واستصحاب تأخر الحادث. الذي هو ثابت فقط استصحاب عدم الحادث. اذا اردنا ان نطبق على مسالتنا: اصالة العدم غير موجودة تكون اصالة عدم الجعل غير موجودة فلا تعارض الاستصحاب، وعليه نقول بجريان الاستصحاب في الشبهة الحكمية.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo