< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

35/07/21

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: النظر إلى الأجنبي

-نظر المرأة إلى جسد المرأة أي العورة بالمعنى الاعم.
-ادلة الجواز: الآيات، الروايات، السيرة.
كلامنا في جواز النظر إلى عورة المرأة بالمعنى الاعم والمراد منه جسد المرأة.
تحصل مما تقدم حكم النظر إلى الوجه والكفين، والقدمين، والذقن إلى اول الرقبة، والعورة بالمعنى الأخص. فكان لكل واحدة حكم بحسب الدليل.
ما يمكن أن يستدل به على جواز النظر إلى جسد المرأة أمور:
الأول: آية ابداء الزينة: } وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوْ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ مِنْ الرِّجَالِ أَوْ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ { [1] . والكلام تارة في معنى الإبداء، وتارة في معنى الزينة، وتارة في معنى نسائهن.
أما معنى الإبداء فقد مرّ معنا ان المتبادر من الإبداء هو الإظهار أمام ناظر وكأنه مأخوذ في مفهوم الابداء، وليس مجرد الاظهار وهو مجرد الكشف. فالإبداء والإظهار يشتركان في كونهما كشفا، ويختلف الإبداء بكون الناظر ماخوذ فيه. ولذلك قلنا أن جواز الإبداء يستلزم جواز النظر، وهذا بخلاف ما ذهب اليه السيد الخوئي (ره)، نعم جواز الاظهار لا يلازمه جواز النظر، لأن الإظهار هو كشف مستور مع عدم أخذ وجود ناظر في مفهومه، أي سواء كان ناظر أم لم يكن.
أما الزينة فالظاهر منها أن المراد معناها الحقيقي وهو نفس الزينة التي تتزين بها المرأة من كحل وأساور وقلادة وأقراط وخلخال وغير ذلك، وهذا هو المتبادر منها، وإرادة موضع الزينة ممكن ولكن يصبح نوعا من المجاز. ويؤيده [2] قوله تعالى في الآية: } ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن { الظاهرة الواضحة في أن المراد هو الخلخال وغيره، وليس الساق وغيرها. وهذا على خلاف الشيخ الأعظم الانصاري (ره) والطباطبائي (ره) في تفسيره، وغيرهما.
أما الروايات التي وردت في تفسير الزينة بالوجه واليدين فقد حملناها على المجاز بعلاقة المكان والمكين. [3] لذلك ذهبنا إلى ان زينة الوجه يجوز النظر اليها، لان البيان في الآية ما كان ظاهرا من الزينة على الوجه والكفين وليس خصوص الكحل أو الخاتم التي هي عبارة عن مصاديق وافراد لما هو على الوجه والكفين. قلنا ان هذه الرواية تعيننا في الحكم وهو: أن كل ما على الوجه والكفين من زينة فهو من الزينة الظاهرة التي يجوز ابداؤها والنظر اليها. وقد بينا هذا كله سابقا في مسألة جواز النظر إلى الوجه والكفين.
وعليه فالآية تدل على عدم جواز إبداء المرأة للزينة الموجودة على جسدها الذي يلزمه عدم جواز النظر إلى الزينة وليس إلى موضع الزينة، أي أن الآية لا تدل على عدم جواز النظر إلى الجسد إلا للأصناف الاثني عشر المذكورة، وهم ما يسمى في الفقه بالمحارم ويضاف إليهم الأخوال والأعمام. وهي ما عبرّ عنه بعض الفقهاء بالزينة الباطنة، وهو يستلزم عدم جواز النظر إليها من قِبَل أي أحد رجالا أو نساءا.
أما الجسد الخالي من الزينة فلا دلالة للآية على تحريم إبدائه وبالتالي على تحريم النظر إليه، فلا دلالة للآية على تحريم نظر المرأة إلى جسد المرأة الخالي من الزينة.
وأما كلمة " نسائهن " فهي من المجملات فيدور الأمر في المراد منها بين أمور:
-عموم النساء وهو تعبير موجود، وهو من إضافة العنوان إلى فرده، ولكنه معنى يحتاج إلى قرينة وهي مفقودة في المقام، بالإضافة إلى أنه يشمل الإماء، فأي فائدة في قوله تعالى: " أو ما ملكت أيمانهن " وهذا نوع من التكرار بلا فائدة لان عموم النساء تشمل الحرائر والاماء؟!.
نعم يمكن ان يرد هذا الاشكال بأنه من باب عطف الخاص على العام أو من باب التأكيد على الإماء.
ويجيب مير سيد على الحائري الطهراني في تفسير مقتنيات الدرر ج 7، ص 339: فإن قيل: الإماء دخلن في قوله تعالى " أو نسائهن " فأي فائدة في الإعادة إذا كان المقصود من قوله " أو ما ملكت أيمانهن " الإماء؟ لعلّ المراد انه لا يظن أن الاباحة مقتصرة على الحرائر من النساء، إذ كان ظاهر قوله " أو نسائهن " يقتضي الحرائر دون النساء، كقوله تعالى:" شهيدين من رجالكم ". [4]
-خصوص النساء المسلمات دون الكافرات، يقول في كنز العرفان للمقداد السيوري ج 2، ص 223: إنه أباح إظهار الزينة لنسائهن، أي نساء المسلمات دون الكافرات لأنهن لا يتحرجن من وصفهن للرجال.
-خصوص النساء المؤمنات: يقول السيد الطباطبائي في تفسير الميزان ج 15، ص 112: وقوله " أو نسائهن " في الإضافة إشارة إلى أن المراد بهن المؤمنات من النساء، فلا يجوز لهن التجرد لغيرهن من النساء، وقد وردت به الروايات عن أئمة أهل البيت (ع).
كذلك الشيخ الطبرسي في جوامع الكلام وفي تفسير مجمع البيان، ولعلّ مراده ما ورد في الوسائل باب عدم جواز انكشاف المرأة بين يدي اليهودية والنصرانية وتحريم وصف الأجنبية للرجال: محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه، وعن محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان جميعا، عن ابن ابي عمير، عن حفص بن البختري، عن ابي عبد الله (ع) قال: لا ينبغي للمرأة أن تنكشف بين يدي اليهودية والنصرانية فإنهن يصفن لأزواجهن. محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن حفص بن البختري مثله. [5]
من حيث السند: صحيح مستفيض معتبر. وقلنا انه صحيح لان إبراهيم بن هاشم وإن لم يوثق صراحة لكنه وثق بالقواعد العامة وهذا يكفي، لان التوثيق في الرجال إما توثيق شخصي ونص اهل الرجال على توثيقه، او توثيق القواعد العامة، مثلا: ككل من روى عن ابن ابي عمير هو ثقة.
أما مستفيضة، فائدة: هذا السند فيه ما يسمى عند العامة بالحيلولة، وهو سندان، أي ان هناك طريقين للحديث فتكون اقوى وازيد من الطريق الواحد: والطريق الأول: محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن ابيه عن ابن ابي عمير./ والطريق الثاني: محمد بن يعقوب عن محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان عن ابن ابي عمير. وجميعا اعرابها حال بمعنى كلاهما وصاحب الحال هما (علي بن إبراهيم أو أبيه)، (والفضل بن شاذان).
بناء على المشهور أحد السندين حسن لان إبراهيم بن هاشم لم يوثق صراحة، لكن مع وجود السند الثاني: محمد بن يعقوب عن محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان عن ابن ابي عمير نص صحيح السند. هذا من ناحية السند.
اما من حيث الدلالة فغدا إن شاء الله.


[2] انما قلنا يؤيده لانه لفظ آخر جاء بجملة أخرى، اما إذا قلنا بوحدة السياق يكون دليلا، والظاهر انه نفس المعنى من الزينة. .
[3] من قبيل اجتمع مجلس النواب. المجلس مكان، فالمراد أهل المجلس، إما مجاز في الاسناد أو مجاز في المفرد بعلاقة الظرف والمظروف. .
[4] من باب عطف الخاص على العام لتأكيد ان النساء ليست خاصة بالحرائر. أو من باب دفع الوهم حتى لا يتوهم ان المراد هو خصوص الحرائر اكد بعد ذلك ." أو ما ملكت أيمانهن " لان كلمة " نسائهن " تنصرف إلى الحرائر.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo