< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

35/07/22

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: النظر إلى الأجنبي

-نظر المرأة إلى جسد المرأة أي العورة بالمعنى الاعم.
-ادلة الجواز: الآيات، الروايات، السيرة.
نكمل البحث في دلالة الرواية: عن ابي عبد الله (ع) قال: لا ينبغي للمرأة أن تنكشف بين يدي اليهودية والنصرانية فإنهن يصفن لأزواجهن. [1]
من حيث السند: صحيح مستفيض معتبر. مرّ تفصيله في الدرس السابق.
ومن حيث الدلالة: فإن قلنا إن كلمة " لا ينبغي " [2] ظاهرة في التحريم فالرواية ظاهرة في حرمة التكشف أمام غير المسلمة، بغض النظر عن القرائن، وإن كنا لا نستظهر ذلك بل هي ظاهرة في الكراهة.
ثم إن التعليل: " فإنهن يصفن ذلك لأزواجهن " يؤدي إلى مدلول آخر، فإن العلّة كما توسع كذلك تضيّق، فتكون الكراهة أو الحرمة تدور وجودا وعدما مدار التوصيف للأزواج، لا مدار الإسلام وعدمه. فإذا كانت النصرانية لا تصف لزوجها فهل تبقى حرمة التكشف أمامها؟ طبعا لا، لانتفاء علّة النهي. والعلّة كما توسع كذلك تضيّق ولذا فالمسلمة إذا كانت تصف لزوجها يحرم التكشف امامها. فباعتماد هذه الرواية المعلّلة يكون الانكشاف امام المسلمة التي تصف منهي عنه.
ثم إن الرواية تشمل المرأة المعروفة انها فلانة، ولا تشمل المرأة غير المعروفة من الزوج، يدلّ على ذلك الرواية التي تليها في نفس المصدر ح2، في عقاب الأعمال بسند تقدم في عيادة المريض: عن النبي (ص) قال: ومن وصف امرأة لرجل فافتتن بها الرجل وأصاب منها فاحشة لم يخرج من الدنيا إلا مغضوبا عليه ... [3]
هذه الرواية واضحة الدلالة على أن المرأة معروفة لدى الموصوف له.
ويمكن الاستدلال بهذه الرواية أيضا على جواز تكشف المرأة المسلمة للمسلمة، فهي وإن كانت واردة لبيان حكم موضوع خاص وهو حكم التكشف لليهودية والنصرانية، إلا أن ظهورها في التكشف لغيرهن أوضح من أن يخفى.
قد يقال ان هذا من مفهوم اللقب من قبيل: أكرم زيدا. هذا لا يعني انه لا تكرم عمروا. فقوله: لا تنكشف المرأة المسلمة امام يهودية لا يعني انه يجوز ان تنكشف امام بوذية أو مجوسية أو مسلمة. فإذن هذه الرواية ساكته عن الانكشاف امام المسلمة. فلا تدل على جوازه إلا بمفهوم اللقب ونعلم انه لا حجية له؟ فإنه يقال: هذا إذا لم يكن للقضية ظهور في المفهوم ولو بحسب القرائن وهنا نستظهره، بل هو واضح.
-الاحتمال الرابع لمعنى " نسائهن ": هو خصوص من حولها من النساء، سواء كنّ من أقاربها أو جيرانها أو غيرهن، وسواء كنّ حرائرا أم إماءً، وهو ما سمي في أيامنا بـ " الحاشية ".
والانصاف أن انصراف لفظ " نسائهنّ " هو لهذا المعنى والمنسبق إليه هو هذه الحصة الخاصة مع العام وهو النساء، وذلك لكثرة الاستعمال فيه، فإن الإضافة تفيد اختصاصا واختصاص المرأة هو من حولها، أي هذه الحاشية. [4]
كلمة " نساء " جمع والاضافة هنا تقييد " للنساء "، إما للتعريف أو للتخصيص، و " نساء" لفظ نكرة اضيف إلى الضمير فصار معرفة وصار خاصا لحصة خاصة من هذا الجمع، وبقاء العام على عمومه يكون خلاف الظاهر ويحتاج إلى دليل. وتفسير الكثير من الفقهاء لـ " نسائهن " بإطلاق المسلمات خلاف الظاهر لأنه يلغي الإضافة.
الاحتمال الخامس: أن المراد من " نسائهن " خصوص الحرائر بقرينة " أو ما ملكت أيمانهن " لان الأصل في العطف المغايرة.
نقول: هذا الاحتمال وارد لكنه يحتاج إلى دليل. وعطف " أو ما ملكت أيمانهن " يمكن أن يكون من باب عطف الخاص على العام لدفع وهم اختصاص العام " ونسائهن " والحكم بالحرائر، وهو كاف لصحة العطف.
وإذا قلنا ان الانصراف يدل على ذلك. نقول: ان الانصراف والظهور عهده على مدعيه، رحم الله الشيخ حسين الحلي له كلمة في تحديد علامات الظهور قال: ان يحلف بالعباس (ع)، لان الحقيقة لها علامات التي ذكرت في محلها من علم الاصول، أما الظهور لا حد ولا حصر لعلاماته.
ومع تردد المعنى بين هذه الاحتمالات الأربعة تصبح الشبهة مفهومية أي صارت مجملة فنطرق باب الشارع فإن لم يكن نطرق باب العرف ثم باب اللغة فأن لم يكن نأخذ بالقدر المتيقن. والقدر المتيقن منها وهو جواز إبداء زينة الجسد لخصوص الحاشية من المؤمنات والمسلمات، فيجوز أن تنكشف لحاشيتها متزينة بقلادة أو أقراط أو خلخال أو غير ذلك.
أما الانكشاف في الحمامات العامة وفي الجلسات العادية غدا ان شاء الله نكمل البحث.





[2] استطراد:. إذا قلنا في علم الأصول في مباحث الالفاظ ان كل ما كان مشتركا (العناصر المشتركة) نبحثه، ولذلك بحثنا صيفة "افعل" لانها مشتركة بين الأبواب، هذا يعني ان كل مشترك صار مبحثا اصوليا. فما الفرق بين صيغة " افعل " في الدلالة على الامر أو النهي أو مادة افعل وبين لفظة " لا ينبغي " الواردة في كثير من الأبواب. هل ظهور كلمة " لا ينبغي " في التحريم أو الكراهة أو الإرشاد؟ هل بحث هذه المسألة المتكررة في عدّة أبواب تجعل المسألة أصولية؟ .
[4] سؤال احد الطلبة: قد نستعمل الخاص مع إرادة مطلق النساء العموم. الجواب: نعم يمكن ذلك ولكن لا دليل عليه. كلمة " نسائهن " جمع لا مفرد له من لفظه كما قالوا في لفظ ابابيل، وليس اسم جنس جمعي، لان اسم الجنس الجمعي هو ما كان مفرده على ياء أو تاء مربوطة كروم ورومي، وتمر وتمرة. " نسائهن " جمع مضاف، والاضافة تفيد تخصيصا وتقيدا، كما إذا قلت: غلام زيد، تفيد تعريفا إذا أضيفت إلى معرفة، أو غلام رجل تفيد تخصيصا إذا أضيفت إلى نكرة. أو أحيانا يكون الوصف موضحا في حال الابهام، والمعرفة لا تضاف حتى تنكرّ. .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo