< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

42/05/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الطلاق، تفسير مفردات رواية " خمس يطلقن على كل حال " معنى الصغيرة.

    1. تتمّة استعراض الروايات.

    2. البلوغ: اختلفت الروايات في تحديد العمر.

    3. الذي يراه الفقير إلى رحمة ربه هو ان لكل حكم بلوغا يختلف عن غيره بحسب النصوص، فالصلاة هي في سن الثالثة عشر، والستر في سن الحيض، والقاعدة العامّة هي التسع سنوات.

    4. يرجع للقاعدة العامّة عند عدم ورود نص خاص.

    5. تقديم النصوص الخاصة من باب تقديم الخاص على العام.

نكمل الكلام في الصغيرة في استعراض الروايات، لان تحديد سن الصغيرة من المسائل التعبدية لا العقليّة.

الرواية الثالثة: الوسائل ح 3 - محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن بعض أصحابنا، عن أحدهما عليهما السلام في الرجل يطلق الصبية التي لم تبلغ ولا يحمل مثلها وقد كان دخل بها والمرأة التي قد يئست من المحيض وارتفع حيضها فلا يلد مثلها، قال: ليس عليهما عدة وإن دخل بهما. ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن يعقوب. ورواه الصدوق باسناده عن جميل بن دراج نحوه إلى قوله: ليس عليهما عدة. ورواه ابن إدريس في ( آخر السرائر ) نقلا من كتاب جميل بن دراج مثله. وعن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد عن علي بن حديد، عن جميل بن دراج مثله.[1]

من حيث السند الرواية غير تامّة بسند جميل بن دراج عن بعض اصحابنا. أما من يفسّر " أمثالهم " في قاعدة مشايخ الثقات بانهم أصحاب الإجماع، وجميل بن دراج من أصحاب الأربعة، فحينئذ تصبح الرواية معتبرة عنده. لكن على ما نحن بنينا عليه جميل بن دراج يمكن أن يروي عن غير الثقة، لم يثبت عندنا أن الثقة لا يروي إلا عن ثقة مهما علا شانه إلا ان يثبت بدليل انه لا يروي إلا عن ثقة. وثبت عندنا غير صفوان وابن ابي عمير والبزنطي ابو بصير الاسدي وزرارة بن اعين ومحمد بن اسماعيا بن بزيع، ثبت عندي انهم لا يروون إلا عن ثقة. اما يونس بن عبد الرحمان وان قالوا انه لا يروي إلا عن ثقة قلنا انه لا مستند علمي لهذا الكلام.

ومن حيث الدلالة: فقد ورد كلمة " لم تبلغ ولا يحمل مثلها "، والظاهر من هذا التعبير أنه موضوع صحة الطلاق مركب من امرين، واما أن يكون قوله " ومثلها لا تحيض " تفسير لعدم البلوغ.

فإن كان موضوع الطلاق مركبا من أمرين: " عدم البلوغ وعدم حمل مثلها ":

أما البلوغ فالمشهور كونها بنت تسع سنوات، وتدلّ عليه أيضا رواية يزيد الكناسي اللاحقة. وأما الجزء الآخر من الموضوع وهو " عدم حمل مثلها "، فالظاهر اختلاف بحسب أقرائها وبيئتها ومنطقتها. فإن حيض الفتاة في البلاد الباردة قد يتأخر حتى تبلغ الخمسة عشر عاما، بخلاف المناطق الحارة التي قد تباكر في ذلك. وفي مناطقنا فإن بنت تسع أو عشر أو احدى عشر أو اثنتي عشر سنه نادرا ما تبلغ الحيض.

وقيل إن المراد من قوله (ع): " لم تحض ومثلها لا تحيض "، هذا النص الذي سيأتي في بعض الروايات الاخرى أن الشرط الثاني لإخراج المسترابة التي هي من تحيض في سن من تحيض.

والنتيجة: إلى الآن الظاهر من الروايات هو كون بنت تسع سنين فما دون تطلق على كل حال.

ملاحظة: هل يمكن القول بأن " مثلها لا تحيض " إرجاع لكل بنت بحسب بيئتها؟ الظاهر ذلك، وبذلك تكون التسع سنين تطبيق الامام (ع) على ما هي عليه المرأة في مناطق السائل.

الرواية الرابعة: ح 3 – و( محمد بن ادريس ) بالاسناد عن ابن محبوب، عن أبي أيوب الخزاز، عن يزيد الكناسي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: الجارية إذا بلغت تسع سنين ذهب عنها اليتم وزوجت وأقيمت عليها الحدود التامة لها وعليها. الحديث[2]

من حيث السند: محمد بن ادريس في مستطرفات السرائر حذف الاسانيد لذلك بعضهم لا يعتبر احاديثه إلا ما ثبت اسناده انه صحيح، خصوصا ان ابن ادريس كان يقول بعدم حجية خبر الثقة، ناقض خاله الشيخ الطوسي (ره) الذي يقول بحجية خبر الثقة، بعضهم قال ان أحاديث المستطرفات صحيحة بقرينة أن ابن ادريس كان لا يقول بحجية الثقة، بل لا بد من العلم بالصدور عنده، لكن هذا لا يعني ان نقطع بصدور الحديث الذي رواه، نحن لا نتبعه في القطع وعدم القطع.

ابي ابوب الخزاز ثقة، عن يزيد الكناسي الظاهر انه ابو خالد القماّط كوفي ثقة وثقه النجاشي والعلاّمة.

والتحقيق: ينبغي التفريق بين حكمين وعنوانين:

عنوان البلوغ وفيه ما يصبح المرء مكلّفا.

وعنوان: لم تحض ولا يحيض مثلها، وفيه يثبت صحة طلاقها في أية حال.

أما عنوان البلوغ سنتحدث فيه باختصار كي لا نخرج عن الموضوع: فالروايات مختلفة:

فبعص الروايات تحدد سن البلوغ بـاثنتي عشرة سنه: الوسائل ح 1 - محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى (ظاهرا العطار، ثقة)، عن أحمد بن محمد بن عيسى (ثقة) عن محمد بن يحيى (ظاهرا الخزاز، ثقة) ، عن طلحة بن زيد (عامي له كتاب معتمد)، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن أولاد المسلمين موسومون عند الله شافع ومشفع، فإذا بلغوا اثني عشر سنة كتبت لهم الحسنات فإذا بلغوا الحلم كتبت عليهم السيئات[3]

الطائفة الثانية تحدد البلوغ بتسع سنين: الوسائل ح 3 - وبالاسناد (محمد بن ادريس في آخر السرائر) عن ابن محبوب (ثقة)، عن أبي أيوب الخزاز (ثقة)، عن يزيد الكناسي (الظاهر انه ابو خالد القماط، وثقه النجاشي والعلامة)، عن أبي جعفر عليه السلام قال: الجارية إذا بلغت تسع سنين ذهب عنها اليتم وزوجت وأقيمت عليها الحدود التامة لها وعليها[4]

وقد وردت روايات خاصة ببعض التكاليف، فقد ورد وجوب الصلاة على بنت ثلاثة عشر سنة، وورد وجوب الستر عليها عند الحيض، ولا اريد أن أطيل حتى لا نخرج عن موضوعنا، ولكني ما وصلت إليه هو أن البلوغ ليس له حكم واحد لكل حكم بلوغه وهذا موافق للطبيعة البشريّة، البلوغ هو عبارة عن وصول الانسان إلى حد يدرك الامور فيكون قادرا على تحمل المسؤوليّة، هناك بلوغ سياسي، واقتصادي، وجنسي، وعبادي لكل منها عمر، ولا يوحد ادراك واحد لكل شيء، ولا يمكن ان نجعل حكم البلوغ بعصى واحدة، نعم القاعدة العامة فيما لم يرد فيه نص وحكم هو ان بلوغ البنت تسع سنوات. وهذا الرأي من الناحية العلميّة النظرية، أما من الناحية العمليّة فنحن نشجع على الاحتياط فانه طريق النجاة.

العنوان الثاني: التي لم تحض ولا يحيض مثلها: سنصل إلى نتيجة انها ناظرة للواقع أي بحسب البيئة والمنطقة، لماذا اجعل حكم بنت المناطق الباردة نفس حكم بنت المناطق الحارّة والدليل على خلافه.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo