< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

42/05/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الطلاق، تفسير مفردات رواية " خمس يطلقن على كل حال " بيان سن اليأس.

    1. أدلّة القول بكون سن اليأس إلى الخمسين.

    2. 1- اصالة عدم الحدث، وفيه: انه أصل عملي لا يجري مع رواية صحيحة تدل على الستين، ثم إننا لا نقول بأصالة العدم بل باستصحاب العدم.

    3. عموم ما دلّ على التكليف بالصلاة والصوم الشامل لما بعد الخمسين، فنثبت ان ما بعد الخمسين ليس حيضا لان كل من وجبت عليها الصلاة لا تكون حائضا.

    4. وجوابه: أولا: التخصيص برواية الستين. وثانيا: القضايا لا تثبت موضوعاتها والحكم لا يثبت موضوعه، ولا مانع في الاعتباريات أن يقول الشارع: " الحائض قبل الخمسين تترك الصلاة وبعد الخمسين تصلي ".

لا نزال في الكلام في سن الياس عند المرأة وقلنا ان هناك اربعة اقوال أو خمسة، قيل بالستين وقيل بالخمسين وقيل بالتفصيل بين القرشية والنبطيّة وغيرهما، وقيل ظاهر كلام بعض المتأخرين بالتفصيل بين الطلاق والعبادة، وأن سن الطلاق للخمسين وسن العبادة للستين، وقول أنا أذهب اليه وهو المختار انها تبقى على الحيضيّة طالما ترى الدم بصفة الحيض إلى الستين.

القول الثاني: بلوغ الخمسين:

يقول في الجواهر والظاهر ان المحقق الحلي يقول بالستين وتبعه صاحب الجواهر: " وقيل ببلوغ خمسين مطلقا أيضا، كما هو خيرة السرائر وطلاق الكتاب والمدارك وعن الجمل والنهاية وابن البراج، وربما مال إليه في النافع والمنتهى، للأصل بل للأصول والعمومات التي تقدمت الإشارة إليها في مسألة التوالي، وقول الصادق ( عليه السلام ) في الصحيح: " حد التي يئست من المحيض خمسون سنة " ونحوه صحيحه الآخر على كلام في سهل ومرسل أحمد بن محمد بن أبي نصر المروي في الكافي والتهذيب بطريق فيه سهل أيضا، لكن رواه المحقق في المعتبر من كتاب أحمد " [1] .

إذن ما استدل به على سن الخمسين:

    1. أصالة عدم الحدث، أي عدم الحيض بعد الخمسين.

وفيه: أنه أصل عملي لا يجري مع الرواية الصحيحة المعتبرة في الستين. هذا من جهة.

ومن جهة أخرى نحن ذكرنا مرارا أن أصالة العدم غير موجودة ولا دليل عليها، لأنهم عرّفوا الممكن بانه ما تساوى فيه الطرفان الوجود والعدم، او نفي الضرورتين ضرورة الوجود وضرورة العدم. هذا الامر أمر ممكن فلماذا نقول باصالة العدم؟

نعم، الموجود والثابت هو استصحاب العدم، أي العدم الأزلي بمعنى: كان الله ولم يكن شيء، ثم أشك في وجود شيء. وهناك فرق بالآثار بين اصالة العدم واستصحاب العدم.

ويمكن ان نقول ان هذا الاصل معارض باستصحاب الحيضيّة، يمكن استصحاب قابليتها للحيض بعد الخمسين، وهذا الاستصحاب موضوعي.

    2. قاعدة اليقين: لعلّ المراد منها أنها بعد طهرها بعد الخمسين ثم رأت الدم نستصحب الطهر الذي حدث بعد الخمسين [2] . لكن هذا يخالف الاصطلاح المتداول من أن قاعدة اليقين هي قاعدة الشك الساري. ولا أرى قاعدة اليقين – بالاصطلاح المتداول – جارية هنا، إذ لا يوجد يقين متزعزع.

    3. عموم ما دلّ على التكليف بالصلاة والصوم من الكتاب والسنة. ففي مثل: ﴿أقيموا الصلاة﴾[3] عام يشمل كل الأزمنة، ففيه عموم أزماني، سقط منه ما قبل التكليف، وزمان الحيض عند المرأة قبل الخمسين، وهو كل حيض بين البلوغ والخمسين وما بعد الخمسين إلى الستين مشكوك الحيضيّة يعني مشكوك " اقيموا الصلاة "، فيشمله العموم ومع تماميّة العام اثبت انها مكلّفة بالصلاة، ونعلم أن الحائض غير مكلّفة بالصلاة، إذن ما بعد الخمسين ليست بحائض نتمسك بعمومات " اقيموا الصلاة ".

وفيه: إن إثبات حكم لا يعني ثبوت الموضوع، إذ الأحكام الشرعية أمور إعتباريّة، ولا مانع بأن يقال بان من كانت بعد الخمسين تجب عليها الصلاة ولو كانت حائضا. هذا من جهة.

ومن جهة أخرى فان عموم التكليف مخصص بروايات صحيحة في بلوغ سن الستين، أي ان هذه الاصول لا جريان لها مع وجود الروايات.

    4. استصحاب احكام الطهارة من المكث في المساجد وجواز المسّ وقراءة العزائم وغيرها.

أي إذا طهرت بعد الخمسين، ثبت لها أحكام الطهارة، فإذا رأت الدم وشككنا في كونه حيضا، استصحب أحكام الطهارة، فيلزمه عدم كونه حيضا فاثبتنا عدم الحيضية يعني ما بعد الخمسين ليست بحائض.

وفيه: الاستصحاب لا يجري مع ورود روايات معتبرة في الستين.

    5. الروايات: وهي العمدة في الاستدلال [4] :

أ- ففي الوسائل: ح 1 - محمد بن يعقوب، عن محمد بن إسماعيل (ثقة)، عن الفضل بن شاذان (ثقة)، عن صفوان ابن يحيى (ثقة)، عن عبد الرحمان بن الحجاج (ثقة)، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: حد التي قد يئست من المحيض خمسون سنة. ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن يعقوب مثله [5] .

من حيث السند: الرواية صحيحة معتبرة، والدلالة واضحة.

ب- ح 2 – و (الشيخ) عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد (ثقة)، عن الحسن بن ظريف (ثقة)، عن ابن أبي عمير (ثقة)، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا بلغت المرأة خمسين سنة لم تر حمرة إلا أن تكون امرأة من قريش. ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمد مثله [6] .

من حيث السند: الرواية مقبولة لقبولنا مرسلات ابن أبي عمير لاننا قلنا ان ابن ابي عمير وصفوان والبزنطي لا يروون إلا عن ثقة، وامثالهم ثبت عندنا منهم زرارة وابو بصير الاسدي ومحمد بن اسماعيل بن بزيع، واما غيرهم فلم يثبت عندي انهم لا يروون إلا عن ثقة وان كانوا من الاجلاء.

اما من حيث الدلالة: فيها تفصيل بين القرشية وغيرها فهي مختصّة بغير القرشيّة. ثم إن الرواية قالت: " لم تر حمرة " وظاهره الحمرة الواقعيّة التكوينيّة الخارجيّة، وليس الحيض الاعتباري، فهو إخبار عن واقع.

سنرى ان الرواية لسانها لسان واقع ولكن فيه اشكال لانه لا يكون دائما كذلك. كونوا على ذكر من هذه النقطة لاننا سنستفيد منها عند بيان المختار.

 


[2] الفرق بين قاعدة اليقين والاستصحاب:. الاستصحاب هو من كان على يقين فشك، يعني يقين سابق وشك لاحق مع بقاء اليقين على يقينه. قاعدة اليقين أو الشك الساري هو اليقين السابق ثم لاحقا اشك في نفس اليقين السابق، يعني زعزعة اليقين السابق الشك يسري إلى اليقين. وقاعدة اليقين لم تثبت حجيتها
[4] نذكر بمنهجية الاستنباط: في الشبهة الحكميّة: علم، ثم علمي، ثم أصل لفظي، ثم أصل عملي. اولا العلم يعني القطعيات وهنا لا يوجد قطع. ثم العلمي أي الامارات الروايات إذا لم توجد حينئذ اطرق باب الأصل اللفظي عمومات لفظية وهو في عالم الاستنباط يأتي في اخر سلم العلميات أي الخبر مقدّم عليها، ثم الأصل العملي.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo