< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

42/07/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الطلاق، الإشهاد.

    1. هل يشترط علم الشاهدين تفصيلا بالمطلّق والمطلّقة؟

    2. الاستدلال برواية حمران، وهي مخدوشة سندا، وإن كان لها أكثر من سند، واما دلالة فالظاهر اشتراط ذلك عند احتمال التداعي.

    3. المختار: صحة الكيفية التي يجري فيها الطلاق في ايامنا عند المتشرعة، وذلك باخذ الوكيل وكالة في اجراء الطلاق من الزوج بعد اتمامه الشروط الشرعيّة، واجراء الطلاق امام الشاهدين اللذين لا يريان المطلق والمطلّقة ولا يعرفانهما إلا بالاسم.

يشترط علم الشاهدين بالمطلّقة ولو بالاسم:

قد يقال: ان اخذ الحكمة من الاشهاد انه إذا كان هناك تداع وانكار، يأتي الشاهد ويشهد انه كان شاهدا على الطلاق بشروطه، لذلك يجب ان يعلم بالمطلّقة تفصيلا او اجمالا، ولكن ماذا نفعل بما نراه في ايامنا هذه من ان أهل الدين يشهدون على الطلاق بمجرد ذكر الاسم، فهل يكفي ذكر الإسم اسم المطلّقة أو المطلّق،كما هو المتداول بين أهل الدين في الطلاق، حيث يأخذ الوكيل وكالة بإجراء الطلاق من الزوج ويطلّق من دون حضور الزوج ولا الزوجة بعد ان يحرز الشروط الشرعيّة الأخرى.

اما العلم التفصيلي بها: فقد يستدل له برواية حمران: ففي الوسائل: ح 2 – محمد بن الحسن بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى (ثقة)، عن بنان بن محمد (هو اخ احمد بن محمد بن عيسى)، عن ابن محبوب (ثقة)، عن علي بن رئاب (ثقة)، عن حمران (ثقة)، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا يكون خلع ولا تخيير ولا مباراة إلا على طهر من المرأة من غير جماع وشاهدين يعرفان الرجل ويريان المرأة ويحضران التخيير وإقرار المرأة أنها على طهر من غير جماع يوم خيرها قال: فقال له محمد بن مسلم: ما إقرار المرأة ههنا، قال: يشهد الشاهدان عليها بذلك للرجل حذار حذار أن يأتي بعد فيدعي أنه خيرها وهي طامث فيشهدان عليها بما سمعا منها، الحديث [1] .

من حيث السند: سند الشيخ محمد بن الحسن إلى محمد بن أحمد بن يحيى (صاحب نوادر الحكمة، دبّة شبيب) وهو ثقة جليل لكن لنلاحظ سند الشيخ الطوسي (ره) تلميذ الشيخ المفيد إليه، ويوجد اكثر من سند:

يقول: فقد أخبرني به الشيخ ابو عبد الله (محمد بن محمد النعمان العكبري، المفيد) والحسين بن عبد الله (هناك اثنين البوزخري واحد من الاجلاء الثقات موثق صريحا والآخر لم يوثق صريحا لكن هناك قرائن في توثيقه)، وابن عبدون (المعروف بابن الحاشر، لم تثبت عندنا توثيقه وان كان فيه قرائن تقربه من الوثاقة [2] )كلهم عن ابي جعفر محمد بن الحسين بن على بن سفيان (يروي عنه الاجلاء وهذا لا يكفي في التوثيق ورب مشهور لا اصل له)، عن أحمد بن إدريس (ثقة وثقه الشيخ والنجاشي والعلامة) عن محمد بن احمد بن يحيى.

واخبرني ابو الحسين ابن ابي جيد، عن محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن يحيى.

في السند الأول الشيخ المفيد وحده كاف في وثاقة طبقته، وهذه الطبقة كافيه في السند لوجود الشيخ المفيد، هذا السند يمكن ان نقبله بصعوبة.

وفيه بنان بن محمد، وهو اخ احمد بن محمد بن عيسى، والاخير رجل جليل جدا وصاحب وجود حتى ادعى بعضهم انه لا يروي إلا عن ثقة. وقد روى عن بنان الأجلاء، وهو من أهل بيت جليل، لكن هذا لا يكفي عندنا للتوثيق، ولم يصرّح احد بتوثيقه صراحة لا النجاشي ولا ابن قولويه ولا الشيخ الطوسي ولا غيرهم. وكونه محمد بن عيسى ابوه وهو المشهور وثاقته وان ضعفه بعضهم لا يكفي في توثيق بنان، لذلك لا اقول بوثاقته بالرغم من وجود عدّة قرائن قد تؤدي عند البعض إلى الوثاقة.

هذه الوثاقة اصبحت مسألة شخصيّة، من يوثقه فهذا شأنه، لكن انا عندي التوثيق يحتاج إلى أكثر من هذا الذي ذكر في بنان، ولكن ما ذكر في بنان لا يمكن ان نغض النظر عنه.

أما من حيث الدلالة: فالظاهر هو التشدد في المعرفة كاشتراط ان يريا المرأة عند احتمال الانكار، حتى إذا انكرا أو انكرت وقوع الطلاق صحيحا مثل ان تدعي انها كانت في طهر واقعها فيه تأتي شهادة الشاهدين على صحّة الطلاق، ويشير إلى ذلك ذيل الرواية " حذار حذار أن يأتي بعد فيدّعي انه خيرها وهي طامث، فيشهدان عليها بما سمعا منها ". وهذا يدل على انه في حال لم يكن هناك احتمال ليس من الضروري ان يعرف المطلّق ولا المطلّقة، هذه المعرفة التفصيلية بالسماع والحضور مقيّد باحتمال الانكار والتداعي.

وفي ايامنا تأخذ وثيقة الطلاق إلى المحكمة تكون هي الاساس في الدوائر، وتسجّل، تشير إلى ان الطلاق صحيح والانكار أتي لاحقا، ومن اخذ الوكالة من الزوج أجرى الطلاق وهو صحيح وليس من الضروري أن يسأل منها مباشرة بل يكفي ان يسأل الوكيل، ويد الوكيل هي يد الاصيل.

وهناك فرع للمسألة وهو هل يكفي خبر الواحد في الموضوعات؟ مثلا: الوكيل ذكر امام الشهود بانه سمع من المرأة انها قالت انها في طهر لم يواقعها فيه وهذا موضوع، هذا الموضوع هل يشترط التعدد؟

ذهب الاكثر وهو المشهور انه في الموضوعات يكفي الشخص الواحد والله العالم.

إذن هل يشترط العلم التفصيلي بان يكونا حاضرين عند اجراء الطلاق؟ نقول اولا ان الرواية في سندها كلام كثير، وإذا قبلناها نقبلها على مضض، وان كان سند الشيخ الطوسي إلى محمد بن يحيى له اربعة طرق، في كل منها مشكلة، وكذلك المضمون نقبله على مضض، واجراء الوكيل الطلاق خرج عن الموضوع.

والنتيجة: ما يجري اليوم في كيفيّة إيقاع الطلاق صحيح، ويكفي معرفة الوكيل بالمطلّق والمطلّقة وإعلامه الشاهدين بتمامية الشروط الشرعيّة، ولذا يكفي في الشاهدين معرفتهما بالاسم من دون اشتراط المعرفة التفصيليّة.

اشتراط كون الرجلين الشاهدين عدلين: ورد ذلك في عدّة روايات، وفي الآية الكريمة السابقة، لكن ما معنى العدالة؟ هل يكفي الاسلام او لا؟ غدا نذكرها ان شاء الله.

 


[2] التوثيق عندي ليس مزاجا، مثلا السيد الخوئي (ره) الذي كان دقيق في التوثيق يقال ان مزاجه التدقيق، بل نقول ان هناك قواعد. انا اقول ان الوثاقة امر وجودي تحتاج إلى تكرار حتى اثبتها والقرائن التي تذكر وحدها ليست كافية في التوثيق، نعم كثرة القرائن قد تؤدي إلى اطمئنان فيكون الاطمئنان هو التوثيق، يخبرني شخص اول مرّة وثاني مرّة وثالث مرّة حتى اثق، لا اكتفي بان شخصا ما يأتي إلى المسجد يصلي ويكون ظاهره صالح حتى اوثقه، الوثاقة أمر عقلائي، لذلك ذكرت مثالا واكرره انه إذا جاء شخص إلى المسجد كل يوم ويصلي وان لم اختبره ولا اعرف امانته، وإذا كان عندي مبلغ كبير من المال هل اعطيه المبلغ امانة، يمكن ان اعطيه مبلغا قليلا لكن اعطيه المبلغ الكبير لان الامانة والشجاعة والوثاقة امر وجودي فهي تحتاج إلى تكرار واثبات حتى تثبت ويتلبس بها الشخص من قبيل الحداد لكثرة ملابسته للحديد. لذلك مجرد ان يكون ابن بيت وغير ذلك لا يوثق.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo