< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

42/07/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الطلاق، الإشهاد. اشتراط كون الرجلين اماميين:

    1. هل يكفي الاسلام في الشاهدين؟

    2. دليل من قال بالكفاية وهو الروايات.

    3. دليل من قال بعدم الكفاية.

    4. التحقيق: ان المخالف على ثلاثة طوائف: النواصب، والمعاندون، والمستضعفون.

    5. النواصب لا تصح شهادتهم للنص.

    6. المعاندون لا تصح شهادتهم لعدم صدق " عرف بالصلاح في نفسه ".

    7. المستضعفون، وهم الذين لا يعادون أهل البيت ولا يعاندونهم، ولو عرض عليهم الحق لاتبعوه، وهم في انفسهم صالحون، فهؤلاء يمكن القول بجواز شهادتهم، والاحوط اشتراط كون الشاهد من أهل الحق.

إذن في الطلاق هل يشترط كون الشاهدين عدلين إماميين لأنه مذهب الحق؟ أم يكفي الاسلام؟

واستدل بكفاية الإسلام.

بصحيحة البزنطي: .... قلت: فان أشهد رجلين ناصبيين على الطلاق أيكون طلاقا؟ فقال: من ولد على الفطرة أجيزت شهادته على الطلاق بعد أن يعرف منه خير [1] .

هذا الجواب جواب عام مبهم يسمى في الاصول تقيّة والمعاصرين يسمونه دبلماسي يمكن ان ينطبق ويمكن ان لا ينطبق [2] .

وكلمة " بعد أن يعرف منه خير " قالوا: هذا دليل على ان يكون إماميّا وهل هناك من خير افضل من ان يكون اماميا

وكلمة " خير " الواردة نكرة في سياق الاثبات فلا تدل على العموم وعليه فالاسلام كاف.

وكذا صحيحة عبد الله بن المغيرة، الوسائل، ح 21: محمد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن السياري، عن عبد الله بن المغيرة قال: قلت للرضا عليه السلام: رجل طلق امرأته وأشهد شاهدين ناصبيين قال: كل من ولد على الفطرة وعرف بصلاح في نفسه جازت شهادته [3] .

وكيفية الاستدلال أنه اعطى قاعدة عامة " عرف بصلاح في نفسه " وصلاح النفس من آثار الفطرة البشريّة وأهما إعطاء أهل الحق حقهم، ومنهم أهل البيت (ع).

ولا بأس هنا بذكر ما كتبه في الجواهر: ( ومن فقهائنا ) كالشيخ في نهايته والقطب الراوندي فيما يحكى عنه ( من الاقتصار على اعتبار الإسلام فيهما ) ومقتضاه الاجتزاء بالمسلمين الفاسقين فضلا عن المؤمنين. ( و ) لا ريب في أن ( الأول أظهر ) بل ينبغي القطع به، إذ دعوى عدم اعتبارها فيه بعد اتفاق الكتاب والسنة والاجماع بقسميه عليه واضحة الفساد، كدعوى تحققها بالإسلام وإن قارن سائر المعاصي، ضرورة صدق اسم الفاسق عليه الذي يمتنع معه صدق اسم العدل، بل لا ينبغي نسبة هذا القول لأحد من أصحابنا المنزهين عن أمثال ذلك. ولعل ما في النهاية من " أنه متى طلق بمحضر من رجلين مسلمين ولم يقل لهما أشهدا وقع طلاقه، وجاز لهما أن يشهدا بذلك " غير مساق لبيان ذلك، لأنه قد تقدم له قبل ذلك بأسطر " أن من الشرائط العامة لجميع أنواع الطلاق أن يكون طلاقه بمحضر من شاهدين مسلمين عدلين، ويتلفظ بلفظ مخصوص " إلى آخره وهو صريح في اشتراط العدالة، كما أنه ظاهر أو صريح في أنها أمر زائد على الاسلام، نحو قوله تعالى: " وأشهدوا ذوي عدل منكم " خصوصا بعد ما تقدم له سابقا في كتاب الشهادات من تعريف العدل بمضمون ما في صحيح ابن أبي يعفور بل اعتبر نحو ذلك أيضا في شهادة النساء.

فمن الغريب نسبة بعض إليه هنا عدم اعتباره العدالة أو أنها هي الاسلام، ولعل النسبة إلى القطب كذلك، إذ لم يحضرنا كلامه. وأغرب من ذلك الاحتجاج لهما بما في حسن البزنطي عن أبي الحسن عليه السلام " قلت: فإن أشهد رجلين ناصبيين على الطلاق أيكون طلاقا؟ فقال: من ولد على الفطرة أجيزت شهادته على الطلاق بعد أن يعرف منه خير" وصحيح عبد الله بن المغيرة قلت للرضا عليه السلام: " رجل طلق امرأته وأشهد شاهدين ناصبين، قال: كل من ولد على الفطرة وعرف بالصلاح في نفسه جازت شهادته " المحمولين بشهادة العدول عن جواب السؤال على التعبير بما هو جامع بين التقية والحق الذي لا زالوا يستعملونه، حتى قالوا لبعض أصحابهم في بعض نصوص الطلاق ثلاثا معلمين لهم: " إنكم لا تحسنون مثل هذا " أي فتجمعون بينهما بالعبارة الجامعة، فيراد حينئذ بمعرفة الخير فيه والصلاح في نفسه المؤمن العدل الذي قد يقال: إنه مقتضى الفطرة أيضا، لا الناصب الذي هو كافر إجماعا، بل ولا مطلق المخالف الذي هو الشر نفسه. فما في المسالك من الميل إلى القول المزبور واضح الفساد، ونحوه قد وقع له في كتاب الشهادات، وقد ذكرنا هناك ما عليه، ومن العجيب موافقة سبطه له هنا على ذلك المحكي عن شرحه على النافع، ولعله لقرب مزاجه من مزاجه باعتبار تولده منه. نعم لا عذر للكاشاني في مفاتيحه، سواء قالوا بعدم اعتبار العدالة في شاهدي الطلاق أو قالوا بأنها فيه مجرد الاسلام، فإن الأمرين كما ترى. وأغرب من ذلك قوله في المسالك بعد أن ذكر رواية البزنطي: " وهذه الرواية واضحة الاسناد والدلالة على الاكتفاء بشهادة المسلم في الطلاق، ولا يرد أن قوله عليه السلام " بعد أن يعرف منه خبر " ينافي ذلك، لأن الخير قد يعرف من المؤمن وغيره، وهو نكرة في سياق الاثبات لا يقتضي العموم، فلا ينافيه مع معرفة الخير منه بالذي أظهره من الشهادتين والصلاة والصيام وغيرهما من أركان الاسلام أن يعلم منه ما يخالف الاعتقاد الصحيح، لصدق معرفة الخير منه معه، وفي الخبر مع تصديره باشتراط شهادة عدلين، ثم الاكتفاء بما ذكر تنبيه على أن العدالة هي الاسلام، فإذا أضيف إلى ذلك أن لا يظهر الفسق كان أولى. ضرورة كونه من الكلام الذي لا يستأهل ردا وإن أطنب في الحدائق، بل والرياض، بل لعل القول به مع عدم الإضافة المزبورة التي جعلها أولى مناف للضروري بين العلماء، كما أنه مناف معها أيضا لعلماء الفرقة المحقة، كما أوضحنا ذلك في كتاب الشهادات [4] .

ملاحظة: نقض العلماء ليس استهانة بهم، فصاحب الجواهر يحترم صاحب المسالك، ولذلك قلت سابقا أني إذا رددت على شخص يعني أني احترمه واعتبره.

والتحقيق: المخالفون نشترك معهم في الاسلام في الشهادتين وفي المعاد ووجوب الاركان الاساسيّة كالصلاة والصوم والحج والزكاة والجهاد في سبيل الله وإلى آخره. وهم على ثلاثة طوائف: النواصب، والمعاندين، والمستضعفين. هل هؤلاء الثلاثة لهم حكم واحد أو يختلفون؟

اما النواصب: وهم الذين ينصبون العداء لآل بيت محمد (ص) أو لشيعة آل محمد (ص) لأجل حبهم لآل محمد، فهؤلاء لا تصح شهادتهم على الطلاق بنص الاحاديث الشريفة ومنها صحيح كما سبق.

واما المعاندون: وهم لا ينصبون العداء لآل محمد (ص) ولا لشيعتهم، بل يحبون أهل البيت ولكنهم يخالفون الحق عنادا وعصبيّة لمذهبهم ويحاولون التميّز عن أهل الحق بلا دليل، وقد ورد عن بعضهم ان المستحب هو التختّم باليمين ولكن لما جعلته الرافضة شعارا لهم صار الاستحباب هو التختم باليسار [5] .

وهؤلاء لا تصح شهادتهم ايضا وإن كانوا مسلمين لانه لا يعرف عنهم خير، وليس فيه الصلاح في نفسه، فإن العناد صفة سيئة وليست من الخير في شيء وعلى هذه الصفات حتى الإمامي المعاند لا تجوز شهادته.

واما المستضعفون: فهو المخالفين الذين لا يحملون في قلوبهم غلاّ ولا حقدا ولم يجعلوا حاجزا نفسيا بينهم وبين أهل الحق، لكنهم لم يهتدوا إليه، ولو عرض عليهم الحق عرضا مناسبا لذهنيتهم لأخذوا به، وهؤلاء لا بأس باشهادهم على الطلاق، وبدل عليه بانطباق عنوان " عرف به خير " و " بالصلاح في نفسه " وسنبين ذلك غدا.

إذن التمييز بين هذه الفرق الثلاثة مهم، وسنصل إلى نتيجة ان المستضعفون يمكن ان يكونوا شهودا على الطلاق إلا ان الاحتياط بإشهاد الاماميين العدول.

 


[2] من قبيل عندما طلب معاوية من عقيل ان يلعن عليّا (ع) فصعد المنبر وقال: " الا أن معاوية بن ابي سفيان قد امرني بلعن عليّ الا فالعنوه "، فقالو عليه لعنة الله. وغير ذلك من الامثلة. وهذا النوع من الأجوبة شيء مهم جدا خصوصا لعالم الدين الذي لا يريد ان يتصادم مع المجتمع، فاحيانا نحتاج إلى بعض الكلمات التي تستطيع ان تدخل الحق بشكل عير تصادمي، .
[5] في مقتل الحسين للعلامة المقرم ص443 من الطبعة الثانية عن المدخل لابن الحاج ج1 ص46 " أن السنة وردت كل مستقذر يتناول بالشمال، وكل طاهر يتناول باليمين، ولأجل هذا المعنى كان المستحب التختم بالشمال، فإنه يأخذ الخاتم بيمينه ويجعله في شماله ". وفي الفتاوى الفقهية لابن حجر الهيثمي ج1 ص264 " كان مالك يكره التختم باليمين، وبالغ الباجي بترجيح ما عليه مالك من التختم باليسار ". وفي روح البيان للشيخ إسماعيل البروسوي ج4 ص142 نقلا عن عقد الدرر " أن السنة في الأصل التختم باليمين، ولما كان ذلك شعار أهل البدعة والظلمة صارت السنة أن يجعل الخاتم في خنصر اليد اليسرى في زماننا " (الحدائق النضرة، المحقق البحراني ج2، هامش ص81). وقد ذكر الزمخشري أن أول من اتخذ التختم باليسار خلاف السنة هو معاوية، ( ربيع الابرار 4/ 24 ).

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo