< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

42/08/03

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الطلاق، الإشهاد. وجه حمل العدالة على الظاهرية.

    1. أدلة اشتراط العدالة الظاهرية: النص، عدم وجوب إعادة صلاة الجماعة إذا تبيّن فسق الامام.

    2. يرد على الاستدلال بالثاني احتمال كون عدم الاعادة لان المأموم لم يترك في صلاة الجماعة ركنا عمدا.

    3. هل العدالة هي حسن الظاهر أو الصفة النفسانيّة المكشوف عنها بحسن الظاهر؟ الظاهر هو الثاني، فيكون هو موضوع الحكم.

قلنا في الطلاق هل تشترط العداة الواقعيّة أو الظاهرية؟ وقلنا ان لهذه المسألة ثمرة كبيرة.

من استدل بالواقع اشترط العدالة الواقعيّة، قال ان الالفاظ موضوعة للواقع وليس لما ثبت انه واقع.

ومن اشترط العدالة الظاهرية، قال: نحن مطالبون بهذا الظاهر بدليل الروايات الموجودة، واهمّها رواية يونس " فإذا كان ظاهره ظاهرا مأمونا جازت شهادته ولا يسأل عن باطنه ". واضحة جدا في اشتراط العدالة الظاهريّة في الشاهد. والرواية الثانية ايضا: " من صلى خمس صلوات في اليوم والليلة في جماعة فظنوا به خيرا، وأجيزوا شهادته ". فالروايات ظاهرة في العدالة الظاهريّة.

بعضهم استدل بدليل آخر وهو صلاة الجماعة، إذا صلى الرجل وراء الامام جماعة ثم تبيّن بعد الصلاة فسق الامام، قالوا لا يجب اعادة الصلاة. هذا يدل على ان المراد من العدالة للإمام العدالة الظاهرية. ولكن هذا ليس دليلا، لاحتمال كون عدم وجوب الإعادة لان المأموم لم يترك ركنا، بل ترك قراءة الحمد والسورة، وهذان إذا تركهما المصلّي عن غير عمد كالسهو والنسيان والجهل لم تبطل صلاته، مع احتمال انه حكم خاص بالصلاة.

توجيه هذه الروايات:

ظاهر هذه الروايات ان العدالة صفة نفسانية واقعية، ملكة، وهي التي عليها مدار الاحكام، نعم هي تثبت وتعرف بكواشف كخبر الثقة أو ببعض الظواهر، عبّر الفقهاء" بحسن الظاهر " كما ورد في رواية يونس السابقة، فلو سئل عن حسن الظاهر لقيل لا نعلم منه إلا خيرا.

وهل العدالة هي نفس حسن الظاهر أو ما يكشف عنه حسن الظاهر؟

نعم وقع كلام ان العدالة ومدار الاحكام هي نفس حسن الظاهر أو ان حسن الظاهر كاشف عن العدالة التي هي مدار الاحكام، أي ان مدار الاحكام هو الواقع او حسن الظاهر. الاول أي العدالة نفس حسن الظاهر بعيد. حسن الظاهر فعل كاشف عن الملكة النفسانيّة، والظاهر هو التالي، ويدل عليه:

ما في الوسائل: ح 1: محمد بن علي بن الحسين (الصدوق) بإسناده عن عبد الله بن أبي يعفور (ثقة من الاجلاء) قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: بم تعرف عدالة الرجل بين المسلمين حتى تقبل شهادته لهم وعليهم؟ فقال: أن تعرفوه بالستر والعفاف وكف البطن والفرج واليد واللسان ويعرف باجتناب الكبائر التي أوعد الله عليها النار من شرب الخمر، والزنا والربا وعقوق الوالدين، والفرار من الزحف، وغير ذلك، والدلالة على ذلك كله (*) أن يكون ساترا لجميع عيوبه، حتى يحرم على المسلمين ما وراء ذلك من عثراته وعيوبه [1] وتفتيش ما وراء ذلك، ويجب عليهم تزكيته وإظهار عدالته في الناس، ويكون منه التعاهد للصلوات الخمس إذا واظب عليهن وحفظ مواقيتهن بحضور جماعة من المسلمين، وأن لا يتخلف عن جماعتهم في مصلاهم إلا من علّة، فإذا كان كذلك لازما لمصلاه عند حضور الصلوات الخمس، فإذا سئل عنه في قبيلته ومحلته قالوا: ما رأينا منه إلا خيرا مواظبا على الصلوات متعاهدا لأوقاتها في مصلاه فان ذلك يجيز شهادته وعدالته بين المسلمين، وذلك أن الصلاة ستر وكفارة للذنوب، وليس يمكن الشهادة على الرجل بأنه يصلى إذا كان لا يحضر مصلاه ويتعاهد جماعة المسلمين [2] ، وإنما جعل الجماعة والاجتماع إلى الصلاة لكي يعرف من يصلى ممن لا يصلى، ومن يحفظ مواقيت الصلاة ممن يضيع، ولولا ذلك لم يمكن أحد أن يشهد على آخر بصلاح، لأن من لا يصلى لا صلاح له بين المسلمين، فان رسول الله صلى الله عليه وآله همّ بأن يحرق قوما في منازلهم [3] لتركهم الحضور لجماعة المسلمين، وقد كان فيهم من يصلى في بيته فلم يقبل منه ذلك، وكيف يقبل شهادة أو عدالة بين المسلمين ممن جرى الحكم من الله عز وجل ومن رسوله صلى الله عليه وآله فيه الحرق في جوف بيته بالنار، وقد كان يقول: لا صلاة لمن لا يصلى في المسجد مع المسلمين إلا من علّة. [4]

من حيث السند: محمد بن علي بن الحسين (الصدوق) بإسناده: احمد بن محمد بن يحيى العطار لم يثبت توثيقه عندنا وان كان هناك قرائن مهمّة في توثيقه ولا يبعد ذلك، لانه روى عنه الاجلاء ونقل اشتهار توثيقه الشهيد الثاني (ره) قال: " اشتهر توثيقه في الاعصار السابقة " كلامه كنقل حجّة علينا، وليس حدسا منه حتى لا يكون حجّة، لذا قلت انه لا يبعد توثيقه، ورواية الاجلاء عندنا وحدها لا تكفي.

سعد بن عبد الله الاشعري من الاجلاء الكبار المعروفين لا يحتاج إلى توثيق.

احمد بن عبد الله البرقي، وهو احمد بن محمد بن خالد ثقة (صاحب المحاسن).

ابوه محمد بن خالد وثقه الشيخ وضعفه النجاشي، صاحب الوسائل يقول: انه ثقة في نفسه لكنه لا يهمه من اين أخذ. لكن حسب الادلّة والقواعد عندنا نوثقه ويحمل التضعيف على نقله كثيرا عن الضعاف. نعم قلت انه مقبول لان الكثير قال بعدم توثيقه لوجود قرائن على ذلك وعندنا مردودة، واحتراما لهؤلاء نقول ان الرواية مقبولة، بالنتيجة الرواية معتبرة.

محمد بن ابي عمير، ثقة لا يروي إلا عن ثقة.

حماد بن عثمان ثقة.

بالنتيجة السند فيه احمد بن محمد بن يحيى العطار الذي لا يبعد توثيقه.

 


[1] مرة اقول ان النهي عن المنكر كيف يتمّ؟ نقول: ان النهي عن المنكر ضرورة، لكن اولا ان تنهاه بينك وبينه، وليس امام الناس، " من نصح اخاه سرا فقد زانه، ومن نصح اخاه جهرا فقد شانه "، نحن مع النهي عن المنكر لكن بشرط إذا فعل القبيح او المنكر علنا ولم يرعو أو إذا كان الامر خطيرا على المسلمين، اجهر النهي لان فعله يؤثر سلبا على المسلمين أو العقيدة.
[2] نحن بالنسبة لنا صلاة الجماعة عمليّا بين الناس فيها تساهل، صلاة الشخص لوحده تعد بصلاة ومع شخص آخر بخمسة وعشرين فإذا زادوا تزيد اضعافا وليس فقط ضعفا واحدا، فإذا صاروا عشرة فلو كانت البحار مدادا والاشجار اقلاما لما استطاعت الملائكة ان تحصي فضل صلاة الجماعة ". في مساجدنا نجد من يصلي فرادى، صلاة الجماعة لا تحتاج من الامام أكثر من انه " لا نعلم منه إلا خيرا ". اتنمى من الاخوة جميعا ان يتعهدوا صلاة الجماعة، وانا نفسي أصلي جماعة في البيت، وأشجع الزوجة ان تصلي خلف زوجها. والتشجيع على الصلاة في المسجد " لا صلاة لجار المسجد الا في المسجد "، شجعوا الناس على صلاة الجماعة ما امكنكم.
[3] في جواب لأحد الاخوة الطلبة: طبعا رسول الله هددّ ولم يفعل.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo