< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

42/10/08

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:كتاب الطلاق، أقسام الطلاق.

- الصنف الاول من الطلاق البائن: غير المدخول بها.

- دليل من قال بان الدخول دبرا كالدخول قبلا.

- الدليل الاول: رواية ضعيفة معارضة بروايات ضعيفة.

قلنا ان طلاق البائن سبعة اصناف الصنف الاول غير المدخول بها، والقدر المتيقّن هو الدخول قبلا، اما الدخول دبرا فهل يؤدي إلى عدّة وتماميّة المهر والغسل والحدود ويكون طلاقها كغير المدخول بها وغير ذلك.

إذن المسألة هي هل الوطء في الدبر كالوطء في القبل من حيث الاحكام؟

سنأتي اولا بالاستدلالات على ان المدخول بها دبرا كالمدخول بها قبلا. ثانيا أدلّة من قال بان الدخول دبرا لا قيمة له. ثالثا: المختار.

نقل صاحب الجواهر (ره) الإجماع على إعتبار الدبر كالقبل واستدل له بأمور:

الاجماع يمكن ان يكون مدركيا بناء على بعض الروايات، ولكن هناك شهرة واسعة.

بالنصوص وكونه أحد المأتيين، انظر الوسائل، ج1 ب باب حكم الوطي في الدبر من غير إنزال:

محمد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن سوقة، عمن أخبره قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يأتي أهله من خلفها قال: هو أحد المأتيين فيه الغسل. [1]

وفيه - بالإضافة إلى ضعف السند - المعارضة بروايات أخرى مخدوشة السند أيضا في نفس الباب لا يوجب عليه ولا عليها الغسل، ولا ينقض صومها.

من حيث السند: حفص بن سوقة ثقة وثقه النجاشي والعلامة وروى عنه ابن ابي عمير، والشيخ الطوسي (ره) قال له أصل. لكن روى عن من اخبره ونحن لا نقول ان الثقة لا يخبر إلا عن ثقة. فإذن الرواية مرسلة ضعيفة السند غير معتبرة.

ومن حيث الدلالة: فموضوع حكم وجوب الغسل أحد المأتيين، سنبحث معنى المأتيين، ولا خصوصيّة لحكم الغسل عن بقيّة الأحكام من تمام المهر والحد وغير ذلك، كما يلاحظ من بقيّة الروايات، فلا يقال: إن الرواية خاصة بحكم الغسل، بل الرواية مبيّنة لموضوع يشمل عدّة أحكام وهو المأتي.

ثانيا المعارضة بروايات مخدوشة السند أيضا وبعضا غير مخدوش:

محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن البرقي رفعه عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا أتى الرجل المرأة في دبرها فلم ينزلا فلا غسل عليهما، وإن أنزل فعليه الغسل، ولا غسل عليها. محمد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمد مثله. [2]

من حيث السند: مرفوعة ضعيفة.

من حيث الدلالة هناك معارضة واضحة بعدم الغسل، أي ليس الاتيان الذي يتصرف اليه اللفظ الذي هو موضوع الاحكام.

وبإسناده عن محمد بن علي بن محبوب، عن أحمد بن محمد، عن بعض الكوفيين يرفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يأتي المرأة في دبرها وهي صائمة. قال: لا ينقض صومها وليس عليها غسل. ورواه ابن إدريس في ( آخر السرائر ) نقلا من كتاب محمد بن علي بن محبوب مثله. وعنه، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن رجل، عن أبي عبد الله عليه السلام مثله. أقول: قد حمل الشيخ الأول على التقية والله أعلم. [3]

هذه الروايات معارضة للرواية الاولى.

قد يقال: المشهور هو العمل بالرواية الأولى والشهرة تجبر ضعف الرواية.

نقول: اولا: في الاصول نحن لا نقول بان عمل الاصحاب يجبر ضعف الرواية. ثانيا: من قال ان الاصحاب عملوا بهذه الرواية دون غيرها؟ قد يكون عملهم لشيء آخر وهو الاجتهاد الذي يقول بانه " اصابها " مثلا. الشهرة العمليّة انما تكون حجّة - لو قيل بالحجيّة - إذا علم ان المشهور قد استند اليها أي إلى الرواية الضعيفة في الحكم، ومن اين لنا إثبات هذا؟

نعم ورد في الموثق: محمد بن الحسن بإسناده عن علي بن الحسن (ثقة فطحي)، عن محمد بن الوليد (ثقة فطحي)، عن يونس بن يعقوب (ثقة)، عن أبي عبد الله قال: سمعته يقول: لا يوجب المهر إلا الوقاع في الفرج.[4] وبالمفهوم في غير الفرج لا يوجب المهر وهذا بناء على انصراف الفرج إلى خصوص القبل.

هنا قد يناقش في الدلالة انه لا يوجب الوقاع غير الدخول في الفرج. الفرج بالمعنى اللغوي هو الفتحات وليس خصوص القبل.

ثم ان هناك انصراف إلى خصوص القبل، ثم انه ولا شك في استعمال الفرج في الاحاديث في الفقه لا بالمعنى اللغوي مطلقا، وخصوصا ان الوقاع في غير الفرج لا يمكن ان يكون في غير الفم أو في الدبر بالمعنى اللغوي، فليس قصده ان يقول " كل ادخال يوجب المهر " هو يبيّن ان صنفا خاصا من الفروج اللغوية توجب المهر الذي هو " القبل ". ونقول لا شك انه هناك انصراف وهذه الرواية صحيحة معتبر.

ثم انه لم تثبت شهرة عملية لرواية أحد المأتيين لاحتمال استناد المجمعين على الوجوه الأخرى الآتي ذكرها.

محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سأله أبي وأنا حاضر عن رجل تزوج امرأة فأدخلت عليه ولم يمسها ولم يصل إليها حتى طلقها، هل عليها عدة منه؟ فقال: إنما العدة من الماء، قيل له: فإن كان واقعها في الفرج ولم ينزل؟ فقال: إذا أدخله وجب الغسل والمهر والعدة. [5]

من حيث السند معتر.

ومن حيث الدلالة: مفهوم الشرط إذا لم يدخل في الفرج لا مهر ولا غسل.

الدليل الثاني على ان الدبر كالقبل: صدق " التقاء الختانين " الذي هو موضوع الغسل والمهر والرجم والعدّة كما في روايات الوسائل ج 15، ب 54، وسنده معتبر.

محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل دخل بامرأة قال : إذا التقى الختانان وجب المهر والعدة. [6]

من حيث السند معتبرة.

وعنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري، عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا التقى الختانان وجب المهر والعدة والغسل. [7]

الاسناد في الروايات أعلائية

وفيه: ظاهر التقاء الختانين هو التلاقي في الفرج اما في الدبر فيتحاذى الختانان، ولو اشتبه المراد نأخذ بالقدر المتيقن – كما ذكرنا في منهجية الاستنباط في الشبهة المفهومية – فتكون هذه الروايات دليلا على حصر موضوع الأحكام بخصوص الوطء قبلا. [8]

وقوله إذا التقى الختانان يعني ختان الرجل وختان المرأة، لذلك قالوا ان في الدخول يكفي الحشفة لان ختان الرجل عند تماميّة الحشفة، فإذا التقى بختان المرأة وجب الغسل، اما في الدبر لا يقال التقيا بل يقال تحاذيا، والمجاورة والمحاذاة شيء آخر.

ولو قلنا انه يمكن ان يكون المراد المحاذاة ايضا نقول: لو سلمنا لكن تكون حينئذ شبهة مفهوميّة نقتصر فيها على القدر المتيقّن وهو اللإلتقاء.


[8] ختان الرجل واضح وهو عند الحشفة، والمرأة تختن ايضا ما يسمى " بالبظر " وهو خفض البنات كما ورد في الرواية انه من المكرومات وخصوصا إذا عرقل عملية الجماع، ويكون الختان داخل فرج المرأة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo