< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

42/10/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الطلاق، أقسام الطلاق.

    1. استعراض ادلة تسوية الدخول في الدبر بالقبل في احكامه شرعا.

    2. تذكير بالدليل وهو الروايات وجوابها، والثاني هو التقاء الختانين وجوابه.

    3. الدليل الثالث: صدق الدخول والموقعة والاتيان:

وفيه: بيان أمرين: الاول: لماذا استعمل الشارع الالفاظ الكنائية؟ ثانيا: هل للمعاني الكنائية إطلاق؟ فإن كان لها إطلاق تمّ هذا الدليل، وإلا أخذنا بالقدر المتيقّن.

كان الكلام في المدخول بها دبرا هل تلحق بالمدخول بها قبلا أو لا؟

وكنا في صدد استعراض أدلّة من قال بان الدبر كالقبل كما هو المشهور جدا ويكاد ان يكون اجماعا، فإذا دخل بها دبرا استحقت تمام المهر ووجب عليها الغسل وان كان من دون عقد فرجم إلى غير ذلك من الاحكام.

الدليل الاول كان النصوص وانه أحد المأتيين، وقلنا ان هذه النصوص اولا انه مرسلة، ثانيا يقابلها نصوص اخرى معارضة مرسلة ايضا.

الدليل الثاني: صدق التقاء الختانين، وقلنا ان التقاء الختانين هنا لا يصدق، بل المحاذاة هي التي تصدق، الإلتقاء يعني المباشر من دون حاجز. واما القول بان الالتقاء المحاذاة فيحتاج إلى دليل، وكلمة التقاء موجودة في الروايات لكن ما معناها؟ والمتبادر من " الالتقاء " هو التماس المباشر فتنتفي الشبهة.

اما إذا كان معنى " الالتقاء " غير واضح حينئذ قلنا في الشبهة المفهوميّة اولا نطرق باب الشارع هل هناك حقيقة شرعية او لا؟ إذا كان الجواب لا حينئذ نطرق باب العرف في زمنه ان كان، وإلا نطرق باب اللغة ان كان، وإلا أخذنا بالقدر المتيقّن ان كان وإلا اصبح متباينين ولا ينفعنا وعدنا إلى دليل آخر. وهنا ليس في الالتقاء حقيقة شرعية قطعا ولا حقيقة عرفيّة - هذا لو قلنا ان الالتقاء غير واضح - فنقتصر على القدر المتيقّن وهو خصوص ما كان في القبل دون الدبر.

الدليل الثالث على تسوية القبل بالدبر:

    4. صدق الدخول والإتيان والمواقعة:

فإذا وطء زوجته دبرا يصدق انه اتاها فيجب عليه الغسل وبقيّة الاحكام، لان هذا الاستعمال كثير في الروايات " اتى زوجته ". هذه العناوين اعتبروها دليلا على الإطلاق، " الاتيان " مطلق لم يقل: " الاتيان قبلا " فإذا يشمل الدخول القبل والدبر.

حديثا وايام العرب لم يكن الاتيان بالفم موجودا ما يسمى " بالجنس الفموي " حاليا توسع المدخول به وأصبح هذا الثالث نوع من الاتيان، وحينئذ قالوا بالإطلاق بان المراد من الاتيان هو الدخول والوطء لو يقيّدوا الوطء بخصوص القبل بل هو مطلق، فمثلا: " يكره لمسافر ان يطرق اهله ليلا " لم يقل خصوص القبل فالكراهة تشمل القبل والدبر.

ومثلا في الروايات يسأل هل تصدقت؟ هل صنعت شيئا من الخير؟، في النهاية إذا لم يفعل شيئا قال له اذهب إلى أهلك فأصبها فانه منك عليهم صدقة. وعليه فلو أصابها لا في قبلها بل في دبرها، فهل هذا من الصدقة؟

نقول: انهم قالوا ان المعنى الكنائي مطلق.

نقول إن هنا مسألتين:

الاولى: لماذا يستخدم الشارع المعنى الكنائي؟.

الثانية: بحث اصولي هل في المعنى الكنائي اطلاقات؟ يعني اصالة الاطلاق التي هي بالمعنى المطابقي، لكن هل المعاني الكنائية المرادة من اللفظ ايضا ينطبق عليها قوانين أصالة الاطلاق؟ وكذلك اصالة العموم هل من مجرياتها المعاني الكنائية؟

اما المسألة الاولى: لماذا الشارع المقدّس يستعمل الكناية؟

نلاحظ ان الشارع المقدّس يريد ان يتجنّب استعمال هذه الألفاظ الفاحشة ولو من باب التنزيه وليس من باب التحريم تهذيبا للسانه وتأدّبا، فلو فرضنا ان عالما فاضلا استعمل هذه الالفاظ الفطرة البشرية تشمئز من ذلك. ومثلا في القرآن يستعمل كلمة " غائط " ولم يستعمل الكلمة المتداولة في عرفنا، معنى الغائط في اللغة المكان المنحدر، وغاليا تذهب الفضلات إلى المكان المنحدر فالقرآن عبر عنها بالغائط، الله عز وجل يريد ان ينزه لسانه عن ذلك ويريد منا كمتدينين ومؤمنين وكمتشرعّة ان ننزّه السنتنا من هذه اللفاظ البشعة القبيحة، وحتى الفاظ المواقعة عند الناس لها الفاظ معيّنة، وحتى العضوين الجنسيين عبّر عنهما بالفروج ولم يعبر عنهما بالمستعمل عندهم، يريد ان يربينا على اللسان النظيف والادب وتنزيه اللسان وهي من سنن الله عز وجل ومن سنن الانبياء والاولياء، وهذا معنى الوقار وليس معناه ان لا تتحرّك، بل ان يكون لديك نوع من القيم الانسانيّة كالحياء والعفّة وليس القيم الحيوانيّة.

هذه العناوين من الكنايات، تماما كعنوان الوطء والإصابة والقبل والدبر حيث ورد في الحديث " إذهب إلى أهلك فأصبها فانه منك عليهم صدقة " وقد استعملها الشارع تهذيبا للسانه وتأدّبا، ونشك في شمول المراد للدخول في الدبر أو الفم، فإذا قلنا بالانصراف إلى معنى القبل فالحمد الله.

ومع الشك في عموم المعنى الكنائي بان المراد من اصابة اهله قبلا أو دبرا او لا أصبح من باب مسألة اصوليّة وهي هل للمعنى الكنائي اطلاق أو عموم أو لا؟ هل هذه الاصول اللفظيّة تشمل المعاني الكنائية؟ بلا شك انها تشمل المعاني الحقيقيّة، فإذا قلت لك: " زيد كريم " يعني مطلقا في كل الاحوال والازمان لأنه تصريح وليس كناية، اما إذا كان كناية - كالمراد من الوطء وهو الدخول -، هل للمعنى الكنائي اطلاق وعموم أو لا؟ إذا قلنا له إطلاق حينئذ يتم دليلهم، وإذا قلنا بعدم الاطلاق نأخذ بالقدر المتيقن وهو الإتيان قبلا دون غيره ولم يعد هذا دليلا وهو من اهم ادلّتهم.

غدا نبحث هذه المسألة الاصوليّة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo