< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

42/10/13

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الطلاق، أقسام الطلاق.

    1. بحث أصولي لفظي: المعنى الكنائي لا إطلاق له، فلا إطلاق للمعنى الكنائي في لفظ " أصاب وأتى " وغيرها، فلا يشمل الدبر بل نقتصر على القدر المتيقّن.

    2. أدلّة من قال بعدم وجوب شيء من الأحكام.

    3. الاول: رواية: " لا يوجب المهر إلا الوقاع في الفرج ".

    4. الثاني: روايات عدم وجوب الغسل إلا في وقوع الختان على الختان.

بعد التذكير بما مرّ، هل الوطء قبلا كالوطء دبرا في احكامه؟ وذكرنا أدلّة من قال بكونهما سواء

بحث أصولي لفظي: هل للمعنى الكنائي إطلاق؟

قد يقال: إن الاصابة وإن أريد منها المعنى الكنائي إلا انها مطلقة، أي أن المعنى الكنائي وهو الوطء مطلق، فيشمل الوطء قبلا ودبرا ويشمله الدليل ويصدق عليه الاتيان ويجب عليه الغسل وبقيّة الاحكام.

فانه يقال: الوطء وهو المعنى الكنائي غير ملفوظ، ولذا فلا يعرض عليه الاطلاق، وإن كان مرادا من ملفوظ، فالمعنى الكنائي لا إطلاق له لان الاطلاق والتقييد متقابلان - سواء كانا ضدان أو ملكة وعدم – يعرضان على الالفاظ، ولذلك قالوا ان الدليل اللبي لا إطلاق له كالسيرة وحكم العقل، وحكم العقلاء، وبناء العقلاء، لأنه ليس لها لسان حتى نقول ان هذا اللسان قيّد ام لم يقيّد. والمعنى الكنائي لم يرد فيه لفظ، فهو من باب دلالة التنبيه، هناك لفظ لكن بحاجة إلى قرينة صارفة عن المعنى الحقيقي وقرينة معيّنة للمعنى المجازي، وهاتان القرينتان ليسا موجودتين في نفس اللفظ مثلا: " ذيد كثير الرماد " ولذلك المعنى الكنائي مرتبط بالقرينة وهي مؤسسة له، فإذا كانت القرينة تقول بالعموم نتبع العموم وإذا قالت بالخصوص نتبع الخصوص. فإذن الاطلاق والتقييد لا يعرضان على المعنى الكنائي.

قد يقال: ما الفرق بين اللفظ المطلق والمعنى الكنائي؟ فالإطلاق ايضا يحتاج إلى قرينة مقدمات الحكمة، يحتاج إلى ان يكون في مقام البيان وأمكن ان بيّن ولم يبيّن.

فنقول: القرائن ومقدمات الحكمة لا تؤسس معنى في اللفظ المطلق، بل تعيّن إحدى حالاته وهي الاطلاق دون التقييد والاجمال والاهمال. بعكس قرائن الكناية فهي تؤسس معنى آخر غير المعنى الحقيقي، فلا يجري الاطلاق والتقييد فيه ولا يعرضان عليه، فنرجع إلى القرينة الكنائية فإذا دلّت على الاطلاق أخذنا به، وان دلّت على التقييد فكذلك، اما إذا كانت مجملة أخذنا بالقدر المتيقّن.

لذلك نقول ان المعنى الكنائي ليس معرضا للإطلاق والتقييد لأنه نفسه ليس لفظا لأنه ناش اساسا من القرائن وكونه ليس لفظا فليس له إطلاق ولا تقييد، حينئذ أصبح مجملا فنأخذ بالقدر المتيقّن. هنا الاصابة " اذهب إلى اهلك فأصبها فانه منك عليهم صدقة " فإذا قيل بالإطلاق، أي أصبها في قبلها أو دبرها أو فمها نقول: هنا الإصابة بالمعنى الكنائي عن الدخول والوطء والمعنى الجنسي وهذا ليس فيه إطلاق فنقتصر حينئذ على القدر المتيقّن وهو خصوص الدخول قبلا، لذلك لو حلف أحدهم يمينا ان تصيب أهلك ليلة الجمعة -وهو أمر راجح – ينعقد اليمين، وليلة الجمعة لم يطأها من قُبُلها بل وطأها من دُبُرها، هل يكون حانثا؟ بناء على القدر المتيقّن يكون حانثا وتجب عليه الكفارة. فكفاية الوطء في الدبر تحتاج إلى دليل.

فإذن إذا قلنا ان المعنى الكنائي له إطلاق فالإنصاف ان دليلهم هذا دليل متين. نعم يمكن ان يعارض بادلّة اخرى فهذا شيء آخر، لكن صدق الاتيان والاصابة والمواقعة والطرق وغير ذلك هذه معان كنائية وقلنا ان المعاني الكنائية لا إطلاق لها فصار اللفظ مجملا ونأخذ بالقدر المتيقّن.

ويمكن أن يستدل على عدم ثبوت تمام المهر وغيره من الأحكام بأمور:

    5. الدليل الاول الرواية السابقة: محمد بن الحسن بإسناده عن علي بن الحسن (ثقة فطحي)، عن محمد بن الوليد (ثقة فطحي)، عن يونس بن يعقوب (ثقة)، عن أبي عبد الله قال: سمعته يقول: لا يوجب المهر إلا الوقاع في الفرج . [1] لانصراف الفرج إلى خصوص القبل.

الرواية كما ذكرنا معتبرة موثقة.

ومن حيث الدلالة: فالكلام في " الفرج " الفرج في معناه المراد له ثلاثة احتمالات:

الاول: ان يكون حقيقة متشرعيّة في خصوص القبل، وعليه فالحديث بمفهوم الحصر يدّل بالدلالة الالتزاميّة بالمعنى الأخص على عدم وجوب المهر عند الوقاع في الدبر والفم.

الثاني: ان يكون على معناه الحقيقي اللغوي وهو الفتحة وان يكون منصرفا إلى خصوص القبل لكثرة الاستعمال فيه، وهو احتمال قوي، وعليه يكون بمفهوم الحصر دالا على عدم وجوب المهر في غير القبل.

الثالث: ان يكون المراد المعنى اللغوي فيشمل الدبر، بل والفم أيضا، وهو احتمال بعيد، ولا أظن أحدا يلتزم به.

    6. الدليل الثاني هو مفهوم الشرط في قوله : في الوسائل في الصحيح: محمد بن يعقوب، عن عدّة من اصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي بن يقطين، عن أخيه الحسين، عن علي بن يقطين قال: سألت أبا الحسن (الكاظم) عن الرجل يصيب الجارية البكر لا يفضي إليها ولا ينزل عليها، أعليها غسل؟ وإن كانت ليست ببكر ثم أصابها ولم يفض إليها أعليها غسل؟ قال: إذا وقع الختان على الختان فقد وجب الغسل البكر وغير البكر [2] .

وذلك بضميمة اتحاد أحكام الوطء من غسل ومهر وحدّ وعدّة زغير ذلك، " إذا " مفهوم شرط، و" وقع " لا يعني المحاذاة أيضا، يعنى انه هناك التقاء وتماس أو على الأقل القدر المتيقّن منه، بمفهوم الشرط إذا لم يقع الختان على الختان لا يجب الغسل ولا غيره، فالوطء دبرا أو من فمها لا يقال فيه: وقع الختان على الختان، خصوصا إذا لاحظنا انه لم يقل: إذا لم يفض اليها ولم ينزل عليها، والجواب كان انتقال إلى موضوع آخر لبيان قاعدة عامّة وهي انه إذا وقع الختان على الختان وجب المهر.

لا بأس بقراءة بعض الروايات الاخرى:

ح 2 – محمد بن يعقوب، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن إسماعيل يعنى ابن بزيع قال: سألت الرضا عليه السلام عن الرجل يجامع المرأة قريبا من الفرج فلا ينزلان متى يجب الغسل؟ فقال: إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل. فقلت: التقاء الختانين هو غيبوبة الحشفة؟ قال: نعم. [3]

من حيث الدلالة يعطي (ع) قاعدة عامّة.

ح 3 - وعنهم، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي بن يقطين، عن أخيه الحسين، عن علي بن يقطين قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يصيب الجارية البكر لا يفضي إليها ولا ينزل عليها، أعليها غسل؟ وإن كانت ليست ببكر ثم أصابها ولم يفض إليها أعليها غسل؟ قال: إذا وقع الختان على الختان فقد وجب الغسل البكر وغير البكر. ورواه الشيخ بإسناده، عن محمد بن يعقوب وكذا كل ما قبله. [4]

ح4 - محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن عبيد الله بن علي الحلبي قال: سئل أبو عبد الله عليه السلام عن الرجل يصيب المرأة فلا ينزل أعليه غسل؟ قال: كان علي عليه السلام يقول: إذا مس الختان الختان فقد وجب الغسل، قال: وكان علي عليه السلام يقول: كيف لا يوجب الغسل والحد يجب فيه؟ وقال: يجب عليه المهر والغسل. [5]

من حيث السند معتبر. لان اسناد الصدوق إلى الحلبي طريقان: احدهما فيه سهل ضعيف والاخر صحيح.

من حيث الدلالة قال " مس " وليس المحاذاة مسا، فيخرج الوطء دبرا. وهي واضحة في اشتراك الاحكام كلها.

ح 5 - محمد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن حماد، عن ربعي بن عبد الله، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: جمع عمر بن الخطاب أصحاب النبي صلى الله عليه وآله فقال: ما تقولون في الرجل يأتي أهله فيخالطها ولا ينزل؟ فقالت الأنصار: الماء من الماء. – أي ماء الغسل من ماء الرجل، فإذا لم ينزل لم يجب عليه الغسل - وقال المهاجرون: إذا التقى الختانان فقد وجب عليه الغسل، فقال عمر: لعلي عليه السلام: ما تقول يا أبا الحسن؟ فقال علي عليه السلام: أتوجبون عليه الحد والرجم ولا توجبون عليه صاعا من الماء؟ إذا التقى الختانان فقد وجب عليه الغسل. فقال عمر القول ما قال المهاجرون ودعوا ما قالت الأنصار. ورواه ابن إدريس في ( السرائر ) عن حماد مثله. [6]

من حيث السند. معتبرة.

ومن حيث الدلالة: واضحة كسابقاتها، ثم إن نفهم شيئا آخر وهو أن الإمام (ع) يعلّمنا محاولة الالتفات إلى الملاكات القطعيّة الحجيّة كقياس الأولويّة، وأن علينا ملاحظتها " أتوجبون عليه الحد والرجم ولا توجبون عليه صاعا من الماء ".

الروايات صحيحة ومعتبرة.

 


[3] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج1، باب6 وجوب الغسل على الرجل والمرأة بالجماع في الفرج حتى تغيب الحشفة أنزل أو لم ينزل، ح2، ص469.
[4] المصدر السابق.
[5] المصدر السابق.
[6] المصدر السابق.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo