< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

44/03/08

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الخَلع.

     الصيغة.

     التحقيق في مسألة الخلع.

     الخلع قسم من الطلاق وكان في الجاهليّة.

     نستطيع طرد الشروط بأصالة الاطلاق، فإذا قلنا بان الخلع طلاق وجب فيه اللفظان، وان قلنا بانه عقد مستقل طردنا اشتراط لفظ خاص.

     الأصح ان الخلع إيقاع لا عقد.

 

في الصيغة: يقول الشيخ محمد جواد مغنية (ره) في كتابه الفقه على المذاهب الخمسة:

" أجاز الأربعة أن تكون الصيغة باللفظ الصريح، كالخلع والفسخ، وبالكناية مثل بارأتك وأبنتك، وقال الحنفية: يجوز بلفظ البيع والشراء، فيقول الزوج للزوجة: بعتك نفسك بكذا. فتقول هي: اشتريت.

أو يقول لها: اشتري طلاقك بكذا. فتقول قبلت. وكذلك عند الشافعية يصح ان يكون الخلع بلفظ البي

ثم يقول: وقال الإمامية: لا يقع الخلع بلفظ الكناية، ولا بشيء من الألفاظ الصريحة إلا بلفظتين فقط، وهما الخلع والطلاق، فان شاء جمع بينهما معا، أو اكتفى بواحدة. فتقول هي: بذلت لك كذا لتطلقني.

فيقول هو: خلعتك على ذلك فأنت طالق. وهذه الصيغة هي الأحوط والأولى عند جميع الإمامية ". [1]

والظاهر أن مراده (ره) ما ذكره الأصحاب من صحته باللفظتين، يقول في منهاج الصالحين: ( مسألة 1482 ): يقع الخلع بقوله: أنت طالق على كذا، وفلانة طالق على كذا، وبقوله: خلعتك على كذا، أو أنت مختلعة على كذا، أو فلانة مختلعة على كذا، بالفتح فيهما، وفي الكسر إشكال، وإن لم يلحق بقوله: أنت طالق، أو هي طالق وإن كان الأحوط إلحاقه به ولا يقع بالتقايل بين الزوجين. [2]

لكن لم يشتهر عدم صحته بغيرها، بل صرّح صاحب الجواهر بصحته في كل ما دلّ عليه.

ففي الجواهر: " وإن كان التحقيق عندنا ما سمعته غير مرة من عدم الاقتصار على لفظ مخصوص مادة أو كيفية، بل يكفي كل ما دل على إنشاء الخلع من لفظ صريح في نفسه أو بالقرينة، كما أشبعنا الكلام فيه في مقامات متعددة، ولعل وفاقهم على الجملة الإسمية هنا مما يؤيده، إذ لا دليل بالخصوص عليها في المقام الذي هو كغيره بالنسبة إلى ذلك، بل وما تسمعه من جميل (في رواية جميل) من الاكتفاء بقول: " نعم " بعد سؤال الرجل ذلك، بل وغير ذلك مما سمعته في محله، فلا فائدة في التكرار، وإن كان الاحتياط لا ينبغي تركه، فيقتصر على خصوص ما ذكره الأصحاب من الصيغ الخاصة في كل باب ". [3]

إذن يفهم من كلامه (ره) أن وقوع الخلع بغير اللفظتين محل خلاف.

والتحقيق: إما أن نقول بأن الخلع قسم من أقسام الطلاق أو لا.

فإن قلنا بأنه قسم من الطلاق فالمفروض أن يذكر خصوص اللفظ الذي يصح معه الطلاق، وهو: "طالق أو اعتدي" ولا مانع من أن يذكر معه لفظ آخر مثل: " انت مختلعة "، نعم لا بد من أن يفهم الخلع.

وإن قلنا إنه قسم آخر، فالمفروض صحّة كل ما دلّ على الخلع كما ذهب إليه صاحب (ره).

هل ان الخلع عبارة عن عقد أو ايقاع؟ أي من طرف واحد ام من طرفين.

قد يقال: " انت طالق " ايقاع لأنه من طرف واحد، اما في الخلع ونحتاج إلى بذل وقبول ومن ثم الخلع.

فالاشكال نشأ بان الخلع بحتاج إلى طرفين بخلاف الطلاق، ولذا اصبح عقدا.

لكن الحق ان البذل شيء يترتب عليه الخلع، فالخلع عبارة عن امرين: البذل وقبوله وهما يترتب عليهما الخلع الذي هو من اقسام الطلاق، فيكون ايقاعا وليس عقدا، فالمجموع المكوّر هو عبارة عن امرين البذل وقبوله وهو الأمر الاول والخلع هو الامر الثاني.

برأي هذا العبد الفقير: قلنا مرارا ان هناك مسألة مهمّة وهي انه ليس هناك حقائق شرعيّة بل حقائق لغويّة سواء كانت في العبادات أم في المعاملات تدخل الشارع في الاجزاء والشرائط، وهذا ثمرته طرد الشروط المشكوكة ولذا فإن ان الخلع إذا كان في الجاهلية فكل ما يسمى خلعا فهو كاف ولذلك اطرد كل الشروط والاجزاء المشكوكة، فإذا شكت في لفظ أو امر اطرده باصالة الاطلاق، أقول: هذا خلع واشك في اشتراط اللغة العربيّة او في صيغة خاصة وبناء على ان الخلع غير الطلاق اطرد كل الشروط.

فإذا قلنا بأن الخلع حقيقة لغويّة، وان الخلع كان في الجاهليّة لفظا ومعنى واعتبره الشارع، طردنا كل الشروط.

نعم إذا لا لم يثبت انطباق المعنى اللغوي وبقي الشك نرجع إلى مسألة الاقل والاكثر الارتباطيين.

وقد ذكر بعض المؤرخين مثل ابن قتيبة الدينورى في عيون الاخبار أن الخلع كان في الجاهليّة، وأول من خلع من العرب عامر بن الظرب، ولا بأس بذكر النص: " العتبيّ قال: حدّثنا إبراهيم العامريّ: زوّج عامر بن الظّرب ابنته من ابن أخيه، فلما أراد تحويلها قال لأمّها: مري ابنتك ألّا تنزل مفازة إلا ومعها ماء فإنه للأعلى جلاء وللأسفل نقاء؛ ولا تكثر مضاجعته، فإنه إذا ملّ البدن ملّ القلب؛ ولا تمنعه شهوته، فإن الحظوة في الموافقة. فلم تلبث إلا شهرا حتى جاءته مشجوجة ؛ فقال لابن أخيه: يا بنيّ ارفع عصاك عن بكرتك، فإن كانت نفرت من غير أن تنفّر فذلك الداء الذي ليس له دواء، وإن لم يكن بينكما وفاق، ففراق الخلع أحسن من الطلاق؛ ولن تترك مالك وأهلك. فردّ عليه صداقه وخلعها؛ فهو أوّل من خلع من العرب". [4]

هذا النص يفهم منه ان الخلع امر آخر غير الطلاق، ثم إنه يظهر منه أيضا انه كان أمرا متعارفا لا انه اول مرّة، إلا ان يقال: إن عامر بن الظرب هو الذي إبتكره وكان بمعنى الفسخ أو التقايل، لكن بعض الباحثين نصّ على ان الخلع كان شكلا من اشكال الطلاق في الجاهلية.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo