< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

44/03/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الخَلع

     هل يجب اتباع الخلع بالطلاق؟

     استدل عليه أيضا بالروايات، منها رواية موسى بن بكر: " المختلعة يتبعها الطلاق ما دامت في العدّة "، وهي تؤدي إلى حمل الروايات المعارضة على التقيّة.

     الجواب: إما أن تؤدي إلى التعارض فتقدّم تلك الروايات لشهرتها وأكثريتها.

     وإما أن تحمل على التقيّة بدليلين: أحدهما رواية خاصّة، والأخرى ما دلّ على كون ما شبه العامة قد صدر تقيّة.

     أما الرواية الخاصّة فهو قوله (ع): " لو كان الأمر إلينا .. ".

     والجواب: أنه لا معنى لأن يكون أول الرواية قد صدر تقيّة وأخرها لبيان الحكم الواقعي.

 

نعود لرواية موسى بن بكر (ثقة)، عن العبد الصالح عليه السلام قال: قال علي عليه السلام: المختلعة يتبعها الطلاق ما دامت في العدة. [1]

من حيث السند: فان موسى بن بكر روى عنه ابن ابي عمير وصفوان، وهو كثير الرواية، وثقه ابن طاووس، فالرواية معتبرة موثّقة.

واما من حيث الدلالة: الرواية الموثّقة في مقام الدلالة غير واضحة.

ولمعنى الرواية احتمالات عدّة: فقد يكون المراد وجوب اتباع لفظ الطلاق للفظ الخلع مطلقا، لكن ما معنى لفظ " ما دامت في العدّة " فهذه الرواية هي الاساسيّة التي اتكل عليها الشيخ الطوسي (ره) والحر العاملي (ره) وابن ادريس وابن زهرة وامثالهم، على وجوب اتباع الخلع بالطلاق.

وقد يكون المراد أن الطلاق يمكن أن يحصل مرة اخرى في أثناء العدّة إذا رجعت بالبذل فيراجعها الزوج ثم يطلقها، وهذا معنى " ما دامت في العدّة "، وهو ما احتمله صاحب الجواهر (ره). وهذا لا يدل حينئذ على وجوب اتباع الخلع بالطلاق.

ويحتمل ايضا إرادة اتباع إنشاء الطلاق بعد إنشاء الخلع ما دامت في العدّة.

ومع تعدد الاحتمال يبطل الاستدلال، فالاستدلال بالرواية ساقط من جهة الدلالة لا من جهة السند المعتبر، بل إني لم أفهم معنى ظاهرا محصلا من الرواية.

نعم، لو كانت الرواية ظاهرة واضحة في المطلوب وهو عدم وجوب إتباع الخلع لالطلاق لأمكن الاستدلال بها.

والتحقيق حينئذ أن ها هنا احتمالان:

إما المعارضة مع الروايات الأخرى العديدة المعتبرة الصريحة بعدم وجوب الاتباع.

وإما حمل تلك الروايات على التقيّة.

اما الحالة الأولى وهي المعارضة فإن هذه الرواية لا تقاوم تلك الروايات الدالة على كفاية صيغة الخلع، لانها أكثر وأشهر روايتا، واقوى سندا، وأشهر فتوائيا.

وأما الحالة الثانية وهي حمل الروايات العديدة التي لا توجب الاتباع على التقيّة، وهو أمر ممكن لكنه يحتاج إلى دليل، إذ الأصل عدم صدور الخبر تقيّة، وهو ما يسمّى بأصالة الجهة.

حمل روايات كفاية لفظ الخلع على التقيّة:

حمل بعضهم كالشيخ الطوسي (ره) وغيره كما ذكرنا روايات كفاية الخلع على التقيّة مثل قوله (ع) في صحيح محمد بن مسلم " وكانت تطليقة بغير طلاق يتبعها ".

واستدل على الحمل على التقيّة بامرين:

الاول: ما ذكره الحر العاملي في تعليقه على الحديث الثاني من الباب 3 من كتاب الخلع ص 491 حيث قال بعد ذكره الرواية وهي: فإذا قالت المرأة ذلك لزوجها حلّ له ما أخذ منها، وكانت عنده على تطليقتين باقيتين، وكان الخلع تطليقة، وقال: يكون الكلام من عندها. وقال: لو كان الامر الينا لم نجز طلاقا إلا للعدّة.

أقول (الحر العاملي ): هذا يدّل على أن ما تضمّن أن الخلع طلاق ورد من باب التقيّة، وكذا ما يأتي (من الروايات)كما قاله الشيخ وغيره.

فقد جعل الحر العاملي قوله (ع) " لو كان الامر إلينا " دليلا على أن ما ذكره سابقا من كون الخلع تطليقة من باب التقيّة.

والجواب: إن هذه الفقرة إذا كانت في نفس الرواية فلا معنى لان تكون دليلا على التقيّة إذ لا معنى لان يكون أول الكلام في صدر الرواية تقيّة وآخره في عجزها بيانا للحكم الواقعي، إذ إما أن يكون تقيّة في الجميع أو يكون بيانا للحكم الواقعي في الجميع.

وإن كانت من كلام آخر فيكون ردا على أمر آخر، وإعادة الناس إلى قوله تعالى: ﴿ يا أيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ﴾.[2]

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo