< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

44/03/23

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: بحث الهلال

     القرائن الخاصّة على ان الرؤية مأخوذة على نحو الطريقيّة والكاشفيّة.

     منها الروايات الظاهرة في كون اليقين هو المناط.

     ومنها كفاية البيّنة.

     ومنها شهادة أهل بلد آخر.

     الاحتمالات الثلاثة في هذه الروايات واشباهها:

الأوّل: انها مجعولة بجعل جديد مستقلّ، ولا دليل عليه.

الثاني: انها على الحكومة، ودليل عليه.

الثالث: انها على نحو الطريقيّة، وهو المختار.

وأما القرائن الخاصّة على ان المراد من الرؤية هو الطريقيّة وليست موضوعا بذاته:

نذكر منها:

الروايات الواردة في الباب الثالث السابق الذكر التي تدل على الكاشفيّة، والتي تؤكد عدم ثبوت الهلال بالتظنّي التي يفهم منها وجوب تحقق الموضوع بالملازمة البيّنة بالمعنى الأخص. أي نفهم من الروايات " وإياك والتظني " أي ببداية الشهر، وهذا يعني لو تحقق العلم ببداية الشهر لكفى، فالعلم أصبح عبارة عن كاشف وليس موضوعا وكذلك الرؤية.

منها: ح 11- محمد بن الحسن، عن الحسين بن سعيد (ثقة)، عن فضالة (بن أيوب ثقة)، عن سيف بن عميرة (ثقة وثقه الشيخ الطوسي)، عن إسحاق بن عمار (ثقة فطحي)، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: في كتاب علي عليه السلام صم لرؤيته وأفطر لرؤيته، وإياك والشك والظن، فان خفى عليكم فأتموا الشهر الأول ثلاثين.[1]

نفهم من هذا الحديث بالدلالة الالتزاميّة بالفهم اللغوي كفاية اليقين دون غيره. والطريق اليقيني هو الرؤية فلو تحقق اليقين بسبب آخر غير الرؤية كفى. و " اتموا الشهر ثلاثين " تعني أن الرؤية ليست هي الموضوع، بل الرؤية وسيلة للأثبات.

ومنها: ح 13- محمد بن الحسن بإسناده (قريب الاعتبار) عن محمد بن الحسن الصفار (ثقة)، عن علي بن محمد القاساني قال: كتبت إليه وأنا بالمدينة أسأله عن اليوم الذي يشك فيه من رمضان هل يصام أم لا؟ فكتب: اليقين لا يدخل فيه الشك، صم للرؤية، أفطر للرؤية.[2]

يفهم منها ان الأساس هو اليقين سواء حصل من الرؤية أم من غيرها أي اليقين ببداية الشهر.

ومنها: ح 16 – محمد بن الحسن بإسناده (صحيح) عن سعد بن عبد الله (الاشعري، ثقة)، عن العباس بن موسى (ثقة وثقه الشيخ والعلامة)، عن يونس بن عبد الرحمن (ثقة)، عن أبي أيوب إبراهيم بن عثمان الخزاز (ثقة)، عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث قال: إن شهر رمضان فريضة من فرائض الله فلا تؤدوا بالتظني.[3]

من حيث السند: الرواية معتبرة.

ومن الواضح ان المقصود هو اثبات الواقع والتثبت منه على نحو اليقين.

ومنها: رواية كفاية البيّنة. لو كانت الرؤية موضوعا لوجب منك بحسب ظاهر الحديث. ان تراه بنفسك ولا تكفي البيّنة.

ومنها: كفاية شهادة بلد آخر، ففي وسائل الشيعة:

ح 9: محمد بن الحسن، عن القاسم، عن أبان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن هلال رمضان يغم علينا في تسع وعشرين من شعبان فقال: لا تصم إلا أن تراه فان شهد أهل بلد آخر فاقضه. [4]

ومنها: ما ورد في ثبوت الهلال بالعدد والحساب على كلام في اعتبار ذلك.

هذه الأمور وغيرها قرائن خاصّة على عدم اعتبار الرؤية من المكلّف نفسه، بل تكفي من غيره.

إذن المراد ان البيّنة وغيرها طريق لإثبات بداية الشهر.

قد يقال: هذا له ثلاثة احتمالات:

الاحتمال الاول: أن يكون للبيّنة وغيرها جعلا جديدا. أي إذا أنت رأيت الهلال فصم فهذا وجوب أول، وإذا رآه غيرك ولأنه يكشف عن بدابة الشهر فصم، وهذا وجوب آخر بجعل جديد مستقل.

هذا الاحتمال موجود لكنّه مستبعد جدا لأن بداية الشهر هي بداية للجميع، الحكم واحد والبداية واحدة، نعم وسائل الإثبات متعددة.

الاحتمال الثاني: ان يكون اثبات الهلال أو الشهر بالبيّنة أو ببلد آخر على نحو الحكومة أي توسيع مفهوم الرؤية الشخصيّة ليشمل الوسائل الأخرى أي الرؤية الفعليّة والبيّنة كما إذا رآه غيرك. [5]

وهذا الاحتمال أي الحكومة - وهي ان ينظر دليل إلى دليل آخر يوسعه أو يضيقه بلحاظ الحكم -، ممكن لكنّه تكلّف يحتاج إلى دليل ولا دليل عليه، ولا أظن أنه يوجد حكومة، لأن المقصود من الرؤية ليس خصوص الهلال الذي يحتاج للبيّنة الخاصة، فهو ككل الشهادات والامارات التي هي عبارة عن علامات وكاشف. فالمراد عدم موضوعيّة العلم والرؤية والشهادة والمعرفة أو التبيّن، بل الموضوع هو واقع بداية الشهر، وهذه كلها أمارات ووسائل إثبات.

الاحتمال الثالث: ان تكون الرؤية مأخوذة على نحو الطريقيّة، أي هي طريق موصل إلى بداية الشهر القمري.

اما الاحتمال الأول فنقطع بعدمه، إذ أننا نعلم بعدم وجود جعلين مستقلين.

واما الاحتمال الثاني فهو ممكن الا انه يحتاج إلى تكلّف لا دليل عليه.

اما الاحتمال الثالث فالظاهر أن الرؤية مأخوذة على نحو الطريقيّة لإثبات أول الشهر وكذا في كل البيّنات، مثلا: في البيّنة على ان فلان سارق فتقطع يده " موضوع وجوب قطع اليد هو نفس السرقة وليس البيّنة على السرقة. ( ولذلك قالوا ان القاضي يحكم بعلمه ).

ويؤيّد الاحتمال الثالث كثرة وسائل الإثبات الأخرى غير الرؤية.

 


[4] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج7، ص184، أبواب احكام شهر رمضان، باب3، ح9، ط الإسلامية.
[5] تذكير بمعنى الحكومة: وهو ان ينظر دليل إلى دليل آخر يوسعه أو يضيقه بلحاظ الحكم، مثلا: قلت: " يجب في الصلاة ان تكون على طهارة " ثم قلت: " الطواف صلاة " هنا وسعت مفهوم الصلاة ليشمل الطواف.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo