< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

44/03/30

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: بحث الهلال:

     مقدمات القول الأول وهو التولد:

     المقدمة الثانية: ان الشهر القمري الشرعي هو عينه اللغوي مفهوما.

     المقدمة الثالثة: أخذ العرب العلوم الفلكيّة من البابليين الذي كانوا يحسبون السنة القمريّة من الولادة.

كانت المقدمة الأولى: قبل بيان القول الأول أن الرؤية المأخوذة في الروايات هي على نحو الطريقيّة والكاشفيّة لا على نحو الموضوعيّة.

المقدّمة الثانية: إن الشهر القمري المعتبر شرعا هو نفسه الشهر القمري المعتبر لغة [1] ، أي لا توجد حقيقة شرعيّة، بل هو حقيقة لغويّة، وقد بيّنا ذلك، ويدّل عليه النصوص ومنها قوله تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾ [2] الظاهر في كون رمضان كان موجودا بلفظه ومعناه قبل الإسلام، كذلك تدل عليه أصالة عدم النقل [3] من المعنى اللغوي السابق زمانا إلى معنى شرعي خاص، وهي أصالة عقلائية، التي تجعل من الفهم الحالي هو نفسه كان سابقا ولولاها لتوقفنا عن فهم كثير من النصوص ومنها القرآن الكريم وكأنه كان لعصره فقط ولا يجري مجرى الشمس والنهار.

المقدّمة الثالثة: ذكر بعض الباحثين أن العرب أخذوا العلوم الفلكيّة من البابليين، وقد برَع البابليون في ذلك كثيرا، ولعلّ من أسباب البراعة كثرة الأنبياء في بلاد ما بين النهرين [4] وقد أخذ منهم الشهور القمريّة. وقد كان البابليون يعتمدون السنة الشمسيّة، ولكنهم عندما يحسبون السنة القمريّة يحسبون الشهر من الولادة إلى الولادة.

بعد بيان هذه المقدمات يمكن الاستدلال:

على كون مبدأ الشهر القمري هو التولّد بأمور، وسنرّدها جميعا:

الدليل الأول: بعدما ثبت أن الرؤية طريق محض إلى معرفة بداية الشهر، فينحصر الأمر بالتولد، لأن الفلكيين يعتمدون التولّد كمبدأ زمني للشهر القمري، وهم أهل لغة، وإذا كان لهم اصطلاح خاص فهو يحتاج إلى دليل، فتنحصر البداية في التولد.

وجوابه: إن احتمالات بداية الشهر لا تنحصر في التولد كما سنرى في الأقوال الأخرى.

الدليل الثاني: إن بداية الشهر عند العرب كانت من التولد، وقد اعتبرها الشارع كما هي، بناء على " أن ما كان عرفا كان شرعا في الأمور اللغويّة " إلا إذا تدخّل الشارع في الأجزاء والشرائط والأسباب أو غير ذلك من الاسقاطات على القاعدة التي أسسناها.

والجواب: هذا صحيح لو تمّ كون بداية الشهر عند العرب هو التولد، ولكن هذا غير تام ولم يثبت، وإن ادّعاه بعض الباحثين كما ذكرنا سابقا حين طلبت من أهل الخبرة المساعدة على ذلك، وقد ادّعى بعضهم كالبروفسور يوسف مروّة (ره) من بلدة النبطيّة في جبل عامل، ان الشهر القمري عند العرب كان يبدأ بولادة الهلال، وأرسل إلىّ دراسة حول الموضوع، لكن هذه الدراسة عبارة عن تتبعات واستنتاجات لم أقتنع بها، ولم أجد فيه ما تطمئن له النفس بحيث يمكن ان يبنى عليه وتكون دليلا، والدراسة موجودة لديّ، وهي من حوالي ستين صفحة قطع A 4، وأنصح بقراءتها لتضمنها فوائد عديدة.

لذلك لم يثبت عندنا ان الشهر القمري عند الجاهليين يبدأ من التولّد كما ادعاه بعض الباحثين.

الدليل الثالث: استصحاب ما كان عند العرب وهو بدء الحساب من حين الولادة.

والجواب: الاستصحاب صحيح لان الموضوع له آثار شرعيّة، أي ان بداية الشهر موضوع لأحكام شرعيّة، وهذا شرط في جريان الاستصحاب، ولكن الاشكال في ثبوت الموضوع، أي لم يثبت أن أول الشهر القمري هو الولادة عندهم.

ملاحظة: إن التاريخ الإسلامي كمؤرخين إسلاميين قد كتب بناء على أول الشهر القمري هو الرؤية، وهذا يطمئن على أن للرؤية نوع من الموضوعيّة، ولو كانت البداية غير ذلك لأثر في كتابة التاريخ.

إذن: القول الأول لا دليل عليه.

القول الثاني: وهو إن بداية الشهر هي من حين الرؤية الفعليّة بالعين المجرّدة، وهو المشهور.

سنبحث أولا ما يمكن الاستدلال عليه وثانيا ما يمكن الجواب عليه.


[1] ملاحظة: ما يقال في التعبير عن الشهر القمري بالشهر الشرعي فيه تسامح، فشهر رمضان هو نفسه ما كان في الجاهلية ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾ وليس هناك حقيقة شرعيّة. رمضان اسم لشهر معيّن موجود في الجاهليّة قبل الإسلام، والتسمية بدأت من كلاب بن مرّة أبو قصي بن كلاب جد الرسول الاكرم وذكرنا سابقا عظمة ذهنيّة هذا الرجل هو الذي أسس دار الندوة، اول برلمان في الجزيرة وغير ذلك، والاسف فان دار الندوة في مكّة قد هدم في القرن الماضي.
[4] الذي علّم الناس الخياطة هو النبي ادريس (ع)، والذي علمّ الناس تليين الحديد النبي داوود (ع) وغيرهم من الانبياء، والامام الصادق (ع) علّم الناس الكيمياء.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo