< قائمة الدروس
ضل

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

44/04/07

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: بحث الهلال:

     بداية الشهر هي من حين الرؤية الفعليّة بالعين المجرّدة.

     دليله الروايات: " فإذا رأيت الهلال فصم" حيث ان ظاهرها الرؤية الفعليّة، وظاهرها الموضوعيّة، وغيرها من الروايات.

ذكرنا في الدرس السابق القول الأولّ وهو التولّد الفكي وذكرنا ما يمكن ان يكون عليه من ادلّة، واجبنا عليها.

القول الثاني: وهو إن بداية الشهر هي من حين الرؤية الفعليّة بالعين المجرّدة، وهو المشهور.

سنبحث أولا ما يمكن الاستدلال عليه، وثانيا ما يمكن الجواب عليه.

أولا: يمكن الاستدلال عليه بظاهر الروايات الكثيرة المستفيضة، بل المتواترة عند جميع المسلمين، وبعضها يحصر البداية بالرؤية، بالمنطوق والمفهوم.

وظاهر الروايات هو تحقق الرؤية بالعين المجرّدة، بل أن ظاهرها هو موضوعيّة الرؤية وان تكون على نحو الفعليّة [1] ، أي أن الرؤية جزء موضوع وليست مجرّد كاشف وطريق لثبوت أول الشهر.

نذكر منها: ما في الوسائل: صحيحة الحلبي التي ذكرناها سابقا:

ح1- محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم (ثقة)، عن أبيه (ثقة)، وعن محمد بن يحيى (ثقة)، عن أحمد بن محمد (ثقة) جميعا، عن ابن أبي عمير (ثقة)، عن حماد بن عثمان (ثقة)، عن الحلبي (ثقة)، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إنه سئل عن الأهلة فقال: هي أهلة الشهور، فإذا رأيت الهلال فصم، وإذا رأيته فأفطر. ورواه المفيد في (المقنعة) عن حماد بن عثمان مثله. [2]

من حيث السند صحيحة معتبرة مستفيضة.

من حيث الدلالة: هذه الرواية تدل بمفهوم الشرط على عدم وجوب الصوم قبل الرؤية الفعلية بالعين المجردة وكذا الإفطار.

فها هنا عنوانان:

عنوان الرؤية: وظاهرها منصرف إلى العين المجرّدة.

وعنوان الهلال: ففي قوله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنْ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ﴾ [3] فالهلال ميقات، والميقات ليس حكما، ليس وجوب الصوم ولا الصلاة ولا الحج، الميقات أمر اعتباري وقد يكون شرعيا لتنظيم أمور الناس، هو توقيت بداية ووسط ونهاية، وقد يكون مكانيا وزمانيا، فصار الهلال ميقاتا. والهلال هو أول ظهور للقمر في أفق السماء وليس القمر ككوكب لو لم يكن هناك مانع، وقد سمّي هلالا لأن الناس كانوا عندما يرونه بالعين المجرّدة يهللون ويكبرون، هكذا قال بعض اللغويون، وقبل الإسلام كان البابليّون يذكرن الالهة أيضا. أو أن " هلّ " بمعنى ظهر وبان وطل وهذا هو الجذر اللغوي وبعدها نقل، وبأصالة عدم النقل نقول انه كان قديما بنفس المعنى [4] .

ومنها: في الوسائل: ح 2- محمد بن الحسن بإسناده (صحيح) عن علي بن مهزيار (ثقة)، عن محمد بن أبي عمير (ثقة)، عن أبي أيوب (الخزاز ثقة) وحماد (بن عثمان ثقة)، عن محمد بن مسلم (ثقة)، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، وليس بالرأي ولا بالتظني ولكن بالرؤية. الحديث.

ورواه الكليني عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد (ثقة)، عن علي بن الحكم (ثقة)، عن أبي أيوب (ثقة)، عن محمد بن مسلم (ثقة). ورواه الصدوق بإسناده عن محمد بن مسلم (ثقة، لكن طريق الصدوق اليه ضعيف). ورواه المفيد في (المقنعة) عن ابن أبي عمير نحوه.[5]

من حيث السند: الرواية صحيحة معتبرة مستفيضة.

ومن حيث الدلالة: فهي تدل بالمنطوق على حصر بداية الشهر بالرؤية، وعلى وجوب الصوم بالملازمة حيث يقول: " وليس بالرأي ولا بالتظني، ولكن بالرؤية " ومفهومها مع اليقين تتحقق البداية بالرؤية، لكنها وسيلة يقينية لا اكثر، فلو فرضنا انه اصبح عندي يقين من طريق آخر فيدل على بداية الشهر. وسنرى ان للرؤية موضوعية وطريقية في آن واحد ولكن من جهتين.


[1] ذهب أبو علي ابن سينا الشيخ الرئيس إلى ان الموضوعات والقضايا تؤخذ على نحو الفعليّة، وذهب الفارابي انها تؤخذ على نحو الإمكان. ولكن ظاهر القضايا المتعارفة انها تؤخذ على نحو الفعليّة.
[4] من قبيل كلمة " نكح " معناها اللغوي الاساسي " غلب " " ولتفّ " يقال تناكحت الأشجار بمعنى التفت على بعضها، لكن حاليا هناك انصراف لمعنى " نكح " إلى الوطء عن سبب شرعي، وهذا بخلاف " السفاح والزنا " الذي هما الوطء عن سبب غير شرعي، لذلك فرقنا بين العقد والنكاح، فالنكاح ليس العقد.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo